علي صالح.. على طريق الإمام عبدالله الوزير
الخميس, 26 أكتوبر, 2017 - 06:27 مساءً

في الوقت الذي كانت فيه قبائل الامامة التاريخية تحاصر العاصمة صنعاء وتُضِيّق عليها الخناق عقب مقتل الامام يحي والانقلاب على حكمة عام 48 كان الناس يُحذّرون عبدالله الوزير قائد الانقلاب من السقوط وفشل الانقلاب فكان يقول لهم "في راسي" أي أن الحل معصوبٌ في راسه حتى تم سقوط صنعاء بيد القبائل وإلقيِّ القبض عليه و تم ضرب رأسه...!

هذه هي صنعاء وتلك جبالها التي يتحصن بها صالح وتلكم هي القبائل نفسها التي أسقطت كل الحركات الوطنية بلا فهم ولا معنى لما يجري ويعتمل بصروح الوطن. يتكئ عليها صالح ويثق بها ويجتمع معها على الدوام ويعتبرها آخر مسانده وحصونه ومصدر قوَّتَه وحمايته ضد الحوثية وكل خصومه.

وفي الوقت الذي يُضيق عليه الخناق وتتهاوى حصونه وتوالي القبائل غيره فتبيع لمن دفع أكثر وهو لايزال يتذاكى ويكرر مقولة عبد الله الوزير "خلوها في راسي".

 التقى بقبائل غرب العاصمة مؤخراً وأدخل على قلوبهم السرور بقولة إنه سيتفق مع الدنبوع وعلي محسن وبن دغر وإنهم "خبزه وعجينه"  كان ذلك أمام الكاميرات أما خلفها فمنطوقه طائفي مناطقي عفن، فحواه "سيخرج الحكم من ايديكم إلى الأبد، استميتوا" وأن القضية لا تعنيه وحده وهذا هو المحرك الحقيقي الوحيد لإنجرارهم خلفه وكذا في صفوف حركة الدمار الحوثية. قد تُطلق تهم التحيُز على كاتب السطور إلا أنها الحقيقة ولا يصح مريض من علته مالم يشخص مرضه بصدق ومواجهة حقيقة علته وتجرعه الدواء مهما كان مراً.

يقارن صالح أحداث اليوم بأحداث ما بعد ثورة 26 سبتمبر واتفاق أطراف صراع تلك الحقبة. و في الواقع المقارنة هنا غير سليمة ولا تجوز ولن تصح بأي حالٍ من الأحوال، لا من حيث الزمان والمكان ولا من حيث العدو والخطاب السياسي والوعي المجتمعي والتشظي الوجداني والمجتمعي الذي أصاب المجتمع اليمني، فلا يزال يتذكر الشعب تلك المآسي والأحدث التي أعقبت الثورة وما رافقها من تصفيات وإقصاءات وتهميش وطمس لكل الأدوار التي لعبها الثوار من كل مناطق اليمن.

انتابت الحيرة كل عقلاء الوطن واصابهم الإحباط والوجوم من تصرفات الرجل وهل كل ذلك جهل بالتاريخ والتجارب والمصائب التي مرت بها اليمن؟ أم هي لعنة الظلم والطغيان والجبروت أعمت بصره وبصيرته؟ أم هو ذنب سكوت الشعب اليمني على رعونته وجهله كل فترة حكمه وجنونه؟

 من بديهيات العمل السياسي وأبجدياته أن تعتمد الأنظمة على المستشارين المتخصصين في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية والمذهبية وعندما تواجه الأمة خطب أو يتنامى خطر ضدها يهب الحكام الى مستشاريهم لتفسير الخطر ومكمنه وأسبابه وأدوات صده وعلاجه.

تلك منهجية حكام الأنظمة الوطنية الديموقراطية الواعية أما عرابجة الحكم عندنا فيعتمدون على دراويشهم وحملة المباخر من حولهم في الأروقة والمفاصل الإدارية للدولة، وصم الأذان أمام كل صوت وطني أو صرخة غيورة تنذر بالخطر. فعندما بكى با سندوه وحذر مبكراً من الخطر الذي يذوق الشعب اليمني ألوان عذابه اليوم وكرر مقولة الكواكبي " إنها صرخة في واد إن ذهبت اليوم مع الريح قد تذهب غداً بالأوتاد" سخروا منه ومن دموعه،  فكانت فعلاً صرخته في الواد ذهبت مع الريح وقلعت الأوتاد ولحقتها  صرخات كل فحول السياسة من بعدة عبد الكريم الارياني ورشاد العليمي وكل قيادات الأحزاب الواعية والعلماء والمشايخ إلا أن على صالح أغلق أذنيه  وظل يكرر مقولة عبدالله الوزير السابقة إن الحل السحري "في راسة".

فشل السحر وكذب المنجمون وتساقطت الألوية العسكرية واغتيلت الشخصيات الوطنية المؤثرة وكسرت الأقلام الداعمة له والغيورة عليه، وصارت أهدافاً تُلاحَق وتُسحَق في كل مدينة وتل وجبل، وصالح يوهم الناس أنه لا يزال المسيطر والمتحكم.  خرجت الحشود إلى السبعين من كل الأطياف والتيارات السياسية حتى التي كانت ضده في ثورة 2011 وهي تحمل همومها ويحدوها أمل الفكاك من الكماشة التي صنعها لنفسه وللوطن،  إلا أنهم رأوا الجبل يتمخض فأراً ويطل عليهم بلا شيء سوى استمراره في رفد الجبهات ضد العدوان.

واليوم يتعلق الناس بقشة تغريده لطارق صالح، أو خبر عودة أحمد علي ولو كانوا فحولاً ولديهم القدرة على عمل شيء لفعلوا ما فعله السلطان قابوس بأبيه، وتميم بوالدة وأغلقوا عليه الأبواب ألزموه الصمت وأوقفوا جنونه قبل أن يقع الفأس في الرأس. لكن سوء النية وعدم النضج السياسي والوطني أعماهم وأصابهم في مقتل وأورد الشعب اليمني كله المهالك.

ولو قرأوا مناسبة البيت الشعرية القائلة "أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغدِ" ومن قائلها وماهي المناسبة التي قيلت فيها وماهي نتائج عدم الاستشارة وسماع النصح لأدركوا حجم جرمهم بحق هذا الوطن ولعرفوا ما ذا سيكتب التاريخ في سجلاته عنهم كما كتب كل أحداث الخيانة والتخبط وسوء التدبير ومالاته.. إلاِّ أنهم للأسف لا يقرأون!!.

التعليقات