إلى متى يمكن أن يستمر تحالف الحوثيين مع المخلوع صالح ؟
السبت, 07 يناير, 2017 - 03:13 مساءً

بدأت التوترات تظهر سريعاً بين الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح رغم تشكيلهم لحكومة مشتركة ‏في 28 من شهر نوفمبر فيما تسمي حكومة الانقاذ الوطني وكانت هذه الخلافات متوقعة نظراً ‏لطبيعة التحالف بينهما. ‏
 
إن أكبر مشكلة تواجهها الحكومة التي شكلها الحوثيون وصالح هي افتقارها للشرعية بسبب عدم ‏اعتراف اي دولة بها. لقد أطيح بالرئيس السابق علي عبدالله صالح في عام 2011 خلال ثورات الربيع ‏العربي ومن ثم تولى من بعدة نائبة الرئيس الشرعي الحالي لليمن عبد ربه منصور هادي. ومع ذلك ‏فقد اضطر الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الاستقالة في شهر يناير عام 2015 وأعلن الحوثيون ‏بعد لك بشهر حكم البلاد، ولكنه سرعان ما تخلى عن استقالته وأصبح رئيساً للحكومة المعترف بها ‏دولياً. ‏
 
على الرغم من الضغوط الدولية لكلا الطرفين لحل خلافاتهم فقد أعلن الحوثييون وصالح  عن ‏حكومة إنقاذ وطنية مع برلمان عرف باسم المجلس السياسي الأعلى. كان من المتوقع حدوث ‏النزاعات بين جماعة الحوثي وحليفهم الحالي علي صالح نظراً لطبيعة التحالف بينهما القائم على ‏الإتحاد في الحرب والتفرقة في السياسة، فتحالفهم ليس تحالفاً طبيعياً لأن المخلوع صالح حارب ‏المتمردون حروب عدة عندما كان في السلطة. ‏
 
لقد عين تحالف الحوثيين مع صالح عبدالعزيز بن حبتور كرئيس لوزراء حكومتهم التي تضم 42 ‏وزارة. وقد تم تفسير وجود هذا العدد الكبير من الوزارات بسبب رغبة كل طرف إرضاء أكبر عدد من ‏مؤيديه، نظراً لأن وظائف الدولة هي أقوى وسيلة في اليمن لشراء الولاءات. وكان توزيع الوزارات بين ‏حزب صالح وحزب الحوثيين مهماً جداً ويعكس مدى أولويات كل حزب، حيث سعى الحوثيون ‏للإمساك بالوزارات المتعلقة بالتعليم ووزارة الداخلية، في حين سعى حزب صالح للإمساك بالوزارات ‏الأكثر ربحية مثل الاتصالات والنفط ووزارات أخرى كوزارة الخارجية والدفاع والوزارات الفنية ‏الأخرى. ‏
 
إن تشكيل الحكومة الجديدة من قِبل الحوثيين وصالح تعتبر داخلياً محاولة متأخرة لإضفاء الشرعية ‏على تحالفهم في المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم، حيث أعتاد اليمنيون بمختلف أطيافهم على ‏تسمية هذا التحالف بسلطة الأمر الواقع. ‏
 
سوف تصطدم كل المحاولات الرامية لإضفاء الشرعية على هذه الحكومة في الداخل بعقبات عدة ‏مثل الوضع الاقتصادي المنهار وخزينة البنك الفارغة مع قلة الموارد مثل تصدير النفط و تشكيل ‏جماعات مصالح ورؤوس فساد كبيرة داخلياً مثل ما يعرف باللجان الشعبية التي تستفيد من وضع ‏الحرب وتعطل عمل مؤسسات الدولة. ليس هذا فقط، فهم يقومون بجمع الأموال من الناس بحجة ‏الحرب. تم تشكيل هذه اللجان من قِبل جماعة الحوثي بعد سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء ‏في سبتمبر 2014 بحجة الإشراف على مؤسسات الدولة التي اعتبروها فاسدة. لكن سرعان ما تحولت ‏اللجان الشعبية إلى أداة لابتزاز المواطنين وفرض الإتاوات على رجال الأعمال غير الضرائب، إضافة إلى ‏أنها اصبحت وسيلة لسرقة المال العام. ‏
 
مع مرور الوقت، أصبح من الصعب حل هذه اللجان وتفكيك شبكة المستفيدين منها مما أدى إلى ‏صدام بين جماعة الحوثي وحليفهم الحالي (حزب المؤتمر الشعبي العام) الذي يقوده الرئيس السابق ‏صالح. لذلك تم تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني لغرض توزيع غنائم الحرب بينهما وسط منافسة ‏ساخنة على مناصب الدولة والأموال.‏
 
اندلعت التوترات بين صالح والحوثيين عندما بداء الحوثيين توسيع نفوذهم في المناطق التي يسيطر ‏عليها صالح من خلال القبائل أو المعسكرات المؤيده لهم كالمناوشات التي حصلت بينهم على ‏معسكر الصباحه جنوب صنعاء في فبراير من عام 2015، وتصاعدت هذه التوترات عندما اعلن ‏الحوثيون بمفردهم إعلاناً دستورياً في الشهر نفسه الذي قضى بحل مجلس النواب الذي يمثل ‏غالبيته من حزب المؤتمر الشعبي العام الموالي للرئيس السابق صالح، وبموجبه تكون هناك مرحلة ‏انتقالية لمدة عامين، والذي بدورة سيقضي على آمال صالح بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. كان ‏صالح يجيد لعبة الانتخابات منذ كان في السلطة لمدة 33 عاماً منذ 1978 وحتى عام 2012 وبالتالي ‏سوف يسيطر على اللجنة العليا للانتخابات والمجالس المحلية التي لها الدور الحاسم في ترجيح كفته ‏في الانتخابات وهذا ما تخشاه جماعة الحوثي لأنها جماعة لا تمتلك خبرة سياسية ولا قاعدة شعبية.‏
 
ظل الحوثيون وصالح في توتر مستمر حتى بدأت عاصفة الحزم في مارس 2015 وبدأت مرحلة ‏تحالف ثانية جديدة تحكمها الضرورة والشعور بالخطر المشترك الذي سبب تماسكاً ظاهرياً بينهما، ‏ولكن سرعان ما تجددت هذه التوترات مع بدء تفاوض الحوثيين مع المملكة العربية السعودية ‏وتجاهلهم لطرف صالح، الذي أدى صالح لدعوة أنصاره إلى الاحتشاد بمناسبة الذكرى السنوية ‏الأولى لبدء ضربات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. أدى هذا الأمر إلى إثارة ‏غضب الحوثيين لاستعراض صالح لقوته الشعبية وهي القوة التي لا يمتلكها الحوثيون. ‏
 
بدأت مرحلة ثالثة وجديدة في العلاقة بين الطرفين بعد فشل مفاوضات الكويت وذلك بإعلانهما ‏للمجلس السياسي في شهر اغسطس من عام 2016 الذي بموجبه يتنازل الحوثيون عن الإعلان ‏الدستوري وإعادتهم للعمل بالبرلمان الذي يمثل نقطة خلافهم مع حزب صالح، وبعد ذلك اختيار بن ‏حبتور رئيساً للوزراء في اكتوبر من عام 2016  ومن ثم تشكيل هذه الحكومة في أواخر شهر نوفمبر. ‏كل هذه الخطوات حتى الآن ما زالت موجهة إلى الأنصار الداخليين كرسالتين إحداهما للتطمين ‏والأخرى لتلويح بالاستعداد لمواجهة طويلة للخارج. ‏
 
إن الخطوة المتمثلة في تشكيل الحكومة تظل محدودة الأفق ولن تستمر طويلاً لعدم وجود الشرعية ‏الدولية، والأهم من هذا كله هو ضعف الموارد الاقتصادية. بالرغم من تشكيل الحوثيين وصالح ‏لحكومة وحدة وطنية كما يزعمون إلا أنهم لن يستطيعوا إقناع العالم بها أو حتى إقناع بعضهم ‏البعض لقبولها. ‏
 
*صحيفة المونيتور ‏الأمريكية

ترجمة خاصة للموقع بوست

التعليقات