انهيار الريال والتداعيات المتوقعة .. الانقلابيون يجرون البلاد نحو الهاوية
- متولي محمود - خاص الاربعاء, 18 مايو, 2016 - 10:11 مساءً
انهيار الريال والتداعيات المتوقعة .. الانقلابيون يجرون البلاد نحو الهاوية

[ إرشيف ]

سجل الريال اليمني، خلال الأيام الثلاثاء الماضية، أدنى مستوياته أمام الدولار، حيث وصل سعر الصرف أمس الثلاثاء 33 ريال، للدولار الواحد، قبل أن يتراجع اليوم الأربعاء، لأسباب لا تزال مجهولة.
 
ويرى مراقبون، أن أزمة الريال اليمني، لن تتوقف، خصوصا بعد قيام سلطة المليشيا الإنقلابية، بإهدار احتياطي البلاد من العملة الصعبة، متوقعين أن يستمر الانهيار، ليصل إلى 500 ريال مقابل الدولار.
 
يأتي هذا التدهور للريال اليمني، بعد عام من حكم الحوثيين وانقلابهم على الدولة، بدعم من الرئيس المخلوع، وسيطرتهم على مقاليد الحكم في البلاد.
 
 ويتهم مسؤولون في الحكومة الشرعية جماعة الحوثي بإهدار المال العام، والاحتياطي الأجنبي طوال فترة حكمهم، غير مكترثين بالانهيار الوشيك للاقتصاد الوطني، وتضاعف معاناة المواطن اليمني.
 
وقال وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، إنه لم يتبقَ من الاحتياطي النقدي سوى 100 مليون دولار أمريكي إلى جانب الوديعة السعودية، مضيفا في تغريدة على حسابه في "تويتر": "إن الاحتياطي الأجنبي قبل انقلاب الحوثيين كان 4 مليار دولار بالإضافة إلى الوديعة السعودية، ومع ذلك لا يزال الانقلابيون يرفضون الانصياع للسلام".
 
وكان البنك المركزي اليمني، الخاضع لسيطرة الحوثيين، قد باشر، مطلع الأسبوع، بطبع 50 مليار من الأوراق النقدية فئة 1000 ريال، وقالت مصادر لصحيفة "العربي الجديد" إن البنك أقدم على طبع الأوراق النقدية بالعملة الوطنية من دون غطاء من النقد الأجنبي أو الذهب.
 
وتشهد الأسواق اليمنية ارتفاعا حادا في أسعار السلع الغذائية، خصوصا مع قدوم شهر رمضان المبارك، حيث أفاد مواطنون أنهم فوجئوا في اليومين الماضيين بازدياد محموم في أسعار السلع الأساسية، بينما أبدى آخرون تخوفهم من الارتفاع الجنوني لأسعار الأغذية، ومن الجشع الذي يبديه التجار، خصوصا في ظل الفوضى وغياب الرقابة.
 
انهيار الاحتياطي النقدي
 
 الاحتياطي النقدي لأي بلد، هو مقدار ما توفره من العُملة الصعبة لتغطية وارداتها، بحد أدنى ستة أشهر، ويقول الخبير الاقتصادي والقانوني "د. عبدالكريم هائل سلام": "في حال قلَّ الاحتياطي عن تغطية الواردات لمدة ستة أشهر، فمعنى ذلك أنها تخطت عتبة الأمان، وفقا لآخر تقرير لصندوق النقد الدولي، والذي أكد أن الاحتياطي النقدي لليمن سيصل منتصف العام الجاري إلى مليار و200 مليون، وهو ما يغطي فقط واردات شهر واحد فقط".
 
وأضاف "عبدالكريم" في حديث لموقع "الموقع بوست": "المشكلة تكمن في أن الاحتياطي النقدي تآكل بسبب عدم وجود مصادر لتعويض مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، وذلك بسبب توقف الصادرات، حيث لم يعد هناك من مصدر سوى تحويلات المغتربين وهي مع الأسف تتم عبر "مراكز الصرافة" وليس عبر "مصارف"، وعادة ما يتم تداولها خارج القطاع الرسمي".
. ويتابع الدكتور سلام: "ورغم ذلك فإن تلك الحوالات تتوجه لتمويل الصادرات بطرق غير رسمية، حيث أنها على الأقل تسمح بتأمين نسبة معينة من تغطية الواردات وهذا يخفف الضغط على السوق النقدية".
 
50 مليار ريال بدون غطاء نقدي
 
 ويرى "سلام" أن طباعة المزيد من الأوراق النقدية بدون غطاء، يعني زيادة في العرض النقدي، ويترتب عليه انخفاض قيمة العُملات وفقا لقانون "جريشام"، والذي يقول إذا وجدت عملتان إحداهما قوية والأخرى ضعيفة فإن الضعيفة تطرد القوية.
 
وتابع: "إن تسلط الانقلابيين، لا شك، وراء انهيار الريال، والكارثة الكبرى أن التمويل بالاقتراض الداخلي الذي هو "أذون الخزانة" وصلت حد الانفجار، وتخطت 3 ترليون ريال وأصبحت تغطية فوائدها دون أصل الدين تحتل المرتبة الثانية في النفقات بعد الأجور، وهذا يعني أن الواردات أصبحت موجهة لتغطية خدمة الدين بعد المرتبات".
 
كارثة إنسانية وشيكة
 
وحول الأضرار التي ستلحق باليمنيين بسبب هذا العبث، قال "د. عبدالكريم": "الجميع سيخسرون، حتى الذي اكتفوا بمراقبة ما يحدث، خاصة وأن الانقلابيين يتجهون لهبر أموال صناديق التقاعد والتأمينات، إنها كارثة لا تحتمل فعلا،، إذا أضفنا ارتفاع نسبة الاستهلاك مع قدوم شهر "رمضان المبارك" واستحضرنا جشع التجار وتقييم أموالهم بالدولار، عندها سندرك حجم الكارثة".
 
ويردف "سلام" قائلا: "لخلاصة أن الانقلابيين لا يفقهون من أمر الدولة سوى كم سيكون نصيبهم، وأين سيربحون، غير آبهين لمستقبل أبنائهم. إنهم بجهل يدمرون مستقبل الوطن بأيديهم".
 
إمكانية تعويض الانهيار
 
وعن إمكانية استدراك الانهيار، استطرد " الدكتور عبدالكريم هائل": "لا يمكن لعائدات النفط والغاز أن تعوض هذا الانهيار الكبير في المدى القريب والمتوسط، لذلك لابد من خطة إعانة عاجلة، بما في ذلك "مؤتمر إعادة إعمار"، ولكن هذا مرتبط بدرجة رئيسية بعودة المسار السياسي، لكن الانقلابيون، حاليا، يراهنون على أن يتداركهم المجتمع الدولي من الانهيار".
 
وأضاف: "المسألة المالية منذ البداية أصبحت تحت وصاية صندوق النقد والبنك الدولي، تحديدا منذ 1995م، بعد سياسية التقويم، هي داخلة ضمن تفاهمات، وربما كان لها دور في إبقاء النفقات مرتبطة بالخزينة العامة".
 
 وحول الوديعة السعودية في البنك المركزي يقول "سلام": "إن هذه الوديعة ليست بالمفهوم المتعارف لدى بنك تجاري، فالوديعة السعودية هي تحت تصرف البنك المركزي، وموجهة لتأمين جزء من احتياطه النقدي، وسحبها سيترتب عليه انهيار تام للنظام المالي والسياسة المالية والنقدية للبلاد".
 


التعليقات