قصص مؤلمة من المخفيين قسراً في عدن مليئة بالحسرة والمعاناة (تقرير)
- عدن - أدهم فهد السبت, 13 يناير, 2018 - 10:07 صباحاً
قصص مؤلمة من المخفيين قسراً في عدن مليئة بالحسرة والمعاناة (تقرير)

[ وقفة سابقة تضامنا مع المعتقلين لدى الحزام الأمني في عدن ]

لآخر لحظات حياته، وحتى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ظل الحاج عبدالإله يسأل عن مصير نجله محمد، والمخفي قسرا منذ أكثر من 13 شهراً، تقول شقيقة المخفي قسراً محمد عبدالإه عبده غيلان.
 
واعُتقل محمد عبدالإله ذو 44 عاماً، ظهر الأربعاء في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2016، حيث كان يعمل على سيارة تاكسي يملكها بمنطقة القلوعة في مديرية التواهي.
 
وتفيد شقيقته في حديثها لـ"الموقع بوست" بأن أخيها محمد اعتقل وأُخذت سيارته معه، إلى جهة مجهولة، ليبقى مصيره في حكم المخفيين قسراً منذ ١٤ شهراً.
 
وتضيف بكلمات يملأها الأسى والحزن "توفي والدي مطلع ديسمبر المنصرم، قهراً وحزناً على مصير نجله محمد، والذي كان أحد أفراد المقاومة أثناء اجتياح ميليشيا الانقلابيين للعاصمة المؤقتة عدن مطلع العام ٢٠١٥، وأصيب خلال تلك المعارك بجروح في كلتا يديه"،حسبما تقول شقيقته.
 
وتذكر "بقينا نبحث عن شقيقي محمد عند كل الجهات الأمنية، لكنا لم نجد أي خيط يوصلنا له، وبحسب المعلومات التي استطعنا الحصول عليها من مصادر عدة فإن فريق مكافحة الإرهاب التابع لإدارة أمن عدن هو من اعتقل محمد وقام بتحويله بعدها لمعسكر القوات الإماراتية بالبريقة.
 
تم اعتقاله عقب أسبوعين تقريباً من ولادة طفله الأول، والذي يبلغ حاليا العام الأول من عمره، دون أن يعرف حتى صورة والده، حسبما أفادت شقيقته.
 
وتشير إلى أن الأسرة لم تيأس من المتابعات، حيث تخرج شقيقته باستمرار في الوقفات الاحتجاجية التي تنفذها أمهات المخفيين؛ موضحةً بأنه سبق وأن رُفع اسم محمد لمكتب الصليب الأحمر في عدن إضافة للمنظمات الحقوقية المهتمة، فمصيره مجهولٌ منذ أن تم اعتقاله.
 
وتلفت شقيقة المخفي محمد "إلى أن مطالب أسرته لا تتجاوز الحقوق القانونية المشروعة في الكشف عن مصيره وإحالته للمحاكمة والسماح له بالزيارات، واصفةً ما يجري له الآن بالانتهاك الصارخ الذي لا تُقرّه القوانين أو حتى الشرائع بمختلقها.
 
وتُمثل حكاية المخفي قسرا محمد عبد الإله غيلان، واحدة من عشرات القصص إن لم تكن المئات، والمليئة بالمعاناة التي أنتجتها التشكيلات الأمنية بمختلقها في العاصمة المؤقتة عدن، خصوصاً تلك المدعومة إماراتياً.
 
فالعشراتُ من المخفيين قسراً، فقدوا أفراداً من أسرهم فقد تخطفهم الموت؛ دون أن يُسمح للمخفي قسراً بزيارة جثمان قريبه أو حتى معرفة نبأ وفاة قريبه على الأقل؛ أما ملامح أطفالهم فهي الأخرى تغيرت، فيما يقضي المخفي قسرا شهوراً متتالية خلف قضبان السجون السرية، دون محاكمة أو حتى إبداء لأسباب الإخفاء، في مشهد مأساوي تعيشه مئات الأسر في العاصمة المؤقتة عدن وما جاورها من المحافظات الجنوبية منذ ما يقارب العامين.

أحمد عبده أحمد حسين، ذو 18 عاماً، هو الآخر توفي والده وهو معتقل في السجن المركزي بالمنصورة؛ فقد اعتقل عقب مداهمة منزله بمديرية المنصورة فجر  السادس من أغسطس/ آب من العام 2016.
 
وتوفي والده عقب شهرين من اعتقاله، فلم يسمح لأحمد بزيارة جثمان والده للمرة الأخيرة، ما استدعى قيام الأسرة بأخذ الجثمان وإدخاله للسجن المركزي حتى يتسنى للمعتقل أحمد رؤية جثمان والده للمرة الأخيرة قبل موراته الثرى.
 
وأثارت واقعة إدخال الجثمان للسجن المركزي أصداءً واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي في تلك الفترة، كونها تعد الأولى من نوعها؛ فقد كانت الأجهزة الأمنية في السابق تسمح للسجناء بزيارة جثامين ذويهم تحت إجراءات أمنية مشددة، لكن قوات الحزام الأمني لم تُبدِ أي تجاوب مع أسرة المعتقل أحمد، بحسب إفادة مصادر مقربة من الأسرة.فحتى امتحانات الثانوية العامة والتي كان من المقرر أن يجتازها المعتقل -الطالب- أحمد عبده العام المنصرم.
 
حُرم منها، بالرغم من كونه معتقلاً دون تهم أو إثباتات واضحة؛ فقد حاولت أسرته إقناع إدارة السجن المركزي بالسماح لنجلها أحمد بالخروج لأداء الامتحانات ومن ثم العودة، فقد أمضى أشهر اعتقاله التي سبقت الامتحانات وهو يُذاكر، على أمل أن تسمح له إدارة السجن بالخروج ومن ثم العودة، لكن ذلك لم يحدث.
 
وبحسب ما ذكرته المصادر المقربة من أسرته لـ"الموقع بوست" فقد تم الإفراج عن المُعتقل أحمد أواخر أكتوبر/ تشرين الأول من العام ٢٠١٧، أي بعد عام وشهرين على اعتقاله، وذلك بعد التأكد من براءته من أي شُبهة أعتقل بناءً عليها.
 
ويعد ملف المخفيين قسراً والسجون الغير رسمية والتابعة لدولة الإمارات، واحدا من أبرز الملفات العالقة على طاولة الحكومة عموماً ووزارة الداخلية على وجه التحديد إلى جانب ملف القوات الأمنية الغير خاضعة للدولة والتي هي أصلاً تعد الذراع العسكري لدولة الإمارات في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة.
 
ومنذ وصول نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري-المُعين حديثاً- لعدن حرص على التأكيد أنه سيعمل على توحيد الأجهزة الأمنية وضمان عدم بقائها مشتتة؛ وهي إشارة واضحة لقوات الحزام الأمني التي أنشأتها دولة الإمارات مطلع العام ٢٠١٦.
 
وكان وزير الداخلية أحمد الميسري قد التقى مجموعة من أمهات المخفيين قسراً في السابع من يناير/ كانون الثاني الجاري، وذلك عقب تنفيذهن وقفة احتجاجية أمام منزله بمديرية المنصورة.ووعد الميسري أمهات المخفيين قسراً بمتابعة قضية ذويهن، والعمل على حلحلتها عبر التواصل مع الأطراف المعنية، كون تلك السجون السرية تابعة لدولة الإمارات بشكل مباشر.
 
وتجدر الإشارة إلى أن هناك مالا يقل عن خمسة سجون سرية بعدن إضافة للسجن المركزي بالمنصورة والذي هو الآخر لا يتبع وزارة الداخلية وإنما يتبع قوات الحزام الأمني؛ حيث يتواجد في تلك السجون أكثر من ١٢٠٠ معقلٍ ومخفي قسراً.


التعليقات