صورة قاتمة لليمن في تقارير الصحف الدولية ومراكز البحوث ومحللون يفسرون (تقرير خاص)
- صنعاء - خاص الأحد, 04 مارس, 2018 - 05:53 مساءً
صورة قاتمة لليمن في تقارير الصحف الدولية ومراكز البحوث ومحللون يفسرون (تقرير خاص)

[ الوضع الإنساني كان أبرز القضايا حضورا في اليمن ]

بعد مضي قُرابة ثلاث سنوات على الحرب في اليمن، باتت هذه الدولة محل اهتمام مختلف وسائل الإعلام الغربي، التي أصبح ينظر لها كبلد ممزق يعاني من صراعات عميقة، وحروب داخلية، وإرهاب متفشٍّ، ومعاناة إنسانية لم يسبق وأن عاشها اليمنيون.

أصبحت تلك هي الصورة السيئة عن اليمن، التي كان للتحالف العربي إسهاما مباشرا في رسمها لدى مختلف دول العالم، بعد أن تراجع عن أهدافه المُعلنة المتمثلة بدحر الانقلاب، وذهب باتجاه تحقيق أجندته الخاصة..

العديد من التقارير الإعلامية الدولية، اتهمت –صراحة- التحالف العربي الذي تدخل في اليمن عام 2015 بتمزيق البلاد، فمجلة الإيكونوميست قالت إنه أصبح لليمن ثلاثة مراكز للسلطة، تتمثل بالحوثيين كمركز، وقوات الجيش الوطني كمركز ثانٍ، والحزام الأمني والمجلس الانتقالي بالجنوب ورعاته الإماراتيون كمركز ثالث.

ورأت أن الخاسر الأكبر هو الرئيس عبدربه منصور هادي، إذ لم يبقَ لديه موالين على الأرض، لكنها أكدت أنه ومن منفاه في الرياض، العاصمة السعودية، لا يزال لديه الخيارات، وبإمكانه أن يعلن اليمن اتحاديا ويجعل الزبيدي نائباً له.

موقع (nationalinterest) نشر هو الآخر تحليلا حذر فيه من مغبة تجاهل المخاطر في اليمن، وقال  إن الولايات المتحدة الأمريكية فضلت الصمت تجاه ما يجري في اليمن من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة اللتين تقودان التحالف العربي في اليمن.

وطالب الموقع واشنطن بعدم الصمت تجاه أخطاء المملكة العربية السعودية في اليمن، وحذر من مغبة استمرار الوضع كما هو عليه، مما قد يؤثر على العمليات العسكرية وشرعيتها في اليمن.

اقرأ أيضا: إنترسبت: السعودية تتحول لأكبر منفق على جماعات الضغط في واشنطن بسبب حرب اليمن

صحيفة "واشنطن بوست" تطرقت في عدة تقارير لها عن التمزق الذي تعاني منه اليمن في ظل حدة الانقسام الداخلي، وبروز مشكلة الجنوب عبر ما يسمى بالمجلس الانتقالي الممول من دولة الإمارات العضو الثاني في التحالف العربي.

وكان الصوت الأكثر تحذيرا هو ما كشفت عنه لجنة الإنقاذ الدولية في تقريرها الذي استعرض المعونات السعودية المقدمة لليمن، والتي قالت بأنها لا ترقى لمستوى الخراب الذي طال اليمن، معتبرة أن الرياض تهدف من وراء ذلك لتسويق نفسها وتحويل اليمن الى منطقة عبور.

مجلة "فورين أفيرز" نشرت هي الأخرى تحليلا عن الوضع في اليمن، والذي قالت بأنه بات يتوزع على أمراء حرب في الداخل، أصبحوا أكثر ثراء، كما تطرقت مادتها لحالة التشرذم التي تسود البلاد، وتعثر عمليات السلام، وتدهور الجانب الإنساني، والعوائق التي تقف في طريق مهمة المبعوث الأممي القادم لليمن.

أما شبكة نظام الإنذار المبكر فقد أطلقت تقريرا لما وصفته بخريطة الجوع في اليمن، وحذرت من المجاعة والوضع الإنساني المتدهور في اليمن، مؤكدا أن اليمن تقترب بشكل أكبر من المجاعة أكثر من أي وقت مضى، نظرا لاحتمال استئناف الحصار الأخير المفروض من دول التحالف العربي، والحد بشكل كبير من الواردات الهامة لفترة طويلة .

وعلى نفس المنوال قال ( worldpoliticsreview) في تقرير له إن انفصال اليمن ينتعش في الجنوب برعاية إماراتية بينما يجري تهميش حكم الرئيس عبدربه منصور هادي، وتطرق لنظرة الإماراتيين للرئيس هادي، وتعاملهم معه، ومخاوفهم منه، وما يمكن أن يسفر ذلك من تداعيات على الأحداث لاحقا.

ويشير تقرير صادر عن مجلة "إيكونوميست" إلى النقاط والمواقع التي تتمركز فيها القوات السعودية، مؤكدا أنها تتصل أو تتطابق مع طريق البخور التجاري الذي كان معبرا لفترة طويلة من المحيط الهندي إلى الجزيرة العربية، وفي الوقت نفسه تبدو الإستراتيجية التي تتخذها الإمارات في اليمن جزءا من إستراتيجية أكبر لالتهام الموانئ على طول أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم، وفق المجلة.

تدهور الوضع الإنساني وتضليل العالم

مما لا شك فيه أن الوضع الإنساني يتدهور في اليمن بشكل مستمر، هذا ما تؤكده وكالة "أسوشيتد برس" التي قالت إن اليمن وحتى قبل الحرب كان أفقر بلد في العالم العربي، لكن الحرب دفعت 28 مليون يمني إلى حافة المجاعة، وأدت حالة المياه السيئة إلى انتشار وباء الكوليرا، وتفشي وباء الدفتيريا، مع استمرار الحرب.

وأشارت الوكالة إلى تدمير التحالف عام 2015، رافعت ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الانقلابيين، وهو المدخل الرئيسي لدولة تستورد 90 في المئة من غذائها، إضافة إلى حصارهم الحديدة.

وبرغم الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقوم بها السعودية للتخفيف من المعاناة في اليمن، إلا أن لجنة الإنقاذ الدولية التي تتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا لها، أكدت أن العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، التي أعلنت في 22 يناير / كانون الثاني 2018 من قبل المملكة العربية السعودية،  ليست شاملة ولا تعكس أولويات إنسانية واضحة ومشتركة، بحسب صحيفة "رسيو أورج".

وقالت أماندا كاتانزانو، مديرة السياسات والدعوة في لجنة الإنقاذ الدولية: "إن الاسم في حد ذاته مضلل، فهو ليس شاملا ولا إنسانيا على وجه الخصوص".

وأردفت "التحالف الذي تقوده السعودية يقدم تمويل استجابة لمعالجة أثر الأزمة التي ساعدت على خلقها، والأزمة الحادة في اليمن تحتاج إلى أكثر مما يبدو أنه خطة عمليات لوجستية، مع إيماءات رمزية للمساعدات الإنسانية ".

بينما قال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن "قدرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن لإصلاح الأزمة الإنسانية  محدودة".

فيما أشار تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن الرياض وحلفاءها في التحالف، يتعرضون لانتقادات حادة بسبب إطالة أمد المعاناة باليمن، إذ لا يستطيعوا تقديم المساعدات مباشرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وهي الأكثر تضرراً، ولا يمكنهم الانضمام إلى جماعات الإغاثة التي تصل إلى الملايين من الناس الذين هم بأمس الحاجة إليها.

أما موقع (nationalinterest)، قال إن التداعيات السلبية لأعمال المملكة العربية السعودية في اليمن تتجاوز المسؤوليات الإنسانية الكبيرة، واعتبر أن الدمار الكبير الذي تسببت فيه السعودية لم يخلق إلا زخماً إيجابياً ضئيلاً جداً نحو إنهاء الصراع. مطالبة واشنطن بالضغط على السعودية للحيلولة دون نزول اليمن إلى حالة من الفوضى.

تعارض المصالح

وحول ذلك يقول المحلل العسكري علي الذهب إن تعارض المصالح بين قطبي التحالف والسلطة الشرعية أوجد واقعا سلبيا، وليس صورة سلبية عن اليمن فقط.

وأكد لـ"الموقع بوست" أن ذلك التعارض وانكشاف النوايا الحقيقية للتحالف، وطغيان مصالحه على مصالح اليمنيين، برزت الكثير من النعرات، الانفصالية، والمذهبية، كما لم يعد الإرهاب مقتصرا على تنظيم القاعدة، بل وتنظيم الدولة (داعش) وإن كان هذا الأخير لا يزال غامضا.

ونتيجة لذلك، فقد تداخلت مسألة محاربة الإرهاب مع الصراع السياسي مع الخصوم، الذين يمعن التحالف في إلصاق تهمة الإرهاب بهم، بحسب الذهب.

اقرأ أيضا: جريفيثس يمسك ملف اليمن بخدعة أنيقة وعقبات كثيرة ستقف في طريقه

وخلص إلى أن انحراف التحالف عن أهدافه المعلنة، يعد السبب الأبرز في هذا الواقع الذي تعيشه اليمن، متوقعا أن يصبح الواقع أكثر سوءا مما هو قائم خلال عامين متتاليين، في حال استمر التحالف على نهجه الحالي، وتخلت القوى الوطنية عن مسئوليتها الوطنية والقومية لمواجهة هذا العبث.

الحرب الغامضة ضد الإرهاب

على مدار العام الماضي، ادعت الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة العديد من الانتصارات الرئيسية لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولكن تلك الانتصارات هي أكثر غموضا مما تبدو في النظرة الأولى، بحسب "واشنطن بوست".

حيث يرى العديد من متابعي الشأن اليمني أن الإمارات استخدمت ورقة الإرهاب، لمد نفوذها في مختلف المحافظات الجنوبية تحديدا.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تنظيم القاعدة في اليمن يستفيد من حالة الصراع والعنف وعدم الاستقرار الدائرة في البلاد منذ العام 2014، ما يجعل الحكومة الشرعية في ظل رئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي غير قادرة على التنفيذ الفعال لمكافحة الإرهاب.

وأفادت الوزارة في تقريرها السنوي عن الإرهاب خلال العام 2016 بأن الفراغ الأمني الكبير في اليمن، أعطى القاعدة في شبه الجزيرة العربية مساحة أكبر للعمل فيها، إضافة إلى تنظيم داعش واللذان تلاعبا بالصراع كجزء من انقسام طائفي قائم على الصراع بين السنة والشيعة، مما ساهم في زيادة قواعد دعمهم وتعزيز موطئ قدمهم في اليمن.

وأشار إلى أن القاعدة وداعش استغلا الفراغ السياسي والأمني الناجم عن الصراع الدائر بين الحكومة اليمنية وقوات الحوثي وصالح التي وصفها بالمتمردة، مؤكدا أن التحول السياسي السلمي في اليمن انقطع في خريف عام 2014 حين دخلت جماعة الحوثي المسلحة المتحالفة مع قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى العاصمة صنعاء وسيطرت على المؤسسات الحكومية.

مركز التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأمريكية في الولايات المتحدة الأمريكية، في تقرير صادر عنه تحدث بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، يواصل حملته الهجومية في جنوب وشرق اليمن رغم تجدد حملة مكافحة الإرهاب التي تدعمها الإمارات والتي بدأت في أغسطس/آب، واستمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في حملة عبوات ناسفة محلية الصنع لاستعادة البيئة المتساهلة في محافظة أبين جنوبي اليمن.

لكنه رأى أن الاستياء المتزايد بين قبائل أبين تجاه قوات الأمن المدعومة من الإمارات يزيد من احتمال أن تكون المكاسب التي تحققها قوات الأمن مؤقتة.

الإرهاب.. أهداف سياسية

ويعتقد المحلل السياسي ياسين التميمي، أن التركيز على ظاهرة الإرهاب جرى إلصاقها بالمسلمين، تعبر عن أيدلوجية محملة بالأهداف السياسية والإستراتيجية، وتقوم على فكرة الصراع الحضاري بين الأمم، وقد استطاع الغرب من خلالها أن يعيد صياغة علاقاته مع المنطقة العربية وعموم المسلمين، وجزء من مخطط مواجهة ما يسمى الإرهاب، يهدف إلى  ترويض الإسلام واحتواء المد الإسلامي داخل المجتمعات الغربية نفسها.

وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن اليمن مثل أفغانستان، هي ضحية المعركة التي خاضها الغرب ضد المد السوفييتي باتجاه المياه الدافئة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث جرى تجييش أعداد كبيرة من اليمنيين والعرب للقتال في أفغانستان.

"فكان ارتداد هذه الموجة الجهادية على اليمن سيء للغاية، حيث تحولت البلاد إلى ملاذ للمئات من العناصر الجهادية، التي أصبح لها مشروع مرتبط بفكرة إعادة إحياء الأمة والخلافة"، أضاف التميمي.

اقرأ أيضا: الدور الروسي في اليمن المصلحة أولا ..موسكو تفضل حاكم علماني مستبد

واستطرد "وبما أن اليمن منطقة رخوة مضاف إلى ذلك أن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وبتنسيق من السعودية، قام بإعادة توظيف هذه الجماعات لمواجهة النظام الشيوعي المفترض في جنوب اليمن، فقد تحول اليمن إلى بيئة جاذبة للجماعات الجهادية ندفع ثمنه إلى اليوم رغم انحسار تأثير هذه الجماعات".

ثمن باهظ واستغلال

ونتيجة لتلك المعطيات، يرى التميمي أن وسائل الإعلام الغربية أعادت ترتيب الأولويات وفق التوجهات السياسية في الغرب نفسه، حيث يتصدر الإرهاب قائمة الألويات.

ولفت إلى أن الشعب اليمني دفع ثمناً باهظاً لهذه النظرة التي قادت الغرب لتبني مخططات صاغتها مراكز صنع القرار، وتدعو إلى إمكانية توظيف الصراع المذهبي لضرب ما يسمى الإرهاب، عبر تبني التيارات الشيعية وإطلاق مشاريعها السياسية المكبوتة، فتم دعم الحوثيين المرتبطين بإيران، بمهمة الاستيلاء على الدولة الرخوة التي ورثها اليمنيون بعد إسقاط صالح، الذي كان قد مهد الطريق لتطبيق إستراتيجية كهذه، ووضع إمكانيات الدولة تحت تصرف الجماعة الحوثية المسلحة.

وتابع "لم تتحرر نظرة الغرب بعدُ من هذا التصور الذي يفترض أن اليمن ساحة محتملة لتمدد الإرهابيين ونمو قدراتهم إلى حد يصبحون معه مؤثرين جداً وخطرين جداً على أمن الغرب وعلى نموذج الحياة الغربي، على الرغم مما خلفه تصور كهذا من كوارث عصفت بحياة اليمنيين، وقوضت أحلامهم في بناء دولة ديمقراطية اتحادية مستقرة ومزدهرة في جنوب شبه الجزيرة العربية".

وبحسب المحلل السياسي التميمي، فقد أمكن للتحالف السعودي الإماراتي استغلال تلك الزاوية، وأن يعبثوا بالمشهد اليمني كما نراه اليوم، لمجرد أنه يتذرع بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، ويسعى إلى إحلال قوى فاعلة سياسية وعسكرية في اليمن، يمكن أن تشكل جزءا من مخطط احتواء الإرهاب الذي تبرهن كل المؤشرات على أن ما يسمى تنظيم القاعدة، بات أضعف من أي وقت مضى، ويقتات فقط على التوظيف السياسي من جانب كل الأطراف بما فيهم التحالف.


التعليقات