تفكيك المساحة الرمادية
الإثنين, 03 أبريل, 2017 - 01:57 صباحاً

عندي الكثير أقوله بمناسبة الحملة الشرسة ضد الناشطتين رضية المتوكل وسماء الهمداني.
 
أول شي احب أوضحه اني لم اسمع جلسة استماع الكونغرس بسبب رداءة الصوت لكن مؤمنة انه لا شئ يبرر حفلة الشتم والقذف والإساءات العنصرية التي حصلت الايام الماضية.
 
 لكن من خلال قراءتي لورقة الجهة المنظمة والتي أنكرت رضية -مشكورة- انها لم تكون نص كلمتها لكن لم تنكر الجهة المنظمة نسبة الورقة لها، وهي ورقة اعتقد انها سيئة جدا ليس بسبب الكلمة indigenous التي اشتهرت وتسببت في زوبعة الغضب والسخرية، بل لان الورقة تحركت في مساحة رمادية تخدم طرف الحوثي وصالح وعمليا هذه المساحة تؤدي لاطالة أمد الحرب الأهلية على عكس ظاهرة الدعوة السلمية لها، وسأشرح الان قصدي بالمساحة الرمادية لكن بعد توضيح نقطة اخرى.
 
الحملة التي شنت كشفت حجم التعويل على الرأي العام الغربي والمبالغة في تصوير أهميته، وهذا غير صحيح على الأقل في حالة اليمن. اليمن دولة هامشية جدا بالنسبة لاهتمامات العالم وهي حرب منسية بالكامل، والتعامل معها لا يتم الا من منطلق إن السعودية تحارب وليس اليمن تضرب لان الخبر هو السعودية وليس اليمن التي لا يعرفها احد سوى انها تقع جنوب السعودية.
 
 لكي تخلق جو رأي عام مؤثر تحتاج ولو لقدر بسيط من الاهتمام بالقضية وحراك مدني واسع وغيرها من أمور تجعل مسالة التأثير على الرأي العام من اي طرف باليمن مجرد خرافة خاصة ان مشتريات السعودية من أسلحة من الدول الغربية تصل لبلايين وهذا عامل حاسم لصالح تجاهل الحرب باليمن بكل تفاصيلها المعقدة، اضافة ان نشاط اليمنيين في واشنطن ولندن وجنيف يعكس انقساماتهم وينقل استقطاباتهم الحادة وبالتالي لا ينجح في خلق اي معرفة او وعي بوضع البلد.
 
بخصوص المساحة الرمادية التي يتحرك فيها طرف الحوثي وصالح، الناشطين اليمنيين منقسمين في الغالب بين الطرفين. بالطبع حيلة كشف جرائم طرف دون اخر صارت مكشوفة، ولم تعد هنا المشكلة بل المشكلة في كيفية طرح كل طرف تصوره للحرب ومن ثم السلم. عادة طرف الحكومة عمله مباشر ومكشوف لانه في الغالب يعمل ضمن قنوات رسمية تقليدية أما طرف الحوثي وصالح فهو يعمل ضمن مساحات رمادية قد تجمعه ايضا مع بعض الأطراف المعارضة لهم وللحكومة في وقت واحد.
 
اول هذه المساحات الرمادية هي مساحة القاعدة وداعش، من الطبيعي عند الحديث لأي طرف غربي فتح موضوع القاعدة وداعش في اليمن، لأنها عمليا الاولوية القصوى الوحيدة لدى الغرب في اليمن والمتلقي الغربي لا يعنيه من امر اليمن الا هذا الجانب، بالطبع مهم مخاطبة مخاوف الغرب لكن دون نسيان واقع اليمن. في بداية الترويج للحوثي بعد دخوله صنعاء بالخارج كان كل الترويج الغربي يستند على إمكانية التعامل مع الحوثي كشريك عقائدي مخلص في الحرب ضد القاعدة وداعش باليمن، هذا الحديث تراجع قليلا بعدها بفترة لكنه لايزال موجود داخل غرف مغلقة وهو نقاش مؤجل لما بعد الحرب، وعمليا هذه احد أوراق الحوثي التي سوف تعزز من وضعه لكن بعد الحرب.
 
بالتأكيد للغرب مخاوفه لكن حتى من باب مصلحتنا المشتركة يمكن التوضيح ان الحوثي شريك طائفي الاستعانة به في قتال القاعدة وداعش سوف يخلق لهذه التنظيمات حواضن اجتماعية ، خاصة ان الحوثي ايضا عنيف مثلا تفجير المنازل والمساجد وزراعة الألغام بشكل عشوائي وغيره. المساحة الرمادية في هذه النقطة هو تضخيم حضور القاعدة وداعش في اليمن دون ذكر أية حلول او ملابسات سياسية تشرح أسباب تمددها.
 
المساحة الرمادية الثانية وهي اكثر صعوبة، مساحة ضرورة وقف الحرب فورا والدعوة للسلم، دون ذكر مرجعيات العملية السياسية اليمنية والاسس الشرعية للدولة اليمنية. مفهوم انه عند مطالبة العالم بالتدخل لفرض السلم سوف نتحدث عن ضغوط على المتحاربين ، وبطبيعة الحال لن يكون هناك ضغط سوى على السعودية. فالسعودية دولة لديها مصالح مع العالم بعكس الحال مع ميلشيا معزولة لا علاقات لها بدول العالم وتستخدم أسلحة معظمها موجود بالداخل وهو منجم لا ينفد.
 
المساحة الرمادية ليس في وسيلة الضغط ولا في دعوة السلم بل في تجاهل ربما مقصود لمرجعيات التسوية.
 
غياب هذه المرجعيات يعني ببساطة ما يسعي له صالح والحوثي وهو تحييد السعودية دون اي حل لمشكلة الصراع السياسي الداخلي الذي انفجر بسبب استقواءهم بالسلاح للانفراد بالسلطة، ودعوة وقف الحرب دون الحديث عن المرجعيات يعني وقف الطيران السعودي عن الضرب وترك اليمن لمصير الانقسام والحرب الأهلية وهذا ليس سلم. فالطرف الاقوى تسليحا وهو الحوثي اثبت ومن قبل تدخل السعودية انه يفتقد ابسط أشكال المرونة مع الآخرين غير حمولته العقائدية والاجتماعية الصدامية، بالتالي سوف يكون السلم المزعوم في هذه الحالة محاولة فاشلة لتكريس وضع الكانتونات الطائفية والمناطقية باليمن بعد فشل الزعيم المقدس في توسيع سجن صعده ليشمل بقية اليمن وعجز الزعيم المفدى الحفاظ على اقطاعيته كاملة.
 
من صفحة الكاتبة بالفيسبوك.
 
 

التعليقات