رمضان غريبا في تعز
الخميس, 17 مايو, 2018 - 12:07 صباحاً

رمضان ليس شهرا من الشهور ولا ايامه مثل الايام العابرة على الطريق السريع للعمر الشارد.
 
هو مخلوق مختلف خارج الزمان والمكان له روح نعم روحه شفافة وله لسان تتحدث مع الناس قبل الغروب وقبل الشروق وفي جوف الليل متصلة بالعرش مباشرة.
 
حيث يتحول ليله الى نهار مزين بالذكر والذكريات واصوات الاطفال ولعبهم التي يتوقف عندها الزمان فلا شي اجمل من لعب الاطفال في رمضان فهم وبقدرة سحرية ينيخون الزمان الضجر والمكفهر الوجه والانياب كما ينيخ عمي شمسان (جمله) الهائج ثم يلعبون على ظهرة ويقلبون فكيه المفترسة ويلقمونه شفوت وسنبوسه وباجية وتمر وماء ويسمعونه اغاني يرقص لها طربا.
 
ويبدوا الزمن المفترس بفكيه( الليل والنهار) اليفا في رمضان يلاعب الاطفال ويسامرهم ولهذا السبب تبقى ذكريات رمضان لصيقة في الذهن حتى واحدنا ابتعد من ملعب الطفولة فان الطفل يققز منه في رمضان ليمر بمقاهي المدينة وازقتها وشوارع ( كرة القدم )الضيقة ولعبة (السلبيت) و(الفتاتير والذئب والراعي ) وترانا ننظر مع الاطفال في كل زمان الى قلعة القاهرة قبل المغيب ونهتف مع علي حمود (دفع دفع ياعلي حمود مرأتك جاويع قاهي شتموت) هذا الهتاف او الاغنية الرمضانية الشهيرة بتعز تصاحب الاجيال جيلا بعد جيل ومازال( علي حمود ) صديق الاجيال هو ومراته وكانهم مخلوقات خرافية لا تموت ينتقل من جيل الى جيل مع مدفع رمضان الذي يشعرك بالانس والأمان والفرح الطائر.
 
اوووه نسيت ان الزمن قد توحش ومرأة علي حمود ماتت حزنا على (علي حمود )الذي تم اغتياله في الشارع العام وامام اطفاله ومحبيه بلاسبب ولارحمة وماتت معه زغرودة قلعة القاهرة و فرحة مدفع رمضان ومعهم الطفولة المعتدى عليها والتي دخلت غرفة الإنعاش بسبب( الفجيعة ) وجبل صبر يبلل بدمعه المدينة التي ترتجف من التوحش والوحشة التي تلف الزمان، والمكان .
 
ورمضان مسكين هو الاخر غريبا يمشي وجلا على الحائط وعلى اصابع قدميه و يسأل عن اصحابه اطفال (علي حمود) ومدفع رمضان وصفيرات وادي المدام وشقاوة المدينة القديمة وحلقات مسجد المظفر وتراتيل مسجد التوبة .
 
يتفحص المدينة وكانها ليست تعز التي يعرفها ويزداد خوفا عندما يرى الناس قد اوصدوا ابواب بيوتهم قبل الغروب خوفا والاطفال تنظر اليه من خلف النوافذ برعب وكانه (ابو كلبة ) آكل الاطفال وليس حبيبهم رمضان او كأنه ضل الطريق الى مدينة اخرى وناس لاتعرفه ولايعرفهم.
 
ما اوحش المكان عندما يلبس ثوبا لايخصه وما اوحش رمضان عندما يشعر انه قد ضل طريقه وفقد فوانيسه وفرح اطفاله وطيبة الناس.
 
نحن في زمن نبحث فيه عن رمضان الطيب وعن الطفولة المبتهجة التي شاخت قبل ان تمارس طقوس اللعب الملائكي مع رمضان الحبيب في شوارع وازقة المدينة التي تتناثر فيها متارس التوحش بدلا عن حلقات(من كبتي طيار ) ويجول في شوارعها رسل الموت الاسود الذي تبرأ منهم الشيطان.
 
* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك
 

التعليقات