العودة للتوريث في اليمن.. إشاعة أم مشروع قادم؟ (استطلاع)
- خاص الجمعة, 21 يوليو, 2017 - 06:41 مساءً
العودة للتوريث في اليمن.. إشاعة أم مشروع قادم؟ (استطلاع)

[ المخلوع صالح ونجله أحمد ]

يقولون إنه بإمكانهم أن يتحملوا الجوع والنزوح والكوليرا، وأن يتحملوا مزيدا من الدماء التي سالت منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا، إلا شيئا واحدا لا يمكن أن يتحملوه، أو يقبلوا به، ولو لم يتبقَّ منهم إلا يمنيا واحدا على أرض الوطن، وهو عودة مشروع التوريث الذي عاد الحديث عنه خلال الأيام الماضية إلى الواجهة، والذي يروج له أنصار في حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح المخلوع علي عبدالله صالح)، والذي يقول اليمنيون إنه من المستحيل، ومجرد وهم.
 
الشارع اليمني والوسط السياسي بشكل عام، ربما كان له موقفه من التسريبات والإشاعات التي تكبر في مربع الانقلابيين فقط، وتتحول إلى سخرية في أوساط الشعب، ولدى كل الفصائل والتيارات والأحزاب السياسية.
 
الدكتور ياسين سعيد نعمان، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني سابقا، أحد الذين علقوا على هذه التسريبات والإشاعات بالقول: "كم يبدو حالنا مثيرا للشفقة ونحن نغرق في التسريبات التي تصدر من هنا وهناك من أن قرارات قد اتخذت بعودة فلان وزعطان -ممن دمروا هذا البلد وأذلوا أهله- إلى السلطة لقيادته مجدداً".
 
ويواصل نعمان والذي يعمل حاليا سفيرا لليمن في بريطانيا: "تتم هذه التسريبات بأسلوب جوبلزي خطير ليخاطب حالة الإحباط التي ضربت الناس في العمق بسبب حالة اللاحرب واللاسلم التي جعلت الجميع يتخبطون داخل حسابات مضروبة في مقدماتها ونتائجها. وكم نبدو على هامش الكون والعالم يتحرك من حوالينا في قمم عظمى ليقرر في مصير القضايا الكبرى المحددة بتأثيراتها على مستقبل هذا العالم ولا نرَ أنفسنا حاضرين، ولو من باب الشفقة والإنسانية أو التفاعل مع ما سال من دماء".
 
"الموقع بوست" استطلع رأي الشارع اليمني، والوسط السياسي والحقوقي، عن موقفهم من هذا الإشاعات وهذه التسريبات، وكان لهم تعبيرهم وحديثهم.
 
بقايا الأب
 
الشاب أحمد غيلان قال لـ"الموقع بوست": "من يطالبون بعودة أحمد علي، هم بقايا أبيه، لكننا منذ انطلاق ثورة الشباب السلمية الشعبية مطلع 2011، ونحن نطالب بعودته، ولكن كمجرم حرب يقدم للمحاكمة، كعدالة انتقالية، أما أن يعود ليحكمنا في الوقت الذي لا تزال قواته تلقي حمم الموت على أبناء تعز من الحوبان، فكلا وألف كلا".
 
ويضيف غيلان "من يطالب بعودته يجب عليه أولا أن يبعث الشهداء من قبورهم، ويطلب منهم السماح لقاتلهم بأن يحكم".
 
متابعا "الدماء لا تسقط بالتقادم، والشعب قال كلمته، والحرب أحدثت شرخا كبيرا في النسيج الاجتماعي سيصعب علينا تقبله ولو بعد ألف عام، ومن يطالب بعودة أحمد علي نقول لهم تلك أمانيكم التي لن تتحقق حتى يلج الجمل في سم الخياط".
 
من جهته يقول إدريس الطيار لـ"الموقع بوست": "صالح ونجله ارتكبا جرائم حرب في اليمن، وهناك من يحاول إيجاد مخارج لهما وآخر يحاول الترويح بالشائعات ويريد إعادتهما إلى واجهة السياسة والسلطة في اليمن، وإعادة أحمد علي للواجهة من جديد اليوم، وهم يحاولون إعادة ضبط المصنع من جديد، وتوريده كلسعة صالحة لليمن واليمنيين، فهذا أمر مستحيل بعد الدماء التي سفكت، والمدن التي تدمرت، والدمار الذي حل بالبنية التحية، والحرب التي اجتاحت البلاد طولا وعرضا، ودمروا كل شيء جميل وغالي ويروجون اليوم لعودته".
 
إشاعة لها توقيت
 
الصحفي اليمني توفيق الشرعبي في حديثه مع "الموقع بوست" قال: "معروف عن الشعب اليمني أنه من أكثر الشعوب تأثرا بالإشاعة وصناعة النكتة في أشد المواقف قتامة وضبابية، وزاد من ذلك اتساع رقعة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الواتساب والفيسبوك".
 
وإشاعة عودة أحمد علي للحكم كانت من أكثر الإشاعات تداولا في الفترة الأخيرة، ويعود ذلك إلى سببين في نظر الشرعبي: الأول أن مصدرها اختار التوقيت المناسب لها، خاصة وأن الناس بدؤوا يطالبون بوقف الحرب، والسبب الثاني عدم مبادرة الحكومة الشرعية في نفي هذه الإشاعة وهو ما دفع بالكثيرين إلى تصديقها.
 
ومن وجهة نظره، كانت هذه الإشاعة عبارة عن بالون اختبار لمن أطلقها، حيث يقول "صحيح إنها في البداية لاقت قبولا عند الناس الذين ملوا من الحرب، لكن بالمقابل بدأت أصوات كثيرة تتعالى رفضا لها".
 
نكتة سخيفة
 
ويذهب الناشط السياسي عمار علي أحمد في حديثه لـ"الموقع بوست" بالقول: "شائعة عودة أحمد علي التي نقلتها قناة الجزيرة نقلا عن صحيفة فرنسية ليست سوى نكتة سياسية سخيفة، لأن عودة أحمد علي حاكما لليمن مسألة لم يعد حتى والده المخلوع صالح يحلم بها اليوم، وأقصى ما يطرحه صالح لوقف الحرب هو رفع العقوبات عنه، وعن ولده، وعن أمواله، وضمان خروج آمن له أو بقاءه في الداخل، أما الحوثيون فأقصى ما يطرحونه لوقف الحرب هو التوافق على رئيس بدلا من هادي، وتشكيل حكومة جديدة، فهل يعقل أن يطرح التحالف صفقة سياسية مثل هذه في ظل هذا الضعف الكبير الذي وصل له معسكر الانقلابيين"؟
 
ويتابع عمار حديثه قائلا "علينا أن نتذكر أحمد علي بذاته كان في السعودية قبل عاصفة الحزم بأيام ليعرض عليها القبول بسيطرتهم على اليمن وانتصارهم على هادي والقوى الموالية له، ورفضت السعودية ذلك، بعد أن كانت جغرافيا اليمن بشكل شبه كلي تحت سيطرتهم، بل وحذرتهم من دخول عدن، وأن ذلك خطًا أحمر، ونفذت تهديدها وتدخلت، فهل يعقل أن تقبل بهذا العرض اليوم وقد أصبح 80 بالمئة من هذه الجغرافيا خارج سيطرة المخلوع وحلفائه وهو ما لا يستوعبه العقل والمنطق ولا الشارع ولا أي قوة سياسية كانت فاعلة أو غير فاعلة".
 
نفي الشائعة
 
الحكومة اليمنية والشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي كان لها ردها وموقفها من التسريبات المستمرة والإشاعات التي يروج لها جماعة حزب المخلوع صالح.
 
مدير مكتب الرئاسة عبد الله العليمي قال إن التسريبات التي تداولتها وسائل إعلام ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن عودة أحمد علي عبدالله صالح، تنبئ عن أزمة داخلية كبيرة يعيشها الانقلابيون.
 
وذكر في تغريدات على صفحته بموقع تويتر أنه "كلما يتعرض الفاشلون لهزائم -في إشارة لتحالف الانقلاب جماعة الحوثيين والمخلوع صالح- يبدؤون بإطلاق الشائعات".
 
وأوضح أن كثافة التسريبات الخادعة والأخبار الملفقة التي تتحدث عن أوهام العودة، تعكس نفسيات متأزمة، ومحاولة للاستعاضة عن الهزيمة.
 
وقال "أهدافنا واضحة وعزيمتنا قوية وإرادتنا في الوصول لإنهاء الانقلاب وحلم إقامة الدولة الاتحادية، أكبر من أن تنال منها الشائعات والتحالف أصدق وأوفى".
 
وأشار إلى أن "موقف الأشقاء في التحالف من عودة الشرعية واستعادة الدولة ثابت وراسخ ومحاولة النيل من موقفه وخصوصاً قيادته الوفية محاولة هزيلة وفاشلة ومكشوفة".
 
وقال المسؤول الرئاسي إنه "عندما نقول إن الدولة الاتحادية هي الحل فلأننا ندرك التعقيدات الكبيرة في الشمال والجنوب، وشعبنا قد دفع الكثير ثمناً للتجارب السياسية العقيمة، وأي فعل سياسي في إطار المرجعيات المتفق عليها فعل مرحب به وسيحظى باحترام الشعب واهتمام الدولة، وما دون ذلك فالشعب الذي تصدى للانقلاب كفيل بإفشاله".


التعليقات