في ظل ارتفاع معاناة المواطنين.. إيرادات شهرية بمليارات الريالات تجنيها سلطات الانقلاب (تقرير)
- صنعاء - خاص الثلاثاء, 19 سبتمبر, 2017 - 05:06 مساءً
في ظل ارتفاع معاناة المواطنين.. إيرادات شهرية بمليارات الريالات تجنيها سلطات الانقلاب (تقرير)

[ ميناء الحديدة لوحده يدر المليارات شهريا ]

تفاجأ المواطنون في العاصمة صنعاء بارتفاع مفاجئ وكبير لسعر اسطوانة الغاز المنزلي (الكيروسين) مع تزايد دعوات الجماعة الحوثية لضرورة زيادة الدعم المالي لجبهاتها القتالية.
 
وارتفع سعر اسطوانة الغاز من 4400 ريال حتى وصل سعره مساء أمس السبت 5500 ريال (فارق 1100)، في حين تقول أنباء غير مؤكدة إن سعره قد يرتفع إلى نحو 6000 ريال. 
 
قطاع واسع من اليمنيين عبروا عن سخطهم واستيائهم الشديد من هذا الإجراء الذي اتخذته سلطات الانقلاب، غير مكترثة بما يقاسيه المواطنون من عناء غير مسبوق جراء انقطاع المرتبات والمستحقات المالية ولمدة تزيد عن عام كامل، بينما اختار آخرون توجيه خطابهم إلى قيادة الشرعية بمأرب بإيقاف بيع الغاز للانقلابيين ما لم تتخلَّ المليشيا عن جرعتها السعرية الجديدة.
 
من الجدير ذكره أن السلطات التابعة للحكومة الشرعية بمحافظة مأرب (شرق اليمن) تقوم ببيع اسطوانة الغاز للحوثيين بمبلغ قدره 1050 ريالاً، أي أن المليشيات كانت تبيعه في أسواقها بأربعة أضعاف قيمة الشراء سابقاً، واليوم صارت تبيعه بما يزيد عن خمسة أضعاف التكلفة الحقيقية.
 
هذه الخطوة هي واحدة من مئات الخطوات والإجراءات التي تتخذها سطات الانقلاب في صنعاء في التصرف بإيرادات الدولة، واتخاذ قراراتها وإجراءاتها المجحفة بحق المواطن اليمني الذي تقوم سلطات الانقلاب بتجريعه جرع سعرية يومية مضافة إلى أسعار السلع الأساسية أبرزها النفط والغاز، ورغم ذلك لم تلتزم المليشيات بدفع رواتب الموظفين الذين شارفوا على انتهاء عام كامل من الحرمان من الراتب.
 
33 مليار عائد شهري من الغاز
 
على مستوى قطاع الغاز والمشتقات النفطية، والفساد الذي يمارس، يقول الخبير النفطي اليمني الدكتور محمد الزوبة، إن سلطات صنعاء تستلم يوميا من شركة صافر بمأرب حوالي 18 قاطرة من مادة الغاز المنزلي شبه مجان، وتقوم ببيعها للمواطنين بسعر يفوق السعر العالمي بأضعاف.
 
ويؤكد الزوبة، في حديث سابق له بالنسبة لمادة الغاز المنزلي، بأن شركة صافر في مأرب بتقديم هذه المادة بالمجان تقريباً، وتصرف لشركة الغاز في صنعاء المحكومة لسلطات صنعاء بسعر يصل إلى 4 آلاف ريال لكل اسطوانة، في حين هي شبه مجانية.
 
وقدر الخبير النفطي ما تجنيه سلطات صنعاء من بيع الغاز المقدم شبه مجان لها من شركة صافر في مأرب بمبلغ 100 مليون ريال يمني يومياً.
 
ولفت الزوبة إلى مبلغ المليار والمائة مليون ريال الذي يُحصل يوميا من الفوارق سالفة الذكر لو تم توجيهها لصرف رواتب موظفي الدولة فإنها ستغطي جزءا كبيرا منها، حيث إن العائد الشهري يصل إلى حوالي 33 مليار شهريا.
 
وحسب الخبير الزوبة، وحيال الحديث عن أسعار النفط العالمية لا يتجاوز سعر صفيحة البنزين والديزل وبحسب السعر العالمي 1500ريال يمني وهذا بنزين ممتاز 92 خالي من الرصاص. في حين أن سلطات صنعاء تبيعه بسعر يتراوح ما بين 3500 إلى 5 آلاف ريال، وهو ما يعني استيلاء سلطات صنعاء على مبلغ مليار ريال يوميا كفارق سعري غير طبيعي يكلف المواطن اليمني أعباءً كثيرة على كاهله في هذه الظروف الصعبة.
 
60 مليارا يمنيا إيرادات شهرية 

كثيرة هي القطاعات التي تسيطر عليها مليشيات الانقلاب في صنعاء، وتعتبر قطاعات حيوية ومليئة بالإيرادات بل وتعتبر من القطاعات التي كانت مصدرا رئيسيا في دفع مرتبات اليمنيين وفي اقتصاد الدولة، والملفت اليوم أن مليشيا الانقلاب لم تسيطر فقط على تلك الإيرادات، بل سعت نحو فرض سياسات جديدة وفرض قوانين تضاعف الإيرادات في معظم القطاعات، خصوصا قطاعي الغاز والمشتقات النفطية.
 
يقول صحفي مهتم بشؤون الاقتصاد اليمني -طلب التحفظ على اسمه في حديثه لـ"الموقع بوست"- "بحسب معلومات مؤكدة، فإن الإيرادات الشهرية التي تصب في خزينة تحالف الحوثي وصالح، تبلغ حوالي 60 مليار ريال، وهي موارد تتدفق من فوارق بيع المشتقات النفطية بمبلغ يقدر بحوالي 30 مليار ريال شهريا، وبقية مبلغ الـ60 مليار ريال تتدفق من الضرائب والجمارك والاتصالات وغيرها".
 
ويشير إلى أن أنور العامري، الناطق الرسمي باسم شركة النفط اليمنية، والذي ظل لفترة ينكر ويحذر من القول إن فوارق بيع المشتقات النفطية تصل شهريا إلى حوالي 30مليار ريال، ولكنه بعد رفع الخبير النفطي بلاغا وقضية للنائب العام بالقضية وطالب بمحاسبة شركة النفط وقيادات تحالف صالح والحوثي، بعد ذلك تغير موقف العامري، وأكد صحة المبلغ، أي 30 مليار ريال هي فوارق بيع المشتقات النفطية في الشهر.
 
ويتابع حديثه لـ"الموقع بوست": "من واقع تقارير صادرة عن تحالف صالح والحوثي، فإن الموارد التي يتحصل عليها هذا التحالف من القطاعات والموارد المتاحة، هي كالتالي: حوالي 30 مليار ريال شهرياً من فوارق بيع المشتقات النفطية، إضافة إلى فوارق وحصة الغاز المنزلي المتدفق من مأرب إلى صنعاء وتمثل حوالي 3 مليارات ريال في الشهر، والاتصالات مبلغ ملياري ريال شهرياً، والضرائب العامة والجمارك تتراوح ما بين 8 إلى 10مليارات في الشهر، ومن المضاربة بالعملات الأجنبية حوالي مبلغ مليارين إلى 3 مليارات ريال شهرياً، وعمولة شهرية على المشتقات النفطية تذهب لمصلحة الجمارك ما يقارب ملياري ريال شهريا (خمسة ريالات على كل لتر بنزين/ديزل)، وهذا أحدث خلاف بين الجمارك التي أقرت مبلغ خمسة ريالات وشركة النفط التي تريد فرض مبلغ 10ريالات وتحويل المبلغ لصالحها. أضف إلى ذلك عوائد النقل والتي تصل شهرياً لحوالي مليار ريال، وموارد أخرى متنوعة تصل إلى حوالي مليار ونصف المليار ريال بالشهر".
 
وبذلك يكون إجمالي الموارد الشهرية التي تتدفق إلى حسابات خاصة بتحالف الحوثي وصالح، حوالي 52.5 مليار ريال، وذلك وفقاً لاحتساب المتوسط الأعلى للموارد المتدفقة، وهذا مبلغ يغطي رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف الحوثي وصالح، طبقا للصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي.
 
إيرادات ميناء الحديدة 9 مليارات
 
يعتبر قطاع الجمارك من أهم القطاعات بالنسبة لموارد الدولة، وهذا القطاع الذي سيطرت عليه مليشيات الانقلاب، تمارس فيه المليشيات فسادا مهولا، وتقوم باستغلال الإيرادات والعائدات التي تقوم باستلامها من ميناء الحديدة وعدم توريدها إلى خزينة الدولة إو البنك المركزي سواء في صنعاء أو عدن.
 
"الموقع بوست" وفي إطار تتبعه لما يدور في إطار هذا القطاع، حصل على وثيقة صادرة من جمرك ميناء الحديدة، تكشف حجم الإيرادات الجمركية من جمرك الميناء خلال شهر يوليو/تموز 2017.
 
وتؤكد الوثيقة المؤرخة بتاريخ 30 أغسطس/آب 2017، والموجهة من مدير الجمرك إلى الموظفين أن ايرادات الجمرك خلال شهر يوليو/تموز 2017، بلغت 9 مليارات و300 مليون و913 ألفا و965 ريالا، منها 8 مليارات و600 مليون ريال وردت نقدا.
 
وتكشف المذكرة عن وجود إيرادات تمكن حكومة الإنقاذ من دفع مرتبات الموظفين والتي تماطل في دفعها، رغم التزامها قبل أكثر من 4 أشهر أمام البرلمان بدفعها.
 
إيرادات الضرائب
 
على مستوى الضرائب، يكشف مستشار مصلحة الضرائب عبدالكريم حمود القزحي، في حديث على صفحته بموقع فيسبوك، وهو عضو جمعية المحاسبين القانونيين، بأن مصلحة الضرائب قادرة في الظرف الحالي على تحقيق إيرادات سنوية تجاوز الترليون ريال وتنهي أزمة الرواتب ونفقات الدولة الضرورية، إذا ما تم إجراء تدوير وظيفي ينتزع قيادات النافذين فيها، ويزيح أيدي الفساد، والعبث ووكلاء كبار المكلفين، ومتوسطيهم الجاثمين على الملفات داخل الإدارة التنفيذية بكل مراحلها ويستغل كل الطاقات والكوادر الفنية المتاحة بما فيهم المجمدون منذ سنوات في مجلس المصلحة والمكتب الفني والمجمدون من كوادر الإدارة التنفيذية بكبار المكلفين ومكاتب المحافظات والفروع، والذين تتجاوز نسبتهم 50 من الطاقة الكلية لمصلحة الضرائب واعادة الترتيب للمصلحة ومكاتبها في ضوء المؤهلات والقدرات الفنية بل وإعادة النظر في الهيكلة بإلغاء أو تعديل هيكلة بعض المستويات من إدارات عامة وإدارات وأقسام لا تضطلع أو تؤدي مهاما ذات أهمية وإنما تم تفصيلها لإرضاء قيادات أو لتجنيب كوادر عن المشاركة في العمل التنفيذي لتطبيق القوانين والمضي في خطة وبرامج شجاعة وفاعلة.
 
الإيرادات ضمن التراشق بين الحوثي وصالح
 
حضرت الإيرادات العامة للدولة في التراشق الذي استعر بين مليشيات الحوثي وبين حزب المؤتمر الشعبي العام خلال الأسابيع الماضية. فالطرفان اللذان يتفقان على أن قرابة الـ70% من إيرادات الدولة خرجت عن سيطرة صنعاء بسبب الحرب والحصار، تبادلا الاتهامات حول نهبها والتصرف بها.
 
تساؤلات كثيرة طُرحت حول مصير إيرادات الضرائب والجمارك. تساؤلات قوبلت برد الأجهزة الحكومية المختصة بأن تلك الإيرادات بلغت قرابة الـ45 ملياراً. إلا أن المشكلة التي تواجهها وزارة المالية في حكومة الإنقاذ ليست بالكم، إنما بنوع تلك الإيرادات بين نقدية وشيكات.
 
وفي هذا الإطار، طالب الأمين العام لحزب المؤتمر، عارف الزوكا، بمعرفة مصير إيرادات الدولة التي قال إنها تأتي من وزارات تابعة لـ"المؤتمر" في حكومة الإنقاذ، ليأتي الرد سريعاً من قبل الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، بأن المطالبة بمعرفة أين تصرف الإيرادات مردودة على "المؤتمر" على اعتبار أن الوزارات الإيرادية كافة محسوبة عليه. وشدد عبدالسلام، في سياق رده على الزوكا، على ضرورة تقديم كشف عام يبين حجم الموارد وأين ذهبت.
 
وكشفت لجنة حكومية عن وجود 4 آلاف و282 حساباً مفتوحاً خارج البنك المركزي لأكثر من 170 جهة حكومية، بأرصدة بلغت قيمتها 181.9 مليار ريال، لم يتم نقل شيء منها سوى ملياري ريال.
 
مكاشفة رقمية
 
في سياق المكاشفات الرقمية، عقد وزير الاتصالات المحسوب على "المؤتمر"، جليدان محمود جليدان، مؤتمراً صحافياً قال فيه إن إيرادات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات دعمت خزينة الدولة بشكل مباشر بمبالغ مالية كبيرة، مشيراً إلى أن ما تم توريده لخزينة الدولة، خلال الفترة بين ديسمبر 2016 ويوليو 2017، بلغ 98 مليار ريال.
 
إلا أن وزير المالية، صالح شعبان، الذي يتهمه "المؤتمر" بعرقلة صرف رواتب موظفي الدولة، أكد أن إجمالي المبالغ والشيكات التي وردتها وزارة الاتصالات للحزينة العامة بلغت 64 ملياراً و76 مليون ريال، وليس 98 ملياراً، بنقص يبلغ 34 مليار ريال عن المبلغ الذي صرح به وزير الاتصالات، منها 34 ملياراً و76 مليون ريال وردتها الاتصالات حتى 21 أغسطس 2017. وأضاف شعبان أن "الشيكات التي وردتها وزارة الاتصالات تبلغ 30 مليار ريال، وتعتبر نقلاً من رصيد إلى رصيد، وبالتالي لا يمكن التصرف بها".


التعليقات