الانتفاشة المؤتمرية في ميزان فبراير
الخميس, 17 أغسطس, 2017 - 11:47 مساءً

من الطبيعي أن نشهد مثل هذه الانتفاشة المؤتمرية, كما شاهدنا قبل ذلك الانتفاشة الحوثية.
 
نحن في زمن صعود الثورة المضادة, حيث تسيطر على الناس كل انواع المخاوف, وتدفعهم تحت تأثير الارهاب والاصوات الصاخبة وايضا الأوهام الى اتخاذ موقفا على الضد من مصالحها.
 
كان المد الثوري قد شهد تراجعا في السنوات الاخيرة, مع ذلك بقت جذوة الصراع مشتعلة, او هذا ما يقوله صمود اليمنيين في وجه الثورة المضادة, على مدى ثلاثة أعوام. وما كان قد عبرت عنه المقاومة في بداية تفجرها على نحو لا لبس فيه.
 
اذن كان تراجع المد الثوري ضروريا, لطالما أن العامل الذاتي ظل ناقصا, لأسباب مفهومة. ثم أن حركة التاريخ ليست خطا مستقيما, بل متعرج في الغالب. وهذا التراجع يعني ان الثورة دخلت في مخاض جديد لكي تولد وهي اكثر صلابة ووعي.
 
في التحليل النهائي يمكننا القول ان فبراير كان مفتتح لمسار ثوري طويل ومعقد. لم تنتهي المعركة. بل هي بدأت للتو. أو هكذا تقول معطيات الواقع.
 
 
الثورة هي تعبير مكثف عن حجم الأزمة التي يعيشها المجتمع, ويكون النظام الذي تخرج الثورة ضده, أو عندما يتحول الى ثورة مضادة, هو التجسيد الفعلي لهذه الازمة بل وذروتها في مناسبات كثيرة. بمعنى انه لا يمتلك حلولا لتلك المشاكل التي دفعت الناس للثورة, هذا اذا لم يكن في الاساس صانعا لها.
 
 ولأن الثورة لا تكتفي بارهاب خصمها وخلخلته, فهي تظل تجبره على المساهمة في تدمير ذاته, بفعل الارتباك واللا ثقة. أي نظام استبدادي يظل يستمد قوته وثقته من توفر مناخ كامل مهيأ لممارسة السلطة. وليس في وضع مضطرب او عندما يكون قد تلقى صفعات افقدته توازنه.
 
انظروا ماذا فعل صالح عندما جلب الحوثي من مغارة التاريخ عندما توهم انه يمكنه ان يصفي ثاراته واحقاده اتجاه ثورة الشعب. لقد جلب لنفسه الويل, وقدم مساهمة في غاية الاهمية, تأتي ضمن استراتيجية ثورة فبراير.
 
لقد دمرت الحرب ترسانة اسلحة ضخمة, لم يكن من المقدور الوصول اليها, في ظل الظروف القائمة. وكانت هذه الاسلحة او هذا الجيش الذي ظل مخلصا لأسرة بعينها هو واحدة من تلك العقد التي فشلت الثورة في فكفكتها بالرغم من كل المحاولات. أو ما ظل يستعصي على ثوارها.
 
ثم مضت الايام, واستمر المعنيين بأمر الثورة غير قادرين على مسك زمام المبادرة من جديد. لكن الثورة استمرت في عملها, حيث ينبغي لها ان تعمل. فقد فجرت صراعا داخل مركز قطبي الثورة المضادة. هذا الصراع حتى وان تمكنت الثورة المضادة من ادارته وعدم السماح له بأن يتحول الى صدام عنفي, لأنها مجبرة على ذلك, إلا أنه على المدى الطويل سوف يصب في خدمة الثورة, تلك الملحمة التي وحدت اليمنيين كما لم يتوحدوا من قبل, ولم يعد تكرار هذه المأثرة بالأمر الصعب.
 
اذن يمكننا القول, أن المؤتمر أصبح مدفوعا, بدون ارادة منه حتى, او تحت تأثير الأوهام وكل الوعود الزائفة, لتقديم مساهمة أخرى معتبرة. ليس مستبعدا ان تكون اشبه بمن يلف الحبل على رقبته ويتكفل أول مار بباقي المهمة. الثورة تستطيع القيام بالامرين, لطالما كان هذا هو أصلا عملها.

* المادة خاصة بالموقع بوست.

التعليقات