اليمن .. هدنة علنية وحرب عملية
الاربعاء, 30 نوفمبر, 2016 - 07:58 مساءً

انتهت هدنة وقف إطلاق النار التي أعلنها التحالف العربي لمدة 48 ساعة قابلة للاستمرار في شأن الحرب في اليمن كسابقاتها.
ولحقت الهدنة التي تحددت من ظهر يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى ظهر يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني بست هدن سبقتها بذات النتيجة وأكدت أن ما يحصل هو هدنة علنية، وحرب عملية.
 
مع ذلك يسجل للهدنة الأخيرة أنها:
 
أولاً: أظهرت اتفاقاً ووفاقاً دون تفاهم بين طرفي الصراع في البلاد وهما: الحكومة الشرعية من جهة، والانقلابيون من جهة ثانية، وجاء هذا بموافقة الطرفين على الهدنة في إعلانها وعلى التشكيك المسبق بنجاحها. الحكومة الشرعية اعتبرت أن الانقلابيين لا ثقة بهم، وهم لا عهد لهم ولا ميثاق وهم يرفضون الجنوح للسلام، فيما الانقلابيون اعتبروا المبادرة التفافاً على اتفاق مسقط بشأن وقف إطلاق النار، ولهذا استمرت الحرب وليس مجرد خرق لوقف إطلاق النار الذي بلغ حسب الناطق باسم قوات التحالف اللواء أحمد عسيري 726 خرقاً من جانب قوات الانقلابيين الذين اتهموا قوات الشرعية بالخرق لكنهم لم يحددوا عدده بالأرقام.
 
ثانياً: سجلت الهدنة السابقة مفارقة عجيبة في الموقف الأمريكي والأوروبي هي أقرب إلى الأمنيات التي يراد تحقيقها لكنها تبقى بعيدة عن الواقع وأقرب للخيال.
 
في هذا الشأن سارعت مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية لحظة إعلان التحالف العربي إنهاء الهدنة لانتفاء أسباب استمرارها، إلى إشادة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بموافقة طرفي القتال في اليمن على استمرار الهدنة التي لم تكن موجودة في المدة التي أعلن عنها، فيما اعتبر الاتجاه الأوروبي أن وقف إطلاق النار في اليمن لمدة 48 ساعة كان «أول خطوة في الاتجاه السليم» رغم هشاشته.!
 
ماذا يمكن أن يقال في شأن هاتين المسألتين المحسوبتين على الهدنة السابقة في الحرب العاصفة باليمن؟
هنا يمكن الإشارة إلى ثلاث قضايا:
 
الأولى: أن المواجهة بين طرفي الحرب في اليمن تتصاعد حدتها وتتعدد جبهاتها وهذا الاتجاه يوسع الهوة بين الطرفين، وفي هذا يمكن القول إن انتزاع المشاورات من لحظة ذروة ثمارها في الكويت لم يعد الأزمة السياسية اليمنية إلى نفق التفاقم وحسب بل أدى إلى توجيه ضربة لقاعدة التشاور والتفاهم وأدخل الأزمة في متاهة التلاعب ومن ذلك جاء الخلط بين الانقلاب والشرعية في آن.
 
لم يحدث هذا بسبب أن المشاورات زادت عن مدتها دون التوصل إلى اتفاق، بل كان إجهاض المشاورات بسبب التدخل، وقد وجد هذا التدخل تجاوباً في وضع التشاور الذي لم يحظَ بالاهتمام ممن يثيرون الآن زوبعة الاهتمام بحل الأزمة. وعلى هذا كان من الطبيعي أن تتداعى الأمور إلى هذه الحال من التنافر والتناحر.
 
الثانية: اليمن ليست بعيدة عن دول الاتحاد الأوروبي، وإجمالاً ترغب دول هذه الدول بإنهاء الحرب في هذا البلد، وما يزيد من اهتمام العديد من دول الاتحاد الأوروبي الأضرار الكارثية لهذه الحرب على سكان البلاد والمخاطر التي ستترتب عليها وفي منطقة ذات أهمية استراتيجية.
 
نعم إن أي هدنة رغم هشاشتها هي خطوة إيجابية لكن مثل هذه الهدنة لم توجد في حرب اليمن، والأهم من ذلك أن كل أزمة لا تحل بانتظار ما سيتداعى عنها وبإزالة الأسباب والنتائج وهذا الحل كان متوفراً للأزمة اليمنية منذ بدايتها لكنه وحده كان محط تجاهل.
 
الثالثة: للولايات المتحدة اهتمام استراتيجي باليمن وصار أيضاً اهتماماً أمنياً، وما يجري الآن أمريكياً ليس مجرد رغبة من كيري في إنجاز اتفاق تسوية كيفما كان بل هناك تناقض بين القول والفعل.
 
ما يجري قد يذهب إلى إعلان تسوية وهي قريبة من خطة طريق ولد الشيخ التي قامت على مبادرة وزير الخارجية الأمريكي، لكن هذا قد يصير في النتيجة أقرب إلى ما يراه كيري تجاوباً مع طرفي الحرب باستمرار الهدنة فيما الحرب هي الأمر الواقع.
 
*نقلا عن الخليج الإماراتية

التعليقات