تزايد حالات الإخفاء القسري في عدن يثير مخاوف السكان.. السقاف نموذجا (تقرير)
- عدن - خاص السبت, 08 أبريل, 2017 - 10:31 مساءً
تزايد حالات الإخفاء القسري في عدن يثير مخاوف السكان.. السقاف نموذجا (تقرير)

[ نظمت أمهات المعتقلين في عدن العديد من الوقفات الاحتجاجية ]

"أحيلوا أبناءنا للمحاكم إن كانوا مذنبين"، مطلب بحت أصوات مئات المواطنين به في العاصمة المؤقتة عدن، وهم يطالبون الأجهزة الأمنية والنيابات بإنصاف ذويهم المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسريا، منذ ما يقارب العام.
 
في عدن تتواصل حلقات مسلسل الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، الذي بدأته قوات الحزام الأمني في مارس من العام المنصرم، بحق مئات المواطنين، بذريعة الاشتباه بانتمائهم للتنظيمات الإرهابية، في ظل غياب تام لمؤسسات الدولة من محاكم ونيابات، مما وفر بيئة خصبة للانتهاكات ومصادرة حقوق المواطنين وتقييد حرياتهم.
 
وتمتلئ السجون والمعتقلات السرية في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج وأبين بمئات المواطنين، الذين زجت بهم قوات الحزام الأمني خلف القضبان، في ظروف إنسانية صعبة، ومنعت الزيارات عن أغلب المعتقلين، ليكونوا بذلك في حكم المخفيين قسريا.
 
السقاف كنموذج

محمد السقاف (60 عاما)، يقضي يومه الـ90 خلف قضبان السجن المركزي بمحافظة أبين، دون التحقيق معه أو توجيه تهم محددة له، والإبقاء عليه في حكم المخفيين قسريا.
 
ويعد السقاف أحد الشخصيات الاجتماعية المعروفة بمديرية المنصورة بعدن، حيث كان يؤم الناس في مسجد التقوى، وعاد إلى مسقط رأسه بمنطقة دثينة في محافظة أبين، عقب ضغوط أسرية مورست عليه، خشية أن يطاله مسلسل الاغتيالات التي راح ضحيتها مجموعة من الخطباء والدعاة أبرزهم صالح حليس وعبدالرحمن الزهري.
 

السقاف تعرض للاعتقال التعسفي وأودع السجن بدون تهم واضحة

ويقول شقيقه عبدالحكيم السقاف "تم اعتقال أخي محمد في الثاني عشر من شهر يناير المنصرم، حيث كانت مجموعة أطقم عسكرية تنتظره بجانب منزله بمنطقة دثينة وسط محافظة أبين، لتعتقله فور خروجه من المنزل ويصير بعدها في حكم المخفيين قسريا".
 
وأضاف "قمنا بالتواصل مع الجهات المعنية لمعرفة مصير محمد، دون أن نجد أي تعاون يذكر".
 
ويذكر "بعلاقاتنا الشخصية تمكنا من مقابلته مرة واحدة، حكى خلالها عن الأذى النفسي العميق، والذي لقيه فور اعتقاله، حيث تم إيداعه قبوا لا يتعدى ارتفاعه المتر، أسفل منزل مدير الأمن عبدالله الفضلي، قضى فيه 12 يوما دون ضوء أو دورة مياه، فقط القليل من الماء والطعام".
 
ويتابع "ما الذي عمله شقيقي محمد، ليتم اعتقاله ومنع الزيارات عنه، دون أن يتم السماح لأهله بتوكيل محامٍ للدفاع أو حتى إحالته للنيابة وفقا للقانون".
 
ويشير إلى أن أسرته علمت من مصادرها الخاصة بأن الحاج محمد السقاف معتقل في السجن المركزي بمحافظة أبين، والذي تمنع فيه الزيارات عن المعتقلين.
 
ويلفت عبدالحكيم إلى أن أسرته لا تطالب بتنفيذ الإجراءات القانونية بحق الحاج محمد السقاف، والتحقيق معه وإحالته للنيابة في حال وجدت عليه أي إدانة.
 
ويعد الحاج محمد السقاف أحد الشخصيات الاجتماعية المعروفة بالوسطية والاعتدال، وسعيه للتواصل مع التجار وأهل الخير لتسهيل المشاريع الخيرية في قرى منطقة دثينة، إضافة إلى كونه أحد أعضاء المجلس الأهلي الذي شكل في مديرية المنصورة بعدن وباركه محافظ عدن السابق جعفر محمد سعد، وخلفه المحافظ عيدروس الزبيدي.
 
اعتقال تعسفي يعقبه إخفاء قسري
 
تقول مصادر حقوقية بأن قوات الحزام الأمني قامت بنقل ما لا يقل عن 50 معتقلا، كانوا في السجن المركزي بالمنصورة، إلى معسكر القوات الإماراتية بالبريقة.
 
وأضافت المصادر -في حديثها لـ"الموقع بوست"- بأن عملية النقل جاءت مطلع العام الجاري، عقب زيارة قام بها أعضاء من النيابة العامة، لغرض فرز المعتقلين وتقييدهم في ملفات، حيث يتجاوز عدد المعتقلين في السجن المركزي بالمنصورة 470 معتقلا.
 
وذكرت أن من بين الذين تم نقلهم لمعسكر القوات الإماراتية بالبريقة، إمام مسجد أبو بكر الصديق يونس هرهرة، والذي تم اعتقاله مطلع مايو من العام 2016، حيث ظل معتقلا في السجن المركزي حتى يناير من العام الجاري، دون أن يتم التحقيق معه، أو توجيه تهم محددة له.
 
وأشارت إلى أن من تم نقلهم إلى معسكر القوات الإماراتية باتوا في حكم المخفيين قسريا، بعكس ما كانوا عليه في السجن المركزي بالمنصورة والذي تسمح فيه الزيارات الأسبوعية.
 
تهديد للحقوقيين
 
"لم يعد باستطاعتنا ممارسة نشاطنا الحقوقي"، بهذه العبارة لخص أحد النشطاء الحقوقيين الوضع الذي يعيشه الحقوقيون في العاصمة المؤقتة عدن.
 
ويضيف الناشط الحقوقي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، بقوله "وقوفنا إلى جانب قضايا المعتقلين والمخفيين قسريا، تسبب في وضعنا تحت دائرة مراقبة الأجهزة الأمنية بشقيها: إدارة الأمن والحزام الأمني".
 
وذكر الناشط -في معرض حديثه لـ"الموقع بوست"- "تعرضنا لتهديدات شفوية تطالبنا بالتوقف عن نشاطنا الحقوقي، لضمان سلامتنا"، مشيرا إلى أن عددا من زملائه تعرضوا للاعتقال لأكثر من مرة، بينهم الناشطان نزار سرار، وأحمد سعيد الوافي.
 
وعلى ذات السياق، شهدت الوقفات الاحتجاجية لأسر المعتقلين والمخفيين قسريا، تراجعا لافتا كونها باتت خالية من الناشطين الحقوقيين والمحامين، واقتصرت على عائلات المعتقلين.
 
وكانت آخر هذه الوقفات، منتصف مارس المنصرم، والتي نفذتها عشرات النساء أمام معسكر القوات الإماراتية بالبريقة، وتعرضن خلالها للمضايقات، حيث قام الجنود بإطلاق الأعيرة النارية بالهواء في محاولة منهم لتفريق المحتجات ومنعهن من التجمع والتصوير.
 


التعليقات