سفارات اليمن في الخارج.. الوجه الآخر للحرب في اليمن (تقرير)
- صنعاء - خاص الجمعة, 27 يوليو, 2018 - 09:08 مساءً
سفارات اليمن في الخارج.. الوجه الآخر للحرب في اليمن (تقرير)

[ من اعتصام سابق لطلاب يمنيين في ماليزيا ]

الحديث عن السفارات اليمنية في الخارج جديد قديم، ويوما بعد آخر يعود الحديث عن اعتصامات جديدة لطلاب يمنيين أمام سفارات اليمن لدى بعض الدول احتجاجا على عدم صرف مستحقاتهم المالية، المستحقات التي ظلت وما زالت الشغل الشاغل للكثيرين من الطلاب الموفدين للدراسة في كثير من دول العالم، إضافة إلى ذلك قضايا كثيرة تتعلق باليمنيين المسافرين والذين يخضعون للبقاء في مطارات بعض عواصم الدول لساعات طويلة منها الأردن ومصر، ولكن لا وجود للسفارات اليمنية ودورها، بحسب شهادات يمنيين وبحسب شكاواهم التي تتكرر.

ويوما بعد آخر، يكشف واقع السفارات اليمنية لدى الدول العربية وغير العربية بأن الحرب على اليمنيين ليست هي تلك التي تجري بداخل اليمن وضحاياها أولئك الذين ينال منهم الحوثي ويقطع رواتبهم ويفرض عليهم حصارا وينهب مؤسسات الدولة والوظيفة العامة وما إلى ذلك كثير، بحسب حديث بعض الطلاب إلى "الموقع بوست" بل إن في الشرعية اليمنية وفي مؤسساتها وسفاراتها وملحقياتها تحديدا ممارسات وسلوك لا يقل عن الحرب التي تقوم بها مليشيات الحوثي، حسب تعبير أولئك الطلاب.

ولعل ما قامت به سفارة اليمن لدى المغرب من استدعاء للأمن للاعتداء على طلاب يمنيين اعتصموا للمطالبة بمستحقاتهم المالية، دليل واضح على أن حربا واسعة يمارسها الجميع ضد اليمن واليمنيين.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين حملة تضامن واسعة مع طلاب اليمن في المغرب من جهة ومن جهة ثانية حملة استنكار لكل تلك التصرفات التي تمارس بحق الطلاب، وارتفعت نبرة التضامن مع الصحفي والطالب هلال الجمرة الذي نفذ مع عدد من أصحابه اعتصاما مفتوحا في سفارة اليمن لدى المغرب للمطالبة بمستحقاتهم.

استنكار في المغرب

هلال الجمرة وفي حديثه لـ"الموقع بوست": يقول "اعتصامنا جاء احتجاجا على رفض السفارة صرف مستحقات الطلاب أسوة ببعض الزملاء الذين رفعت بهم الملحقية في الكشف مع العلم أنهم يمتلكون مقاعد".

وأكد الجمرة على أن "السفارة استدعت الأمن المغربي لإخراجنا من السفارة ومنع اعتصامنا بالقوة ولكن بفضل التضامن جرت محاولات مع السفارة وتم إبلاغي بحل الإشكال، ونحن نتمنى أن تفي السفارة بوعدها وصرف مستحقاتنا دون مماطلة".

شعور الجمرة بالقلق، وتركيزه على مسألة أن تفي السفارة بالوعد، نابع من إحساس وشعور سابق وخذلان يتكرر، من المغرب إلى باكستان إلى القاهرة إلى روسيا، حيث تطلق السفارات والملحقيات وعود بحل مشاكل الطلاب الدارسين أكثر من مرة ولكنها سرعان ما تتحول تلك الوعود إلى سراب، ويكتشف الطلاب أن السفارات تمارس بحقهم سياسة التلاعب والخداع.

قضية الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج بدأت منذ وقت مبكر، ودخل الطلاب اليمنيون في أكثر من عاصمة عربية وأوربية دائرة الجوع والتهديد بالفصل من الجامعات والطرد من السكن بسبب عدم استلامهم مستحقاتهم وتمكنهم من تسديد ما عليهم من رسوم ومواصلة العملية التعليمية في بلدان لا معين لهم فيها سوى تلك المستحقات المالية.

سلوك مماثل

يقول الناشط والصحفي هاني الجنيد في حديثه مع الموقع بوست: "وضع السفارات اليمنية مخزٍ ومعيب، اليوم الكثير من اليمنيين فروا خارج البلد هربا من الحرب وبدلا من أن تستقبلهم سفارات بلدهم وتحل مشاكلهم تقوم بالتنكيل بهم ويمنعون حتى من دخول مباني السفارات".

ويضيف: "أصبح الوضع لا يطاق، هناك فساد يمارس على أوسع نطاق دون رقيب أو حسيب، وهناك منح دراسية تنهب، وتعيينات للأبناء والأقارب بالجملة، ويمنعون عن الطلاب الذين ابتعثتهم الحكومة للدراسة مستحقاتهم القانونية كما يحدث في المغرب وفي الصين، وفي كثير من دول العالم. والجريمة أن أي طالب يطالب بحقوقه يتهم بالحوثية".

من جهته يقول الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر: "معظم مشاكل السفارات مع الطلاب المبتعثين تأتي من وزارة التعليم العالي التي لم تحدد آليات واضحة للإيفاء بحقوق الطلاب، وغالبا تتركهم للصدامات مع السفارات والملحقيات، بل وتخترق اللوائح وتعمل بمزاجية متقلبة، وفيها فساد معشش حد النخاع.

أبو النصر يضيف في تصريحه لـ الموقع بوست: المشكلة الأخرى تأتي من وزارة المالية، التي لديها خلل رهيب في التعزيزات كل مرة لسبب معين، وهو خلل متأصل استمر في سلوك عدة حكومات، لكن ليس من حق السفارات طرد طلاب يمارسون حقهم في الاعتصام السلمي مطالبين بحقوقهم، وليس من اللائق لدى جميع الأطراف على السواء أيضا شخصنة القضايا أو تركها للانفلات والاتهام بـ المناطقية والمذهبية والحزبية ..إلخ".

في باكستان

إلى أحد الطلاب اليمنيين المقيمين في باكستان، تحدث مع "الموقع بوست" مستفسرا عما يجري لهم وعن واقع سفارة اليمن هناك، وبدوره أجاب الطالب الذي فضل عدم ذكر اسمه، حتى لا يطاله الأذى: "أولا لا نستطيع الحصول على جواز جديد إلا من سفارتنا في السعودية أو ماليزيا ويصل سعره إلى 300$، ثانيا المقاعد الدراسية المجانية المقدمة من الحكومة الباكستانية 40 مقعدا تتصرف بها السفارة والتعليم العالي بمحسوبية".

في روسيا

كانت روسيا ربما واحدة من الدول التي انتفض فيها الطلاب اليمنيون في سلسلة اعتصامات واسعة ومفتوحة احتجاجا على ما يتعرضون له من حرمان من مستحقات ومن إقصاء ومن إرهاب كبير جرى ويجري بحقهم.

إلى موسكو تحدث "الموقع بوست" عن جديد واقع السفارة اليمنية والملحقية، وواقع الطلاب ومصير الفساد والممارسات التي تتم، حيث يقول (س. س.ع) أحد الطلاب اليمنيين هناك: "الفساد نفس الفساد، والسفير الجديد لم يعمل على حل مشاكل الطلاب، ولا المقيمين في روسيا، بقدر ما ضاعف من معاناتهم، إضافة إلى أن نشاط الحوثيين في موسكو ازداد يوما بعد آخر، وكل جهود السفير منذ أن تم تعيينه الى الآن تتركز في التدخل في العمل الطلابي ومحاولة تفريخ رابطة الطلبة اليمنيين من خلال دعمه لطلاب كانوا في الأمس القريب محسوبين على جماعة الحوثي الإرهابية".

كثيرة هي القضايا التي يدور الحديث عنها وعن تقصيرات للسفارة اليمنية على سبيل المثال في موسكو، حيث يشار إلى أن هناك سلسلة من القضايا التي جرت وتجري، ويقول عنها يمنيون هناك إن السفارة لم تحرك ساكنا في إطارها خصوصا تلك التي تتعلق بالطلاب اليمنيين.

يتحدث الطالب الموفد للدراسة في موسكو يوسف مرعي، في حديثه لـ "الموقع بوست" عن واقع مرير في السفارة اليمنية بموسكو، وتمنى من معالي وزير الخارجية إعادة ضبط مصنع البيت الدبلوماسي ومحاسبة من وصفهم بسماسرة السفارات.

وتتطرق الطالب إلى  وجود مخالفات هناك، وتابع قائلا: "من تلك القضايا الإشكالات التي تجري، ك الإغلاق المتواصل لأبواب السفارة، وإهمال لقضايا اليمنيين العالقين في المطارات أو الذين يتم إرجاعهم من المطارات بدون أي سبب خصوصا الطلاب، وكذلك الطلاب الذين يتم فصلهم من الجامعات بسبب عدم دفع الرسوم الدراسية بسبب تأخر صرفها بإمكان السفارة عمل الكثير من أجل الطلاب إلا أنه وبدلا من تذليل الصعوبات لهم إلا أنه يتم التعامل مع قضايا الطلاب بمنتهى الاستخفاف وعدم الاكتراث لمعاناتهم".

ويتابع مرعي شرح ذلك الواقع ويضيف "قضية عبدالله غسيس الذي ما زال في السجن، ولم تحرك السفارة أي ساكن بشأن قضيته، وقضية مقتل الطالب جعفر جسار في ظروف غامضة، وكذلك أسامة الماس الذي توفي في أحد مشافي العاصمة موسكو جراء الإهمال وعدم تنفيذه لتوجيهات وزارة الصحة المتعلقة بإنقاذ حياة الدكتور الماس وتوجيهات رئيس الوزراء.

"الموقع بوست" حاول التواصل مع بعض أعضاء السفارات هذه للرد على كل ما يطرح، ولكنهم لا يتجاوبون، ومن بين الذين تم التواصل معهم سفير اليمن لدى دولة المغرب عز الدين الأصبحي.

مسلسل طويل من الفساد

وتعيش السفارات خللا كبيرا من خلال التعيينات التي تمت وتتم في هذا السلك، واستبدال للكادر الوظيفي بكادر لا علاقة له بالوظيفة وبهذا الموقع، ما ينذر بانهيار للخدمة في هذا السلك الدبلوماسي.

وفي وقت سابق كشف الصحفي اليمني نبيل الأسيدي عن فساد كبير يشهده السلك الدبلوماسي حيث نشر على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وثائق تكشف عن تعيينات في وزارة الخارجية بحكومة هادي من خارج السلك الدبلوماسي.

وأشار الأسيدي إلى صدور 300 قرار تعيين جديد، تم بموجبها التعيين من خارج وزارة الخارجية.

وأشار الأسيدي إلى أن الشرعية تدمر ما تبقى من السلك الدبلوماسي، من خلال التعيينات العبثية في مختلف المواقع الدبلوماسية في السفارات.

وأوضح أن ذلك يهدف إلى تدمير السلك الدبلوماسي وكل الأعراف والقيم الدبلوماسية، وأن انعكاساتها ستكون مدمرة على المستوى القريب.

وكشف أن التعيين يتم من خارج السلك الدبلوماسي بإحلال كادر غير مؤهل بدلا عن منتسبي وزارة الخارجية وتعيين أطفال أو متطفلين في السفارات ليس لهم أي خبرة في آليات العمل الدبلوماسي ولا حتى السياسي. ولفت إلى أن أبرز نموذج لهذا التدمير سلسلة التعيينات المتواصلة لأبناء وأقارب المسؤولين والوزراء والمتنفذين والانتهازيون الجدد في السفارات وبدرجات رفيعة.

وأفاد بأنه يجري إحلال شخصيات صغيرة السن محل الشخصيات الدبلوماسية والكادر المؤهل، معتبرا أن ذلك سيجعل السفارات تفقد هيبتها وتصبح مرتعا لفساد الأبناء والمقربين من مراكز النفوذ.

وأشار إلى أن وزارة الخارجية تتحصل عبر قنصليتها في الدول التي تتواجد فيها جالية يمنية كبيرة على دخل كبير جدا كرسوم ورسوم إضافية، غير أنها لا تدفع لمنتسبيها في البعثات مستحقاتهم، كاشفا أنه مر عليهم أربعة أشهر من دون رواتب وسنتين من دون تأمين صحي ولا رسوم تعليم أبناء.
 


التعليقات