ما مدى تأثير انتعاش العلاقات الأمريكية السعودية على الأزمة في اليمن؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك السبت, 20 مايو, 2017 - 07:35 مساءً
ما مدى تأثير انتعاش العلاقات الأمريكية السعودية على الأزمة في اليمن؟ (تقرير)

[ الملك سلمان والرئيس الأمريكي ترامب ]

انتعشت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بشكل غير مسبوق، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تسّلم الحكم في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، بعكس الفتور الذي ساد في فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما.
 
انعكست وبشكل طبيعي آثار ذلك التقارب الملحوظ بين واشنطن والرياض التي تقود التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن، على المشهد في الداخل، وبات ملف اليمن من أولويات إدارة ترامب التي تسعى لإخراجها من تلك الأزمة الممتدة منذ أكثر من عامين، بسبب انقلاب 2014 المدعوم إيرانيا.
 
الدور الأمريكي في اليمن
 
لا يشكل استقرار اليمن أولوية لواشنطن من أجل سلام المنطقة وقطع أذرع إيران فيها فقط، بل من أجل حليفتها المملكة العربية السعودية، التي تهددها طهران عبر دعمها للحوثيين في البلاد التي تشكل خاصرة جنوبية جغرافيا للسعودية.
 
إضافة إلى ذلك، فقد شكَّل الحوثيون تهديدا كبيرا لخطوط الملاحة الدولية التي تشرف عليها اليمن، بعد أن قاموا بالاعتداء على السفن السعودية والإماراتية والأمريكية قُبالة السواحل اليمنية وبأسلحة إيرانية.
 
الإرهاب هو الآخر الملف الذي يؤرق واشنطن بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001، وباتت اليمن هي أبرز الساحات لمواجهة التطرف الذي اتخذ منها مركزا لقيادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
 
كل ذلك أفسح المجال لواشنطن لتقوم بتكثيف هجماتها ضد القاعدة في اليمن والمخترق من قِبل كثير من القوى في داخل البلاد أبرزها الانقلابيين، فنفذت عشرات الغارات الجوية التي استهدفت عناصر يُشتبه بانتمائهم للتنظيم، وعمليات عسكرية أخرى تمت بإنزال جوي في مناطق كقيفة دراع بمحافظة البيضاء وسط البلاد.
 
دعمت واشنطن كذلك التحالف العربي لوجستيا بالأسلحة والذخائر وتزويد الطائرات بالوقود، إضافة إلى الدعم المخابراتي، وطائرات دون طيار.
 
واشنطن والسعودية إلى القمة مجددا
 
يأتي الدعم الأمريكي المتواصل للرياض في إطار العلاقات بين البلدين التي تمتد إلى ثلاثينيات القرن الفائت، ويبلغ عمرها أكثر من ثمانين عاما.
 
وشهدت العلاقات بين البلدين حالات من التوتر الشديد خاصة منذ سبعينيات القرن الماضي الذي كانت المنطقة تعيش فيه اضطرابا نتيجة استقلال عديد من الدول من الأنظمة الاستعمارية، واضطرابات عديدة لحقت بذلك في فترة ترسيخ الحكم فيها، إضافة إلى الفجوة التي حدثت بين واشنطن والرياض في أعقاب الهجمات الإرهابية التي طالت أمريكا في 2001، ووجهت على إثرها أصابع الاتهام للسعودية، وظلت ورقة ابتزاز تطالها حتى اليوم.
 
فصل من فصول الصراع الناعم تجدد بين البلدين بسبب اختلاف وجهات النظر بينهما تجاه الأزمة السورية، وكذلك منذ يوليو/تموز 2015 وهو تأريخ توقيع الاتفاق النووي بين طهران والدول 5+1 والذي تتوجه الإدارة الأمريكية الحالية لإلغائه وهو ما يثير مخاوف إيران، نتيجة للخسائر الاقتصادية التي ستلحق بها، والعقوبات الكثيرة التي سيتم رفع سقفها، وهو ما جعل البلدين يعيشان في حالة شد وجذب كانت واضحة بشكل كبير لكنها لم تصل إلى حد القطيعة.
 
جاء الانتعاش الأخير الملحوظ بين واشنطن والرياض بعد سنوات من التوتر شاب العلاقة بينهما، خاصة في السنوات الأخيرة التي عملت فيها إدارة أوباما على الانسحاب من المنطقة، وأفسحت بذلك المجال لإيران بالتمدد مما أدى إلى فوضى عارمة شهدتها البلاد العربية، بسبب مشاريع طهران التي تسعى لزعزعة استقرار الأمن الإقليمي.
 
تسعى الإدارة الجديدة لاستعادة نفوذها في المنطقة بعد أن قامت بتقليصه إدارة أوباما وأدارت ظهرها لحليفتها القديمة الرياض مما جعلها تبحث عن حلفاء جدد آنذاك، إضافة إلى أن حجم العلاقات بين السعودية وأمريكا كبيرة للغاية خاصة أن الأولى واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط عصب الحياة العصرية، والتي تمتلك كذلك مخزونا هائلا من احتياطي الذهب الأسود، وهو ما يجعل ترامب صاحب العقلية الاقتصادية يفكر بترميم تلك التصدعات، ومحو أي تشوهات في الصحيفة المشتركة بين البلدين.
 
آمال وطموحات
 
تتطلع المملكة العربية السعودية إلى زيادة التعاون القائم بينها والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات منها الاقتصادية والعسكرية، وتترقب كلا الدولتين والعالم بأكمله نتيجة القمة الأمريكية الإسلامية التي من المقرر أن تنعقد يوم الـ21 من مايو الجاري.
 
 باتت السعودية حليف رئيسي لواشنطن، ليس فقط بسبب المكانة التي تحظى بها الأولى في العالم الإسلامي، بل لأنها تصدت للمشروع الإيراني في المنطقة الذي يهدد أمن الخليج، فاتخذت طهران من اليمن ساحة لتنفيذ مخططاتها الخاصة والأخرى التي تقع في إطار مخططات أوسع تستهدف منطقة الشرق الاوسط.
 
لقد أصبحت السعودية حليفا إستراتيجيا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب الهاجس الذي يؤرقها، برغم التباين في مفهوم التطرف لدى البلدين. وتعمل الأولى على مكافحته سواء في إطار التحالف الدولي أو التحالف الإسلامي -الذي لم يتم تفعيله بعد- لمواجهة ذلك الخطر الذي يتهدد الأمن الدولي.
 
بديلا عن مواجهة طهران المباشرة
 
هناك تحول ملحوظ في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة -كما يقول المحلل السياسي محمد الغابري- وتحديدا في الموقف من إيران وتمدد نفوذها في المنطقة وتشكيلها مصادر اللا استقرار.
 
ويبدو للغابري الذي تحدث لـ"الموقع بوست" أن الإدارة الأمريكية الحالية اختارت -كما يبدو- استهداف الأذرع الإيرانية بدلا عن المواجهة المباشرة مع طهران.
 
وربما لدى الإدارة الأمريكية دراسات تشير إلى أن إيران لن تجازف في مواجهة واشنطن للمحافظة على تلك الأذرع أو إضعافها لأنه يمكن تعويضها، أما استهداف الجسم فسيكون خسارة يصعب التنبؤ بحجمها حتى لو كانت طهران قادرة على إلحاق خسائر بالولايات المتحدة، فإن كلفة ذلك على الأولى قاصمة، كما يرى الغابري.
 
وأصبح حديث الأمريكان عن الحلول التفاوضية بالنسبة للغابري، إما بغرض فرض حلول على الحوثيين، لتقليل من مخاطرهم مستقبلا، مقابل أن تبقي عليهم جماعة تحت السيطرة، أو أن الحديث عن التفاوض أصبح للاستهلاك فقط مع قناعة بأن الحلول هي عسكرية.
 
أثر التقارب على اليمن
 
ومن المتوقع أن يسهم التقارب بين واشنطن والرياض في تقريب وجهات النظر بين البلدين بشأن الملف اليمني، والتسريع من عملية استعادة كل الساحل الغربي للبلاد، خاصة مع استمرار استغلال الانقلابيين له بطريقة سلبية تضر بالوضع الإنساني في البلد المنهك جراء الحرب، وبسلامة السفن في خطوط الملاحة الدولية.
 
سينعكس ذلك أيضا على اليمن من خلال دعم الشرعية والمرجعيات الثلاث المتعارف عليها أبرزها قرار 2216، بالإضافة إلى زيادة حجم الدعم اللوجستي للتحالف العربي المساند للحكومة اليمنية.
 


التعليقات