صنعاء بلون واحد: اعتقالات وحملات عسكرية وعزل الناس عن التواصل الاجتماعي (تقرير)
- صنعاء - خاص الخميس, 14 ديسمبر, 2017 - 08:18 صباحاً
صنعاء بلون واحد: اعتقالات وحملات عسكرية وعزل الناس عن التواصل الاجتماعي (تقرير)

[ تضاعفت انتهاكات الحوثيين مؤخرا في صنعاء ]

لم تنتهِ الحرب في صنعاء بحسم المواجهات العسكرية ومقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولم تنتهِ معها حالة الخوف والرعب والهلع التي تفاقمت لدى سكان صنعاء مطلع الشهر الجاري وبعد دخول الخلافات بين حلفاء السلطة مربع النار والاقتتال.

فبعد مقتل صالح، دخلت صنعاء مرحلة جديدة من التوتر، وذلك في سياق ترتيبات جماعة الحوثي لمشهد ما بعد صالح، ومنع أي محاولات لاستئناف انتفاضة صنعاء، وأي ردود فعل عسكرية أو سياسية أو شعبية، إزاء تصفية صالح، والقضاء على أي معارضة قد تواجهها.

ومنذ أيام تقوم جماعة الحوثي بمداهمة منازل أعضاء المؤتمر الشعبي العام، الذين يعتقد أنهم من الأعضاء والرموز الكبيرة، والذين يمكن أن يلعبوا أي دور سياسي أو عسكري في المرحلة الحالية، في حين تمكن العديد من هؤلاء الأعضاء من الفرار باتجاه مدينة عدن، والبعض الآخر تجري متابعتهم وملاحقتهم بشتى السبل والوسائل.

حملات عسكرية

سكان محليون، تحدثوا لـ "الموقع بوست"، وأكدوا بأن حملات عسكرية كبيرة وعلى متن أطقم لوحظت وهي تعبر الكثير من الأحياء وتقوم باقتحام بعض المنازل التابعة لأعضاء وقيادات في المؤتمر الشعبي والبعض الآخر قيادات عسكرية في الحرس الجمهوري، وكان آخر اقتحام تم من قبل الجماعة لمنزل رقية عبد الله الحجري، شقيقة إحدى زوجات الرئيس السابق صالح، وتتحدث المعلومات عن اعتقال ابنها من قبل الجماعة.

ليس أعضاء المؤتمر الشعبي العام فقط، من يتم تتبعهم وملاحقتهم، بل هناك حملات اعتقالات تتم للناشطين السياسيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، وأمس الأول الجمعة قامت جماعة الحوثي باعتقال، الناشط السياسي نبيل الحسام وذلك على خلفية منشوراته المناهضة للجماعة عبر صفحته فيسبوك.

وأفادت أسرة الناشط نبيل الحسام أن سيارة يستقلها مسلحون تابعون للحوثيين اعترضت طريق نبيل أثناء خروجه من منزلة في مذبح صباح الخميس الماضي وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب المبرح واقتياده إلى داخل السيارة.

أسرة نبيل الحسام أكدت أنه أبلغهم أنه تلقى العديد من التهديدات بسبب منشوراته في فيسبوك، مشيرة إلى أنه سبق وأن تعرض للضرب والاعتداء أكثر من مرة من قبل الحوثيين بسبب منشوراته.

اعتقالات مستمرة

يقول الناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان بأن صنعاء تعيش حالة تعتيم إعلامي غير مسبوق، وصمت حقوقي مريب، وغياب للصوت المناهض يقابله ارتفاع وتيرة الانتهاكات التي تنفذها جماعة الحوثي في العاصمة بحق المواطنين عامة وأعضاء المؤتمر ومناصري صالح بشكل خاص.

وأكد برمان في صفحته بالفيسبوك بالقول "اليوم اتسعت حملة مداهمة المنازل وتفتيشها ونهب بعضها إلى مناطق واسعة في العاصمة المحتلة صنعاء جرائم قتل وإصابة واعتداء بالضرب، وحتى الساعة السادسة مساء اليوم السبت بلغ عدد المعتقلين ١٢٠٠ معتقل رغم نقل المئات من السجن المركزي إلى أماكن مجهولة، وهناك ٣٠٠ جريح من بين المعتقلين لا يلاقون الرعاية الصحية الكاملة في ظل نفاد كميات العلاج من الوحدة الطبية داخل السجن المركزي"، وفق برمان.

شرطة نسائية

بعد المظاهرة التي قامت بها نساء مناصرات للرئيس السابق صالح، طالبن من خلالها بجثة صالح في ميدان السبعين، وقمعتها جماعة الحوثي، شكل الحوثيون شرطة نسائية جديدة تعرف بالزينبيات، وهي قوة نسائية شكلتها الجماعة الحوثية منذ تمكنها من العاصمة صنعاء، ويزعم الحوثيون أنهن تلقين تدريبا عسكريا عالي المستوى، ومهمتهن الحفاظ على أمن واستقرار العاصمة ومواجهة أي تمرد أو شغب.

في ساعات الصباح الأولى ينتشرن هؤلاء الفتيات العسكريات في شوارع صنعاء وفي الأماكن المتوقع حدوث فيها تظاهرات أو مسيرات كميدان السبعين وغيره من الأماكن، وتظهر بعض الصور انتشار هذه الفتيات بجوار جامع صالح وعلى طول ميدان السبعين.

وفي ساعات المساء تقول مصادر بأن هؤلاء الشرطيات يقمن بمداهمة بعض المنازل بأوامر من جماعة الحوثي، والتي يعتقد أنها تأوي قيادات مؤتمرية.

حجب وسائل التواصل

من الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي في صنعاء، قيامها بحجب مواقع التواصل الاجتماعي، من فيس بوك وواتساب وتويتر، وذلك محاولة منها حجب أي تواصل ونشر أي مواقف مناهضة لها ومعارضة ما قامت به.

وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر المواقع التي يستخدمها اليمنيون، ويترددون عليها باستمرار، خصوصا بعد أن حجبت جماعة الحوثي جميع المواقع الإخبارية وأغلقت المؤسسات الإعلامية والصحف ومكاتب القنوات الحزبية والمستقلة.

ولهذا باتت مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا أساسيا لليمنيين في تلقي المعلومات والأخبار أولا بأول، إلى جانب ذلك منبرا اجتماعيا وتفاعليا مع الأحداث وإصدار المواقف من قبل عامة الناس.

وتبدو جماعة الحوثي متخوفة من أي مناهضة إلكترونية لها عبر هذه الوسائل المهمة، ولكن هذا الحجب لم يمنع الكثير من اليمنيين من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر برامج كسر الحجب والتي يقول يمنيون إنهم لجؤوا اليها.

خوف وهلع

إزاء تلك الإجراءات يشعر سكان صنعاء بالخوف والرعب، خصوصا وأن جماعة الحوثي تقوم بمراقبة كل حركة ومراقبة التواصل الاجتماعي على مدار الساعة، الأمر الذي جعل الكثير من الناس يلتزمون الصمت وعدم الحديث في جلسات المقيل وفي التلفون.

يقول فاروق احمد لـ "الموقع بوست": "الناس يشعرون بالخوف فعلا خصوصا مع ما يتردد بأن جماعة الحوثي تقوم بتفتيش تلفونات الناس في بعض النقاط الأمنية التي شكلتها، وسمعنا اعتقال شباب كثير بعد تفتيش تلفوناتهم".

وأضاف فاروق: "صنعاء من بعد المغرب تبدو موحشة وصحراء واسعة، حيث تهدأ من أي حركة في الشوارع ليلا خوفا من الإجراءات التي تقوم بها جماعة الحوثي في الشوارع الرئيسية وفي الأحياء وأرجاء العاصمة صنعاء".

ناشطون يستنكرون

تأخذ صنعاء وتطوراتها مساحة كبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي التي عبرها يتم نقل كثير من الممارسات التي تتم من قبل جماعة الحوثي، بل وكثيرة هي الاستنكارات التي تصدر بين وقت وآخر من قبل ناشطين حقوقيين وصحفيين وغيرهم من اليمنيين، رغم الحجب الذي تفرضه جماعة الحوثي على تلك الوسائل.

يقول الصحفي والناشط اليمني، محمد سعيد الشرعبي: " يعمل الحوثيون على تحويل صنعاء إلى صعدة أخرى عبر تجريف الحياة السياسية، وقمع الحريات، وهتك روابط المجتمع، وابتزاز رأس المال، ولم يستوعبوا مكر التاريخ، وسنن الحياة"، ويردف: "فشلت جماعة الحوثي في إدارة الدولة، وتلبية أبسط الاحتياجات الأساسية للمواطن، ويعتمدون كمليشيات على القوة للبطش بالخصوم وإرهاب المجتمع، وهذا يرتد عليهم، ويوحد الناس ضدهم".

ويضيف الشرعبي "استمرار جماعة الحوثي في الانتقام من شعب اليمن من خلال الحرب والحصار والتجويع وقمع الحريات وقطع خدمات الاتصالات وحجب مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد أنهم في حالة ضعف وذعر غير مسبوقة، وأن التنكيل بالخصوم عقيدة حوثية متجذرة وليست ردود أفعال لمواجهة خطر يهدد سلطتهم الانقلابية بعيدا عن طبيعة حربهم المفتوحة ضد الداخل والخارج، وتحويل اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية".

ويقول الصحفي، وليد البكس: "ماذا يملك الآلاف من العزل تحت الإقامة الجبرية أمام جيش من المليشيات المنفلتة تسلحت لقمعهم والبطش بهم وليس لحمايتها، لانتهاكهم ولترويعهم وليس لحماية حقوقهم، ولا تتورع عن تفتيش منازلهم وأجهزة تواصلهم الشخصي واختطافهم وتعذيبهم وسفك الدماء، وقهرهم وإفقارهم".

ويضيف: "تتخطى الناس حرب جماعة الحوثيين والدمار الذي خلفوه -كما حصل في بعض المحافظات المحررة- لكنهم لن يتخطون هذا التأثير لسلطة المليشيات وحكمها السيئ وهي تحاول القضاء على إنسانيتهم وهمتهم وحاضرهم ومستقبلهم وإخماد مشاعرهم بالاعتزاز والانتماء للوطن. ستدور الدوائر ولن تدركوا -تماما- من أين ستأتيكم عاقبة آثامكم، من بعيد تخشون سطوته أم من قريب كنتم تأمنون مكره، خصوصا ولا زلتم في لهيب الحرب ومعتركها وما علي صالح إلا نموذجا حيا لهذا الجنون الذي تصطرعون فيه".


التعليقات