عودة المخلوع صالح وعائلته للحكم تثير الجدل.. هل يمكن أن يعود؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك الأحد, 16 يوليو, 2017 - 04:30 مساءً
عودة المخلوع صالح وعائلته للحكم تثير الجدل.. هل يمكن أن يعود؟ (تقرير)

[ المخلوع صالح ونجله أحمد ]

أثير مؤخرا الكثير من الجدل في الأوساط السياسية المختلفة، حول إمكانية عودة المخلوع صالح وأسرته للحكم، بعد أن ظل حاكما لليمن طوال أكثر من ثلاثة عقود.
 
جاءت ثورة فبراير/شباط 2011 وأطاحت بالمخلوع صالح وقضت على حلم التوريث لنجله أحمد، لكن ظلت بعض القوى التي وقفت ضد ثورات الربيع العربي، تراه الحليف المُغري، خاصة أن الحزب الذي ينتمي إليه ويتزعمه، يعد واحدا من أكثر الأحزاب اليمنية شعبية في البلاد.
 
لكن يرى مراقبون أن عودة المخلوع صالح وأسرته للحكم ستصطدم بقوى ثورة فبراير/شباط المناهضة له، ما يعني استمرار الحرب في اليمن، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية التي تخشى عودته وتسعى لإضعافه، كون ذلك سيشكل خطرا على أمنها.
 
ويستبعد آخرون إمكانية عودة أسرة المخلوع صالح للحكم، لأن ذلك لن يتناغم مع الأهداف المُعلنة من قِبل التحالف العربي الذي تدخل في اليمن، ولأن المخلوع صالح ونجله مشموليْن بالعقوبات الدولية الصادرة من مجلس الأمن الدولي، وكون ذلك سيؤجج الصراع في اليمن، لكنهم يتوقعون هيمنة حزبه على الحكم.
 
انفصال جنوب اليمن هو أيضا أحد السيناريوهات المطروحة، في حال عودة أسرة المخلوع صالح للحكم، في ظل معادلة تُفضي إلى اتفاق بين المملكة العربية السعودية التي ترى في الحوثيين عدوا لارتباطهم بإيران، وبين الإمارات العربية المتحدة التي تُعادي تيار الإسلام السياسي في اليمن.
 
وكانت دورية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية تحدثت عن لقاء جمع بين نائب رئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري، مع نجل المخلوع علي عبدالله صالح، وذلك تمهيدا لإعادته للحكم، باعتبار ذلك مطلب هدف إماراتي تسعى أبوظبي لإقناع الرياض به.
 
لكن التحالف العربي، وعلى لسان مصدر رفيع تحدث لصحيفة "الشرق الأوسط"، نفى تلك المزاعم، مؤكدا دعمهم للشرعية. لكن يظل السؤال الذي يطرح نفسه: من المستفيد من تلك الشائعات؟
 
وسبق كذلك أن تحدث مركز "ذي أتلانتك للدراسات" عن اجتماعات في الإمارات بين وفد سعودي ونجل المخلوع صالح أحمد علي عبدالله صالح.
 
فقدان عوامل القوة
 
بعد مرور أكثر من عامين على تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، خسر المخلوع صالح الكثير، إذ بات يفتقر إلى عديد من عناصر القوة التي مكنته لأن يحكم اليمن طوال 33 عاما، ما يعني أنها كذلك لن تكون متوفرة لنجله أحمد.
 
بالإضافة إلى ذلك، فقد تغير واقع المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع صالح، بعد أن قام الحوثيون بحوثنة الحزب، فضلا عن انقسام أعضائه وقادته وأصبح بعضهم يؤيدون الانقلاب وجناح آخر يقف في صفوف الشرعية.
 
تقاسم النفوذ على الأرض والتنافس في قضية السيطرة على مفاصل الدولة كانت أمورا كفيلة بإشعال فتيل الخلافات بين شريكي الانقلاب (الحوثي – صالح)، وقد طفت إلى السطح الكثير منها طوال فترة الحرب.
 
عودة من يمثل المخلوع
 
في ظل الجمود الذي يعتري المشهد اليمني، يعتقد بعض المحللين أن حزب المؤتمر الشعبي العام، سيعود إلى السلطة، بدعم إقليمي ودولي، وإن لم تعُد أسرة المخلوع للحكم.
 
من المنظور السياسي، يستهل المحلل السياسي والباحث عبده سالم حديثه بالقول إنه ينبغي النظر إلى الأشخاص من خلال موازيين القوة التي يمثلونها، وليس بالنظر إلى أشخاصهم.
 
وبيّن لـ"الموقع بوست" أن الدول أو موازين القوى الإقليمية والدولية -عادة- ما تتجه إلى البحث عن موازين القوى المحلية لا عن الأشخاص المحليين، أو الذين أُخرجوا من المعادلات كونهم عناصر أزمة.
 
وتابع "غالبا لا يعودون إلى المشهد من جديد، ولكن هناك إمكانية في عودة ميزان القوة الذي يمثلهم، وهذا عرف سياسي معمول به"، مشيرا إلى عدم عودة الرئيس المصري حسني مبارك، والذي أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ولا ابنه، ولكن عاد ميزان قوتهما عبر الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
 
ورأى "سالم" أن المخلوع صالح خرج من المعادلة في وقت مبكر، بموجب المبادرة الخليجية وقرارات دولية أخرى، وهو الأمر الذي حدث مع نجله أحمد المشمول بعقوبات دولية كمعرقل لعملية التسوية السياسية في اليمن.
 
لكن ميزان قوة المخلوع صالح، ما يزال موجودا سواء من خلال حزب المؤتمر الشعبي العام بجناحيه (المؤيد للشرعية أو الانقلابيين)، وفق الباحث اليمني سالم.
 
إنهاك الانقلابيين
 
وحول الموقف السعودي من عودة صالح وأسرته للحكم، يذكر "سالم" أن السعودية ستستفيد من المخلوع ونجله ضمن الصراع الذي يهدف إلى إزاحة الحوثي، وستستخدم كذلك الأخير للتخلص من الأول.
 
وعن هدف الرياض من ذلك، يقول سالم إنها ستعمل على إنهاك طرفي الانقلاب، والإخلال بميزان القوة لديهما، قبل التفكير في الاعتماد على أي منهما للحكم مستقبلا.
 
التحالف والحد من طموح صالح
 
ويذكر الكاتب الصحافي وضاح الجليل أن طول أمد الحرب وفشل التحالف العربي والشرعية اليمنية في إنهاء الانقلاب، يعززان من الحديث عن عودة صالح وعائلته إلى الحكم.
 
إلا أن هذا الحديث -كما يؤكد وضاح الجليل لـ"الموقع بوست"- يتعمد الإشارة إلى نتائج حكم المخلوع صالح وجرائمه وحروبه وتحالفه مع الحوثيين، باعتبارها نتائج ثورة فبراير/شباط والمقاومة الشعبية، بالإضافة إلى اعتبار عودة صالح وعائلته للحكم الحل للخروج من مأزق الحرب، بصفتهما أصحاب حق مزعوم، ولا يستطيع اليمنيون إدارة شؤونهم إلا من خلالهم.
 
ويستأنف حديثه بالقول "إلا أن كل هذه الطموحات لا محل لها من الإعراب، فعندما خرج اليمنيون في ثورتهم العارمة، كانوا قد قرروا طي صفحة صالح تماماً، وما المقاومة الشعبية ورفض الانقلاب، إلا تعبيرا واضحا وصريحا عن الدفاع عن ثورة فبراير، واستبعاد لأي احتمال لعودته أو أحد أفراد أسرته إلى الحكم".
 
ويرى وضاح الجليل أن طموحات صالح بالعودة للحكم يمكن أن تستمر، إلا أنها لا يمكن أن تجد إمكانية على الأرض، ولن تؤدِّ محاولة فرضها على الواقع إلا إلى زيادة الصراع واستمرار الحرب.
 
ووفقا لوضاح الجليل، فهناك إمكانية محدودة لاستمرار صالح وعائلته كأحد مراكز النفوذ والقوى في حال الوصول إلى تسوية سياسية غير عادلة، ولا تحقق لليمنيين دولة ضامنة، وفي هذه الحالة لن يستطيع صالح وعائلته الحصول على أكثر مما يسيطرون عليه الآن.
 
وأشار في ختام حديثه إلى نجاح المقاومة اليمنية والحكومة الشرعية والتحالف العربي في الحد من طموحات صالح وعائلته بالهيمنة إلى حد كبير، حتى أصبح الانقلابيون لا يملكون على أكثر من فرصة للتفاوض.
 
الجدير بالذكر أن أحمد علي صالح تم إدراجه -وفقا للقرار الدولي 2216- على القائمة السوداء، باعتباره متورطا في أعمال تهدد الأمن والسلام في اليمن، وشملت العقوبات تجميد أرصدته وحرمانه من السفر إلى الخارج.
 
وهي العقوبات ذاتها التي تم فرضها من قِبل مجلس الأمن الدولي على المخلوع صالح، واثنين من القادة العسكريين الحوثيين، هما عبدالخالق الحوثي، وعبدالله الحكيم المعروف بـ"أبو علي الحاكم".


التعليقات