هكذا أصبح المعلم في اليمن بلا راتب!
الجمعة, 24 فبراير, 2017 - 03:41 مساءً

ماذا أقول وقد رايت معلمي..

في مطعم الحمراء يعمل طاهيا

يا ليتني ما عشت يوما كي أرى..

من قادنا للسعد أصبح باكيا

ان كنت تسال عن وجودي هاهنا..

فالوضع أصبح للإجابة كافيا

قطعوا الرواتب يا بني وحالنا..

قد زاد سوأ بعد سوأ خافيا

هكذا رتلها الطالب سامي أمين عندما رأى معلمه وقدوته في الحياة، معلم المجد ومنور العقل يعمل طاهياً في أحد مطاعم العاصمة صنعاء بعد ان توقف راتبه، الذي يمثل دخله الوحيد ويعول أسرته به.

ومما لا شك فيه، أن انقطاع الرواتب منذ خمسة أشهر أفقد توازن الكثير من الأسر اليمنية وعلى وجه الخصوص قطاع التعليم، فوحده المعلم المغلوب على أمره في هذه البلاد، ناهيك عن مرتبه الذي لا يكفي لسد حاجته وحاجة أطفالة، من متطلبات الحياة الصعبة والتي تشتد يوما بعد يوم.

وقد جاء ارتفاع الدولار مؤخرا، كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فلم يشهد المعلم زمناً مضى أشد عليه من هذه الفترة الصعبة التي وجد نفسه فيها، خالي اليدين، فارغ الجيب، حتى من بضعة ريالات تكفي لسد حاجة اطفاله من الجوع، ووجد نفسه امام معركة صعبة تشن عليه من صاحب البيت ومن البقال والجزار والخباز... ووجد نفسه بين قاب قوسين أو ادنى من ذلك، فتلك الشهائد والاوسمة والادرع التي أفنى عمره يتعب عليها ويفتخر بها لم تعد سوى ديكور منزلي يزين جدران المنزل لا اكثر.

في ظل هذه الظروف، وجد المعلم، نفسه يترك قوانين الفيزياء والرياضيات علوم الحاسوب وجيولوجيا الحياة ليشارك في معركة الحياة ليصارع من اجل يعود الى منزلة يحمل خبرا وزيتاً لا أن يحمل كتابا كعادته.

ينزلق التعليم في هاوية المجهول بعد انقطاع الكثير من المدرسين عن التعليم، ناهيك عن اساتذة الجامعات فالعديد من الكليات، قد خلت من اساتذتها وبروفسوراتها، منهم من ضاق بهم الحال، فقرروا الهجرة الى بلد يحترم فيه قيمة المعلم المقدسة ومنهم من نزل الى الشارع، بعد ان انخفضت قيمة المعلم وكرامته في بلد لم يعد لشيء فيه قيمة كقيمة المال. لم تعد تلك الشهائد وذلك التحصيل العلمي يسدي نفعاً، كما تقول أم أحمد عندما وجهت اليها، سؤالا عن سبب انقطاع ابنائها عن التعليم، وترد بحزن يملأ عينيها "ما فائدة الدراسة فبعد ان انقطع مرتب زوجي المتوفي لم نجد ما يسد حاجتنا ولم يجد ابنائي المال الكافي لسد متطلبات الدراسة فقررت ان يتركوا الدراسة وهم الان يعملون في احدى الورش"، وتردف بتعجب "ما فائدة التعليم فها هو جارنا المعلم يشتغل سواق باص؟!".

لم تكن ام احمد، مخطئة فهاهو أحد استاذة الجامعة والحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة بروفيسور في جامعة الحديدة يعمل حالياً خبازاً في الحديدة كي يعول وينفق على أطفاله بسبب انقطاع الرواتب منذ عام 2016.

وهي أمثلة، محدودة، في واقع مليء بالشواهد، التي تعكس كارثية الوضع الذي وصلت إليه البلاد، بما يتعلق بالتعليم على وجه خاص.
 

التعليقات