ما مصير صنعاء بعد تعيين "الأحمر" نائبا لقائد القوات المسلحة في اليمن؟
- وئام عبدالملك الثلاثاء, 23 فبراير, 2016 - 08:23 مساءً
ما مصير صنعاء بعد تعيين

[ الاحمر اثناء ادائه اليمين الدستورية (سبأ) ]

مع بدء المعارك في محيط" صنعاء" شمال اليمن، وتقدم المقاومة الشعبية والجيش الوطني في جبهة" نهم" الواقعة على تخوم محافظة صنعاء، تزايدت الخلافات بين المخلوع صالح وجماعة الحوثي، وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن خسارتهم لـ" نهم".
 
الحليفان المخلوع صالح والحوثي، الذين تم إدراجهما في القائمة السوداء، تتكشف الخلافات بينهما في الخطابات التي يلقيها كل فريق، فالمخلوع صالح يتعامل مع الحوثيين كأداة في يده وتحت سيطرته، وبتلك الطريقة تنظر جماعة الحوثي له ايضا، وتظل العلاقة التي تجمعهما قائمة على عدم الثقة بين الطرفين، وتتضح يوما بعد آخر الهوّة التي بين الحليفين، الذين جمعتهما المصالح، وستفرقهما الاختلافات والأطماع والرؤى.
 
الخلافات الأخيرة التي تفجرت بينهما عقب خسارتهما لـ" نهم" الواقعة على بعد 40 كليلو مترا إلى الشرق من" صنعاء"، كانت قد مهدت لها خلافات جوهرية سابقة بينهما، وأبرز خلاف هو حول الإعلان الدستوري واللجنة الثورية، فالأخيرة قامت بحل مجلس النواب الذي كان المخلوع صالح يراهن عليه، لامتلاكه الأغلبية فيه.
 
ومع تعيين الرئيس عبد ربه منصور هادي، مساء يوم أمس الإثنين 22 فبراير للجنرال علي محسن الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، يؤكد ذلك الاقتراب من نهاية المعارك في اليمن، واقتراب تحديد مصير صنعاء.
 
رمزية صنعاء
 
تعد" صنعاء" رمزية أكثر للمخلوع صالح، وبالتالي فإن سقوطها بحرب أو بدونها مرتبط به أكثر، فرمزية الحوثيين تتمثل بمعقلهم الأساسي في" صعدة"، وهذا لا يجعلنا نغفل أن إسقاط الدولة حدث بعد سيطرة الحليفين معا على" صنعاء" في سبتمبر 2014، وهي المدينة التي سيتم استعادة الدولة عن طريقها.
 
الحرب أو اللاحرب
 
قبل أيام أكد الناطق باسم المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية الشيخ عبدالله الشندقي، في تصريحات صحفية استمرار عملية التحضير والإعداد لفتح العديد من الجبهات في سبيل تحرير العاصمة صنعاء من الانقلابيين وقوات المخلوع صالح، مشيراً إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد اندلاع القتال في جبهات مختلفة في ضواحي المدينة الشرقية والشمالية والغربية، وأن أكثر من جبهة ستكون جاهزة لبدء عملياتها العسكرية والتوجه نحو وسط المدينة.
 
ما تزال التكنهات غير محددة، حول المصير المرتقب لصنعاء، إذ من المحتمل أن صالح سيبحث عن الخروج الآمن، ومن السهولة أن تبيعه القبيلة التي يُعرف عنها، بأنها توالي الأقوى، كما أن تعيين الأحمر سيكون له أثرا إيجابيا في استقطاب القبائل المحيطة بصنعاء، وسيخسر صالح العديد من ولاءات مشايخها، خاصة القبائل التي لا ترتبط بقبيلته برباط قوي.
 
وبتسليم صالح، إن تم ضمان الخروج الآمن له، من قبل أمريكا التي يُعتقد بأنها تحرص على عدم سقوط العاصمة عسكريا، لن يكون بمقدور الحوثيين الصمود بمفردهم دون صالح، بعد أن تم ضربهم في معقلهم صعدة واستنزافهم طوال فترة الحرب، ومراهنة جماعة الحوثي على القبيلة لن يكون له تأثيرا كبيرا، خاصة مع خلق الحوثيين عداوات كثيرة مع القبيلة في أكثر المدن، التي تعد القبيلة حاضرة فيها.
 
لملمة الخلافات
 
وفيما لو لم يجد صالح خروجا آمنا، سيعمل على القتال، إلى جانب الحوثيين، سيعملون على لململة خلافاتهم، والقتال جنبا إلى جنب، خاصة إذا وجدوا التأييد من قبل إيران وروسيا، مع استبعادنا لتدخل إيراني أوسع في اليمن، في ظل هذا الظرف، إلا إذا حصلت متغيرات سياسية أخرى، مرتبطة بالملف السوري، وقدرة المملكة العربية السعودية على التدخل في سوريا واحتواء الأمر، مع حرصها على أن لا يتم استنزافها هي الأخرى عن طريق الملف اليمني.
 
زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي في خطابه يوم أمس الإثنين 22 فبراير، خاطب أنصاره خطابا عاطفيا، ولا يبدو بأنه سيسلم قريبا.
 
ومع تزايد الخطر المحدق بالحوثيين والمخلوع صالح في" صنعاء"، وتوقع البعض بأن معركة" صنعاء" إن حدثت ستكون على المدى البعيد، تحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قبل أيام، مع تلفزيون شبكة(CNN) أنه لا يمكن لأحد توقع متى تنتهي العمليات العسكرية في اليمن"، وهذا قد يعني أن معركة" صنعاء" لن تكون قريبة، ولن تكون سهلة، لكن تعيين الجنرال الأحمر، يعني اقتراب النهاية، وبأقل الخسائر الممكنة.
 
التحالف هو الفيصل
 
المحلل العسكري علي الذهب قال لـ( الموقع):" الحرب والفوضى هما خيار صالح، ولن يستسلم إلا إذا وجد أنه لم يعد لديه من الأوراق ما يلعب بها، وهذا أمر متوقف على مصداقية التحالف في حل الأزمة وحسمها عسكريا، لا سيما أن هنالك توجسا من قبل بعض دول التحالف تجاه بعض القوى السياسية التي تدعم شرعية الرئيس هادي، فيما لو تم الحسم وبرزت كقوة طاغية على غير ما يرغب التحالف".
 
كما أن صالحا ليس وحده- حسب الذهب- فالحوثيون الآن يحتكمون بمفاصل السلطة في البلاد، لذلك يبدو الحديث عن صالح بمفرده تغييب للحقيقة، كذا الحوثيون لديهم إصرار على البقاء في السلطة ولو لم يبقَ على ظهر صنعاء إلا حجرها وشجرها.
 
ويرى أن: "موقف التحالف هو الفيصل، وإذا بقي صالح والحوثي بعد أي عملية حسم ودون حساب مآلات ذلك، فإنهما لن يدعا صنعاء يغمض لها جفن".
 
من يتخلى عن صنعاء؟
 
في الوقت الذي يعتقد البعض بأن صنعاء هي رمزية للمخلوع صالح، أكثر من الحوثيين، يرى الكاتب والباحث ياسين التميمي:" أن لا أحد يرغب في سقوط" صنعاء" من بين يديه، لا المخلوع صالح الذي يريد استعادة سلطته، ولا الحوثيين الذين يريدون استعادة الإمامة البائدة"، ويستدرك:" لكن صالح على الرغم من أنه المسيطر عسكرياً على" صنعاء "وهو الذي يقوم بضخ المعنويات في أوساط من يستميتون في الدفاع عنها، فإنه الطرف الذي يمكن أن يقدم على خطوات جريئة، من بينها التخلي عن" صنعاء" وعن خطة استعادة السلطة.
 
ويضيف التميمي في حديث له مع( الموقع):" هذا الموقف المرن معهود من صالح، الذي لا يبدو شجاعاً، كما يحاول أن يظهر في الخطابات، فلطالما اعتمد على التوازنات وعلى اللعب بالمتناقضات في كل معاركه السابقة".
 
وتابع:" الأمر مختلف بالنسبة للحوثيين الذين سيستميتون في الحرب، لأنهم لا يريدون فقدان الفرصة الذهبية التي لاحت لهم باستعادة الإمامة المقبورة، لكنهم يفعلون ذلك لأنهم يحاربون بواسطة القبائل، ولا يهمهم في هذه الحالة إن فنيت جميع القبائل التي تساندهم، فهم لا يقيمون اعتباراً للإنسان، ومع ذلك قد يقتضي حرصهم على البقاء ضمن الحد الأدنى من النفوذ في اليمن، أن يقدموا على الانسحاب قد يتم ذلك، بتأثير من" إيران" نفسها، التي دعمت غزوهم لصنعاء".
 
تأثير التحالف
 
فيما لو حدثت المعركة فإن صالح والحوثيين سيسقطون بسهولة، إذ أنهكهم التحالف طوال الفترة الماضية، بقصف المعسكرات التابعة لهم، وصدور قرارات دولية فرضت العقوبات عليهم، وأًصبح موقفهم ضعيفا.
 
تغيير بوصلة السياسة
 
نظر العديد من المنتمين لحزب الإصلاح في اليمن بارتياح شديد لقرار تعيين الرئيس هادي للجنرال الأحمر، وعدّوا القرار تغييرا لبوصلة السياسة السعودية تجاه حزب الإصلاح، وهو ما لم يكن في 2011، لكن الأمر تغير مع صعود الملك سلمان إلى سدة الحكم، إذ يعد حزب الإصلاح من أكثر الأحزاب اليمنية التي تتمتع بقاعدة شعبية عريضة، عمل الحزب على تكوينها طوال السنوات الماضية.
 
"القائد الأحمر"

 من المعروف أن الفريق الأحمر حليف لحزب الإصلاح، وقد ضغط شباب ثورة فبراير من قبل ليتم إقصاءه هو وقيادات أخرى، إلا أن الكثير من المواطنين وشباب الثورة والمقاومة الشعبية، يلتفون حول القرار، رغبة في الخلاص، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام المشروع الحوثي الذي أظهر بشاعة، ومزق اليمن، وشوه مدنها بالحرب، فرأوا بأن تعيينه سيكون مصلحة لليمن، بعد أن أجمع العديد من المراقبين على قدرته على إحداث فرق كبير في مسار عمليات التحرير للمدن اليمنية واستعادة الدولة.

دلالة اللبس المدني
 
بعدما ظهر اليوم الفريق الأحمر أثناء تأدية اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية وهو يرتدي قميصا قاتم اللون، وليس لبسا رسميا، كتب الباحث عبدالسلام محمد على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي" الفيس بوك":" أن عدم لبسه زيا رسميا أو عسكريا، هو طمأنة لخصومه أن مهمته محدودة وسريعة وغير مستديمة، ولم يعد يرغب في مناصب سياسية أو عسكرية بعد استعادة العاصمة".
 
الدور المرتقب
 
الدور المحدد للفريق الأحمر، بدأ وإن يكن مخطط له، منذ صدور قرار ضم المقاومة الشعبية إلى الجيش الوطني، وتقع على عاتق الفريق الأحمر بناء جيش يمني، لمرحلة ما بعد الحرب، والذي سيساهم أيضا في معركة صنعاء، واستعادة الدولة من يد الانقلابيين.
 
مخاوف وترقب
 
المدينة التي شكلت خليطا متنوعا من الثقافات، لا يريد أحد لها الحرب، لكنها بعد سقوطها بيد الحوثيين الذين سبق وأن أشعلوا حربا فيها، تزايدت مؤخرا مخاوف المدنيين الذين يقطنون صنعاء، من نشوب حرب فيها، ويترقبون بقلق بالغ ما ستحمله الأيام القادمة، التي قد تبدأ بحروب في محيط العاصمة للضغط على الحوثيين وصالح، وحث القبائل المحيطة بصنعاء على اتخاذ قرارات مبكرة.
 


التعليقات