وزارة التعليم العالي ميدان للصراع بين طرفي الانقلاب.. كيف احتدم الخلاف؟ (تقرير)
- خاص السبت, 18 مارس, 2017 - 04:00 مساءً
وزارة التعليم العالي ميدان للصراع بين طرفي الانقلاب.. كيف احتدم الخلاف؟ (تقرير)

[ مبنى وزارة التعليم العالي في صنعاء الذي يسيطر عليه الانقلابيون ]

تعددت الروايات حول حادثة اقتحام وزارة التعليم العالي وتضاربت الأنباء بشأن نهب وثائق الوزارة وأرشيفها، ولأن ما حدث يُعد صراعاً بين متحالفين فقد حاول طرفي الانقلاب (صالح والحوثيين) تصوير ما حدث كلٌ بحسب مصالحه وبما يخدمه.
 
إلا أن هناك حقيقة دامغةُ تحكي حال سيطرة المليشيا على مؤسسات الدولة منذ اجتياح صنعاء في سبتمبر من عام 2014م، واستمراراً لمسيرة الميليشيا في اقتحام ونهب مؤسسات الدولة ومقارها المختلفة، أقدمت جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء يوم الأربعاء الموافق 15 مارس على اقتحام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث قام أحد القيادات المحسوبة على الحوثيين بجلب عناصر مسلحة واقتحم الوزارة من أجل إعادة فرض نفسه في منصب إداري كان قد عُزل منه في الشهر الماضي.
 
ما وراء الاقتحام
 
اقتحام مبنى الوزارة جاء على خلفية عزل مدير عام مؤسسات التعليم الأهلي في الوزارة أنس سنان المحسوب على الحوثيين، وكان في وقتٍ سابق أصدر وزير التعليم العالي في حكومة الانقلابيين حسين حازب قراراً بعزل سنان من منصبه وتعيين بديلاً عنه محسوب على المؤتمر.

وأفادت مصادر مطلعة أنه ومنذ قرار عزل سنان جرت العديد من الوساطات مع الوزير حازب، إلا أنها فشلت في احتواء الموقف وإعادة سنان لمنصبه.

وفي وقت سابق أصدر حازب تعميماً يقضي بمنع قيادة الوزارة ومسؤوليها من الإدلاء بأي تصريح صحفي لوسائل الإعلام، حيث ورد اسم أنس سنان مدير التعليم الأهلي بالوزارة على رأس ذلك التعميم، ولم يكتفِ الوزير بمنع التصريحات بل أحال سنان للتحقيق بما نسب إليه من مخالفات بحسب ما ورد في التعميم.
 
وتشهد الوزارة منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء فراغاً في منصب الوزير حتى تشكيل حكومة الانقلابيين في الـ28 من نوفمبر من العام الماضي، أدى ذلك إلى إدارة الوزارة من قبل د. عبدالله الشامي نائب الوزير المحسوب على الحوثيين.
 
وأدى ذلك إلى استقواء وسيطرة تيار الحوثيين على حساب المؤتمريين داخل الوزارة، ومنذ بدء الوزير حازب في ممارسة مهامه بدء في تقليص سيطرة تيار الحوثيين في الوزارة، حيث أصدر العديد من القرارات والتعميمات التي تحد من سيطرة طرف الحوثيين لحساب بروز طرف المؤتمر مرة  أخرى. وعلى إثر ذلك اشتدت أزمة عدم الثقة بين حازب والمقربين منه من جهة، وبين الدكتور الشامي نائب الوزير والمقربين منه (الحوثيين) من جهةٍ أخرى.
 
استنفار أمنى وعسكري
 
وأكدت مصادر بأن القيادة الأمنية والعسكرية في صنعاء شكلت  لجنة وساطة بقيادة اللواء خالد الجبري قائد اللواء الثاني حماية رئاسية، والعميد عبدالحكيم الماوري مدير أمن الأمانة، وعدد من الضباط، وبدورهم حضروا إلى مقر الوزارة أثناء تواجد المسلحين فيها، والتقوا انس سنان واتفقوا معه على إغلاق مكتب الإدارة محل الخلاف، وعدم تمكين المدير الجديد المعين من الوزير حازب من الدوام إلى حين حل المشكلة من قبل الجهات المعنية.
 
اعتداءات طالت ضابط أمن الوزارة
 
وقالت المصادر بأن حازب حضر ومعه عدد من الأطقم الأمنية والمسلحين من أقربائه، واعتدى شقيق الوزير حازب بالضرب على الضابط المسؤول عن حراسة الوزارة،وأصيب الضابط بجروح نُقل على إثرها إلى أحد مستشفيات العاصمة.
 
وأضافت المصادر أن حازب أبدى اعتذاره عن الحادثة، وقام بتحكيم الضابط المعتدى عليه في القضية.
 
المنح البيضاء لليوم الأسود
 
وأكدت المصادر بأن بعضاً ممن شاركوا في الاقتحام هم من الطلاب الذين حصلوا على منح دراسية داخلية بشكل غير قانوني في العديد من الجامعات الخاصة والحكومية، في إشارة منهم إلى تورط بعض القيادات الحوثية بتوزيع المنح الدراسية بشكل مخالف للمعايير واللوائح المنظمة لعملية الحصول على المنح.

ويقول مراقبون إن المليشيا تنتهج طرقاً وأساليب خاصة بها ولا تمت للمعايير الأكاديمية من قريبٍ أو بعيد في منح المقاعد الدراسية لأنصارهم وأقاربهم، حيث يقول المراقبون بأن المليشيا تمنح بعضاً من الطلبة منحاً حكومية لاستغلالهم وتوظيفهم في صراعاتهم مع خصومهم.

تنصل عن المسؤولية

في مشهد يؤكد تنصل مسؤولي الوزارة عن دورهم لم يصدر أي تقرير أو تصريح رسمي عن الواقعة، واكتفى الوزير حسين حازب بمنشورٍ كتبه في صفحته في الفيسبوك أنهم بانتظار ما لدى الجهات المعنية من أقوال.

واكتفى حازب بنفيه صدور أي تصريح باسم مصدر مسؤول في الوزارة حول حادثة الاقتحام، في إشارة منه إلى تناقل بعض المواقع الإخبارية تصريحاً باسم مصدر مسؤول في الوزارة.

تقاذف التهم بين الطرفين

من جانبه شن الدكتور عبدالله الشامي نائب وزير التعليم العالي في صفحته في الفيسبوك هجوماً لاذعا ضد موقعي المؤتمر نت والميثاق نت الموقعين الرسميين لحزب المؤتمر، واتهمهما بالسقوط المهني والأخلاقي والابتذال الرخيص في نش الأكاذيب وتلفيق التهم وقلب الحقائق. وكان الموقعان قد نشرا أخباراً تؤكد تورط الشامي في عملية الاقتحام وتسهيله لمن قاموا بالاقتحام.
 
ونفى في منشوره أن تكون هناك عملية نهب لأرشيف الوزارة أو وثائقها، مؤكداً بأن ذلك أمر كاذب ولا صحة لحصوله. مؤكداً مضيه بمقاضاة هيئتي تحرير الموقعين، وذلك لتعمدهما فبركة ونشر أخبار كاذبة واتهامات وأباطيل رخيصة، حد قوله.
 
وضمن ردود الأفعال الغاضبة أعرب الصحفي المؤتمري كامل الخوذاني عن غضبه في مقالٍ قال فيه "اقتحام وزارة التعليم العالي، ونهب أرشيفها ووثائقها، وإغلاق الوزارة، وطرد الموظفين، هو استهداف للدولة بكل سلطاتها واستهداف للقانون والنظام"، حد وصفه. مؤكداً على أن ما حدث يُعد "دليلاً على أننا نعيش في عصر اللا دولة، واللا سلطة، واللا نظام واللاقانون'، موضحاً أن "هذا هو عصر المليشيا عصر الغوغائية والهمجية بكل معانيها".
 
وأضاف "إن هذا الاستهداف ليس للوزير حازب أو حزبه (المؤتمر) وإنما استهداف بقايا دولة وسلطة". مشيراً إلى فشل حكومة بن حبتور بقوله "رغم علمنا المسبق بأنها -أي حكومة بن حبتور- قد ولدت ميتة". مُشيراً في ختام مقاله إلى نفاذ صبرهم -أي المؤتمريين- بقوله "بلغت القلوب الحناجر، ولسنا عاجزين، ولسنا خاضعين، ولسنا ضعفاء، ويكفي، صبرنا بما فيه الكفاية جف الصبر ونضُّب الحُلم".

القبيلة في خدمة الوزارة

وفي خطوة داعمة ومساندة للاقتحام قالت مصادر مطلعة بأن قبائل الضالع والمناطق الوسطى -التي ينتمى إليها سنان- تداعت عصر ذات اليوم لاجتماع في منزل البرلماني حزام فاضل، لتدارس الموقف ومتابعة الجهات المعنية لإلزام الوزير حازب بإعادة الاعتبار للوزارة، حد قولها.
 
مخاوف وتأثير مستقبلي

الأكاديمي في جامعة صنعاء د. عبدالرحمن صلاح يقول إن هذا التصرف يضر بسمعة التعليم الجامعي في اليمن، وإن من يقف وراء هذا السلوك لا يهمه سمعة التعليم ومكانته.

ودعا صلاح في تصريحه إلى معالجة الاختلالات القائمة بما يحافظ على سمعة التعليم في اليمن، مطالباً بتحييد مؤسسات التعليم العالي عن الصراع السياسي.

وطالب صلاح بفتح تحقيق جاد وشفاف حول المعلومات التي تقول إن ممن اقتحموا الوزارة  هم من حصلوا على منح دراسية بآلية غامضة وغير شفافة.

وتسأل أكاديميون عن مخاطر سرقة الوثائق من مقر الوزارة التي قد تمس الحقوق الشخصية لأصحاب الوثائق وطمس تاريخ وجهود الآخرين، مؤكدين بأن ما حدث يدق جرس إنذار أمام مفاوضات السلام وتُنذر بفشلٍ مسبق لأي حكومة شراكة مع الحوثيين وصالح.
 


التعليقات