الإحاطة الأخيرة لمجلس الأمن عن اليمن بين الدلالات والنتائج (تقرير)
- خاص السبت, 17 يونيو, 2017 - 02:00 صباحاً
الإحاطة الأخيرة لمجلس الأمن عن اليمن بين الدلالات والنتائج (تقرير)

[ مجلس الأمن أكد دعمه لجهود ولد الشيخ في اليمن ]

ما يزال مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والدول الراعية للسلام، يحاولون الدفع بالتسوية السياسية اليمنية إلى الأمام، مكررين مرارا تأكيداتهم على أن المبادرة الخليجية هي أساس الحل والمخرج الوحيد من المأزق، موجهين دعواتهم لمليشيا الحوثي بالتوقف عن الحرب وعن إقلاق أمن المنطقة والملاحة الدولية.

ربما الجديد في بيان مجلس الأمن الدولي الذي صدر أمس، هو تأكيده على دعم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي تعلق عليه مليشيا الانقلاب كل الفشل وتقدمه سببا رئيسيا في عرقلة الحلول السياسية، وتوجه له كثير من التهم التي تؤكد بأن مليشيا الحوثي لا تريد الحل ولا تؤمن بأي عمل سياسي وبأي حلول.

تأكيد مجلس الأمن الدولي على دعم المبعوث الأممي، صفعة جديدة لمليشيا الحوثي والمخلوع صالح الذين كانوا قد احتفوا بإشاعات تغيير ولد الشيخ نشرتها بعض وسائل الإعلام التابعة لمليشيا الانقلاب وروج لها أنصارها في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا السياق أدان مجلس الأمن والمجتمع الدولي محاولة الاغتيال للمبعوث الدولي التي تعرض لها أثناء زيارته الأخيرة إلى صنعاء من قبل مليشيا الحوثي وصالح.

الواضح وما يؤكده سياسيون وناشطون ويمنيون كثر، هو أن المشكلة تتعلق بمليشيا الانقلاب ولا تتعلق بالمبعوث الأممي، فالمبعوث الأممي ليس سوى مجرد وسيط ويقدم ما يطرح وما يقترح من حل من قبل الأمم المتحدة وجميع الفاعلين في عملية السلام والتسوية اليمنية.

خارطة طريق بعد أخرى وجولة سياسية بعد جولة من جنيف1 إلى جنيف2 وصولا إلى كويت1 وكويت2، وهذه المليشيات لم توافق ولم تستجيب لكل المقترحات التي طرحت من قبل المجتمع الدولي والإقليمي على حد سواء.

وهم التغيير 

يقول الصحفي والمحلل السياسي رشاد علي الشرعبي لـ"الموقع بوست": "المبعوث الأممي مجرد موظف لدى منظمة دولية تديرها القوى الدولية المتحكمة بها، وهو يؤدي تلك الوظيفة وفق رغبة تلك القوى وإرادتها، ولذلك من الصعب أن نطالبه بما هو فوق استطاعته وأحيانا يستخدم لشرعنة تلك الرغبات كما حدث في شرعنة الإجراءات الانقلابية منذ إدخال الحوثيين وهم جماعة مسلحة لا تؤمن بالديمقراطية ولا الدولة المدنية في مؤتمر الحوار الوطني، مرورا باتفاقية السلم والشراكة الوطنية".

ويضيف الشرعبي "الأخبار تؤكد أنه سيتم تغيير المبعوث الأممي ولد الشيخ نتيجة لانتهاء فترة عمله وليس رفض الانقلابيين له، وكان يفترض أن يكون للمنظمة الدولية موقفا حازما تجاه ما تعرض له من محاولة اغتيال من قبل الانقلابيين في صنعاء وليس منحهم فرصة للانتفاش أنهم حققوا ذلك الانتصار بوسيلتهم الغبية تلك".

وبالنسبة لمهاجمة الحوثيين المبعوث الدولي وتعليق الفشل عليه، يقول الشرعبي "هم تعودوا على مثل هذه الأمور يهاجمون المبعوث الأممي ليحققوا انتصارات معنوية أو يوهموا أنصارهم بتحقيق تلك الانتصارات ويكسبون الوقت للاستمرار في حروبهم والمماطلة وعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، ومنع استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الذي تسبب بالكارثة التي تعانيها اليمن، ولو تم تغييره فسيتعاملون مع البديل بذات الطريقة".

وعلى الرغم من الدعوات الجديدة إلى إيقاف الحرب والدخول في حوار وتسوية سياسية، والجهود التي تقوم بها كثير من دول المنطقة، خصوصا من قبل سلطنة عمان، التي تربطها علاقة بالانقلابيين، إلا أن المليشيا يبدو أنها مستمرة في مواقفها السابقة، وهي لا تريد الحل وإنما تريد الاستمرار في نهب موارد ومؤسسات الدولة والمتاجرة بدماء اليمنيين، واستغلالها لميناء الحديدة لصالحها وأيضا التجارة بالنفط والغاز وما إلى ذلك.

ذرائع وتكتيك

يقول الناشط السياسي محمد المقبلي في حديثه لـ"الموقع بوست": "يبدو أن المسار السياسي يسير نحو ذات الأفق المسدود في ظل عدم استعداد تحالف الانقلاب للاستجابة للحلول السياسية المستدامة، وفي الغالب يتم البحث عن ذرائع كثيرة من بينها تغيير المبعوث الأممي، لكنها في المجمل ذرائع واهية كون المبعوث يعمل وفق مرجعيات أساسية متعارف عليها ومن بينها القرار الأممي 2216 الذي يتم التفاوض على أساس تطبيقه، ويرفض تحالف الانقلاب القرار الأممي على الواقع ويتحدثون عن التفاوض على أساسه إعلامياً فقط، وهنا المعضلة الحقيقية التي لم تفضِ إلى أفق سياسي مفتوح، واعتقد أنها لن تفضي إلى ذلك على المدى القريب".

تبادل الأدوار

من جهته يقول السياسي خالد بقلان: "طرفا الانقلاب يجيدان التكتيك واللعب والتناغم مع المتغيرات والتحولات التي طفت مؤخراً، ويعتقد طرفا الانقلاب أن الأزمة الخليجية ستنعكس ايجاباً وفقاً للمشروع المعادي الذي ارتهنا له، وتحديدا جماعة الحوثي، وهذا ما دفع منظومة الانقلاب إلى تبادل الأدوار فيما يخص المواقف والتصريحات التي تصدر عن كل طرف، والهدف أساساً هو تعزيز المواقف التفاوضية وفق آلية تتسق مع رؤية منظومة الانقلاب والتي ينبغي أن يمثلا كأطراف وهنا تكمن خطورة الهدف الذي من شأنه نسف الشرعية التوافقية والدستورية والقانونية التي يستمد الرئيس هادي منها مشروعيته".

وأضاف بقلان لـ"الموقع بوست": "لذا فإن منظومة الانقلاب رغم ما يصدر عنها من تصريحات إعلامية إزاء المبعوث الأممي إلا أن الهدف ليس هو المبعوث أو مقترحاته، بل هي مناورات لتعزيز المواقف التفاوضية التي من شأنها الذهاب إلى حوار يمني كأطراف بعيداً عن المشروعيات".

ويواصل "هذا يعني أن طرفي الانقلاب يريدان نسفها ونسف المرجعيات ما يؤكد فشل المساعي الرامية إلى إجراء أي عملية تفاوض جديدة، ويعني أن الانقلابيين يراهنون على طبيعة الفشل الذي يكتنف ممارسات السلطة الشرعية، إلى جانب التخبط الذي تعانيه القوى السياسية المؤيدة والمساندة والداعمة للشرعية التي فشلت حتى اللحظة في الالتفاف حول الشرعية وفق رؤية وطنية جامعة تؤسس لجبهة سياسية موحدة إلى جانب المسار العسكري الذي يشوبه نوعاً من الفساد الذي يمارسه القادة العسكريون".

عودة الدولة 

كثيرون هم السياسيون الذين يؤكدون على أن عودة الدولة هو الحل الوحيد لإيقاف الحرب، والعبث الحاصل، عودة الدولة أولا، ومن ثم العودة إلى النقطة التي توقف عندها الجميع في المسار الانتقالي، وبدون ذلك لا يمكن أن يتحقق أي استقرار لليمن وتوقف للحرب.

يقول الكاتب الصحفي مصطفى راجح: "لا مجال للسياسة والأحزاب من دون وجود الدولة بمرجعياتها الشرعية المتفق عليها بين الجميع.. الدولة هي ميدان السياسة والأحزاب، ومن دونها تخوض الأحزاب السياسة في الفراغ الدولة ضمانة لوجود اليمن وليس فقط السياسة والأحزاب والمهمة الأولى للسياسة والأحزاب هي عودة هذا الميدان العام لممارسة السياسة.. عودة الدولة تسد هذا الفراغ المفتوح على الجانبين في الداخل والخارج".

وتساءل راجح في صفحته بموقع فيسبوك: "هل هناك استعداد لإنجاز اتفاق جاد يتضمن خارطة طريق لعودة الدولة وانهاء الحرب وتقليص مساحة العبث باليمن من قبل الميليشيات في الداخل وبعض الأطراف من الخارج؟".

ويعتبر راجح أن السياسة الوحيدة المتاحة أمام الأحزاب الآن هي: "عمل كل ما من شأنه التمهيد لعودة الدولة، وانجاز ما تبقى من خطوات المرحلة الانتقالية، ومن يعتقد أن نسف المسار الانتقالي المتفق عليه سيصب في مصلحة المؤتمر فهو مخطئ، لأن ذلك يخدم أجندة السعودية والإمارات وهما الطرف الأقوى في اليمن الآن، ويحررهما من استحقاقات الشرعية ومخرجات الحوار، بعد أن أكملا استثمارها في مرحلة الحرب، ليصبح المجال مفتوحا لأي خريطة يقررانها لليمن".


 


التعليقات