النخب الحزبية في صنعاء.. القناع الناعم للانقلاب (تقرير)
- صنعاء - خاص الأحد, 29 يوليو, 2018 - 04:00 مساءً
النخب الحزبية في صنعاء.. القناع الناعم للانقلاب (تقرير)

[ أحد أتباع الحوثي يحرس مسيرة للحوثيين في صنعاء ]

يبدو أن الحرب في اليمن لم تحرق المدن فقط، وليس وحدهم من هم في خطوط التماس وفي مناطق النزاع من طالتهم النيران، بل هناك أشخاص آخرون أحرقتهم الحرب معنويا وسياسيا واجتماعيا، ألا وهم شريحة المثقفين، والصحفيين، والشعراء، وقادات أحزاب وسياسيين، قوميين ويساريين وتقدميين، سقطوا بلمحة بصر في حضن مليشيا الحوثي، وذهبوا نحو العمل معها والدفاع عنها بشكل غير متوقع ولم يكن يخطر على بال أحد، الأمر الذي كان بمثابة صدمة لدى الكثير من الناس، ولدى الكثير من زملائهم.

سقطوا بدون سابق إنذار، وكشفوا عن حقيقتهم خلال هذه الحرب، رغم مكانتهم الرفيعة على مستوى الحزب والعمل الحزبي، ومنهم من كان له رصيد ومكانة على مستوى مهنة الشعر أو الصحافة او الثقافة، وأكثر من ذلك على مستوى المجتمع الذي كان يتعامل معهم، على أنهم من جيل التغيير والوعي، بل جيل الدفاع عن الوطن وعن مشروع وقضية اليمنيين التي يدفع الآلاف منهم اليوم أرواحهم في سبيل ذلك.

هذه الطبقة التي تمكنت مليشيا الحوثي من جرها إلى حضن انقلابها، أثبتت أنها جماعة ارتزاق من ناحية، ومن ناحية ثانية البعض من هؤلاء الذين سقطوا بداخلهم نزعة طائفية وعنصرية، بحسب مراقبين وسياسيين تحدثوا لـ "الموقع بوست"، حيث يذهب أحدهم بالقول: ""كشفت هرولة قيادات حزبية وحزبيين كثر ينتمون إلى مختلف الأحزاب خصوصا القومية واليسارية، للانضواء تحت مظلة جماعة الحوثي المسلحة، عن مدى العقلية والتوجهات العقيمة لتلك الشخصيات والأحزاب التي تنتمي لها في الغالب".

وقال هذا السياسي طالبا عدم الكشف عن اسمه وهويته "التفحص الدقيق لطيف الشخصيات هذه، قدم صورة كان يجري التحفظ عليها، وهي صورة قاتمة لمجمل ما كان يتشدق به أدعياء الحرية والتقدمية واليسارية واليمينية، من نهج ثوري تقدمي ينشد العدالة والبناء والسلام، فبمجرد أن فاحت رائحة عباءة الرجعية التي لا يمكنها الانسلاخ عنها، في هيئة وشكل الحوثية تساقط هؤلاء في قعر هذه العباءة والتدثر بها، منسلخين من كل القيم السوية التي كانوا يتشدقون بها، وكشفوا عن الوجه والوجهة الخفية التي طالما حرصوا على إخفائها قبل سقوطهم في عباءة الحوثية".

التخفي وراء العمل الحزبي

شخصيات كثيرة كانت تتخفى وراء كذبة العمل السياسي الحزبي التواق لإرساء قيم العدالة والفضيلة، جسدوا الواقع الذي يليق بهم كدمى عتيقة وملوثة، عبر تسابقهم المريض للسقوط في عباءة الرجعية بحثا عن عبودية مقيتة تستخدمهم كواقيات لممارسة الرذيلة ثم قذفها في قعر سلة المهملات، مع شعور كبير بمقتها واحتقارها والتأفف منها حد الغثيان" بحسب تعبير المراقب السياسي الذي فضل عدم ذكر اسمه.

ويذهب أحدهم في حديثه لـ "الموقع بوست" إلى القول بأن "ثورة 11 فبراير 2011 أسست لهم بيئة ثورية تحررية نقية قائمة على أسس وقيم التحرر والتعايش والنماء السوي، ولكنهم ضاقوا بها وعمدوا إلى تشويهها والتراجع عن التغني بها من ثورة إلى وصفها بالكارثة والانقلاب المشؤوم، وهذا يحسب لثورة 11 فبراير التي أزالت أقنعة التزلف وقدمت الواقع على حقيقته.

ويضيف "جاءت ثورة  11 فبراير لتخليصهم من لوثهم، ولكنهم رفضوا إلا أن يظهروا على حقيقتهم وينزلقوا نحو آخر محطة لوث لهم، وهي محطة عباءة الحوثي في انتظار وهم تقلد مناصب لا تملك أي صفة قانونية، بل تقلدها دليل كافٍ للتورط في جر البلد إلى التشرذم والحرب والصراع، وهذا صك الطلاق النهائي لهم من العمل السياسي والحزبي، ولن يأتي من سيقبل القيام بدور المحلل كما في زواج التحليل".

متحزبون في تشكيلة الحوثي

على سبيل المثال لا الحصر، وزير الثروة السمكية في حكومة صنعاء غير المعترف بها، هو محمد الزبيري، والزبيري أمين عام حزب البعث العربي القطر السوري، وجزء من تحالف اللقاء المشترك خلال الفترة الماضية، وإلى جانبه نائف القانص عضو في حزب البعث وعضو اللقاء المشترك، ظهر ضمن تشكيلة أعضاء اللجنة الثورية العليا، وهو اليوم سفير حكومة صنعاء الانقلابية في سوريا.

ومن ضمن هؤلاء المتحزبون يظهر القيادي في حزب اتحاد القوى الشعبية محمد صالح النعيمي في واجهة تشكيلة المجلس السياسي الأعلى، وهو في رئاسة وهيئة حزب القوى الشعبية وأيضا عضوا في اللقاء المشترك.

وإلى جانب هؤلاء متحزبون كثر ظهروا في واجهة الولاء للمليشيات في صنعاء، ومن ضمنهم حسن زيد أمين عام حزب الحق، الحزب الذي يعتبر ضمن تشكيلة اللقاء المشترك أيضا.

وإلى جانب هؤلاء أيضا تيار أو فصيل يقال من حزب التنظيم الوحدوي الناصري، ذهب للعمل مع الحوثي، وهناك قيادات ناصرية ما تزال في صنعاء، وما يزال مقر هذا الحزب مفتوحا ويتم مزاولة أعمال وأنشطة سياسية نوعا ما، وفيه تلتقي قيادات ناصرية مع شخصيات تعمل مع جماعة الحوثي، إضافة للحزب الاشتراكي اليمني الذي هو الآخر ذهبت بعض قياداته مع جماعة الحوثي، بطريقة أو بأخرى.

أفراد أعلنوا ولاءهم للحوثي

إلى أحد قيادات تحالف اللقاء المشترك، وأحد قادة أحد الأحزاب ذهب "الموقع بوست" مستفسرا إياه عن هذا الواقع الذي جرى ويجري، وبدوره قال: "لا يوجد حزب سياسي انساق مع الحوثي حتى المؤتمر الشعبي العام جناح منه فقط، وليس الحزب كله وهو جناح الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وحتى هذا الجناح تراجع تحالفه مع الحوثي بعد مقتل صالح، فالكثير منه انسحب ولم يبق سوى القليل وبضغط قوة الحوثي، وبالنسبة للأحزاب الأخرى مثل الاشتراكي والناصري واتحاد القوى الشعبية أعلنوا مواقفهم مع الشرعية، وهناك أفراد فقط ذهبوا مع الحوثي بدوافع شخصية وبعضها عصبوية حتى حزب الإصلاح هناك أفراد منه تعايشوا مع الأمر الواقع الذي فرضه الحوثي لأسباب مختلفة".

حزب الحق وبنيته السلالية

وأضاف هذا القيادي الحزبي الذي فضل عدم ذكر اسمه، قائلا "الحزب الوحيد الذي لم يبق منه غير الاسم هو حزب الحق الذي تحالف مع الحوثي صراحة بحكم توجهه وبنيته السلالية منذ فترة بعيدة، ومعظم منتسبيه تركوا الحزب وانخرطوا مع الحوثي منذ 2004".

وتابع الرجل "هناك أشخاص التحقوا مع الحوثي بدافع المصلحة الشخصية والعصبية المذهبية، فحصل بعضهم على مواقع في المجلس السياسي وبعضهم في الحكومة، ومواقع أدنى، ومن ضمنهم شخصيات في حزب البعث العربي الاشتراكي، وهؤلاء جميعهم سوف يتركون الحوثي عندما يشعرون بنهايته المؤكدة، ومن بينهم أشخاص لم يحصلوا على مناصب في الفترة الانتقالية، فالتحقوا مع مسيرة الحوثي وهم من مختلف الأحزاب".

مخلفات السياسة

وفي حين يقول الرجل: "من الذين التحقوا بالحوثي معظمهم ليسوا أصحاب رصيد نضالي معروف، ولا يتمتعون بالقدرات السياسية المطلوبة، ولا لهم هم غير الهم الشخصي، فكانت حساباتهم أن الحوثي قوة صاعدة مضمونة البقاء في الحكم، ولهذا التحقوا بها، وهذه حصلت عبر محطات الصراعات السابقة في اليمن".

ويتابع حديثه متسائلا: "من هو محمد الزبيري، ومن هو حسن زيد، ومن هو محمد المنصور، ومن هو طلال عقلان وغيرهم من الأشخاص الذين يعتاشون من مخلفات السياسة، ما وزنهم في الشارع وفي أحزابهم؟ مجيبا: "أشخاص بلا أرقام".

وبحسب هذا السياسي "لأن الحوثي بلا مشروع لكل اليمن فتح بابه لهذه الأشكال كما كان يفعل النظام السابق يصنع عناوين بمسميات حزبية ليصنع لنفسه شرعية وهمية، بالمقابل حددت الأحزاب مواقف من هؤلاء الأشخاص أقلها بأنهم لا يمثلون أحزابهم وسيخضعون للمحاسبة وفقا لأنظمة الأحزاب وبرامجها، وخلاصة الموضوع أن الأحزاب السياسية في كل اليمن مع الشرعية وضد الانقلاب".

وطبقا للرجل "حتى المؤتمر الشعبي جناح صالح حدد مواقف من جماعته في صنعاء التي تتبنى مواقف مع الحوثي باسم المؤتمر واعتبر مواقفها لا تمثل الحزب".

انتماء سلالي وعصبوي

الناشط السياسي محمد المقبلي وفي حديثه لـ "الموقع بوست"، يقول: "هي حالات فردية، ولا يمكن وصفها بالتيار انجرت لدواع عديدة من بينها الانتماء السلالي، ومن بينها أيضا الترغيب وتحقيق الذات الفردية داخل المليشيا التي انتهجت شراء الولاءات من اليمين واليسار ومن المؤتمر، ومن القطاعات القبيلة والبعض عن طريق العلاقات الشخصية كما في الوسط الصحفي".

ويضيف مجيبا على سؤال "الموقع بوست" بشأن من استفاد من الآخر؟ بالقول: "اعتقد لم يستفيد إلا في الحالة الدعائية والإعلامية فقط، وإن كان تأثير الزوامل أكثر من تأثيرهم، فلو قارنت بين زوامل الليث وصحيفة الدكاك صلاح الزوامل أكثر".


التعليقات