إنعاش الحراك السياسي في تعز هل يصلح ما أفسدته الحرب؟ (تقرير)
- فخر العزب - تعز الثلاثاء, 25 يوليو, 2017 - 04:41 مساءً
إنعاش الحراك السياسي في تعز هل يصلح ما أفسدته الحرب؟ (تقرير)

[ استمرار حالة الحرب والدمار في تعز فرضت الحاجة لتفعيل العمل السياسي ]

 لا تزال الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح على تعز مستمرة في حصد الضحايا بعد ما يقارب العامين والنصف على اندلاعها، دون أن يستطيع أي طرف أن يحسم المعركة عسكريا ويضع حدا للحرب على المحافظة التي تعد الأكثر تضررا.
 
وتمتلك تعز خصوصيتها في حسابات جميع الفرقاء السياسيين، حيث يرى عدد من المتابعين أن قوات التحالف العربي -والتي تعد الحلقة الأقوى في اللعبة - لا زالت لها حساباتها الخاصة في التعامل مع تعز نتيجة تخوفاتها من التجاذبات السياسية والحزبية التي تشهدها المحافظة، مما زاد من تخوفات دول التحالف العربي التي باتت تشعر أنها بلا حليف محدد في تعز بإمكانها أن تثق فيه وتوكل إليه بالدعم المالي والعسكري الكافي لإنجاز عملية التحرير.
 
فلتعز خصوصيتها كونها المدينة الأكثر نشاطا في الحراك السياسي والمدني، كما أنها منطلق ومسقط رأس قيادات معظم الأحزاب اليمنية، ولاشك أن هذه الخصائص قد زادت من حجم التباينات والتجاذبات السياسية التي زادت من تخوفات دول التحالف.
 
ومع طول المعركة دون أن يستطيع أي طرف أن يحسمها لصالحه، فقد توصلت معظم الأطراف إلى ضرورة الحل والتسوية السياسية باعتبارها ضرورة لابد منها حتى في حالة الحسم العسكري، فلا يمكن أن يحصل الحل العسكري إلا وتتبعه تسوية سياسية تؤسس لمرحلة انتقالية جديدة وتؤسس للمستقبل.
 
ضرورة المبادرة السياسية
 
 يرى الصحفي محمد أمين الشرعبي أن الخطابات الإعلامية المتبادلة بين أطراف الشرعية والتى علت فيها نبرة التخوين والجدال والمهاترات الفارغة عملت على مدى سنة على تآكل الثقة بين القوى السياسية بتعز، وساعدت بشكل كبير في تأجيج الخلافات وتوسيع مساحة الافتراق، وهذا أمر مقلق ولا يخدم قضية تعز في المقاومة التحرير الكامل من حصار جماعة الحوثي وقوات صالح، فتدهور الوضع في تعز مخيف جدا ونتائجه مدمرة للجميع.
 
اقرأ أيضا: الاغتيالات في تعز.. مسلسل مستمر وفوضى مفتوحة
 
وأضاف "نحن نرى انهيار مختلف مؤسسات الدولة لحساب لافتات بديلة ليس لها علاقة بالدولة في كل المستويات وهذه كارثة، وأعتقد إذا وجد الشعور بخطورة الوضع ووجود النظرة السياسية بعيدة المدى لدى القوى السياسية لمآلات ما يحدث في تعز سوف يكون هناك حلول ناجزة لتدارك الوضع".
 
 ويعتقد الشرعبي -في حديثه مع "الموقع بوست"- أنه "حان الوقت لوجود مبادرات سياسية جادة وصادقة لإعادة روح الفريق الواحد إلى مختلف القوى السياسية في تعز من خلال الوقوف الصادق لوضع حلول لمختلف القضايا التي كانت سببا في خلق روح الاختلاف بين مختلف القوى السياسية".
 
محاولات حثيثة
 
وبدأت الأحزاب السياسية في تعز بمحاولات حثيثة لإحياء العمل المدني واستعادة دور الأحزاب السياسية، حيث بدأ هذا التوجه عن طريق التنظيم الناصري الذي قدم مشروع برنامج مرحلي للعمل المشترك للقوى السياسية والاجتماعية في محافظة تعز، بينما قدم التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي رؤى أخرى.
 
وحددت الرؤى أولويات ومهام أساسية للمرحلة مع الوسائل والإجراءات وآليات التنفيذ لذلك، وفق المرجعيات المتفق عليها، مشيرة في مضامينها إلى أن غياب الرؤية المشتركة للتعامل مع المرحلة وإدارتها أدى إلى الفشل في بناء المؤسسات وتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، والعجز عن توفير أبسط الخدمات.
 
وكانت السلطة المحلية والأحزاب السياسية في تعز عقدت في وقت سابق اجتماعاً موسعاً لتدارس أوضاع المحافظة بهدف الخروج برؤية موحدة وتشكيل جبهة عريضة لجميع القوي المؤيدة للشرعية، حيث ناقش المجتمعون ثلاث قضايا رئيسية تتمثل بقضية تحرير تعز، ومعالجة الحالة الأمنية واستقرار الأمن في تعز، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة.
 
وتسعى الأحزاب السياسية في تعز من خلال هذه الخطوات إلى تفعيل الحراك السياسي المدني في المحافظة بما يخلق اصطفافا واسعا يضم المكونات السياسية والاجتماعية المصطفة مع الشرعية والرافضة للانقلاب، كما تهدف إلى صناعة وخلق رؤية مشتركة للتعامل مع المرحلة وإدارتها بما يحقق تثبيت الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات ومعالجة الاختلالات، وبما يقضي على حالة الانقسام.
 
اقرأ أيضا: التعليم في تعز.. عبث ممنهج وشركاء تشاطروا تدميره
 
وتم تشكيل لجنة خاصة من المسؤولين السياسيين للأحزاب في تعز تقوم بدراسة المبادرات المقدمة من الأحزاب ومناقشتها وإثرائها بغرض الاتفاق على برنامج جامع لجميع القوى المؤيدة للشرعية والرافضة للانقلاب، بما من شأنه تفعيل الحراك السياسي في تعز وبما يحقق تحرير المحافظة واستعادة الدولة والقضاء على الانقلاب.
 
استشعار الخطورة
 
بحسب المحامي نجيب قحطان مدير مكتب الإعلام بتعز في -حديثه لـ"الموقع بوست"- فإن "تقديم هذه المبادرات من قبل المسؤولين السياسين للأحزاب السياسية في مدينة تعز يدل على استشعار هذه الأحزاب لخطورة الوضع الاستثنائي الذي يمر به اليمن عامة وتعز على وجه الخصوص بسبب الحرب العبثية التي أشعلها الانقلابيون، فالأحزاب السياسية في تعز تعتبر العمود الفقري الذي ترتكز عليه آمال وأمنيات 4 مليون نسمة ينتمون لهذه المحافظة في إنقاذ تعز من وضعها الغائم المعاش في الوقت الحالي والخروج بهذه المحافظة إلى بر الأمان".
 
ويرى قحطان أنه "على الأحزاب السياسية أن تكون عند حسن ظن المواطنين في الارتقاء بتحمل مسؤوليتها الوطنية في أهم مرحلة تعيشها المحافظة، وأن تترفع عن كل المشاريع الصغيرة الخاصة بها، وأن تجتمع فقط نحو مشروع تعز الجامع والشامل وذلك من خلال الالتقاء والارتقاء بالجلوس حول مائدة واحدة وفرز كل المبادرات للخروج برؤية موحدة تمثل تعز بكل أطيافها واتجاهاتها، ولا زلت على ثقة تامة بأن الأحزاب السياسية في تعز تمتلك زمام المبادرة لقيادة تعز والسير بها نحو الخلاص، فأحزاب تعز أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الانتصار لتعز من خلال خروجهم برؤية موحدة تحقق طموح كل أبناء المحافظة، وإما أن تفقد هذه الأحزاب آخر هوامش الثقة لدى المواطنين".


التعليقات