تغيير المقدشي.. الإطاحة بحقبة عسكرية بالغة التعقيد في الجيش اليمني
- خاص الثلاثاء, 05 سبتمبر, 2017 - 03:06 صباحاً
تغيير المقدشي.. الإطاحة بحقبة عسكرية بالغة التعقيد في الجيش اليمني

[ العقيلي يعد ثاني ضابط يتولى رئاسة هيئة الأركان خلال العامين الأخيرين ]

أطاح قرار جمهوري للرئيس عبدربه منصور هادي باللواء الركن محمد علي المقدشي من منصبه كرئيس لهيئة الأركان العامة للجيش اليمني وتعيين العميد ركن د. طاهر علي عيضة العقيلي رئيساً لهيئة الأركان العامة مع ترقيته إلى رتبة لواء.
 
يعد العقيلي ثاني ضابط في الجيش يتولى هذا المنصب في ظل الظروف التي تعيشها اليمن، وحالة الحرب التي تخوضها البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام، مع الجانب الانقلابي ممثلا بمليشيا الحوثي وقوات صالح المتحالفة معها.
 
تدرج المقدشي في مواقع عسكرية كثيرة إبان فترة حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبعد الثورة الشعبية جرى تعيينه قائدا للمنطقة العسكرية السادسة في العاشر من أبريل/نيسان من العام 2013، وظل فيها حتى الـ12 من يوليو/تموز 2014، حين جرى إقالته وتعيين اللواء الركن محمد الحاوري خلفا له.
 
عند انطلاق عملية "عاصفة الحزم" العسكرية في اليمن من قبل التحالف العربي في العام 2015، جرى تعيين المقدشي رئيسا لهيئة الأركان العامة في الجيش اليمني، وهي المهمة التي ظل فيها، ومثّل خلالها الرجل الأول في الجيش، خاصة مع عدم تعيين الشرعية وزيرا للدفاع رغم التغييرات المستمرة في رؤساء وأعضاء الحكومة اليمنية المتعاقبة.
 
تولى المقدشي رئاسة هيئة الأركان في وقت لم يعد فيه أي تواجد للجيش اليمني، بعد الحرب التي قادتها المليشيا الانقلابية ونهبها لمعسكرات الجيش، وعزلها للضباط المؤثرين فيه، وإخضاع كافة الوحدات العسكرية في المناطق التي وصلتها لتصرفها وأهدافها.
 
وبالتزامن مع انطلاق العمليات العسكرية الجوية للتحالف العربي، بدأت الحاجة تلح في ضرورة إنشاء قوات عسكرية يمنية تكون مساندة ميدانيا في المعارك التي يخوضها التحالف العربي ضد الانقلابيين.
 
كانت مناطق حضرموت ومأرب هي الجغرافيا المناسبة لإنشاء النواة الأولى لما بات يعرف لاحقا بالجيش الوطني، فقد عمل المقدشي مع ضباط آخرين في الجيش على إنشاء وتشكيل وحدات عسكرية، من مجندين جدد، ومن الجنود والضباط السابقين الذين تمكنوا من تجاوز المليشيا والانتقال إلى الجيش المؤيد للشرعية.
 
تشكلت الكثير من الوحدات العسكرية، وتوسعت بشكل كبير، وكان لذلك تأثيرا إيجابيا في الجانب الميداني، رغم الأخطاء والقصور الذي هيمن على أدائها.
 
وخلال فترة الحرب تحول المقدشي إلى حلقة الوصل بين قيادة قوات التحالف العربي المساند للشرعية، والقيادة العليا للجيش اليمني، وقيادات الألوية الميدانية، وهو ما جعله محور الاهتمام، وشخصية عسكرية تلم بالكثير من أسرار وخفايا الحرب، وتفاصيلها اليومية، ورجالها المؤثرين.
 
وعلى الرغم من تلك الخطوات، فإن قرار الإطاحة بالمقدشي يعكس العديد من الدلالات والمؤشرات التي تتعلق بالماضي، وبالمستقبل أيضا.
 
فخلال الفترة الماضية تم تحميل رئاسة هيئة الأركان المسؤولية عن الضربات الجوية الخاطئة التي أوقعت العديد من الضحايا، ونالت من سمعة التحالف العربي، وجعلته مادة للصحافة الدولية والمنظمات الحقوقية حول العالم.
 
كما طالت المقدشي العديد من التهم حول قضايا الفساد المالي في الجيش، وتعيين أقاربه في مفاصل حساسة، وتغييب الكوادر المؤهلة، ولعل التقرير الأخير الذي نشر قبل أيام كان مقدمة لقرار الإطاحة به، فقد اشتمل التقرير على معلومات حساسة جرى تسريبها للرأي العام، وتضمن معلومات وتفاصيل دقيقة، من داخل أروقة الجيش.
 
وخلال توليه لرئاسة هيئة الأركان، تعرض الجيش اليمني للنزيف في قيادات الصف الأول، كاللواء عبدالرب الشدادي، وأحمد سيف اليافعي، والعميد أحمد الأبارة، وغيرهم من القيادات التي فقدها الجيش، وهو في أمس الحاجة إليها، وهي مسؤولية لا يمكن تحميلها لشخص المقدشي، لكنه حتما يعرف الكثير من ألغاز وخفايا تلك العمليات.
 
بالنسبة لعملية التقدم الميداني للجيش خلال فترة المقدشي، خصوصا في جبهة نهم، فقد طالها أيضا العديد من الاتهامات بالتقاعس والتباطؤ، لكن ذلك لا يعود لسياسة المقدشي، بل للعمليات العسكرية للجيش الوطني برمتها، والتي لا تنفصل عن سياق التوجهات العامة لقيادة قوات التحالف العربي.
 
وفي كل الأحوال فالإطاحة بالمقدشي لا تتعلق بشخصه بل بحقبة كاملة مليئة بالأسرار والتفاصيل لأشرس وأهم حرب تعيشها اليمن خلال السنوات الأخيرة.
 
ويبقى التساؤل هنا عن إمكانية حدوث تغيير في مجرى الحرب، وأداء القوات المسلحة اليمنية تحت قيادة رئيس هيئة الأركان الجديد، أم إن الوضع سيظل في نفس الدائرة.
 
لا يحتاج الأمر إلى المراهنة لمعرفة الإجابة، فالأيام القادمة ستكشف الكثير.


التعليقات