دثروا تهامة ولو بقليل من الإنسانية
الاربعاء, 19 سبتمبر, 2018 - 11:13 صباحاً

تلعب الحرب الكثير من الأدوار في تدهور الوضع الإنساني في أي بقعة من بقاع الأرض؛ فهي تشعل نارها التي تأكل كل ما يقف في طريقها بلا رحمة أو أسفٍ يذكر. وفي اليمن لقد أحرقت هذه الحرب السعادة فيها، واشتد غيظها وزفيرها، ونفخت سعيرها في جهاته الأربع، إنها تقتات على الإنسان اليمني وتقضم على حياته، لقد جعلت الحرب الإنسان اليمني في حالة يرثى لها، جعلته يعاني حالة النزوح التي أخذت منه مقومات حياته من سكن وعمل وغيره، وتقترب منه أكثر فأكثر في مخيمات نزوحه التي تقع في مناطق اليمن المختلفة.
 
لقد عانت اليمن الكثير من الوجع  ولتهامة كان النصيب الأكبر. فصارت أرضها عبارة عن مخيمات و أسقف من الأشجار التي تلفح بلهيبها كل من يسكنها، وفي تلك المخيمات يعتقد النازحون أنهم أصبحوا في مأمن من الحرب ونارها، ولكن الموت يلاحقهم بأشكال أخرى، إنه يلبس لباس المرض وسوء التغذية ويطاردهم حيث حلوا وحيث رحلوا؛ المياه مليئة بالأوساخ، الأغذية شبه منعدمة على الكثير من الناس، الأمراض تتفشى بصورة مخيفة جدًا، الكثير من الأوجاع منتشرة بانتشار المخيمات وكثرتها.

إن معدلات سوء التغذية تنتشر بين الأطفال الصغار والأمهات بشكل مخيف جدًا، حيث ترتفع نسبة المصابين بسوء التغذية باليمن وخصوصاً في تهامة اليمن في الحديدة وحجة وصعدة والتي تعتبر من أكثر الاماكن تأثرًا وفقًا لتقرير تابع للأمم المتحدة؛ حيث يوضح التقرير أن اليمن أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للأطفال، حيث أشار التقرير إلى وجود 11.3 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.
 
الأرقام الواردة اعلاه للاستشهاد بها أمر لا بد منه في مقال كهذا فالوجع الكبير الذي يحاصرنا يقتات يوميًا على جسد جديد، كل يوم ينخر جسد آخر من الأحباب والأقارب.

 لقد سبقت هذه المقالة العديد من المقالات الإنسانية التي تناولت فيها الوضع الإنساني في تهامة اليمن بصورة دقيقة وقريبة من الواقع، وجاء ليرفد مقالاتي تقرير متلفز لوكالة الأنباء الأمريكية – أسوشيتد برس- وعرض مجموعة من الناس الذين يتناولون أوراق الشجر بشكل يومي منذ تدهور الأوضاع في اليمن، الوضع ليس ببعيد عما شرحته الصورة، الوضع أكبر من ذلك بكثير فهناك العديد من الأماكن التابعة لتهامة تعاني من نفس ما تعاني منه مديرية أسلم بمحافظة حجة.

الفتاة التي ظهرت في التقرير لم تلقى شيء لمعالجتها لقد ظهرت وسط أناء مربوط بحبال لمعرفة وزنها، لقد وزنت لكنها غادرت الحياة ولم يسعفها أحد، إنها مثال واحد للكثير من الأوجاع التي تعانيها تهامة اليمن؛ الفتاة تلك ماتت وقبلها مات الطفل مراد الذي غادر الحياة بعد تداول صورته على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بيوم واحد وهكذا يستثمر الموت في تهامة اليمن.

التغاضي عن الوضع الإنساني في اليمن أمر كارثي جدًا ويجعلنا أمام وضع أكثر كارثية في القريب العاجل، يجعلنا نقف عاجزين أمام ألم كثير، ووجع كبير، لكن لن تقف المناشدات هنا فتهامة بحاجة إليكم يا بني البشر بحاجة لدعمها إغاثيًا وإنسانيًا، يكفيها ما تعاني من ويلات المعارك ودمارها فهل بالإمكان أن تدثروها بقليل من الإنسانية.

التعليقات