صنعاء المقهورة.. مساجد صامتة وعبادة بنكهة المليشيا (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 30 مايو, 2017 - 11:05 مساءً
صنعاء المقهورة.. مساجد صامتة وعبادة بنكهة المليشيا (تقرير)

[ أحد مساجد العاصمة صنعاء منعت المليشيا المُصلين من تأدية صلاة التراويح فيه ]

يبدو شهر رمضان هذا العام ميتا، ليس بسبب قطع مليشيا الحوثي والمخلوع صالح مرتبات الناس ومحاصرتهم، وليس بسبب الكوليرا المتفشية والتي تنتشر يوما بعد آخر، وليس بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي، بل يتحدث الناس هنا في صنعاء عن سبب آخر، وهو إسكات المليشيا صلاة التراويح وإسكات مكبرات الصوت في بعض المساجد، بل ومنع المصلين في بعض المساجد عن أدائها.
 
خلال اليومين الماضيين، لوحظ في بعض أحياء وحارات صنعاء اختفاء ذلك الشعور الروحاني والديني الذي ظل يميز رمضان ويبعث في قلوب الناس الراحة والطمأنينة والسكينة، والمتمثل في صلاة التراويح، الصلاة التي فعلا تميز ليالي صنعاء الرمضانية.
 
يقول عزالدين الوصابي (30 عاما)، وهو أحد سكان حي مذبح، لـ"الموقع بوست"، إنه "حتى صلاة التراويح حرمونا منها ومن سماعها، ونحن ما نحس ونشعر برمضان إلا بصلاة التراويح".
 
ويواصل "حتى الناس الذين ما يصلون تراويح يبتهجون عادة بسماعها وهم في البيوت، أو في الشارع، وفوق الباص، وبإسكات الحوثيين لمكبرات الصوت ومنع الناس ستجعل الناس يكرهونهم، والكثير مستاؤون من هذه التصرفات التي اعتقد أننا لو كنا في إسرائيل ما يمنعونا من رغبتنا في أداء أي صلوات ومن أي طقوس دينية، لكن هؤلاء الناس يتعاملون معنا بهمجية وبدون عقل ووعي".
 
كثيرة هي الجوامع التي منعت فيها مليشيا الحوثي صلاة التراويح، ومن بين تلك الجوامع -بحسب معلومات- جامع الصراف في دار سلم، والذي يقال إن عباس الشامي، وهو أحد أفراد مليشيات الحوثيين، منع إقامة صلاة التراويح فيه، في حين تم منع رفع الصلاة عبر مكبرات الصوت في جامع الخاوي وكذلك جامع حفصة الذي كان يشرف عليه محمد العامري، وحسب المعلومات، فإن المليشيا قامت بتغيير هذا الإمام وفرضت إماما آخر تابعا لها.
 
صنعاء المقهورة
 
على صفحته في فيسبوك، كتب وزير الثقافة السابق خالد الرويشان قائلا "صنعاء المقهورة، هكذا أصبح جامع سابحة في صنعاء بلا مصلين وبلا تراويح، لا يهتم الحوثيون بمن يحضر أو لا يحضر، الأهم لديهم هو منع صلاة التراويح، الأهم أن يرفعوا شعار الموت لأمريكا فوق المحراب".
 
وأضاف الرويشان "الجامع ليس ملكا للدولة حتى يتم احتلاله، هذا بناه سابحة التاجر الشهير، لم يفعل أي يمني هذا الجرم في التاريخ أن يحتل مسجدا لمواطن بالقوة، وأن يرفع شعاره السياسي عنوة على محراب المسجد، اليمنيون لا يفعلونها أبدا، فتراجعوا إذا كنتم يمنيين".
 
وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل النقد واللوم على إقدام جماعة الحوثيين على هذه الخطوة، التي قالوا إن اليمن لم يسبق له أن عاش أو شهد مثل هذه التصرفات والسلوكيات خارجة عن العادات والتقاليد، ولا مبرر لها سوى أنهم يريدون أن يفرضون قوتهم حتى على المصلين وعلى الجوامع.
 
الدين لهم فقط
 
وانتقد الكاتب نبيل الصوفي، المحسوب على حزب صالح، متسائلا في أول يوم من رمضان "هو صدق ما حد في صنعاء سمع أي مسجد يصلي تراويح أمس؟ أقصد سمع الصلاة بالميكرفون وهو خارج".
 
وأضاف "المساجد كلها أقامت الصلاة، إلا السؤال عن نقلها بالميكرفونات، الناس بالشارع اليوم تتكلم أن اللي ضجونا بالصراخ طيلة أيام الفطر، منعوا عن سماء صنعاء أصوات قراء التراويح".
 
بعدها عاد الصوفي إلى صفحته على فيسبوك متحدثا عن صلاة التراويح قائلا "هناك مساجد وصل فيها محترمون من الحوثيين مع المحترمين من أهالي الأحياء بالتوقف عن الصلاة عبر مكبر الصوت وليس لأجل راحة الناس، لكن قلوب أرباب الصرخة تتوجع من ميكرفون مسجد يقول إن الدين لله، بينما هم يريدون الدين فقط لهم".
 
مساجد بنكهة المليشيا
 
يشار إلى أن هذا ليس التدخل الأول لجماعة الحوثي فيما يتعلق بالمساجد، فقد فرضت المليشيا سيطرتها بالقوة على معظم جوامع صنعاء وقامت بتغيير كثير من أئمتها، وفرضت رفع "شعار الصرخة" بداخل بعضها، إضافة إلى شعاراتها السياسية التي قامت بإلصاقها في كثير من المساجد، ليس على جدرانها الخارجية فقط، بل ألصقتها ورسمتها بداخل المساجد وبجانب المنابر.
 
يقول مروان عبد الله أحمد، وهو أحد سكان حي أبو عمار، لـ"الموقع بوست"، إن الحوثيين "كرهونا بالصلاة وكرهونا بالمساجد، خلاص صرت عندما أذهب للصلاة بداخل بعض المساجد لم أعد أشعر بذلك الارتياح، شعارات الحوثيين ملصقة على طول الجامع وعرضه، والإمام يظل يخطب أحيانا خارج سياق المفترض، ويجلس يدعي لك على التدخل ومن هذا القبيل".
 
ويضيف "إقحام السياسة في الدين وفرض لون معين على الناس هذا أمر غير مقبول والناس يعرفون تماما أن هذا التصرف ناتج عن جهل وعنجهية، وأن من يقوم به حاقد على الدين وعلى الشعب وهو يخسر بذلك ولا يربح".
 
كثيرون سيتحدثون إليك في صنعاء بهذا الطرح والقول إذا ما ناقشتهم أو طرحت عليهم هذه الفكرة، فحالة الاستياء والتذمر تبدو واضحة في الشارع وفي الأحياء السكنية، والجميع يوجهون نقدهم لهذه التصرفات التي تُفرض بصورة سيئة ومزعجة.
 


التعليقات