لماذا تعرضت العملة الوطنية للانتكاسة وماهي حظوظ التعافي؟ (تقرير)
- متولي محمود السبت, 18 فبراير, 2017 - 07:02 مساءً
لماذا تعرضت العملة الوطنية للانتكاسة وماهي حظوظ التعافي؟ (تقرير)

[ عاود الدولار اليوم ارتفاعه أمام الريال اليمني ليصل إلى 370 للدولار الواحد ]

سجل الريال اليمني، اليوم السبت، تراجعا أمام العملات الأجنبية، بعد تعاف طفيف دام ليومين، على إثر استعادة الحكومة الشرعية لقرابة 700 مليون دولار من البنوك الأجنبية.
 
وقالت مصادر مصرفية إن الدولار عاود اليوم ارتفاعه أمام الريال اليمني ليصل إلى 370 للدولار الواحد، وهو ذات الرقم الذي سجل مطلع الأسبوع الماضي.
 
وكان سعر صرف الدولار قد تخطى رقمه الطبيعي 215 ريالاً ووصل إلى 250 ريالاً عقب انقلاب الحوثيين والمخلوع صالح على السلطة الشرعية قبل عامين.
 
لكن الريال واصل تراجعه محققا 300 للدولار الواحد، على إثر استنزاف الانقلابيين للاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي، والبالغ 4 مليار دولار.
 
واضطرت الحكومة الشرعية لنقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، غير أن ذلك لم يكن مدروسا بعناية، الأمر الذي ترتب عليه نتائج سلبية، أهمها توفير الذريعة للحوثيين للتنصل من صرف مرتبات موظفي الدولة، وعجز الحكومة الشرعية عن ذلك أيضا.
 
مؤخرا، قامت الحكومة الشرعية بطبع مائتي مليار من العملة الوطنية لتلبية صرف بعض مستحقات الموظفين، إلا أن هذا الضخ كان بدون غطاء نقدي، الأمر الذي تسبب بتهاوٍ جديد للريال.
 
وبالرغم من استعادة الحكومة الشرعية لمبلغ 700 مليون دولار من البنوك الأجنبية وحدوث تراجع طفيف أمام العملة الأجنبية، إلا أن هذه الحالة لم تدم ليومين، ليعود التراجع مجددا.
 
خبراء مصرفيون أكدوا لـ"الموقع بوست" أن أسباب تدهور العملة الوطنية عائد إلى سحب أرصدة كبيرة من البنك المركزي قدرت بحوالي 400 مليار ريال، ومبالغ أخرى تابعة للتأمينات، والمضاربة بها.
 
فيما أرجع آخرون ذلك إلى قيام الانقلابيين بسحب الدولار من الأسواق عبر شرائه بالعملة المحلية المكدسة في مخازنهم، ليصاب الريال بانتكاسة لا يبدو أنها ستتعافى سريعا.
 
سحب الدولارات من السوق
 
الحكومة استلمت وديعة سعودية جديدة بمبلغ مليار دولار (طبعا هي دين علي وعليك وعلى كل مواطن يمني).
 
وقال الخبير الاقتصادي عبدالكريم العواضي: "سوف ينزل البنك المركزي دولارات للسوق من أجل سعر الصرف، لكن الحوثي لديه أكثر من ٨٠٠ مليار ريال يمني كاش في الجرف المركزي".
 
وأضاف العواضي في صفحته على فيسبوك: "سوف يحول ذلك المبلغ من الريالات إلى دولارات، كما فعل سابقا، وسيسحب الدولار من السوق ليرتفع سعر الصرف مجددا، وبذلك تنتقل الوديعة من البنك المركزي إلى الجرف المركزي".
 
وتابع: "للعلم يبلغ دخل المليشيات فقط من تليمن و يمن موبايل يوميا ٣٥٠ مليون ريال، وهذه المبالغ تتحول إلى دولارات، ناهيك عن النفط، الغاز، الضرائب، بيع أراضي الدولة ".
 
وأردف: "منذ عام ونحن ندعو لتغيير العملة، حيث يملك الانقلابيون ٢ ترليون ريال نقدي، وانقلوا إدارات جميع البنوك الحكومية و الخاصة وشركات الصرافة إلى عدن، ولا مجيب.
 
واستطرد: "لن يصدقني أحد، ولنتركها للأيام، حيث بعد أسابيع سيكون سعر الصرف الجديد ٤٠٠ ريال للدولار".
 
المضاربة بأموال الدولة المنهوبة
 
"الواضح أن العامل الأساسي والحاسم في تذبذب قيمة العملة اليمنية في الوقت الحالي يعود إلى اختفاء العملة المفاجئ قبل أشهر في حالة فريدة من نوعها".
 
وقال المستشار الاقتصادي د. عبدالكريم سلام: "المتعارف عليه علميا أنه ووفقا لقانون جريشام، إذا وجدت عملتان إحداهما قوية والأخرى ضعيفة، فإن العملة الضعيفة تطرد العملة القوية، وتفسير ذلك أن الناس في وضع كهذا يتخلصون من العملة الضعيفة خشية من مزيد من التدهور، ويلجأون إلى تحويلها إلى العملة القوية".
 
وأضاف سلام في تصريح خاص لـ"الموقع بوست": "لكن الذي حصل هو العكس، اختفت العملة الضعيفة وهي الريال اليمني قبل أشهر، وارتبط ذلك الاختفاء بسحب أرصدة كبيرة من البنك المركزي قدرت بحوالي 400 مليار ريال، وفق ماجاء على لسان محافظ البنك المركزي الجديد عقب تعينه".
 
وتابع: "إضافة إلى سحب أرصدة البلاد من النقد الأجنبي، وإذا ما أضيف إلى ذلك الأرصدة التي سحبت من قطاع التأمينات والبالغة مئات المليارات من العملة المحلية، يتأكد جليا أن تذبذب سعر صرف الريال له علاقة بتلك الأرصدة التي اختفت من الأموال العامة وهي التي يتم المضاربة بها، كما حصل خلال حرب 1994، وخلال الاحتجاجات الشعبية عام 2011.
 
تدمير الاقتصاد كجزء من المعركة
 
ويواصل الدكتور عبدالكريم سلام السرد قائلا: "بطبيعة الحال هناك عوامل أخرى نفسية متمثلة بالمخاوف من تدهور قيمة الريال، إضافة إلى ذلك صرف جزء من الرواتب المستحقة للموظفين مع أن هذه الأخيرة تأثيرها محدود للغاية، لاسيما إذا ما استحضرنا تراجع واردات البلد من الخارج نظرا لتراجع الطلب على الاستهلاك بسبب تضاؤل مداخيل الناس".
 
وأردف متسائلا: "في المجمل ثمة إرادة واعية لتدمير اقتصاد البلاد، كجزء من المعركة التي يخوضها الانقلابيون، غير أن السؤال الذي يبقى مطروحا: هل السلطة الشرعية مدركة لمخاطر هذه الجبهة، وقادرة على مسك زمام المبادرة لتدارك مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي؟!"
 


التعليقات