وجوه عديدة للخلاف بين صالح والحوثي.. من سينتصر أخيراً؟ (تقرير)
- صنعاء - خاص الخميس, 03 أغسطس, 2017 - 10:00 صباحاً
وجوه عديدة للخلاف بين صالح والحوثي.. من سينتصر أخيراً؟ (تقرير)

[ تأخذ تطورات الخلافات بين صالح والحوثيين العديد من المظاهر ]

دخلت العاصمة اليمنية صنعاء حالة توتر وقلق بالغين، بل حالة إرباك شديدة، خصوصا لدى حلفاء الانقلاب، وتؤكد مؤشرات كثيرة على أن هذا التحالف يعيش أوج فترة الصراع، وكل علامات الانهيار تبرز بين اليوم والآخر، إن لم تكن بين الساعة والأخرى.
 
الخلاف ليس وليد اللحظة، وانهياره كان أمرا متوقعا، لسبب بسيط أنه تحالف قائم على المصلحة والنهب والفيد لا على مصلحة وطنية وعامة.
 
إحلال اللجنة الثورية كان يؤكد اتساع الهوة بين شركاء التمرد والانقلاب، وينذر بتفاقم الصراعات بينهما ووصولها إلى طريق مسدود، كما هو اليوم تماما، حيث وصل إلى طريق مسدود وشارف على النهاية، وهي النهاية التي أشغلت كثيرين، وجعلتهم يذهبون نحو طرح العديد من التساؤلات عن كيفيتها وطبيعتها ومن سيقضي على الآخر؟ ما هي قوة وورقة كل طرف؟ وهل سيكون هناك صدامات؟ هذا هو السؤال الآن.
 
حالة من الإرباك
 
تقول مصادر سياسية في صنعاء لـ"الموقع بوست" إن الطرفين في حالة إرباك شديدة، خصوصا وأن هذا الخلاف الأخير يكاد يكون هو الحاسم في الافتراق، فالحوثيون الآن يحاولون الصمت ويحاولون التهدئة من جهة، ومن جهة ثانية يناقشون خيارات المواجهة وفق الأوراق التي يمتلكونها الآن سياسيا وعسكريا.
 
اقرأ أيضا: مجلس النواب أزمة جديدة أم مقدمة للحل في اليمن
                                                 
لدى صالح الآن ورقة يبدو أنه سار في استخدامها، وهي ورقة البرلمان، الورقة التي يراها صالح مناسبة له الآن للقضاء على شريكه الحوثي، وصار مقتنعا تماما أن هذا الطرف لم يعد فيه أي مؤشر للتراجع عن مغامراته، وأنه بعد ان أصبح مسيطرا على المؤسسات الإيرادية صار يفكر بالتهام كل من حوله والقضاء على شركائه.
 
مثلت مبادرة مجلس النواب التي تقدم بها صالح نقطة تحول في هذا التحالف، وها هي الآن تتوالى التطورات بشكل أكبر وتأخذ بعدا إقليميا ودوليا.
 
ما تتحدث عنه المصادر السياسية في صنعاء، هو أن الصمت الذي التزمه الحوثيون، كان ناتجا عن تقدير مفاده أن صالح وبمبادرته في مجلس النواب ربما يناور ويلعب على ورقة الوقت، ولكن بعد إعلان السفير الأمريكي الأحد الماضي قبول حزب المخلوع صالح بمبادرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ولد الشيخ أحمد ولّد لدى الحوثيين مخاوف كبيرة وجعلهم يفكرون بجدية نوعا ما في مواجهة الأمر.
 
اقرأ أيضا: بعد عامين من الحرب.. الحوثيون يستهدفون مكة بصاروخ باليستي.. ما دلالة ذلك؟
                                 
تسليم موانئ اليمن والحديدة للأمم المتحدة عبر مبادرة مجلس النواب، ربما أكثر نقطة أزعجت الحوثيين، وتسليم ميناء الحديدة بالنسبة لمليشيا الانقلاب، هو القضاء على كل مصادر دخلهم ونهبهم للإيرادات، فالحوثيون وكما تقول معلومات إن همهم صار يتعلق باستمرار سيطرتهم على المؤسسات الإيرادية وعلى قطاع النفط والغاز، ولهذا ردوا على المقترح ووصفوه بغير المقبول، بل هو خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الشعب بعد صمود دام أكثر من عامين.
 
صالح الذي رعى هذه المبادرة ووافق على هذا المقترح المقدم في مبادرة ولد الشيخ، هو نفسه من قال: الحديدة أبعد من عين الشمس عليهم (يقصد التحالف العربي).
 
فما الذي تغيّر يا تُرى؟ سؤال حير قادة المليشيات وجعلهم يذهبون نحو القول بأن هناك مؤامرة تحاك ضدهم وأن مصيرهم صار مهددا بشكل كبير.
 
التحضير للفوضى
 
تتهم مليشيا الحوثي صالح بالتحضير للفوضى في يوم 24 أغسطس يوم ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، حيث يقول بعض مناصري المليشيا بأنه بعد تصريح السفير الأمريكي فإن 24 أغسطس هو يوم الفوضى المؤتمرية برعاية دول التحالف.
 
ويؤكدون بأن هناك من يحاول صرف الناس عن معركتهم في الحدود وفي المخا وصرواح وميدي وغيرها من جبهات القتال نحو معركته الخاصة التي يحاول من خلالها إعادة تسويق نفسه كعميل أفضل، ويشيرون إلى صالح ويتهمونه بأنه من يقف وراء هزيمتهم في مدينة المخا وفي معسكر خالد بن الوليد.
 
ومن هذا المنطلق، تقول معلومات إن مليشيا الحوثي تقول إن المسالة دخلت مرحلة الجد هذه المرة بينهم وبين صالح ولم يعد أمامهم الآن إلا الاستعداد لمواجهة ذلك، ولكن كيف؟
 
ويرى موالون للمليشيات بأن تصريح السفير الأمريكي كشف لعبة المؤتمر بوضوح إذ يتضح الآن وبما ليس شكا ولا تحليلا أن الهدف من الحشد المؤتمري يوم 24 أغسطس ليس إلا حشدا للتحالف، وتأييدا ومباركة لمبادرة الخيانة والتآمر، وتسليم اليمن للوصاية الخارجية وتمريرها على القوى الوطنية في مقدمتها الحوثيين.
 
اتهامات متبادلة
 
الخلافات اليوم في أعلى مستوياتها، وقد انتقلت من وسائل الإعلام إلى المؤسسات، وصولا إلى القيادات الكبيرة، فقد اتهم زعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي، حزب صالح بالخيانة والفساد، وفي المقابل اتهم أنصار صالح الحوثيين بالفساد والولاء لإيران، بينما انضمت اتهامات من قبيل "خيانة البلاد والتورط بالفساد" ضمن أحدث الاتهامات الموجهة لحزب علي عبدالله صالح، على لسان زعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي.
 
واتهم الحوثي أيضا حزب "المؤتمر الشعبي"، بالاهتمام بقوائم الانتخابات الحزبية والإساءة إلى ميليشيات الحوثيين، على حساب التركيز على المعارك الدائرة ضد قوات الشرعية.
 
اقرأ أيضا: ثلاثة أخطاء يستغلها الانقلابيون في اليمن لإطالة أمد الحرب
 
وأثرت هذه الخلافات بشكل واضح على نفسيات العديد من القيادات وأنصار الطرفين، ثم تطور الشقاق بين الحليفين الانقلابيين، وانتقل من مرحلة تبادل الاتهامات إلى تبادل التهديدات بالتصفية، وانسحبت هذه التوترات المشحونة بالوعيد المتبادل على وسائل الإعلام التابعة لكلا الجانبين.
 
وبالتمعن أكثر، ووفقا لمراقبين، فانه من غير المستبعد أن يكون صالح نفسه من سعى -بشكل أو بآخر- لافتعال خلافات مع الحوثيين، تمهيداً منه لإيجاد مناخ للتفاوض مع التحالف العربي وتحديداً مع السعودية، وصناعة مبرر أمام الرأي العام لينكث بتحالفه مع الحوثيين في حال وجد فرصة بديلة مع السعودية تضمن له انسحاباً مُرضياً يحفظ له ماء الوجه.
 
تباين واختلاف
 
 لا يمكن إنكار وجود شقاق فعلي بين صالح والحوثيين نابع من تباين الخامة السياسية والتنظيمية ومعادلة المصالح بينهما، لكن رغم ذلك، لا يمكن تجاهل وجود أكثر من علامة استفهام حول ما الذي يحمل صالح على تحمل كل تلك اللكمات المتكررة من مليشيا الحوثي، والاكتفاء بترويجها إعلامياً من خلال وسائل الإعلام التابعة له، مع أن المتتبع لسلوك صالح السياسي يعرف أنه ليس من عادته مطلقاً الاعتراف بالأمور التي تمس هيبته وهيبة حزبه، بل على العكس تماماً، يحاول أن يتظاهر بالصلابة والحزم، حيث إنه ما يزال إلى اليوم يرفض الاعتراف أنه تنحى مكرها عن السلطة التي من أجلها جاء بالحوثيين وسلمهم مفاتيح البلاد.
 
يطرح سياسيون أن إلحاح صالح على التفاوض صار أمرا وشيكا، وما يجعل هذا الاحتمال وارداً، أن صالح بدا هذه المرة أكثر إلحاحاً في طلب التفاوض مع المملكة العربية السعودية، ويبدو أن صالح يدرك أنه لكي يحدث ذلك التفاوض لابد من تهيئة المناخ الملائم على الأقل، ومن المستحيل أن يكون ذلك المناخ ملائماً في ظل شراكته القوية مع الحوثيين، وهو ما بدا واضحاً في خطابيه الأخيرين اللذين حمل فيهما على مليشيا الحوثي في المقابل إعلان استعداده للحوار في أي مكان يحدده التحالف، ملمحاً في الوقت نفسه بالتخلي عن الحوثيين وتقديمهم قرباناً للتحالف.
 
اقرأ أيضا: ما وراء تصعيد الانقلابيين في مدينة المخا بتعز؟      
 
 فضلاً عن ذلك، وحسب مراقبين، فهو يُجمِّل صورته المحطمة لدى الرأي العام المحلي، الذي ضاق ذرعاً من الوضع الكارثي الذي تسبب به انقلاب الحوثي - صالح، وخلق حالة من السخط الشعبي ينذر بانفجار ثوري في أي لحظة، بعد أن أصبح على يقين تام أن مليشيا الحوثي هي من جرت البلاد إلى المستنقع الآسن، وأنه يجب أن تجتث من المشهد السياسي اليمني، وبالتالي فصالح عندما يروج تلك الخلافات العارضة إعلامياً، فهو يقول بطريقة غير مباشرة لليمنيين الغاضبين من سياسة الانقلاب: انظروا... الأمر بيدهم، هم السبب بالتأكيد، حتى أنا غاضب عليهم!
 
يقول مراقبون سياسيون لـ"الموقع بوست" عن الخلافات الراهنة بين حلفاء الانقلاب، وعن إمكانية من سينتصر على الآخر: سيغرقان معا أو أن أحدهما سيغرق الآخر وينجو.
 
فالضغوط الداخلية والخارجية تزداد وسيتضح هذا الأمر بعد فعالية 24 أغسطس للمؤتمر الشعبي العام، والشرخ الآن يتسع بينهم سياسيا وتحالفيا والصدام سيكون آخر تفكيرهم، والتطورات القليلة القادمة هي من ستحدد المحطة النهائية لهذا التحالف.


التعليقات