إسقاط الحكومة.. مطالب شعبية أم انقلاب جديد على الشرعية؟ (تقرير)
- علي الأسمر الثلاثاء, 30 يناير, 2018 - 10:50 مساءً
إسقاط الحكومة.. مطالب شعبية أم انقلاب جديد على الشرعية؟ (تقرير)

[ مواجهات في العاصمة المؤقتة عدن ]

مواجهات عسكرية دامية، شهدتها العاصمة المؤقتة عدن،  تدور رحاها لليوم الثالث على التوالي، بين القوات الشرعية ممثلة بألوية الحماية الرئاسية، وعدد من ألوية الجيش والقوات الخاصة، وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن أهمها قوات الحزام الأمني المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة وتشكيلات عسكرية أخرى تدعمها الإمارات أيضا.
 
المواجهات بين الجانبين تأتي على خلفية مطالب رفعها المجلس الانتقالي، حيث أعطى الرئيس هادي مهلة أسبوع انتهت الأحد بإقالة حكومة بن دغر وتشكيل حكومة كفاءات.
 
 وفيما كانت المطالب صادرة عن تشكيل عسكري، وهي قوات المقاومة الجنوبية إلا أنها لم تشر ما إذا كانت ستتبعها خطوات سلمية أو عسكرية، إلا أن الإعلان ذاته أعلن حالة الطوارئ في العاصمة عدن، وبرغم ذلك فإن المجلس الانتقالي الجنوبي، أكد في بيان له، التزامه منذ البداية بالخيار السلمي و استمراره بهذا الخيار، وقال في بيانه إن دعوته كانت واضحة ولا تحمل اَي طابع عسكري، وكانت احتجاجات الشعب سلميّه.
 
من المتسبب؟
 
في روايتين مختلفتين لطرفي المواجهات حول من بدء بالتصعيد العسكري، قال المجلس الانتقالي إنه فوجئ فجر الأحد بانتشار قوات عسكرية تابعة لحكومة بن دغر التي وصفها بالفاسدة.
 
وقال بأنها قامت بإغلاق الشوارع وإطلاق النار على المحتجين سلمياً ، وأراقت دماءهم الطاهرة والبريئة، وهو الأمر الذي دفع بالشعب ومعه قوات الأمن، إلى التدخل لحماية المواطنين المحتجين سلمياً ضد فساد وفشل الحكومة.
 
وفي حين لم يثبت صحة الرواية من مصادر محايدة، فإن قوات الحماية الرئاسية أكدت هي الأخرى عبر قائد اللواء الرابع حماية رئاسية العميد / مهران القباطي أنهم فوجئوا باعتداء قوات المجلس الانتقالي على معسكراتهم، مما اضطرهم للدفاع عن أنفسهم.
 
وبين الروايتين فإن امتداد المواجهات إلى مديريات عدن وكريتر تحديدا من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، التي تخوض معارك متواصلة، بهدف السيطرة على قصر معاشيق، وهي مناطق بعيدة عن ساحة الفعاليات المزمع أن يقيمها المجلس الانتقالي، فإن هدف المجلس ممثلا في إسقاط الحكومة عسكريا يتبدى واضحا بحسب مراقبين.
 
الرئيس والحكومة : انقلاب
 
بدت مواقف الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الشرعية واضحة إزاء ما حدث من تصعيد عسكري، قاده المجلس الانتقالي، فقد اعتبر الرئيس عبدربه منصور هادي في اجتماع له مع مستشاريه ما يجري في عدن انقلاب.
 
وقال هادي لا يمكن القبول بأي احتكام للسلاح لتنفيذ مشاريع سياسية وأي تعد على الشرعية أو مؤسساتها هو انقلاب حقيقي سيقاومه شعبنا اليمني في كل مكان، أما رئيس الحكومة الشرعية د.أحمد عبيد بن دغر، فقد سبقه بالتصريح إذ  وصف ما يجري في عدن بالانقلاب على الشرعية داعيا دول التحالف للتدخل.
 
الأحزاب..تفهم ورفض
 
من جانبها أكدت الأحزاب والقوى السياسية رفضها لأي دعوات للانقلاب على الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية وتقويض مؤسسات الدولة والخروج على المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً.
 
وأشار بيان صادر عن الأحزاب إلى أن التصعيد الذي صدر عن ما يسمى بالمجلس الانتقالي في بيانه الصادر يوم الأحد 21 يناير 2018 وما تضمنه من إعلان حالة الطوارئ والاستنفار والدعوة إلى تأسيس مؤسسات عسكرية وأمنية موازية لمؤسسات الدولة دفع بالأمور إلى حالة التوتر وتفجير الأوضاع عسكرياً، بحسب وكالة سبأ الرسمية.
 
ودعا البيان التحالف العربي إلى دعم جهود القيادة السياسية والحكومة لتعزيز مؤسسات الدولة وتطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن وإزالة كافة المعوقات التي تحول دون عودتها والعمل على توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت قيادة السلطة الشرعية.
 
وأكد البيان تفهم الأحزاب والقوى السياسية عدالة مطالب الشعب في عموم محافظات الجمهورية الناتجة عن الانقلاب وإسقاط الدولة.
 
وقد وقع على هذا البيان المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحراك الجنوبي السلمي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب العدالة والبناء وحزب الرشاد اليمني وحركة النهضة للتغيير السلمي وحزب التضامن الوطني واتحاد القوى الشعبية.
 
التحالف...سجال ومطالب شعبية
 
وكان لافتا توصيف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن لما يجري في عدن في أول بيان له بالسجال الإعلامي، إذ قال التحالف العربي في بيان له بأنه يتابع مجمل الأحداث والمستجدات في العاصمة اليمنية المؤقتة ( عدن ).
 
ووصف ما يجري فيها بالسجال الإعلامي حول بعض المطالَب الشعبية إزاء تقويم بعض الاختلالات في القطاع الحكومي، ودعا التحالف كافة المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية إلى التهدئة وضبط النفس، والتمسك بلغة الحوار الهادئ
 
إنفصال وتمرد
 
من جانبه تساءل القيادي في الحراك الجنوبي عبدالكريم السعدي عن مبرر قتال تحالف دعم الشرعية لعفاش والحوثيين؟ وأجاب عن تساؤله بالقول : هو طبعا التمرد والانقلاب على الشرعية.
 
وأضاف مخاطبا قيادة المجلس الانتقالي ما دام الأمر كذلك كيف يعتبر التحالف عفاش و الحوثة متمردين على الشرعية، ولا يعتبر تمرد الزبيدي تمردا عليه، مع فارق أن الزبيدي بمليشياته يقاتل أفراد الحرس الرئاسي الجنوبيين الذين هم ربما أكثر جنوبية منه و من مليشياته.
 
واختتم السعدي منشوره بصفحته على الفيسبوك رصده الموقع بوست بالقول من ورط الزبيدي سيوقعه في شر عمله، و الجنوب الذي سيأتي بانهار من دم الجنوبيين لا نحلم به، و خير لنا وحدة مع كل شرفاء اليمن من انفصال مع مجانين، لا هم له سوى الوصول إلى السلطة و لو على جثث و دماء أهلهم.
 
انقلاب بدعم إماراتي
 
من جانبها وصفت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، ما يحدث في العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن بأنه انقلاب لا يقل عن انقلاب مليشيا الحوثي.
 
وقالت كرمان في منشور لها بصفحتها على فيسبوك "ما يحدث في عدن من تمرد مسلح انقلاب لا يقل سوءاً عن انقلاب مليشيا الحوثي".
 
وأضافت "دعم الإمارات لهم -بإشارة منها إلى ما يسمى بـ "المجلس الانتقالي الجنوبي"- لا يقل سوءاً عن دعم إيران لميليشيا الحوثي.
 
خليط وتصعيد
 
الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي صلاح السقلدي قال إن مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بإسقاط الحكومة هو خليط بين المطلب الشعبي والسياسي.
 
موضحا أن المجلس الانتقالي الجنوبي أراد الوصول إلى الهدف السياسي من نافذة المطلب الشعبي، بعد أن سُـدت بوجهه كل النوافذ من قبل القوى الإقليمية والمحلية على السواء، بعد شعوره بالتهميش والتجاهل لقضيته السياسية، حتى من القوى الإقليمية التي يفترض أنها تسانده -أي الإمارات- يعزز حضوره على الأرض، ووصف السقلدي أداء الحكومة بالسيئ و الفاشل والفساد والتخبط.
 
وأشار السقلدي في تصريح خاص لـ" الموقع بوست" إلى أن المجلس الانتقالي بنوع من الذكاء استغل ذلك، وساعده في ذلك الأسلوب المتهور من قبل السلطات الحكومية وبالذات وزارة الداخلية، وبالتالي ـ بحسب السقلدي ـ  إن كان هناك من يقع عليه باللائمة على ما جرى فالحكومة تكون بالمقدمة.
 
واختتم السقلدي حديثه بالتأكيد على أن القوى السياسية والحزبية، من حقها أن تستغل مثل هكذا أوضاع وفشل حكومي، للظفر بأهدافها ومشاريعها السياسية، طالما الأمر لا يخرج عن نطاق القانون والمألوف.
 
وهو السلوك الذي سلكه الانتقالي قبل أن يصطدم بتعنت حكومي فج غداة شروعه بالإجراءات السلمية لإسقاط الحكومة، والذي أوصل الأمور -يقصد التعنت الحكومي- إلى حالة الصدام المسلح.
 


التعليقات