هائل سلام

هائل سلام

هائل سلام محامي وناشط حقوقي

كل الكتابات
دكتاتورية ذات مسئولية محدودة
الخميس, 27 أكتوبر, 2016 - 03:49 مساءً

الوئام الإجتماعي هو الرأسمال الحقيقي، الذي يتساوى، بل ويفوق، في القيمة والأهمية، كل مصادر الثروة المادية في أي بلد.
 
والإنجاز الوحيد الذي حققته جماعة الحوثي حتى الآن - بالمعنى السلبي بالطبع - يتمثل، حصرا، في كونها نجحت في نسف حالة الوئام الإجتماعي اليمني من أساسها.
 
نسفتها تماما، مثلما تنسف بيوت خصومها بالديناميت، بحيث أن المجتمع اليمني سيحتاج الى سنين، بل إلى عقود، طويلة لإزالة الآثار، ومعالجة التهتكات في نسيجه الإجتماعي.
 
وهي الآثار والتهتكات الناجمة عن المغامرة الإنقلابية الحوثية الطائشة.
 
والملاحظ أن الجماعة، وقد أنقلبت على مؤسسات الدولة، لاتسعى الى التمأسس كدولة، بل تسعى، وفق مؤشرات وقرائن وشواهد ودلائل عديدة، الى التحقق والتموضع كجماعة فحسب،.
 
أي الى التمأسس كهوية خاصة، ضدا على فكرة الدولة وعلى الهوية الوطنية الجامعة.
 
إذ هي تسعى الى التجوهر، كأداة فرز وإفراز، طائفية وتطييفية، تقسم المجتمع الى هويات ضيقة، متنافرة ومتناحرة....
 
ولنا أن نلاحظ أن إنقلابها هو الإنقلاب الوحيد في كل تاريخ العالم، الذي يستاء قادته من إستقالة الرئيس المنقلب عليه وعلى سلطته، معتبرين أن إستقالته خيانة.
 
أنقلبت تحت لافتة الشراكة " لامناص من الشراكة " وإنقلابها يستهدف السعي الى السيطرة على مفاصل القوة ومصادرة ممكنات القرار السيادي للدولة، وتحويل مؤسسات الدولة، بمافيها الرئاسة، الى واجهات ديكورية، شكلية، تجمل وجهها " القبيح " كمليشيا.
 
إنها لاتسعى الى الحكم، بل الى التحكم، أي الى الإستئثار بخيرات الحكم وإمتيازاته، ولكن دون تحمل أعباء الحكم وتبعاته.
 
السلطة مسئولية، غير أن الجماعة تسعى الى الإستحواذ والسيطرة والإستئثار، دون تحمل أي مسئولية.
 
حتى أن مسئولية دفع وتسليم مرتبات موظفي الدولة، مدنيين وعسكريين، تسعى إلى تحميلها " الشرعية "، دون أي شعور بالمسئولية تجاه الناس.
 
بعبارة أخرى، إنها تسعى إلى الغنم دون الغرم، مثلها مثل أي دكتاتورية ذات مسئولية محدودة.
 
الذي يدفعنا الى قول هذا هو أننا في وطن وليس في صالة قمار.
 
أنتم، ونحن، يمنيون حتى العظم، ولسنا في وارد التصنيف : رافضة ومجوس. إذ نحن، جميعا، معجونون بطين هذي الأرض.
 
نحن هنا، في صنعاء، في مرمى نيرانكم، وفي متناول سلطات الإعتقال.
 

التعليقات