شوط جديد من المشاورات السياسية في اليمن.. بين المخاوف والتفاؤل (تقرير خاص)
- وئام عبدالملك الإثنين, 19 ديسمبر, 2016 - 09:38 مساءً
شوط جديد من المشاورات السياسية في اليمن.. بين المخاوف والتفاؤل (تقرير خاص)

[ مشاورات الكويت بين الشرعية والانقلابيين- إرشيفية ]

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في آخر أيامها للتوصل لحل سلمي في اليمن، والدخول في جولة مشاورات قادمة، تستضيفها الأردن، برغم عدم توفر أرضية مناسبة للمفاوضات، في ظل عدم وجود ضمانات من قِبل الحوثيين، ورفض الحكومة الشرعية للخارطة الأممية الحالية، وانتظارها لخارطة جديدة تستند على المرجعيات الثلاث المتوافق عليها.

وذكر بيان الخارجية الأمريكية حول اجتماع الرباعية بحضور عُمان، يوم أمس الأحد 18 ديسمبر/كانون الثاني، أن المقترحات الأممية تمثل تسلسلا للإجراءات السياسية والأمنية، مضيفا أن الإجراءات التي شملتها، لن تتم إلا بعد توقيع الشرعية والانقلابيين، على اتفاق شامل لتنفيذ الخطوتين السابقتين، وعليه تتسلسل الإجراءات السياسية والأمنية والانسحاب من الجبهات، ونقل السلطات الرئاسية، واستئناف المشاورات، إضافة إلى حث الطرفين على الوقف الفوري لإطلاق النار، وتفعيل اتفاق العاشر من أبريل/نيسان.

وتظهر وبوضوح محاولات واشنطن لاستغلال ما تبقى من أيام في فترة إدارتها للبلاد، لإغلاق ملف اليمن، إذ ذكر البيان، أن وقف الأعمال العدائية في اليمن، سيكون بعد أسبوعين من لقاء وفدي المشاورات، في عَمان.

وتتمسك الشرعية بموقفها الرافض لأي جهود لتسوية سياسية، خارج إطار الأمم المتحدة، وأكد وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، قبل أيام، خلال لقائه في مدينة الرياض مع سفير الصين لدى اليمن، تيان تشي، أن" الخارطة التي قدمها ولد الشيخ مؤخرا، غير صالحة لأن تكون أساسا للحل أو للنقاش".

وأعلن جانب الشرعية في المفاوضات أنه قدم طلبا للمبعوث الاممي باستئناف المشاورات مع الانقلابيين وفق خطة جديدة تختلف عن السابقة، بتعديلات طفيفة، وهو ما أبان عنه الوزير الأمريكي جون كيري بحديثه، أن المبادرة السابقة قابلة للنقاش وليست نهائية.

وتزامنت تلك المساعي الدولية، مع تأكيد الرئيس عبدربه منصور هادي اليوم الاثنين، على الانتصار لتعز وتحريرها، وكذا اشتداد المعارك في عدة محافظات، أبرزها معقل الحوثيين صعدة، وتعز وسط البلاد، وصار الحوثيون في وضع صعب بعد تضييق الخناق عليهم، والسيطرة على أكثر من 80% من أراضي الدولة.

وظهرت رغبة الانقلابيين باستغلال تراخي المجتمع الدولي معهم، ومحاولة إنقاذهم، أيضا في دعوة القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يترأسه صالح، يحيى الراعي، اليوم الاثنين، إيران للاستفادة والاستغلال الإيجابي؛ لتوظيف التحرك السياسي الخارجي والعلاقات الدبلوماسية لطهران، في سبيل رفع الحصار البري والبحري والجوي، وإيقاف العدوان(في إشارة إلى التحالف العربي)، بشكل نهائي، وإحلال السلام والأمن في المنطقة، وفق وكالة فارس الإيرانية.

الانفتاح والثبات

وفي الوقت الذي يرى بعض المتابعين أن موقف الشرعية الرافض تماما، للتعاطي مع خارطة ولد الشيخ، يأتي نزولا عند رغبة الشارع الذي تمثله، يعتقد المحلل السياسي فيصل المجيدي، أن من المهم أن تُبقي الشرعية حوارها مع المجتمع الدولي، وتكون أبوابها مشرعة أمام الأمم المتحدة، كون الحكومة لما تزال حتى اللحظة، هي الممثل الوحيد للدولة أمام العالم.

ويؤكد في حديثه لـ(الموقع بوست)، أن الحكومة موقفها قويا، كونها تمتلك شرعيتين، إحداها حصلت عليها من الانتخابات التي جرت في البلاد عام 2012، وأخرى إقليمية ممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, والدولية ممثلة بالقرار 2216 وخمسة بيانات دولية أخرى.

لكن هذا الموقف الدولي الداعم للشرعية، لا ينبغي أن يُستغل في الالتفاف على المرجعيات، خصوصا مع حديث" كيري" عن دور الحوثيين في العملية السياسية في اليمن، وكأنه- على حد وصف المجيدي-"جاء كمندوب سامٍ لإيران؛ لتطبق رغباتها".

ويؤكد" المجيدي" أنه ومهما كانت الضغوط، فيجب على الشرعية عدم الرضوخ لها، وهو ما يجبر المجتمع الدولي لتخفيف حدة تلك المواقف الضاغطة.

ويشير إلى تلقي الحكومة اليمنية، للدعم من قِبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في خطابه أمام مجلس الشورى، الذي أكد فيه أنه لن يسمح بالمساس بالشرعية، وبأي تدخل أجنبي في اليمن، وهو ما انعكس في تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي شدد على ضرورة أن ينبثق أي حل سياسي بناء على المرجعيات الثلاث.

ومع صلابة موقف الشرعية الرافض للالتفاف على المرجعيات، يجب أن يترافق ذلك أيضا مع التحرك على الأرض، وعدم الاكتفاء بالتلويح بورقة الحسم، كلما اشتدت الضغوط، دون أن ينعكس ذلك على الأرض، بإحراز تقدم كبير ينتهي بالتحرير الكامل، في أكثر الجبهات أهمية كتعز وصنعاء.

تغيير آليات الشرعية

ويقول المحلل السياسي محمد الغابري، إن السلطة توفر بيئة ملائمة للضغوط عليها، عبر فشلها في إدارة عدن ومحيطها؛ لعدم امتلاكها لرؤية لما بعد تحرير العاصمة المؤقتة، فوقعت فريسة لمليشيات.

ويُبين في حديث خصه(الموقع بوست) أن الرؤى الأمريكية تعتمد على ذلك الفشل، لكنها لن تؤدي في حالة الرضوخ لها إلى استقرار دائم، ففي مضامينها تنقل الحالة من شرعية فعلية، إلى شرعية مفترضة قابلة للسقوط، فضلا عن نقل الحالة من حرب لاسترداد الدولة بين شرعية وتمرد، إلى حرب أهلية بين مليشيات وأشخاص.

ويذكر" الغابري" أن موقف السلطة لايزال قويا، مستندا للمرجعيات، وتقدم بطيء على الأرض، لكن ذلك لن يستمر طويلا، إن ظلت تسير بآلياتها التقليدية، ولم تُحدث تغيير فعلي في سلوكها كسلطة دولة مقنعة للمواطنين.

ويتابع بالقول، لن يستطيع المجتمع الدولي فرض أي رؤية على الشرعية، لأنها تصطدم بالمرجعيات بالدرجة الأولى، لافتا إلى أن" إدارة الأزمة فيها غموض، والحلول السلمية، ستكون فاشلة بامتياز".

هجوم إيراني

يشار إلى أن المتحدث باسم الخارجية الإيراني بهرام قاسمي، هاجم وزيري الخارجية الأمريكي والسعودي، على خلفية تصريحاتهما يوم أمس الاثنين، التي اتهما فيها طهران بالتدخل في الملف اليمني, وشؤون بعض دول الشرق الأوسط، وقال" إذا كان هناك نفوذ إيراني في اليمن، فلا علاقة لكيري والجبير بذلك".

وتنص خارطة الطريق التي قدمها ولد الشيخ، وتستند على مبادرة" كيري"، على أن يُسمي الرئيس هادي نائبا توافقيا جديدا بدلا من علي محسن الأحمر، وتكليف الرئيس النائب الجديد، بالصلاحيات اللازمة ليقوم بتأليف حكومة وحدة وطنية بالمناصفة بين الشرعية والانقلاب، والإبقاء على الرئيس بصلاحيات محدودة، بالإضافة إلى انسحاب الحوثيين من صنعاء، وتسليم السلاح الثقيل، على أن تتم مختلِف الإجراءات لجنة تتشكل بالتوافق بين الطرفين.


التعليقات