فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
سقطرى مباركة.. والصهير الإماراتي
السبت, 05 مايو, 2018 - 05:00 مساءً

"الزمن بطيء جداً لمن ينتظر.. سريع جداً لمن يخشى.. طويل جداً لمن يتألم.. قصير جداً لمن يحتفل ..لكنّه الأبدية لمن يحب".. شكسبير
 
لم أجد أمس الجمعة من رسالة سياسية تقاوم كل الهراء المرسل من الأصدقاء و الأقارب و الأباعد من سيول الرسائل الفارغة بمناسبة الجمعة و التي صارت لا تطاق من كثر تكرارها و النسخ و اللصق و النقوش الميتة، إلا عبارة "سقطرى مباركة" كناية عما آلت إليه الجزيرة الذهبية القابعة في عرض المحيط الهندي تنتظر قدرها اليمني منذ مليون ونصف المليون عام، نعم هذا عمرها كما يقول المؤرخون وخبراء الدراسات الأثرية.
 
نحن أمام كارثة ضياع أهم الجزر اليمنية على الإطلاق، هناك و على بعد 350 كيلو متر من سواحل اليمن الكبير تقبع سقطرى "أرض الإله" والتي عبدت الله "ذو عليم" قبل آلاف السنين، وهذا الاسم يتطابق مع ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى : "(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)"، والسبب الكارثي يكمن في أطماع الإمارات التي تعود إلى ما قبل 2011، هذه الأطماع ظهرت في السلوك المشين الذي تنتهجه الإمارات من قبل بوادر الربيع العربي وقصصها المختلقة عن الإخوان وتنظيم الحمدين، فقد أرادت الاستئثار بميناء عدن منذ زمن، لكن إرادة الجماهير منعتها من الاستمرار في غيها، فطردتها حكومة طيب الذكر باسندوة، ومن يومها والإمارات تبحث عن ذرائع السيطرة على سواحل و جزر و مضيق اليمن، و توفرت لها الفرصة بسبب الانقلاب الذي قادته الهاشمية السياسية بالتعاون مع القبيلة و بقايا النظام الساقط بفعل الثورة الشبابية.
 
علاقة اليمن بالإمارات بحاجة ماسة إلى مراجعة جذرية، التدخلات زادت عن حدها من دولة جاءت للمساعدة فاعتبرت نفسها صاحبة حق في تغيير الواقع الديمغرافي والسياسي، و كذا الحق في السيطرة على معظم السواحل و الموانئ اليمنية بحجة التحرير، و ذهبت إلى سقطرى حيث لا حوثي هناك و لا انقلاب، وكل الجزيرة واهلها يشكلون تأييداً كاملاً للشرعية و انتماءً عضوياً للهوية و الدولة اليمنية. هذه معضلة يجب أن يستفيق لهولها كل يمني غيور على بلده في الداخل والخارج و أينما خفقت الروح اليمنية في كل قلب طاهر.
  
شعرت بالحزن و أنا اقرأ هشتاق أعده بعض النشطاء يقول أن "سقطرى يمنية"  حتى الإمارات بقرقاشها وخرفانها لا تستطيع قول غير ذلك، من يريد إثبات يمنية سقطرى كمن يريد إثبات أن صنعاء وتعز و ظفار و عسير و المحويت و شرعب الرونة و خب الشعف مناطق يمنية، اليمن موجودة من قبل العصر الحجري وتسميتها أتت متأخرة -وجود التسمية لا يقل عن (6000) سنة- مرت حضارات ودول ما قبل هذه التسمية و هذا ليس مجال حديثنا الآن، لكن من باب إحقاق الحق نقول إن اليمن ثقافياً أكبر منها سياسياً وأثنية أكبر منها عدد سكان، اليمن ليست قطعة جغرافيا ولا مجرد سكان محصورين في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، أما الأراضي اليمنية فهي موزعة بين ما تبقى من أراضي الجمهورية اليمنية و بين دول شبه الجزيرة العربية، و ليس حديثنا من باب الحقوق ولا من باب الادعاء بحيازة كل أراضي اليمن السعيد، بل من باب إسقاط الادعاء بيمنية سقطرى من عدمه فالمثبت لا يحتاج إلى إثبات.
 
العرب قاطبة ينتسبون لليمن لا العكس ويعتبرونها أمهم، وعندنا في اليمن وصف مشابه لدور الإمارات كولد عاق لأمه "الحمار يتعلم على ظهر أمه" وهذا هو الدور الإمارتي المشبوه في اليمن بحكم أنهم ينتسبون كبقية العربان لليمن كأصل و عرق و هوية و لغة و موروث، التعاون الذي يبدونه هو الأسوأ من نوعه على مستوى التحالف، حتى إيران التي دعمت الهاشمية السياسية في انقلابها لم تفعل فعل الإمارات، و لم ترسل قوات للسيطرة على الأرض، فقط فخخت قطعان الهمج بالصرخة و بشعوذات البيت و الآل و الحسين و المظلومية و الحق الإلهي و أرسلتهم للموت المحتوم، الادعاء والتبجح و السلوك الإماراتي السيء والمشين مرفوض شعبياً حتى لو صمتت الحكومة والشرعية نتيجة للظرف الحساس.
 
ما يثير شك المتابعين عن صدفة تواجد رئيس الحكومة و أربعة وزراء في سقطرى و إرسال طائرات نقل عسكرية محملة بالجنود و الآليات التي احتلت مطار المحافظة اليمنية، ليس له إلا تفسير واحداً من اثنين؛ الأول هو حصول الحكومة و الشرعية اليمنية على معلومة من دولة في التحالف عن نية الامارات في احتلال الجزيرة، و الثاني هو وجود تواطؤ بين الحكومة و بين الإمارات لتمرير هذا الاحتلال و تقنينه و تسويقه، أنا شخصياً أميل للتفسير الأول و أتمناه، لكن الشك يجد له مقدمات يجب أن لا تغيب و من حقنا الشك كشعب يتعرض للنهب و الاقصاء و التشريد و الاحتلال، و الشك هنا لا يعني التشكيك بوطنية الحكومة و لا بولاء رئيسها و لا بأي من الوزراء، و لكنه حذر من الغدر الذي قد يأتي من أي اتجاه و هذا بلد و هذا وطن و ليس لعبة دومينو.
 
الحوثي  الذي حلت عليه اللعنة اليمنية هو من وفر كل هذه الفوضى ليحصل على ولاية علي "باع اليمن بما حمل" و مع أنه أطلق عشرات الصواريخ البالستية باتجاه السعودية لكنه لم يطلق خمسة صواريخ على الإمارات و هذا أيضاً يدعو للريبة و يحتاج مراجعة من قبل التحالف، فالأمر ليس صدفة و حتى إن كان فمن الذي مازال يؤمن بالصدف في السياسة والحرب؟!
 
و حتى يكون هناك موقف موحد على الشرعية و الحكومة التسليم لأمر الشعب و البعد عن المراوغات و الذهاب خلف لجان السعودية، فالإمارات فعلياً تحتل سقطرى، و عدم وضوح موقف السلطات اليمنية يزيد الوضع تعقيداً، مرة واحدة امضوا خلف الشعب، فوجدان الشعب اليمني كله مع سقطرى و مخاوف الشرعية و الحكومة لا محل لها، و ندعوهم هذه المرة للتسليم برأي الشعب و تجريبه مرة واحدة، فالأحزاب مازالت بلا موقف و النخب بين البين، و هم منقسمين بطبيعة الحال، لكن لا نجد انقساماً عند الناس البسطاء عند العامة عند الجماهير الطيبة و هذا هو الأهم هذه اللحظة، فالمضي خلف النخب ينتهي بالتقاسم و المحاصصة و المضي خلف  الشعب ينتهي بالحرية و الاستقلال.
 
كنت قبل يوم واحد من إرسال الإمارات لجنودها إلى سقطرى أتحدث في برنامج بين قوسين مع العزيز بشير الحارثي و طالبت الحكومة باعتماد جامعة سقطرى، ومركز متخصص في الدراسات البيئية، و إضافة وحدات من خفر السواحل لحماية الجزيرة من أي أطماع خارجية، لا يعقل أن لا يكون في الجزيرة ما لا يقل عن عشرة آلاف جندي يمني موزعين بين وحدات خفر السواحل و الجيش و الأمن، و هذا واجب وطني على الحكومة تنفيذه بلا تأخير.
 
 المخزي و المضحك هو فيما قال قرقاش بأن علاقة بلاده مع سقطرى هي علاقة مصاهرة، و هذا يحتاج إلى علم جديد يدرج كمقرر في العلاقات الدولية تحت مسمى "الصهير قرقاش"، و في المثل القروي عندنا يقولون: "الصهير مصهرة و إلا مدفن ذرة و إلا حق الفضائح الكبار.." و صهرنا الإماراتي القرقاشي هذا ما منه إلا كبار الفضائح، على شأن واحد سقطري تزوج واحدة إماراتية خلاص أمتدت العلاقات لتصبح احتلال لأهم جزيرة يمنية!! بنتكم طالق يا إمارات البعران و ما عاد نشتي مصهر خلاص بطلنا مصاهرة السوء والعار..

التعليقات