لهذه الأسباب يتم التصعيد العسكري اليوم على الأرض بحرب اليمن
السبت, 03 نوفمبر, 2018 - 06:25 مساءً

في غمرة الدعوات الدولية المتصاعدة التي تتوالى تباعاً بشكل غير مسبوق منذ أيام لوقف الحرب باليمن، صعّــدَ التحالف ” السعودية والإمارات” من وتيرة القصف الجوي على أهداف- في صنعاء والحُــديدية- هي في الأصل أهدافاً مكررة في قائمة بنك الأهداف العسكرية منذ قرابة أربعة أعوام هي عُــمرُ هذه الحرب-كما دفَــعَ التحالف “السعودية والإمارات” بالقوات اليمنية –جنوبية سلفية،و شمالية موالية لفصيل من قوات الرئيس السابق صالح” حُــرّاس الجمهورية”-، في معركة الساحل الغربي بالحُــديدة  لشن هجوما مكثفا هناك ضد القوات اليمنية المؤيدة للحركة الحوثية وقوات المؤتمر الشعبي العام “صنعاء” بعد أسابيع من الجمود القتالي ..

 فمثل هكذا تصعيد عسكري نراه يتكرر دائما عند كل دعوة دولية لوقف الحرب والشروع بمفاوضات للتوصل الى تسوية سياسية شاملة كالتي تتعالى اليوم، حيث يهدف التحالف وبالذات الإمارات من وراء هذا التصعيد إفشال هذه الدعوات وكبح جماح أيّة جهود لإيقاف الحرب، قبل أن تحقق ” الإمارات” غرضها المنشود  بهذه الحرب وبمعركة الساحل الغربي تحديداً وهو اسقاط الحركة الحوثية في صنعاء والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة، وهو ما يبدو صعب المنال بعد قُــرابة أربعة اعوام من حربٍ أتت على الأخضر واليابس في بلد هو أصلاً بحاجة  منذ سنوات طويلة الى إرسال مساعدات وليس إلى إرسال دبابات وقنابل ولا إلى عواصف وحروب ,أو على الأقل حتى تحقق” الإمارات” هدف احتلال مدينة الحُـديدة وميناءها الحيوي، وهو الهدف الذي تتطلع له بحرص منذ بداية الحرب.

وتخشى اليوم أن تفضي هذه الدعوات وهذه الضغوطات المكثفة الى وقف الحرب قبل اقتحام  مدينة الحُـديدة التي ترى  الامارات في ميناءيها غنيمة دسمة لاقتصاديها المبني على اقتصاد النفط الموانئ والمناطق الاقتصادية الحُــرة ،وتكمِـلُ بهكذا اقتحام السيطرة على كل الموانئ  اليمنية وتستحوذ بالتالي بشكل شبه مطلق على كل الشريط الساحلي  من محافظة المهرة شرقاً حتى الحُديدة غرباً مروراً بعدن ومينائها الاستراتيجي ومضيق باب المندب وأرخبيل سقطرى الحيوي, وتتقاسم ذلك مع شريكتها الكبرى بهذه الحرب” المملكة العربية السعودية” ضمن التنافس الخليجي والإقليمي والدولي المحموم على اليمن والبحر الأحمر والقرن الأفريقي بالتنسيق  مع الشريك والحليف الرئيس “الولايات المتحدة الأمريكية”.
 
وبالعودة الى التصعيد الجوي العسكري والبحري والبري السعوداماراتي فالغرض منه وفي هذا الوقت بالذات يمكن إجماله  ثلاثة أهداف على الأقل: أولاً: هي رسالة  تحدي بوجّــه الدعوات الدولية لوقف الحرب.. ولكنه تحدي محفوف بالمخاطر والفشل بل هو الطيش والحُــمق بعينه، ،خصوصا في ظل استمرار السخط الدولي الهائل على السعودية جرّاء الجريمة المروعة التي  طالت الصحفي  جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، والاتهامات الخطيرة التي تحاصر الأمير محمد بسلمان بتهمة الضلوع بهذه الجريمة، ويضع هذا السخط الدولي العارم والغير مسبوق مستقبل الأمير الطموح بل والمملكة برمتها على المحك، وقد يضاعف منسوب الغطرسة والطيش الذي نراهما باليمن من قتامة هذا المصير.
 
 ثانياً: هي محاول الفرصة الأخيرة لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، في حال تم فرض المجتمع الدولي وقف الحرب والتوجّــه صوب مفاوضات سياسية- من المزمع أن تجري الشهر الجاري بحسب المبعوث الأممي الى اليمن “مارتن جريفيت” وبتأييد دولي واسع النطاق-.
 
ثالثاً: -وهو الهدف الأهم من هذا التصعيد في تقديرنا-،حمل الحركة الحوثية واستدراجها إلى فخ الرد عن هذا التصعيد بإطلاق صواريخ بالستية باتجاه المملكة السعودية ليكون بذلك دليلا” سعوإماراتي” أمام العالم عن عدَم نية ورغبة الحوثيون في وقف الحرب, والسلام، سيما و أنّ الولايات المتحدة التي تقود حملة نشطة لوقف إطلاق النار قد دعَـتْ أكثر من مرة بالأيام القليلة الماضية الحركة الحوثية إلى وقف هجمات الصواريخ البالستية على الأراضي السعودية لتكون بادرة حُــسن نية  لوقف اطلاق النار ووقف الحرب بأكملها ولتهيئة الأجواء باتجاه الذهاب الى طاولة المشاورات المفاوضات المرتقبة.
 
فالسعودية والإمارات وهما يتلكأن أمام أي دعوات لوقف  هذه الحرب، ينظران الى  وقفها  بهذا الوقت على أنه هزيمة غير معلنة لهما، خصوصا وأن الهدف المعلن لهما بهذه الحرب هو اسقاط الحركة الحوثية وإعادة السلطة المعترف بها الى سدة الحكم بصنعاء، ونزع الاسلحة الثقيلة من يد هذه الحركة وانسحابها من المدن الرئيسة لم يتحقق، مما يعني  بالمحصلة النهائية  فشل صريح لهذه الحرب” عاصفة الحزم”.. مع أننا نعلم جيدا أن الهدف” السعواماراتي من هذه الحرب لا علاقة له بشيء أسمه استعادة سلطة شرعية منتخبة الى الحُـكم” فهما لا يعترفان أصلاً بمبدأ الانتخابات ناهيك عن الديمقراطية, بقدر ما هو السيطرة على اليمن سيطرة فعلية على الأرض والاستحواذ الكامل على مقدراته وطاقاته، بالإضافة الى جعله تحت المجهر الخليجي فاقدا لإرادته الوطنية ولقراره السياسي والسيادي، بعد أن كاد” اليمن” بالسنوات الأخيرة يفلت من القبضة السعودية التاريخية، وفي إطار الصراع على النفوذ بالمنطقة… فهذا الهدف الأهداف لم تنجز بعد للسعودية والإمارات، وأن تم إنجاز معظمها من خلال التواجد العسكري والسياسي المتعاظم  على الأرض واستضعاف اليمن وإذلاله،فهما بحاجة الى وقت مضاف لتحقيقه كاملاً.

التعليقات