في اليوم العالمي للمعلمين.. أعوام حافلة بالعقبات والمعاناة في اليمن (تقرير)
- وئام عبدالملك الخميس, 05 أكتوبر, 2017 - 08:08 مساءً
في اليوم العالمي للمعلمين.. أعوام حافلة بالعقبات والمعاناة في اليمن (تقرير)

[ 800 ألف موظف حكومي في محافظات الشمال لم يتفاضون رواتبهم منذ نقل البنك المركزي إلى عدن ]

يعيش اليمنيون -بينهم المعلمون- في ظل ظروف معيشية واقتصادية وأمنية صعبة، جراء استمرار الحرب التي ستدخل عامها الثالث في مارس/آذار المقبل.

 وتحتفل مختلف الدول باليوم العالمي للمعلمين، الذي أحيته اليوم الخميس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، تحت شعار "تعزيز حرية التدريس، وتمكين المعلمين".

وسلط الاحتفال هذا العام على الأهداف التي أعقبت اعتماد أهداف التنمية المستدامة الجديدة في سبتمبر/أيلول 2015، منها تمكين المعلمين التي أعيد تأكيدها كأولوية قصوى في جميع إستراتيجيات التعليم والتنمية.

وتهدف اليونسكو إلى لفت الانتباه إلى أوضاع المعلمين، والظروف التي يعملون فيها، وزيادة الوعى بقضاياهم، والحرص على أن يكون احترام المعلّمين جزءاً من النظام الطبيعي للأمور، نظرا للدور الكبير الذي يقوم به المدرسون كونهم يشكلون الركيزة الأساسية في أي مجتمع يسعى إلى التطوير.

ويتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى الـ20 لاعتماد المؤتمر العام لليونسكو، عام 1997، لتوصية اليونسكو بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي.

لكن المعلم اليمني الذي كان يشارك الدول بهذا الاحتفال، بات اليوم بعيدا كل البعد عن مجرد التفكير به، فالكثير من الأمور الأخرى تشغل تفكيره خاصة أنه أصبح عاجزا عن توفير لقمة العيش التي تضمن بقائه وأسرته على قيد الحياة.

واقع مأساوي

وتتذكر هذا اليوم الأستاذة أروى إسماعيل بحسرة، وتقول "كان الطلاب سنويا يحتفلون بهذا اليوم ويتم تكريم المعلمين تقديرا لجهودهم، وهو ما يقوم به أيضا مكتب التربية والتعليم بالمحافظات".

لكن كل ذلك لم يعد يحدث، فالمدرس -بحسب أروى التي تحدثت لـ"الموقع بوست"- أصبح نازحا أو غير قادر على دفع أجرة المواصلات للوصول إلى مقر عمله.

وتضيف "نتألم كثيرا على الطلاب الذين تأثروا بسبب الأوضاع التي فرضتها الحرب، فقد تدهور مستواهم العملي كثيرا، نتيجة لعدم تدريسهم كما كان في السابق سواء من حيث المدة الزمنية أو المعلمين، فضلا عن عدم قدرة بعض الأهالي على تدريس أبنائهم".

وأشارت في ختام حديثها إلى أوضاعهم المادية الصعبة، التي جعلت البعض منهم يعملون في مهن أخرى، أو الالتحاق بالجامعات للتدريس فيها وحتى في المدارس الخاصة برغم الأجور الزهيدة التي يحصلون عليها.

عقبات

بدوره ذكر الأستاذ محمد نعمان، أنهم يفتقروا للتأهيل الذي كانوا يحصلون عليه قبل الحرب، عن طريق الدورات التدريبية التي تقوم بها الجهات المعنية بالأمر.

وتابع -في تصريحٍ لـ"الموقع بوست"- "أدت مشاركة كثير من المتطوعين في التدريس إلى تدني مستوى الطلاب، نتيجة لافتقار أولئك للخبرات الكافية، وتدريسهم المناهج في ظل عدم توفر المناهج الدراسية لجميع الطلاب، والتدريس في المساجد في بعض المناطق، وذلك يجعل المعلم أمام عقبة كبيرة لاحقا".

واستدرك "لكن الاستعانة بالمتطوعين كان الحل الأمثل في هذا الوضع الصعب، واستطاع الطلاب أن يواصلوا تعليمهم بدلا من حرمانهم من حقهم بالحصول عليه".

ويتمنى نعمان أن تستمر الحكومة الشرعية بدفع رواتبهم بشكل مستمر، حتى يستطيعوا العيش في ظل حياة كريمة تحافظ على كرامتهم كمعلمين يقومون بدور كبير في تأهيل الجيل الذي يعول عليه بناء الوطن وتطويره.

تحديات

وبدأ العام الدراسي في كثير من المحافظات التي ما يزال الصراع قائما فيها بين الشرعية والانقلابيين خاصة تعز، في ظل ظروف صعبة، نتيجة لتضرر كثير من المدارس الحكومية بسبب استهدافها من قِبل المليشيات الانقلابية، وتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية أو سجون.

ويرى أحمد البحيري رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي (غير حكومي مقره تعز) أن التحديات التي تواجه التعليم اليوم كثيرة ومتداخلة، وأبرزها توقف صرف رواتب 70% من المعلمين منذ نحو عام، ما يهدد العملية التعليمية في 13 محافظة يمنية بالانهيار.

وأضاف البحيري في تصريحات صحفية أن عدم صرف الرواتب يجعل 4 ملايين ونصف مليون طالب وطالبة مهددين بالحرمان من التعليم.

واعتبر أن التحديات التي يواجهها التعليم في اليمن تعود في جزء كبير منها مع الأسف إلى عدم وجود رؤية واضحة لمواجهتها، وأنها لا ترجع في مجملها إلى عجز في الإمكانات المادية فحسب.

ولفت رئيس المركز إلى أن الاستمرار في وضع كهذا في ظل تعنت أطراف الصراع (الحكومة الشرعية من جهة، وتحالف الحوثي ـ صالح من جهة أخرى) بعدم الاستجابة بدفع رواتب المعلمين، ينبئ بكارثة تعليمية تهدد اليمن والمنطقة والعالم.

إضراب.. وتردي الوضع

وبدأ العام الدراسي في ظل الإضراب الذي شهدته أغلب المدارس الحكومية، بسبب توقف تسليم الرواتب لمدة عام وأكثر في بعض القطاعات، وهو ما زاد من قلق الأهالي على مستقبل أبنائهم، خاصة أن أغلبهم لم يتمكنوا من تسجيلهم في مدارس خاصة، لعدم قدرتهم على دفع الرسوم التي تصل إلى خمسين ألف ريال يمني.

ويهدد توقف الرواتب لنحو 166 ألف معلم منذ 12 شهرا، بعدم انتظام العام الدراسي الجديد الذي بدأ يوم 25 سبتمبر/أيلول الجاري.

ولم تصرف رواتب أكثر من 800 ألف موظف حكومي يعملون في المحافظات الشمالية، بينهم 167 ألف معلم ومعلمة، منذ سنة.

ومنذ نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية عدن، بعد استنزاف مليشيات الحوثي للاحتياطي الأجنبي، لم يتقاضَ 166 ألف و443 معلما ومعلمة في 13 محافظة خاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم، خلافا للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

ومن بين 180 معلماً ومعلمة استطلعهم مركز الإعلام التربوي بمحافظات تعز والحديدة وصنعاء، قال 92% منهم إنهم لن يعودوا إلى المدرسة هذا العام مالم يتم تسليم رواتبهم.

الجدير بالذكر أن اليونسكو اعتمدت في عام 1994 يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول يوماً عالمياً للمعلمين، وذلك احتفالاً بالخطوة الكبيرة التي اتخذت لصالح المعلمين يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول عام 1966، عند اعتماد التوصية المشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية، بشأن حالة المعلمين خلال مؤتمر حكومي دولي خاص عقدته اليونسكو في باريس، وذلك بالتعاون مع منظمة العمل الدولية.


التعليقات