علي أحمد العمراني

علي أحمد العمراني

برلماني يمني، وزير الإعلام السابق، والسفير السابق لليمن لدى الأردن.

كل الكتابات
السلام في اليمن.. ممكنات وتمنيات ..
السبت, 19 نوفمبر, 2016 - 07:40 مساءً

لا يلام الأجانب، "الخواجات" خاصة، إذا تحدثوا عن سلام قريب في اليمن، يكون الحوثيون طرفا فيه.. الخواجات لا يعرفون اليمن كثيرا، ولا يعرفون حقائقها وتعقيداتها، وربما لا يعرفون حقيقة الحوثيين على وجه الخصوص .. ولا يهمهم شأن اليمن كثيرا.. لكن ليس واضحا ما هي مبررات اليمنيين الذين يَرَوْن أو يتوقعون أن الحوثيين يمكن أن يجنحوا حقيقة للسلام، بشروط موضوعية وعادلة.. كأنهم نسوا تجربة ونهج وحقيقة الحركة الحوثية منذ نشوئها... كم أتمنى، والله ، أن يجنح "أخوتنا " الحوثيون للسلام .. لكن للأسف، لا أرى أفقا قريبا لذلك ، وكم يتمنى المرء أن يكون مخطئا تماماً هنا..
 
بإمكان الحوثيين أن يثبتوا أنني مخطئ هنا ، حتى بعد سنة ..سأكون سعيدا وقد فاعتذر ..!
 
الحرب والقتال مشروع حوثي خالص منذ البداية.. منذ 2004 لم يستعد للحرب سوى الحوثيين، ولم يقاتل الجيش والدولة سواهم ، وهم اجتاحوا العاصمة وغزو المدن والقرى ..
 
أثبتت الشهور والسنين الماضية أن الحوثيين مشروع حرب وهم المشكلة الرئيسية الخطيرة في البلد، وأنهم سبب الحروب وأداتها ، وأن الحوثيين لا يجيدون سوى الحرب .. وهم من حيث سبب المنشأ نتاج قصر النظر وسوء الإدارة والحكم الذي تميز به عهد علي عبد الله صالح .. كان صالح يحكم بلا فكر أو أو نضج أو مشروع وطني حقيقي، كان همه السلطة فقط ، وكان هم كثير من رجال عهده جمع أكبر قدر من المال الحرام، وكان العهد يستخف بالعلم والثقافة والتنمية الحقيقية وكل أشكال العدل، وكان يجرف قيم البناء، وكان الفساد ليس مجرد "ملح التنمية" كما قال با جمال ذات مرة ، لكنه كان طريقة حياة وأسلوب حكم..
 
ما يريده الحوثيون دائماً ليس شراكة حقيقية وسلاما عادلا ودائما ، لكنهم يريدون بأي ثمن، إحكام السيطرة على البلد، أو أي جزء يتمكنون من الإستيلاء عليه بالقوة القاهرة والعنف المبين ، مثلما فعلوا منذ 2004، ومثلما يحدث الان في صنعاء وكل المناطق التي يسيطرون عليها.. ومفهومهم للشراكة ، يعني أن يكونوا هم المهيمنون على كل شيء.. وخلافا لما كانت توصف به حالات سابقة ، دولة داخل الدولة ، سيقبل الحوثيون فقط أن يكونوا دولة فوق الدولة ، وليس مجرد دولة داخل الدولة، وهنا تتلخص فكرة الشراكة عندهم، وهم قد يقبلون "سلاما" على هذا الأساس فقط .. نموذج ولاية الفقيه في إيران ، وحزب الله في لبنان، أو ما يشبه، يشكل مرجعيتهم للعمل والمستقبل والعلاقة مع الآخرين ..
 
هذا المقال ليس دعوة لاستمرار الحرب بأي حال ، فأنا شخصيا، لأسباب موضوعية تخصني ، لم انخرط في الحرب مباشرة، وقد يعيب علي ذلك كثير من المحاربين المحترمين ، لكن ما أقوله هنا هو توصيف حالة مؤسفة ومحزنة، طرفها آخرون من بني جلدتنا، الحوثييون أقصد، وأن توهم بعضهم أنهم أكبر من أن يكونوا مجرد منا وفينا، بسبب المعتقدات العنصرية الباطلة والادعاءات الزائفة ..
 
لسنا من دعاة الحرب، نعم، لكن عندما يؤمن شريكك في الوطن أن لديه تفويضا إلهيا لحكمك، وأن واجبه قتالك إن لم تسمع وتطع وتذعن، ويؤكد ذلك في كل مناسبة تتاح ، يؤكده في الإحتفال بميلاد النبي، والإحتفال بحديث غدير خم، وذكرى استشهاد علي و الحسين، وزيد بن علي بن الحسين، تكون حينذاك خياراتك محدودة، إما أن تستلم وتذعن لكل ذلك الظلم أو تحمل السلاح وتقاوم ، أو تتشرد وتترك الوطن..
 
خيارات صعبة بالفعل.. لكن كيف النهاية .. ؟ قد يستغرق الإذعان بعض الوقت ، وكذلك السيطرة ، لكن يستحيل لعقيدة باطلة، ومنطق معوج، وظلم مبين أن يستمر، ولن يكون أمام جماعة تعمل ضد حركة التاريخ ، وضد مبادئ العدل الإنساني ، ومقتضيات العصر ، إلا أن تتلاشى ، بالمراجعة والتصويب والتنصل والإعتذار، أو الهزيمة.. لكن ذلك قد يستغرق وقتا.. قد يطول بنا الوقت، حتى يجد كثير من المذعنين والصابرين ومن في حكمهم بأن ليس أمامهم سوى التحالف والتكتل والمواجهة .. حينها ستجد الحركة الحوثية بأنها أمام لحظة الحقيقة التي جعلتها ظروف إستثناية لا تدركها في الوقت المناسب..
 
الهزيمة ستكون في النهاية حليف هذه الحركة ذات المنشأ الأصولي والمعتقد العنصري الذي يفرض كلما يريد بالخديعة والقوة والبطش ..
 
هل يمكن ان يجنح الحوثيون لسلام عادل ودائم ومشرف .. أشك في ذلك .. وأتمنى ذلك..!

* من حائط الكاتب على فيس بك

التعليقات