سقطرى.. بعد محاولة الاستلاب الاستعماري وغضب الطبيعة يحل حصار الخريف (تقرير)
- سقطرى - خاص الثلاثاء, 10 يوليو, 2018 - 06:42 مساءً
سقطرى.. بعد محاولة الاستلاب الاستعماري وغضب الطبيعة يحل حصار الخريف (تقرير)

[ تحظى سقطرى بموقع إستراتيجي هام ]

لطالما تحدثت دولة الإمارات طوال الفترة الماضية، وتحديدا منذ أن بسطت سيطرتها على جزيرة سقطرى، عن مسلسل طويل من الخدمات والتحسينات لقطاعات كثيرة في الجزيرة، ولطالما رفعت الشعارات عن مشاريع إنسانية تحت يافطة الهلال الأحمر، ولكن كل تلك التحركات أثبتت الممارسات والوقائع فيما بعد بأنها كانت فقط يافطة فقط لمشروع احتلال.
 
منذ أسابيع تعيش جزيرة سقطرى، موجة غلاء في الأسعار للمواد الغذائية والسلع الأساسية، ويوما بعد آخر، تزداد معاناة السكان بصمت.
 
"الموقع بوست"، تحدث إلى بعض سكان الجزيرة، الذين أكدوا بأن جزيرة سقطرى دخلت منذ أسابيع في أزمة كبيرة في الغذاء والدواء، وذلك بسبب فصل الخريف، وهو الفصل الذي تعيش فيه جزيرة سقطرى عزلة كبيرة وعجز في إيصال أي سلع أو خدمات.
 
وبحسب السكان، فإن فصل الخريف، يكون فيه البحر مضطربا، ويعيش رياح شديدة وعواصف بحرية كبيرة، ولا تستطيع السفن أو القوارب من نقل الغذاء إلى الجزيرة، وطوال هذه الفترة والتي تصل إلى أربعة أشهر خلال العام، تظل الجزيرة في وضع مؤسف ومعاناة تهدد الكثيرين من الناس خصوصا إذا ما ظلت الاهتمامات والتحركات للمعنيين غائبة.
 
هذه المرة كان يعتقد الكثير من اليمنيين والكثير من سكان الجزيرة، بأن وضع الجزيرة سيكون مختلفا في ظل الحديث والتصريحات الرنانة عن اهتمام دولة الإمارات بوضع الجزيرة ووضع الخدمات فيها، وأنها زودت الجزيرة بسفن وحملات إغاثة كبيرة، إضافة إلى عملها في تحسين وابتكار مشاريع خدمية ستكون بمثابة الداعم الرئيس للجزيرة وللسكان في حال اشتدت الظروف، ولكن بمجرد أن دخل فصل الخريف في أيامه الأولى، بدأت الأزمات تظهر إلى السطح، حيث بدأت وطبقا لحديث سكان الجزيرة، السلع الأساسية تختفي تارة وتارة أخرى تظهر بأسعار مضاعفة، ما جعل السكان يدركون بأن كل ما كان يتردد بشأنه من مشاريع وإغاثات، حديث لا أساس له من الصحة.
 
وتشير المعلومات المتعلقة بطقس ومناخ الجزيرة، إلى أن مناخ الجزيرة استوائي، تبلغ درجة الحرارة في السهل والساحل 38 درجة صيفا، وفي أعالي الجبال من 25 إلى 28 درجة، والأمطار موسمية في الربيع والخريف، وفي الشتاء تتعرض الجزيرة والمنطقة البحرية بصفة خاصة لعواصف ورياح شديدة، وهو ما تعيشه هذه الأيام الجزيرة، بالإضافة إلى ما تركه الإعصار الأخير الذي ضرب الجزيرة وأخضعها لأزمة كبيرة.
 
أسواق خالية وغلاء جنوني
 
سالم محمد السقطري، وفي حديثه مع "الموقع بوست" قال: "الإعصار الأخير ماكانو الذي ضرب سقطرى الشهر الماضي نتج عنه خسارة كبيرة تمثلت في فقدان الكثير من المواد الغذائية التي كانت على متن السفن، والواضح أن الإعصار هدم كل شيء، ونتيجة لذلك تعرضت سقطرى إلى ارتفاع في الأسعار بشكل خيالي، ومنذ أسابيع دخلت سقطرى في فصل الخريف، ومعه بدا انقطاع تام عن المحافظة وصول أي مواد غذائية، وبدأت تختفي من السوق".
 
وأضاف سالم السقطري: "هناك تلاعب في الأسعار من معظم تجار المحافظة الذين قاموا بتخزين المواد، والبعض يعملون على تخزين المواد الغذائية حتى منتصف الخريف، وهنالك يكون المواطن السقطري في أمس الحاجة إلى المواد الغذائية، وفي تلك الحالة يكون التجار بمثابة اللصوص وتجار الإنسانية، ويتم ذلك في ظل غياب أي سلطات مهتمة".
 
وأكد السقطري على أن "سعر التونة ارتفع إلى سبعمئة ريال، والكيلو البطاطا إلى ألف وخمسة مئة، ناهيك عن المواد الأخرى، وبسبب موجة الغلاء هذه يعيش السكان في الجزيرة، في حالة من الخوف والقلق لأنهم مقبلون على موسم الخريف الذي يستمر لأربعة أشهر يكون البحر فيه قد أغلق أبوابه على سقطرى، وتكون سقطرى في عزلة على جميع محافظات الجمهورية والدول الأخرى، والأسواق تبدو خالية من المواد الغذائية ولو وجدت تكون بأسعار خيالية".
 
وبحسب سكان الجزيرة فقد ارتفعت أسعار الأسماك بشكل كبير، ولم يتم ضبط أي تسعيرة من قبل الجهة المعنية، والشواهد تؤكد على أن سقطرى قد تفتقر للدجاج والتونة، وقد تغيب الأسماك عن الأسواق المحلية نظراً لوجود موسم الخريف، وحضور الرياح التي تصل عقدتها إلى55 عقدة، وهذا الذي زاد في المعاناة معاناة والأهالي في وضع مؤسف جدا".
 
تقع جزيرة أرخبيل سقطرى في الساحل الجنوبي للجزيرة العربية أمام مدينة المكلا شرق خليج عدن حيث نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب وكذلك إلى الشرق من القرن الأفريقي، وتبعد عن السواحل الجنوبية لليمن بنحو 350 كيلومترا.
 
الخريف يكشف معونات الإغاثة
 
وعانت سقطرى كغيرها من المناطق اليمنية من تبعات الحرب، وظهرت انعكاساتها على الجانبين الإنساني والاقتصادي، وحتى على الحياة الطبيعية التي تمثل التراث العالمي الذي تزخر به الجزيرة، حيث لجأ السكان إلى قطع الأشجار واستخدام أخشابها في الطهو والتدفئة بسبب عدم وجود الغاز.
 
وبسبب مخزونها المتنوع وخصائصها الطبيعية الفريدة من نوعها، أسالت سقطرى لعاب الإمارات التي استغلت الأوضاع المتردية في اليمن لمحاولة بسط سيطرتها ونفوذها على هذه المنطقة، من خلال تحكمها في أنشطة الحياة هناك والعمل على شراء أراض يمنية، رغم منع السلطات بيع أراضي لمستثمرين أجانب.
 
وبداية مايو من العام 2018م، أقدمت الإمارات على إرسال قواتها بشكل مفاجئ إلى مطار سقطرى بلا تنسيق مع الجانب اليمني، وذلك بالتزامن مع زيارة للجزيرة من قبل رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر ووزراء، وهي الخطوة التي رفضتها الحكومة الشرعية واعتبرتها غير مبررة.
 
ولا يزال يتذكر اليمنيون عامة وسكان الجزيرة تحديدا، عندما كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه على تويتر قائلا "لنا علاقات تاريخية وأسرية مع صيادي الأرخبيل".
 
وردا على حديث قرقاش هذا، يقول سكان الجزيرة: "على الرغم من امتلاك سقطرى ثروة سمكية هائلة ولم تتعرض للنهب كما تعرضت في مناطق أخرى، ويوجد فرع للاتحاد التعاوني الزراعي إلا أن الجزيرة لا تمتلك حتى اليوم ميناء اصطياد، ولا ندري ما هي هذه العلاقة التاريخية التي تربط صيادي الجزيرة بأبوظبي وهم يفتقرون لأدنى الأدوات والإمكانات في ممارسة مهنتهم ولا نعلم أين هو ذلك الدعم الذي كنا نسمعه في وسائل الإعلام على أنه قدم لسكان الجزيرة والصيادين و..الخ".
 
يذكر أن سقطرى وبسبب موقعها الإستراتيجي، تعاقبت على هذه الجزيرة موجات من البرتغاليين والرومان بهدف احتلالها، فضلا عن الإنجليز، ولكن فشلت تلك المحاولات، ويبدو أن فصل الخريف سيثبت فشل أبو ظبي في احتلالها للجزيرة خصوصا بعد هذه الأزمة التي يقول سكان الجزيرة في حديثهم لـ "الموقع بوست" إنه منذ يومها ولم يسمعوا أي صوت لأبو ظبي، أو حتى للحكومة الشرعية".
 
وجزيرة سقطرى يمنية تحظى بموقع إستراتيجي هام، لقبت بأكثر المناطق غرابة في العالم نظراً للتنوع الحيوي الفريد بها والأهمية البيئية، سيطرت عليها الإمارات في ظل أجواء الحرب في البلاد وأرسلت قواتها إلى هناك بداية مايو 2018.


التعليقات