ما وراء المبادرات التي أطلقها قيادات في "المؤتمر" من أجل السلام في تعز؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك الاربعاء, 10 مايو, 2017 - 08:45 صباحاً
ما وراء المبادرات التي أطلقها قيادات في

[ يرى مراقبون أن مبادرة الصلح في تعز لن يكتب لها النجاح ]

خلال أيام فقط توالت المبادرات التي قدمها أعضاء من حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح المخلوع صالح)، من أجل السلام في محافظة تعز التي تعيش في ظل حرب وحصار مستمرين من أكثر من عامين.
 
المبادرة الأولى قدمها الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر، ورئيس اللجنة المجتمعية لتحقيق السلام بتعز، سلطان البركاني، للمخلوع صالح حليف الحوثيين في الانقلاب، طالب فيها بفتح المعابر، وتبادل الأسرى، ودخول الإغاثات الإنسانية والبضائع والسلع، وكذا تسهيل تنقلات المواطنين من المدينة وإليها.
 
وصرح مصدر مسؤول بمكتب رئيس المؤتمر جناح المخلوع صالح، أن قيادة الحزب تؤكد أن الحوار  بين كافة المكونات السياسية هو الخيار الوحيد والحتمي لمعالجة أوجه كافة التباين والاختلافات بما يضمن وقف نزيف الدم اليمني، وتبارك كذلك أي جهود تبذل في سبيل ذلك.
 
فيما يستند مشروع رؤية لرسم خارطة الحل في تعز، الذي قدمه القيادي في حزب المؤتمر اللواء حمود الصوفي، على استعداد جميع الأطراف لتقديم تنازلات تشجع على تنفيذها، وتخلق قواسم مشتركة يلتقي حولها الجميع.
 
ومن أبرز ما تهدف إليه تلك الرؤية العمل من أجل إحلال السلام والأمن والاستقرار في تعز، في حين تضمنت المرحلة الانتقالية عدة أهداف منها إنشاء جمعية عمومية، وكذلك وضع آلية محددة لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، بالإضافة إلى وضع آلية فتح المعابر وتبادل الأسرى والمعتقلين
 
قوبلت تلك المبادرات التي أثير جدل كبير حول الأسماء التي تقف وراءها خاصة بعد أن نفى القيادي في المؤتمر رشاد العليمي صلته بإحداها، قوبلت برفض عديد من أبناء تعز الذين لا يعتقدون أن المليشيا الانقلابية التي تحاصر المحافظة وتستهدف أبناءها بالقذائف ستقدم الخير لمدينتهم، بينما حظيت كذلك بتأييد آخرين يرون أن من الممكن التعاطي مع ما قدمه الصوفي والبركاني، بعد أن اشتدت معاناتهم من أكثر من عامين.
 
لكن ما يثير الاستغراب والجدل هو التصعيد اللافت الذي يقوم به الانقلابيون في تعز عقب تلك المبادرات، بتكثيفهم للقصف العشوائي على المنازل، الذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى.
 
ردود فعل
 
مجلس تنسيق مقاومة تعز ولجنة التهدئة بالمحافظة، رحبا في بيان صادر عنهما في الثالث من مايو/أيار بأي صوت صادق يعمل من أجل كسر الحصار الكلي على تعز.

وذكر البيان ان من المهم لمن يريد أن يسهم في رفع المعاناة عن محافظة تعز، أن يمتلك الشجاعة الكافية، و الجرأة المطلوبة، في تسمية الأسماء بمسمياتها، وأن يكون قويا في التفريق بين المعتدي والمعتدى عليه.

وأكد البيان أن تعز لم تخرج لفرض الحصار على أحد، و ليس لها عصابات أو مليشيات لتطبق الحصار على هذه المحافظة أو تلك المنطقة، وإنما الذي فعل ذلك هي جحافل من مليشيا الحوثي و قوات المخلوع صالح، متسائلا "هل تعز بمقاومتها وأبنائها وجيشها الوطني هي من تحاصر نفسها حتى يطلب منها فتح معابر".

كما دعا المترددين من أبناء تعز لاتخاذ موقف رجولي من الحصار و الحرب على المحافظة، ودعوة المحاصرين لفك الحصار وفتح المعابر و تجريم كل فعل يؤذي المدنيين، و يقيد من حركتهم، وينزل العقاب عليهم، كما هو الحال في المدينة وبكل وضوح.

وطالب البيان بالعمل على تنفيذ اتفاق السادس عشر من أبريل/نيسان 2016 بفتح المعابر ورفع الحصار، وليس الوقوف فقط عند المزايدات الإعلامية.
 
نقض العهود
 
وحول إمكانية نجاح مثل تلك المبادرات، يرى المحلل السياسي سمير الصلاحي أنه لن يكتب لها النجاح، لأن ميليشيا الحوثي وصالح معروف عنها منذ حصارها لدماج عدم التزامها بالاتفاقيات، وعدم احترامها للوعود التي تقطعها على نفسها، مؤكدا أن الحل الوحيد هو في تحرير المدينة وضواحيها من عصابات الحوثي الاجرامية.
 
ويقول لـ"الموقع بوست" إن المشكلة ليست في غياب المبادرة من هذا الطرف أو ذاك، بل في ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي كسرت تعز شوكتهم وزيف قوتهم، وقتلت منهم قرابة العشرين ألف حوثي.
 
ووصف الصلاحي الحصار على المدينة المكتظة بالسكان ومنع دخول الغذاء والدواء، بأنه جزء من العقاب الذي تقوم به الميليشيا، لتعبر عن غضبها والتنفيس عن حقدها الأعمى بحق كبرياء هذه المدينة وأهلها الذين رفضوا الانصياع لأوامر الانقلابيين، وتمرير أجندتهم، برغم كل المعاناة التي يعيشونها بفعل الحرب والحصار.
 
استهلاك إعلامي
 
يعتقد الصحافي عمار زعبل أن أي مبادرات محلية هي نوع من العبث والاستهلاك الإعلامي لا غير، معللا ذلك بالقول إن اللاعب المحلي لا حضور له، ومرتهن ولا يملك زمام المبادرة .
 
ويضيف في حديثه لـ"الموقع بوست" أن هناك مساحة كبيرة متاحة للعب السياسي غير المجدي بعد التضييق على الحسم العسكري، وحضور كثير من الأطراف في القضية اليمنية، التي اتسعت وتعددت أبعادها.
 
ويتم -كما يرى زعبل- إعطاء بعض المستجدات أكبر من حجمها، مع تغييب للمشاريع الحقيقية، التي تهم الوطن والمواطن في اليمن. معتبرا التعاطي مع مبادرات أصحابها لا حضور ولا تواجد ولا ثقل ولا عمل لهم على الأرض نوعا من العبث، بالإضافة إلى أنه سيُمرر مشاريع أخرى حشرت في الزاوية، ومحاولة الدفع بها من جديد والبدء من نقطة الصفر.
 
وأفاد زعبل بأن المبادرة اليوم هي من الميدان والداخل، الذي يعانى ويعايش الوضع عن كثب وقرب، لافتا إلى الحراك والتململ الذي حدث في عدن مؤخراً، ومؤكدا أنه "وإن اختلفنا معه في بعض الأمور إلا أنه نابع من الداخل، ويعيد التموضع لبعض القوى التي حاولت القفز عن واقعها، فهي إعادة لها إلى الوضع الطبيعي،  الذي يجب أن تكون عليه لتبدأ بالتحرك الصحيح نحو أهدافها الحقيقية".
 
العودة للواجهة
 
ووصف الصحافي راكان الجبيحي تلك المبادرات بغير المنصفة، كونها لا تعطي تعز حقها بقدر ما هي من أجل انتهاك المحافظة والقضاء على تضحياتها المتسمرة من أكثر من عاملين.
 
وحول من يقف وراء تلك المبادرات، قال الجبيحي لـ"الموقع بوست" إنهم أفراد كانوا يلتزمون الصمت والحياد، في الوقت الذي كانت المليشيا الانقلابية ترتكب المجازر بحق تعز.
 
ولم تأتِ تلك المبادرات -كما يؤكد الجبيحي- بجديد، سوى الكشف عن محاولات أولئك الأفراد الذين يريدون العودة للواجهة والتسلق، وتلميع وتحسين صورة المخلوع صالح بمبادرات هزيلة، حد وصفه.
 
وفي معرض حديثه أشار إلى وجود خلايا وأذرع في تعز تابعة للأفراد الذين يقفون خلف تلك المبادرات، وإلى علاقتهم بتأزم الوضع الداخلي في المحافظة، فضلا عن إرباكها داخليا، إضافة إلى انفرادهم بتلك المحاولات بشكل فج، بعيدا عن أي بنود واقعية تحقق أهداف المقاومة وتعطي لتعز حقها بعد هذا النضال والتضحية والصمود والقتال ضد المليشيات الانقلابية.
 
وانتقد الصحافي اليمني كذلك تجاوز المبادرات للسلطة المحلية الجيش والشرعية، مؤكدا أنها محاولة لوضعهم في موقف محرج لأنها تتناقض مع الواقع، وأنها مجرد فقاعات تأتي من أفراد يتبعون المخلوع صالح، في محاولة للحصول على السلطة، وليكونوا في المرحلة الانتقالية، برغم إدراكهم أنهم ليسوا سوى ديكورات، كون الميدان هو من يتحدث والسلطة المحلية، على حد تعبيره.
 
الجدير بالذكر أن تعز تعيش منذ أكثر من عامين في ظل الحصار المفروض عليها من قِبل المليشيا الانقلابية، فاقم من معاناة المدنيين، الذين يسقطون بشكل يومي ضحايا آلات الموت التابعة للحوثيين.
 


التعليقات