الانقلابيون في اليمن والرهان على الخلافات الخليجية في تحقيق المكاسب (تحليل)
- عبدالسلام قائد الخميس, 15 يونيو, 2017 - 09:53 مساءً
الانقلابيون في اليمن والرهان على الخلافات الخليجية في تحقيق المكاسب (تحليل)

[ اندمج حزب المؤتمر مع مليشيا الحوثي في صنعاء وشكلا تحالفا واحدا ]

ألقت الخلافات الخليجية بظلالها على الأزمة اليمنية من عدة زوايا، منها ما يتعلق بمعسكر السلطة الشرعية، ومنها يتعلق بمعسكر الانقلاب، إضافة إلى البعد الإقليمي، كون المستفيد الأكثر من الخلافات إيران وعملاؤها من جماعات شيعية متطرفة في المنطقة، أملًا في أن تسفر هذه الخلافات عن انهيار أو تفكك آخر كتلة عربية سنية لم يطالها التمزق، أي مجلس التعاون الخليجي، بينما الجماعات والأحزاب الشيعية في العالم العربي ملتفة حول القيادة المركزية الإيرانية للشيعة ومشروعها التوسعي في العالم العربي.
 
ويراهن الانقلابيون في اليمن (تحالف الحوثي والمخلوع صالح) على هذه الخلافات، أملًا في أن تتفاقم بشكل متزايد بما من شأنه خلق اصطفافات وتحالفات جديدة على أنقاض التحالفات السابقة، تؤثر على مسار الصراع في اليمن، وبالشكل الذي يرسخ المشروع الانقلابي، سواء عبر الحل السياسي أم الحسم العسكري.
 
رهان متزايد
 
يبدو واضحًا رهان الانقلابيين المتزايد على الخلافات الخليجية، وذلك من خلال ما يثار في وسائل التواصل الاجتماعي من أن المخلوع صالح وجماعة الحوثي يتسابقان على استقطاب المزيد من الأنصار.
 
ورغم أن ذلك يأتي في سياق التنافس بين الطرفين، لكن زيادة الاستقطاب الأخيرة تعني أن كل طرف يحاول الانقضاض على الطرف الآخر وإنهاء شراكته معه في حال حدثت تطورات إقليمية تصب لصالح الانقلاب.
 
كما يُلاحظ أن الطرفين خففا من حدة هجومهما في وسائل إعلامهما ضد دول التحالف العربي، وخاصة السعودية، رغم تباين مواقفهما من الأزمة، حيث أيد المخلوع علي صالح الإجراءات التي اتخذتها السعودية ودول أخرى ضد قطر، بينما جماعة الحوثي أعلنت مساندتها لقطر.
 
اقرا أيضا: ما هي تداعيات انقسام حزب المؤتمر في اليمن بين الرياض وصنعاء؟

وإذا كان موقف جماعة الحوثي من الأزمة والمتضامن مع قطر يأتي منسجمًا مع الموقف الإيراني، فإن موقف المخلوع علي صالح المؤيد للسعودية يأتي ضمن مغازلاته المتكررة لها بغرض إحياء تحالفه القديم معها، غير أنه كان لافتًا تخفيف حدة الانتقادات للسعودية حتى في وسائل الإعلام الحوثية، وهو ما يفهم منه بأن الطرفين يحاولان التقرب منها، بسبب تربص كل طرف بالآخر، لاسيما في ظل حرص المخلوع صالح على أن لا يتم القضاء على الحوثيين إلا بواسطته هو، فضلًا عن تسريبات تفيد بأن دولة الإمارات تعمل من أجل مصالحة سياسية تفضي إلى تعيين أحمد علي صالح رئيسًا توافقيًا لليمن.
 
كما أن المخلوع صالح يواصل النفخ في بالونة الحوثيين لتظل فزاعة كبيرة للسعودية، وذلك من خلال تمكينهم من استمرار السيطرة على وزارات ومناصب ومرافق حكومية تعد من نصيب حزبه فيما يسمى "حكومة الإنقاذ الوطني" دون القيام بأي إجراءات ضدهم رغم تكرارهم الاعتداءات ضد منتسبي حزبه.
 
ومن جانب آخر، فقد نشطت وسائل إعلام الانقلابيين في نشر أخبار تهدف إلى الوقيعة بين السعودية وحزب الإصلاح، وتتهم هذه الوسائل حزب الإصلاح بمساندة قطر، وتثير الشكوك حول حقيقة موقفه الذي ربطه بموقف السلطة الشرعية من الأزمة، رغم أن الأدبيات السياسية للحزب، وكما هو معلوم، تؤكد على أن المواقف السياسية الخارجية للحزب لا يمكن أن تكون مخالفة للسياسة الخارجية للدولة.
 
كما كان لافتًا أن بعض الموجودين في صفوف السلطة الشرعية حاولوا استغلال الأزمة الخليجية بغرض الوقيعة بين حزب الإصلاح والسعودية، خدمة للانقلاب، من خلال الإدلاء بتصريحات صحفية لوسائل إعلام خليجية تهاجم الحزب وتوجه له تهمًا مختلفة، أملًا في أن تنهي السعودية تحالفها مع الحزب، كون ذلك يصب في تفكيك وإضعاف السلطة الشرعية وحلفائها.
 
تأثير منعدم
 
ورغم حدة الأزمة الخليجية واتساع نطاق تفاعلاتها إقليميًا ودوليًا، إلا أنها لم تؤثر على الأزمة اليمنية، ومسار العمليات العسكرية للتحالف العربي ضد مواقع وأهداف للانقلابيين، وإن كان هناك من تأثير فهو محدود، ويتمثل في استغناء التحالف العربي لدعم الشرعية عن المشاركة العسكرية لدولة قطر في التحالف.
 
أضف إلى ذلك، أنه لم يطرأ أي تغيير في طبيعة المواجهات العسكرية في مختلف الجبهات، مع تقدم محدود ونوعي في نفس الوقت للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مدينة تعز، واستمرار الانقلابيين في حشد المزيد من المقاتلين وتعزيز مختلف الجبهات، وخاصة جبهة مدينة تعز وريفها.
 
ويمكن القول إن موقف السلطة الشرعية ومختلف المكونات المتحالفة معها من الأزمة الخليجية، والمساند للإجراءات التي اتخذتها السعودية ودول أخرى ضد دولة قطر، بصرف النظر إن كانت صائبة أم لا، فهذا الموقف المساند حصّن الأزمة اليمنية من أي تأثيرات سلبية تصب في صالح الانقلاب، لاسيما وأن السعودية هي من تقود تحالف دعم الشرعية، وهي الطرف الأكثر فاعلية فيه.
 
الخطر الحقيقي
 
يكمن الخطر الحقيقي في تفاعلات الأزمة الخليجية وتأثيرها على الأزمة اليمنية، في الأكاذيب والدسائس التي يروج لها بعض الموجودين في صفوف السلطة الشرعية، والذين يسعون للوقيعة بين حزب الإصلاح والسعودية، كون ذلك سيحدث شرخًا كبيرًا في صفوف السلطة الشرعية التي يُعد حزب الإصلاح جزءًا رئيسيًا منها، حتى وإن كان مستهدفًا بالإقصاء والتهميش، كما أن منتسبيه المنخرطين في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يشكلون العدد الأكبر والأكثر فاعلية في الحرب ضد عملاء الفرس.
 
ويستغل عملاء الانقلاب الموقف الإماراتي المناهض لحزب الإصلاح، وما تنشره وسائل الإعلام الإماراتية من تهم وتلفيقات وأكاذيب ضد الحزب، إلا أن تلك التهم والأكاذيب لم تؤثر على الموقف السعودي من الحزب، أو التحالف الوثيق بينهما، رغم أنها بدأت منذ الأشهر الأولى لعملية "عاصفة الحزم"، فالموقف السعودي من الحزب نابع من فهمها التام لليمن وخصوصيته، بينما الموقف الإماراتي نابع من كراهية لكل الأحزاب والحركات الإسلامية في العالم العربي دون استثناء.
 


التعليقات