كيف تعاملت جماعة الحوثي مع ثورة فبراير؟ (تحليل)
- خاص السبت, 11 فبراير, 2017 - 11:00 مساءً
كيف تعاملت جماعة الحوثي مع ثورة فبراير؟ (تحليل)

دخلت جماعة الحوثي المسلحة ثورة فبراير/شباط اليمنية، أبقت السلاح في معقلها ودخلت ساحة التغيير في صنعاء، كانت خيامهم الوحيدة التي لم تتوشح علم اليمن ولم يرفع فيها النشيد الجمهوري للبلاد، أوهموا الجميع بالتخلي عن العنف حتى حانت لحظات الجماعة التي بدأت تشعر فيها بالزهو والمكانة.
 
في ساحة التغيير وبينما كان الجميع يطالب بمحاكمة علي عبدالله صالح ونظامه، كانوا يذهبون بعيداً لمهاجمة علي محسن الأحمر الجنرال القوي الذي قصم نظام صالح في مارس/آذار 2011 عندما انضم للثورة الشبابية الشعبية، طالبوه مراراً بالاعتذار، ومع اعتذار حكومة الوفاق في أغسطس/آب 2013 للحوثيين، إلا أن الجماعة المسلحة وقفت مع المخلوع صالح وخدمته منذ دخولها ساحة التغيير وحتى ذكرى الثورة السادسة، فهاجمت المنشقين من نظام صالح وحكمت واقعياً محافظة صعدة وعزلتها عن محافظات الجمهورية الأخرى.
 
خيارات الحوثيين في 2011
 
مثّل عام 2011 عاماً لا نفراجة الحوثيين وخروجهم من جحورهم من كهوف الجبال ومن مخابئ المدن، ومكسباً لو استغلته الجماعة للانخراط في النسيج الاجتماعي لليمنيين والإيمان بالدولة اليمنية الحديثة وأهداف الثورة الشبابية لكانت اليوم واحدة من الجماعات -الأحزاب- الأكثر ثقلاً في البلاد، لكنهم فضلوا بعد وقت قصير من الانضمام إلى الثورة الشبابية الشعبية مهاجمة خصومهم اليمنيين، توسعوا عسكرياً ليسيطروا على صعدة ويحكموها، وفرضوا حصاراً على السلفيين في دماج في نفس العام، وعلى إثر ذلك توسعوا شرقاً باتجاه الجوف وجنوباً باتجاه حجة، تلقفتهم القبائل للمواجهة، وسلمهم عدو الأمس حليف اليوم الأسلحة من معسكرات الجيش ليهاجموا منازل المواطنين وقراهم.
 
وصف الحوثيون علي عبدالله صالح بـ"الشيطان الأكبر"، و"عميل الأمريكان والصهاينة" الذين يجب عليهم الموت بعد ستة حروب خاضها نظام حكمه ضد الجماعة في صعدة (2004-2010)، انقلاب الحوثيين إلى صف المخلوع صالح عندما كان الشعب يقف مع الثورة ويحميها، غدروا بالثورة كما نكثوا بكل اتفاقاتهم وعهودهم مع الحكومة.
 
كان الحوثيون أمام خيارين متباينين، الأول: استمرار نهج العنف والتمسك بالسلاح لتحقيق مكاسب لن تكون إلا لحظية، لعدة عوامل داخلية وخارجية ليس من بينها سلاحهم. والثاني: الانخراط في الثورة الشبابية الشعبية وتحقيق أهدافهم بأدوات سياسية وإعلامية بحته. لكنهم اعتمدوا الثاني لتحسين الصورة، والأول لتحقيق هيمنتهم وإشباع غرورهم وفق ادعاءات بحق إلهي بكونهم من "البطنين" ومن سلالة النبي محمد الذي أوصى لـ"عبدالملك الحوثي" بالسلطة قبل 1400 عام  وما كان ذلك إلا ليصطدم بالشارع وبالديمقراطية اليمنية الوليدة، ويصطدم أكثر بثورة فبراير/شباط التي أرست بداية الجمهورية اليمنية الثانية.
 
استغل المخلوع صالح شبكة المصالح المالية والقبلية التي أسسها طوال فترة حكمه لمساندة الحوثيين، وبالتأكيد أن ذلك شمل زرع عناصر من جهاز المخابرات (الأمن القومي) بداخل الجماعة، مع تصدر عُقدة الطائفية ومشروع الحق الإلهي في ذهنية آل الحوثي تمددت الجماعة على تلك الشبكة للنظام القديم والتي سهل صالح وصولهم إليها.
 
التحول إلى السياسة
 
يمكن أن نعدد كيف فوتت الجماعة المسلحة التي احتلت البلاد تحولها نحو أن تكون سياسية واستمرت في نهج العنف:
 
الأول: المشاركة في ثورة فبراير/شباط وما كان سيحمله تحول الجماعة وانصهارها داخل بوتقة الثورة الشبابية الشعبية والمجتمع اليمني وتحولها إلى حزب سياسي مدني، ومع ذلك رفضت ذلك بحجة القلق من عودة حروب الحكومة ضدها.
 
الثاني: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أقصت المخلوع صالح من السلطة ونقلت صلاحياته إلى الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي الذي انتخب رسمياً في فيراير/شباط 2012، ومع ذلك رفضت الجماعة المبادرة ورفضت الاعتراف بشرعية الرئيس هادي.
 
الثالث: مؤتمر الحوار الوطني الذي مُثل فيه الحوثيون بـ(37) مقعدا، أقل بقليل من حزب الإصلاح (50) مقعداً، وهو ثاني أكبر الأحزاب السياسية اليمنية بعد حزب المخلوع صالح، رغم رفض الحوثيين للمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، وهو الذي سمح لهم بالمشاركة مع بقاء ترسانة الأسلحة بأيديهم، وطوال فترة جلسات الحوار الوطني تمدد الحوثيون بأسلحتهم مستهدفين الأراضي الشمالية للعاصمة صنعاء في حجة وصعدة والجوف وعمران وحتى مأرب وأرحب، واستمر الحوار عشرة أشهر بين (مارس/آذار2013) و(يناير/كانون الثاني 2014).
 
الرابع: بعد سبتمبر/أيلول 2014 عندما اجتاحوا العاصمة اليمنية صنعاء، ودعاهم الجميع إلى تسليم السلاح للدولة وتجنيبها حرب مدمرة بعد مكاسبهم في اتفاق "السلم والشراكة" الذي فرضوه على الحكومة والرئاسة والمكونات السياسية، ومع ذلك فضلوا انتهاج سياسة التوسع العسكري واستولوا على بقية المحافظات ووضعوا الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية في منزله حتى تم حل البرلمان في فبراير/شباط 2015.
 
الخامس: خلال مشاورات الكويت التي وقعت بين الحكومة اليمنية من جهة والحوثيين وعلي صالح من جهة أخرى، لكنهم فضلوا التمسك بالسلاح ورفض تسليمه وإبقاء سيطرتهم المسلحة وحروبهم الداخلية رغم تدخل التحالف العربي لمواجهتهم والمخلوع علي صالح.
 
تجربة الحوثيين في فبراير
 
خلال فترة الست السنوات الماضية أكد الحوثيون بما لايدع مجالا للشك أنهم عبارة عن جماعة طائفية عرقية سلالية تمتهن العنف بما يخدم المشروع الإيراني وحده، ولا يخدم حتى طائفة الجماعة وعرقيتها وسلالتها.
 
فتجنب خمس مراحل للتحول السياسي الكامل لا يدع مجالاً لتبرير أي تصرفات للجماعة المسلحة ورؤيتها في البلاد أو أنها تمثل تطلعات الشعب اليمني وثورته الشبابية الشعبية التي أسقطت النظام الذي ما يزال الحوثيون يتحالفون مع عائلته.
 


التعليقات