الجمود السياسي لا يكسره إلا الجيش..
الجمعة, 25 أغسطس, 2017 - 11:35 صباحاً

كان واضحا أن الكثير من اليمنيين بمن فيهم قيادات في الشرعية، وحتى التحالف أيضا يعولون على "فعالية المخلوع"  بقطع شعرة معاوية بين طرفي الانقلاب- الحوثي والمخلوع - وهناك من اعتبرها أنها تمثل خطوة نحو تغيير قواعد اللعبة، وكسر الجمود السياسي على رأي الوزير الإماراتي "قرقاش" الذي بدأ متفائلا إلى درجة كبيرة، وكأنه كان يترقب حدثا ما وفقا لمعلومة وليس تحليل.

‏غرد قرقاش نفسه أمس وبذات الروح المترقبة قائلا:"المؤتمر الشعبي العام" أمام إختبار تاريخي غدا في ميدان السبعين بصنعاء، ليكون قراره بالتراجع عن التمرد، ليكن قراره لمستقبل اليمن.

لكن الفعالية اقيمت، ومرت دون  جديد يذكر أو تطور ملفت سوى أنها سلطت الضوء على بعض اعتراضات المخلوع وحزبه تجاه ممارسات الحوثيين في ادارة مؤسسات الدولة وعلى استحياء، وهو خلاف مستمر من قبل عام، وفي نهاية الحفل دعا المؤتمر إلى رفد الجبهات في مواجهة ما اسماه"العدوان" وبنفس النمط السابق، وتأكيدا على استمرار تحالفه مع الحوثيين الذين اقاموا استعراضا عسكريا  دون مناسبة سوى اظهار "المخلوع" منزوع القوة، متجردا من أوراق اللعبة، لا يملك غير حشود جماهيرية لا تغير شيء في ميزان المعركة، والتنافس على الهيمنة والسيطرة على قرار"الانقلاب، وأنهم هم من يمسكون بزمام الأمور، ولا أمل في عقد صفقات مع حليفهم الجديد العدو سابقا..

ذاك هو "صالح" ظهر بين حشود، وتلك هي قوته، فالتعويل عليه رهان خاسر، وخلافه مع الحوثي ليس إلا لمحاولة استرجاع بعض من نفوذه و أدواته التي سلمها لهم بيديه رغبة بالانتقام من الخصوم السياسيين، ونكاية بالزئيس "هادي" الذي ظل لعقدين نائب له صوريا، ولكنه بتلك الخطوة التي دفعت بالبلاد إلى مستنقع الحرب المدمرة، كان قد فقد إمكانية العودة إلى السلطة، وخسر قدرته في الرقص على رؤوس الثعابين، فتلك اللعبة التي لطالما تفاخر بايجادها لم تعد أدواتها متوفرة، بعد أن ابتلعتها الثعابين وهو في نشوة الانتصار على شباب ثورة فبراير..

ظهرت قوة"المخلوع" وكشفت  أوراقه، ومن غير الممكن الاتخاذ منه حصان طروادة لاختراق سور العاصمة صنعاء، وبات لزاما على الشرعية الاعلان عن خطوتها، وعلى التحالف العربي إعادة النظر في إدارته للمعركة، فالازمة اليمنية دخلت مرحلة خطيرة وهي مرحلة الجمود سياسيا وعسكريا، في ظل تردي الأوضاع الإنسانية، وتفاقم الخلافات البينية التي تنخر جسد الشرعية، وتضعف قدراتها، مع تولد حالة من الإحباط واليأس في أوساط اليمنيين وتراكم مسببات السخط الجمعي على الشرعية والتحالف معا..

 هذا الجمود لا يكسر إلا بإعادة تفعيل العمليات العسكرية، وفق استراتيجية جديدة تستثني الحسابات السياسية، وتركز على تحقيق الأهداف العسكرية، فكل عوامل وادوات النجاح متوفرة، ولا ينقصها غير الإرادة، والنوايا الصادقة،فلربما تكون هذه فرصة مناسبة لاختراق جدار صنعاء القبلي عبر إشارات من"المخلوع" بالتعاون مع قوات الجيش الوطني والتحالف، إذا افترضنا أن الرجل لم يعد يطيق استمرار تحالفه مع الحوثي بسبب سلوكيات الأخير، لكن ليس ان تظل تنتظر خطوات المخلوع، لتبني موقفك، هذا يسمى غياب الحيلة..

أسوار صنعاء لا تكسر من الداخل، وإنما تدك من الخارج، وستفتح أبوابها لمن يملك القوة والقدرة على إخضاعها، وفي حال باشرت الشرعية في اجتياز الحواجز المحيطة بصنعاء وتطويقها أجزم أن المخلوع سيخضع مباشرة ويسلم بالأمر، باحثا عن صفقة سياسية، تقدم الجيش إلى محيط العاصمة سيجبر الانقلابيين - أو طرف -على القبول بأي صيغة سياسية، أما الحلول السياسية الغائبة حتى اللحظة لن تأتي وفقا لمطالب الشرعية وتطلعات اليمنيين في ظل بقاء صنعاء خارج الحسابات العسكرية، وعلى الشرعية ان تقتنع ان من سلم الدولة وجيشها لجماعة مليشاوية لا يمكن أن يستعيدها..

كما ينبغي على السعودية الرهان على الجيش الوطني بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، والرغبات الفردية التي اثبتت أنها السبب الرئيس في تأخير الحسم العسكري، واغرقت اليمن في مشاكل متشابكة، ومتابينة مع أهداف عمليات التحالف العربي في استعادة الشرعية، وكما ان تلك الرغبات أبقت على الشريط الحدودي مع السعودية ساحة مواجهات، ومنصة لاطلاق المقذوفات والصواريخ على اراضيها بعد عامين من ونصف من بدء التدخل العسكري، فلا رهان إلا على الجيش فقط..
 

التعليقات