فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
بكائيات وغضب في زمن الخنوع
الخميس, 01 فبراير, 2018 - 04:10 مساءً

"أين نحنُ الآن؟
-في القاع
-جيد على الأقل لن نسقط مرة ثانية" .. ديستوفيسكي
 
للمرة الثانية يعيش اليمن هزيمته خلال أربع سنوات، سقطت صنعاء، وفقا لأجندة الثورة المضادة، وعدن سقطت بنفس الأجندة، لسنا هنا لتحليل الوضع وكيفية السقوط، لكننا اليوم نقولها بصراحة نحن بحاجة في اليمن إلى "ونستون تشرشل" بنسخته اليمنية يوحد الشعب خلفه ويمضي قدما في دحر الانقلابات في صنعاء وعدن وفي أي شبر من أراضي الجمهورية اليمنية، على عجالة هنا حاولت أن اشرح الوضع بطريقة غير مألوفة، لا ادعي اني محلل ولا عارف بأصول الحكم والكتابة والسياسة بل بروح فلاح يعيش لاجل الناس والمطر والشياه والشجر والحجر واليمن كل اليمن ..
 
من حقنا أن نحزن وأن نبكي وأن نرفع أصواتنا من حقنا أن نرتطم بالهاوية بكل ما أوتينا من قوة، نحن الذين لا يأبه لهم أحد، نحن المساكين الذين أتينا من زمن غير زمانكم، لم نقبل بكم يوما ولا بعيشتكم، نحن الذين لا نفقه ما تقولون لنا، لا تستطيعوا أن تدركوا أننا جيل أتى على غفلة من تاريخ ذلكم وخذلناكم وأقسم أن يغير واقعكم الزائف ..
 
نحن جيل البسطاء، أتينا من أرصفة الشوارع، ومن الشعاب والوديان البعيدة عن الدولة، نحن من احترقت أيدينا وحواجبنا ورموشنا ونحن نحرق إطارات السيارات في أعالي الجبال التي لا تراها أعين المترفين، وفي الحقيقة كنا نحرق جهلكم وعبطكم، ونحرق أرواح الجن التي سكنت عقولكم، كنا نحرق المراحل لتجديد الثورة، سبتمبر التي مرت بكم يوما ما فنسيتموها، احتفظتم لنا بالطبقات كما هي، وتمسكتم بتخلفكم وبتعظيمكم للجهل والمال والكبر والغرور وهروبكم من واقعكم.
 
مع أن أعماركم أكبر وخبراتكم أكثر إلا أنكم بلا ذاكرة، من نسي علي عبد المغني والزبيري غيركم؟ من خذل الثورة الأم غيركم؟ من سمح لتجار الحروب وباعة الوهم أن يتسلقوا على ظهوركم؟ من سمح لكل الأسماء النجسة أن تتصدر تاريخكم؟ ثورة الفلاحين والغلابة والرعيان والضباط الأحرار صارت حكرا على أسماء الأئمة المحتملين والافتراضيين، كنتم أنتم من سمح لهم بذلك ..
 
خرجنا يوما ما على أنقاض دولة اضعتموها واوصلتموها إلى مرحلة الفشل، وقلنا لكم ارحلوا عن مقاعدكم في الحكم فلستم جديرين به، ونجحنا في إقناع الأمة بما نقول، تحايلتم واعدتم الأمر إليكم مرة ثانية، وقطفتم ثمار ثورة جديدة لا تستحقونها، لم تفهموا أنها أكبر من أزماتكم النفسية والأخلاقية والعقلية، والمهنية، وعدتم للواجهة بمسمى الشراكة والمبادرة والمناصفة، ولم تكتفوا بذلك، أعدتم غبار التاريخ إلى الواجهة، شركاء في السياسة، سوقتم الملكية وقلتم قوى صاعدة، وجاء الطوفان وجرفكم، كنا قد هيأنا الأنفس للمواجهة، فكانت المقاومة، فذهبتم كالعادة للواجهة.
 
هذه الواجهة لم تعد تطيق وجوهكم أجمعين لم تعد تتسع لكم لا قلوبنا ولا عقولنا ولا حتى طرقات حاراتنا المليئة بدماء شهدائنا، هذه الواجهة ليست لكم، وجوهكم الكئيبة لا تصلح للقيادة أرواحكم اللعينة كوجهكم الهالكة لا تتصدر أمرا إلا أفسدته، رميتم كل خيباتكم على الماضي على المخلوع وكلكم نسخة مكررة منه وأسوأ.
 
نحن القادمون من الجيوبوليتيك ومن علوم الطبيعة من الآنسنة والهندسة والعلاقات الدولية .. ومن رحم الفلسفة والشعر من الخيال الأدبي والعلمي معا .. من القراءات السبع ومن شروح الألفية والمعلقات وعالم المعرفة واللغات، من كل مكتبات الدنيا قدمنا لنقول لكم ارحلوا، فلستم أهلا للدولة.
 
جمعتم كل بقايا الأغبياء وحثالة المجتمع وعباد البقر -ولا بقر هنا سواكم- وتقاسمتم السلطة والسلك الدبلوماسي والجيش وكل فرخ صار لواء وكل بزر صار وزيرا وسفيرا ووكيلا، كل المؤخرات صرن في المقدمة، يطحن الشعب انقلاب أول وثاني وثالث وعاشر لن تبالوا فقد تعودتم على التبول في سراويلكم، لا يبالي إلا هزبر .. لا يبالي إلا عنترة.
 
نحن الذين نبكي على الدولة التي اضعتموها من أيديكم وليس لنا منها شيئا، ولم نطمع في مغانمها، ودفعنا أرواحنا لأجلها تربعتم عليها مرارا والنتائج فاشلة محبطة مهلكة، نحن "الملقوفين" السفهاء الصعاليك المتخصصون في كل علم وفن .. منحناكم الصمت طويلا وعندما صرخنا بكم انتبهوا ستسقطون ثانية صمتم ..
 
من نحن لنقول لكم لا تصلحون للحكم ولا للإدارة ولا للصراع ولا للخدمة وليس لديكم قائد وليس لديكم مشروع؟ مجرد متسكعين حفاة في الجبهات وجياع في الطرقات ننام ونقرأ ونصحو لنكتب، لا قيمة لنا البتة في نظركم، نحن جيل من الحسدة، نعم حسدناكم وأنتم تتقدمون الصفوف وتلوحون بأيدكم المتسخة بدمنا بعرقنا بخبزنا المسروق، جاملتم بالجغرافيا والسكان وصرتم تبعا لمن لا يصلحون خصافين لنعال قومهم.
 
نحن تلاميذ الزبيري بائع الأقفال في شوارع كراتشي، واهب قلبه لتراب الوطن المغدور، نحن طلاب البردوني الذي حذرنا منكم مرارا وتكرارا قال لنا مرة في وصفكم:
 
أمير النفـط نحـن يـداك
نـحـن أحــد أنيـابـك
ونحـن القـادة العطشـى
إلـى فضـلات أكـوابـك
ومسئولون في ( صنعاء)
وفراشـون فــي بـابـك
ومـن دمنـا علـى دمنـا
تَمَوقـع جيـش إرهابـك
لقد جئنـا نجـر الشعـب
فـي أعـتـاب أعتـابـك
ونأتـي كـلّمـا تهـوى
نُمَسّـحُ نـعـل حُجّـابـك
ونستـجـديـك ألـقـابـا
نتـوجـهـا بألـقـابـك
فمرنـا كيفمـا شــاءتْ
نوايـا لـيـلِ سـردابـك
نعـم يـا سيـد الأذنـاب
إنـّـا خـيـرُ أذنـابــك
 
نحن المجانين الذين تحمر وجوهكم لرؤيتنا، نحن من باعنا رفاقنا وكتبوا لكم التقارير بخطورتنا وضرورة إبعادنا عنكم .. عندما خلعنا "ربكم" في صنعاء اطمأنت قلوبكم حين وصلتم للسلطة، تظنون أن الدماء التي في عروقنا تجمدت ولن نسقطكم كما اسقطناه ذات عام.
 
مازال نموذجه هو الذي يسيطر عليكم .. بينما هو كان من يسيطر على نموذجه في الحكم، ولذا مازال في نظر العامة مثلا وأنتم مجرد تافهون أوغاد، لأنكم بلا تجربة وبلا نموذج مستقل في الحكم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والسيطرة .. ستسقطون ألف مرة وستكررون أخطائكم دوما.
 
نحن عيال الدولة المغدورة، عيال الأمة اليمنية المهدورة، يكفي أننا ننتمي للناس للبحر للجبل للتراب للمراعي والأرصفة والطرقات والجامعات والمدارس .. أنتم أخبروني لمن تنتمون؟ للشيطان للهاوية لسقر لكل حقارة ونذالة وكسل، تنتمون لتاجر البندقية، يا مطي الهاشمية السياسية، وأذناب الأذناب لا أكثر.
 
من حقنا أن نبكي من حقنا أن نثور وأن نلعن وجوهكم يا بقايا عصر التيه وعصر البغايا وعصر النفط الغبي.
 
ولأنكم لا تفهمون معنى بكاء الرجال ولا غيرة الرجال على الدولة كما يغارون على نسائهم وأمهاتهم، على أسماء آبائهم وتاريخ أجدادهم، تسخرون الآن منا، تسألوننا بعد كل ما سبق من أنتم؟
 
نحن القادمون من روح الأمة من قلب التاريخ من رياح المجد، من عصر الشوق، من أزمنة النور من المستقبل الذي لا تعرفون، نحن الوعد المنتظر، نحن "مصطفى" الكتاب الذي "من كل قلب تألفْ" نحن الزمان الذي "سيأتي ليمحو الزمان المزيفْ" ..

التعليقات