اليمن يمضي للمجهول عقب الأزمة الخليجية والاحتقان في جنوبه (تقرير)
- وئام عبدالملك الخميس, 13 يوليو, 2017 - 03:55 مساءً
اليمن يمضي للمجهول عقب الأزمة الخليجية والاحتقان في جنوبه (تقرير)

[ يتحين الانقلابيون الفرصة للانقضاض على الدولة برهانهم على خلافات الشرعية ]

مصير غامض ينتظر اليمنيين عقب عديد من المتغيرات التي طرأت مؤخرا، وستؤثر بشكل أو بآخر على مسار الأزمة اليمنية التي تعصف بالبلاد منذ مارس/آذار 2015.

الأزمة الخليجية التي نشبت مؤخرا بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر، على خلفية اتهامات موجهة للأخيرة منها دعم الإرهاب وارتباطها بإيران، واحدة من أبرز القضايا التي من شأنها أن تساعد في حرف مسار الأزمة اليمنية، خاصة بعد الحديث عن وجود أهداف أخرى لا ترتبط بإعادة الشرعية لدى بعض الدول المشاركة في التحالف العربي.

إضافة إلى ذلك، فقد شكَّل ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، أهم تهديد يواجه الحكومة اليمنية، بعد حصولهم على دعم، وتلويح المجلس بإدارة الجنوب في حال فشل الحكومة اليمنية بتنفيذ مطالبهم. 

وبرغم أن الأزمة الخليجية قد تنتهي بسرعة مثلما اشتعلت خلال أيام فقط، لكن المخاوف من تداعياتها ما تزال قائمة، في ظل استمرار التصعيد، وهو الأمر ذاته الذي يتكرر في جنوب اليمن، ويضع أمام المتابع للملف اليمني عدة سيناريوهات، ستفاقم أغلبها معاناة المواطنين.

تدعم الإمارات ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، لكن ثمة خلافات جوهرية داخل الحراك الجنوبي، من شأنها أن تضع العراقيل أمام الكيان الوليد الذي يسعى لأن يرى النور، ولو كان على حساب مصلحة المواطن اليمني.

الرهان على الخلافات

يغرق حلفاء الشرعية في بوتقة تباين الأهداف، ويتحين الانقلابيون الفرصة للانقضاض على الدولة، واستعادة قوتهم برِهانهم على الخلافات التي طفت إلى السطح مؤخرا عقب اندلاع أزمة الخليج.

ويرى المحلل العسكري علي الذهب، أن مستقبل الحرب في اليمن يتأثر بالتحولات الإقليمية والداخلية، وقد راهن تحالف الحوثيين وصالح على مثل هذه التحولات، التي يمكن أن تضعهم في موقف أقوى مما كانوا عليه من قبل.

وبالنظر إلى تداعيات الأزمة بين قطر والدول المحاصرة لها، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن التحالف -كما يؤكد الذهب لـ"الموقع بوست"- لم يعد بذات القوة والفاعلية، وهو ما يجعل الحرب في اليمن تأخذ أبعادا أخرى، وربما تتحول إلى داخلية.

وأسوأ الاحتمالات -بالنسبة لـ"الذهب"- هي أن ينشأ صراع جنوبي-جنوبي في عدن، ترجح فيه كفة الحراك الجنوبي على طرف سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، بموجب تدخل إماراتي، أو دعم يحقق الحسم السريع، الذي يفتح المجال أمام حوارات ومفاوضات جديدة، بعيدا عما هو مطروح الآن لحل الأزمة اليمنية.

خيار اللااستقرار

جعلت الأحداث الأخيرة في المنطقة وجنوب البلاد، الباب مفتوحا أمام عدة سيناريوهات ستكون ساحتها اليمن، خاصة في ظل تباين الرؤى والمواقف، وحصول بعض الدول المشاركة في التحالف على أوراق ضغط تعطيها مساحة للعمل في إطار أجندتها الخاصة.

مستقبل الحرب بعد الأحداث الأخيرة وافتعال الأزمة مع قطر، وإقصاء ولي العهد السعودي محمد بن نايف، يجعل المحلل السياسي محمد الغابري يعتقد أن الحرب لم تعد خيارا لدى المملكة العربية السعودية.

وعن الخيار الآخر للرياض في التعامل مع الملف اليمني -يعتقد الغابري في حديثه لـ"الموقع بوست"- أن الاتجاه سيكون نحو تسوية للأزمة لا تُنهيها، ولكن تُبقيها تحت السيطرة، وفي ظلها يكون يكون تكريس التشطير والتجزئة.

بالإضافة إلى استمرار الحروب المحدودة بين قوى وفي إطار مناطق معينة، تُبقي البلاد في الدوامة (في إشارة إلى عدم الاستقرار)، مالم يحدث ما ليس في حساب الأطراف المعنية بالأزمة، حسب الغابري.

عودة نجل صالح

تحدثت دورية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية عن لقاء جمع بين نائب رئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري، مع نجل المخلوع علي عبدالله صالح، وذلك تمهيدا لإعادته للسلطة، باعتبار ذلك هدف إماراتي تسعى أبوظبي لإقناع الرياض به.

التحالف العربي وعلى لسان مصدر رفيع تحدث لصحيفة "الشرق الأوسط" نفى تلك المزاعم، مؤكدا دعمهم للشرعية.

المخلوع صالح من جهته ذكر هو الآخر أن كل الأقاويل التي تؤكد عودة نجله أحمد للسلطة مجرد أكاذيب، مضيفا أنه لا يبحث عن السلطة ولا حتى أسرته.

وبرغم النفي، يؤكد عديد من المحللين أن تسلم نجل المخلوع للسلطة لن يكون ممكنا، كون القانون يمنع أن يحكم البلاد من لديه سجل جنائي، كما هو الحال مع أحمد علي عبدالله صالح.

لكن ذلك -كما يؤكد مراقبون- يشير إلى وجود نوايا لإعادة حزب المؤتمر الشعبي العام إلى السلطة، وسيعترض على ذلك قوى ثورة فبراير/شباط 2011، التي أطاحت بالمخلوع صالح.

السلام المرتقب

المواطن اليمني الذي بات إما ضحية أو طرف في الحرب يقاتل في صفوف مليشيا الحوثي وصالح أو الشرعية، جعلته هذه الأسباب يتوق إلى السلام في ظل انهيار الأوضاع الاقتصادية والصحية في البلاد، مما أدى إلى مضاعفة معاناة اليمنيين يوما بعد آخر.

وتحدثت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عن ارتفاع عدد وفيات الكوليرا في اليمن إلى 1742 ضحية، بينما بلغ عدد الحالات المشتبه بها والتي تم تسجيلها أكثر من 320 ألف حالة، والرقم مرشح للزيادة في ظل تدهور الوضع الصحي في البلاد.

كما أعلنت الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عن حاجة 82 بالمئة من اليمنيين لمساعدات إنسانية، وهو مؤشر خطير على استمرار تفاقم الحالة الإنسانية في اليمن.

ويتوزع كذلك مليون و974 ألف مواطن يمني في مختلف الدول كلاجئين، بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية القاسية التي فرضتها الحرب، وخشية تعرضهم للاضطهاد والقمع بسبب الآراء السياسية أو التمييز العرقي، أو مخالفتهم لمليشيا الحوثي وصالح الانقلابية بالمعتقدات.


التعليقات