في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. الانقلابيون يقضون على ما تبقى من حقوق في اليمن (تقرير خاص)
- وئام عبدالملك السبت, 10 ديسمبر, 2016 - 11:00 مساءً
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. الانقلابيون يقضون على ما تبقى من حقوق في اليمن (تقرير خاص)

[ انتهاكات الحوثيين متواصلة بحق مناوئيهم ]


لا نتمتع بأي حقوق في ظل هذه الحرب، التي حرمتنا كل شيء، وامتهنت آدميتنا، هكذا تقول أم محمد عبدالسلام، التي تعد واحدة من آلاف النساء في اليمن اللائي عايشن كثير من المعاناة.

وتضيف لـ(الموقع بوست)" نحن في تعز حصارنا الحوثيون منذ أكثر من عام ونصف، ومُنع عنا الدواء، وتم استهداف منازلنا، وتشردنا نازحين بحثا عن أمان، حتى لقمة العيش حاربونا فيها.

ويصادف اليوم السبت 10 ديسمبر/كانون الأول، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948.

وتحتفل اليمن كسائر الدول بهذا اليوم، للفت أنظار العالم للانتهاكات التي يمارسها مسلحو جماعة الحوثي وصالح الانقلابية، ضد المناوئين لهم وكذا المدنيين الأبرياء، منذ إسقاطهم للدولة في سبتمبر/أيلول 2014.

فمنذ ذلك التاريخ تحول واقع ملايين المدنيين في اليمن وتحول إلى كابوس، فغابت معه كافة حقوقهم، التي لا يعترف بها الانقلابيون، الذين استولوا على عدد من المحافظات، ولا يرون أن حق الحياة الكريمة مكفول للجميع.
وعلى هذا الصعيد الوضع الحقوقي والإنساني وضع سيئ جدآ بل في أسوء المراحل على مر التاريخ الحاضر بسبب التصرفات والإنتهاكات التي تقوم بها جماعة الحوثي وصالح المتمثلة في قيامها بإعتقال وارهاب كل من يخالفها حتى على مستوى الرأي والإعتداء على الأموال والممتلكات الخاصة بالمواطنيين وتفجير البعض منها وتدميرها ، واحتلال ومصادرة البعض منها .

لذلك نستطيع القول بأن حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وصالح معدومة فلا يستطيع أي مواطن ممارسة حقوقه التي كفلتها التشريعات والمواثيق الدولية او القوانيين المحلية .

نقطة سوداء في التاريخ المعاصر

وتعيش اليمن وفقا للمحامي سليم علاو، أسوأ المراحل على مر التاريخ الحاضر بالنسبة للوضع الحقوقي والإنساني، بسبب تصرفات وانتهاكات جماعة الحوثي وصالح الانقلابية.

ويمضي بالقول لـ(الموقع بوست) إن حقوق الإنسان خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين معدومة، مع استمرارهم بالاعتداء على الأموال والممتلكات الخاصة للمدنيين، واعتقال وإرهاب كل من يخالفهم.

وبات المواطن- كما يؤكد" علاو- لا يستطيع ممارسة حقوقه، التي كفلتها التشريعات والمواثيق الدولية، وكذا المحلية. 

موت إجباري للحقوق في عهد الانقلابيين

ويقول الناشط وعضو مؤتمر الحوار الوطني عادل عمر، إن الانقلاب منذ اللحظات الأولى عمل على مصادرة الحقوق والحريات المختلفة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان أداة للانتهاك الصارخ لكل الحقوق والحريات الخاصة والعامة.

ووفقا لـ"عمر" الذي تحدث لـ(الموقع بوست)، ظهرت ملامح تلك الانتهاكات واضحة، بداية بانتهاك الحق في الحياة عبر عمليات القتل خارج القانون، أو الاعتقالات، وحجز الحريات، بعيدا عن اي سند قانوني، إضافة إلى منع حرية التعبير، عن  طريق القمع للفعاليات الجماهرية المختلفة،  وكذا التنكيل بالنشطاء والسياسيين والإعلاميين والحقوقيين،  وغيرهم من فئات الشعب المختلفة.

وقضى الانقلاب على كل  الحقوق  المكتسبة، وفق الدستور أو العهود والمواثيق العالمية، و" دفنت تماما كل حقوق الإنسان في اليمن في ظل الانقلاب"، حد تعبيره.

مقاومة الظلم بالوعي

لكن رئيس منظمة رصد  للحقوق والحريات، عرفات حمران، يؤكد أن الشعوب لن ترتقي إلا بصون كرامة الإنسان، وتحقيق  العدل والمساواة، ونبذ كل أنواع التمييز والعنصرية، حتى لا تنهار، ولتتمكن من الخروج من دائرة الفوضى.

ويؤكد لـ(الموقع بوست)، أن الشعوب الواعية بحقوقها، هي القادرة على مجابهة الحوثيين الذين انتهكوا الحقوق العامة والخاصة لليمنيين، والتصدي لهم، وإنهاء الانقلاب.

أوجه المعاناة المختلفة

ولم تقتصر المعاناة على تعز فقط التي نالت النصيب الأكبر من الانتهاكات، إذ أبلغ التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان "تحالف رصد" في اليمن، منظومة الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية، عن (14254) انتهاكا تنوعت بين القتل والاصابة والاعتقال التعسفي والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، خلال الفترة من 1 يناير/كانون الأول 2016 وحتى 30 سبتمبر/أيلول 2016.

وبيّن أن حالات القتل وصلت إلى 1444 حالة قتل خارج القانون بحق مدنيين بينهم 395 طفلا و121 امرأة, يتهم أهاليهم ميليشيا الحوثي وصالح بارتكابها, إضافة إلى 4438 حالة إصابة، بينهم 411 طفلا و1165 امرأة, إضافة إلى رصد الفريق " 4322" حالة اعتقال أغلبهم ناشطين شباب وسياسيين وإعلاميين، بالإضافة الى الفئات العمالية وعدد من الأطفال.

وسجل فريق "تحالف رصد" 1031 حالة تضرر تعرضت لها الممتلكات العامة بينها مرافق صحية و تعليمية و خدمية ومقار حكومية، بالإضافة إلى مواقع أثرية ودور العبادة, و3019 حالة تضرر في الممتلكات الخاصة بينها مقرات خاصة , منازل , مجمعات سكنية , وسائل نقل, مصانع ومزارع ومحلات تجارية, وتنوعت الأضرار بين تدمير كلي وجزئي, جراء قصف مسلحي الحوثي وصالح للمنازل والمنشئات الحكومية والخاصة.

2014 عام تلاشت فيه كل الحقوق

ويشير الناشط محمد علي محروس إلى أن حقوق الإنسان، لم تلك بصورة مثالية في عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وكان الامتهان آنذاك والأزمات المتعددة من فترة لأخرى كانت تتسيد الحياة العامة.
لكنه يؤكد في حديثه لـ(الموقع بوست)، أن كل ذلك لا يمكن استخدامه كدليل على تلاشي الحقوق كلها وقتذاك.

ويستطرد" في الوضع الراهن، اندثر كل شيء، وانتهى مسمى الحقوق في اليمن، صُودر كل ما له علاقة بكرامة الإنسان اليمني، وأعلنت الحرب على كافة المستويات، واستهدف الإنسان وكرامته وحقوقه، وجرده الانقلابيون من كل ما يضمن له شيئاً في هذه الحياة".

ويتابع" بخطوات ممنهجة، وبعمليات استبدادية محضة، انتهى كل ما له صلة بالإنسان في اليمن، بصورة لا تحتاج إلى تعليق عن ما وصل إليه الحال منذ التمرد الحوثي في2014".

استمرار فصول الانتهاكات

ودعا" تحالف رصد في بيانه" مجلس الأمن بالإسراع في تطبيق قرارته بحق اليمن لاسيما القرار 2216، و جامعة الدول العربية باتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية حقوق الانسان اليمني وصون كرامته.

وطالب مجلس حقـوق الانسان بعدم التمادي في غض الطرف عن انتهاكات ميليشيا الحوثي وصالح، وإعمال ما يلزم لحماية حقوق الملايين من المدنيين في اليمن.

وتغرورق عيني" أم" محمد" بالدموع وهي تتذكر ابن أختها" عمرو" الذي قضى منتصف العام الجاري برصاص قناصة في منطقة الدحي بتعز، وتتابع بالقول، الكثير من المعاناة تعرضنا لها، لكني أخشى على أطفالي الذين حرموا من اللعب وقطع الحلوى، بسبب الموت الذي يتربص بهم والحالة المادية الصعبة التي نعيشها جراء ارتفاع الأسعار، وعدم تسليم رواتب موظفي الدولة، وأقلق كثيرا على مستقبلهم بعد توقف الدراسة في المحافظة لأشهر طويلة، وعدم حصولهم على تعليم  جيد، أستطيع أن أطمئن من خلاله على مستقبلهم.

وتتمنى أن تنام دون أن تسمع القصف وأصوات الرصاص التي تهدد حياة كثير من المدنيين في تعز، وأن تخرج من منزلها وهي تشعر بالأمان، لا تخاف طيش قذيفة.

لكن لا يبدو أن مشهد الانتهاكات سيوقف، مع استمرار سيطرة مليشيا انقلابية على الدولة، وامتلاكها للسلاح، فما يزال في سجون الحوثيين أكثر من 8000 آلاف معتقل، تدهور، فضلا عن الاستمرار بملاحقة كثير من مناوئيهم، وهو ما يبشر بأشهر قادمة أسوأ من سابقاتها.
 


التعليقات