اليمن الرهينة لحسابات الخارج
الجمعة, 30 نوفمبر, 2018 - 07:25 مساءً

ينتظر اليمنيون وصفة سحرية جاهزة من الخارج لإنقاذهم من جحيم الحرب والأوضاع الانسانية المتردية.
 
لكن لا أمل كبير في الترقب. ثمة إدراك متبصر بحجم الورطة التي وقعت فيها البلد.
 
بينما يقود المبعوث الأممي مارتن جريفيث مشاووراته لدفع الأطراف اليمنية إلى مفاوضات سياسية جديدة. لا يتبدى من تحركاته أية جدية للضغط على مليشيا الحوثي للالتزام بعملية السلام المستدام المبني على المرجعيات الثلاث.
 
من الواضح ان المجهود الدولي يتحرك في إطار البحث عن سلام هش يحمل بذور صراعات قادمة أو خارطة جديدة لتطبيع وضع قائم على الاختلال: سياسة الأمر الواقع.
 
في الوقت عينه، تستمر آلة الحرب في حصد أرواح اليمنيين عبر عمليات القتل التي تنفذها مليشيا الحوثي بصواريخها وقذائفها المتواصلة على مساكن المدنيين في مختلف المحافظات.
 
هناك وجه آخر للحرب أشد قتامة. الأوضاع الانسانية تزداد ترديا، ومساحة الفقر والجوع تتوسع، وعادت أمراض الإمامة لتطل بقرونها على حياة اليمنيين.
 
كما إنهار النظام الصحي تدريجيا مع استمرار الحرب، حيث وجد أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان وغسيل الكلى أنفسهم غير قادرين على العلاج.
 
وتفشت جوائح الكوليرا والدفتيريا والحصبة بصورة مرعبة. هذه أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات. لكنها في زمن المليشيا أضحت آلة أخرى لحصد أرواح المواطنين.
 
وسط ذلك، ثمة لا عبون كثر يمارسون أدوارهم وأجنداتهم في اليمن.
 
خلال الأيام الماضية، بدت ملامح خلاف أمريكي بريطاني واضح بشأن اليمن، حيث سعت بريطانيا في مجلس الأمن لمشروع قرار يوقف الحرب، لكن واشنطن فرملت القرار.
 
الموقف البريطاني يبدو أكثر جدية لوقف الحرب والميل إلى استخدام لغة صارمة إلى حد ما تجاه انتهاكات السعودية في اليمن.
غير ان الموقف الأمريكي يبدو أكثر نعومة ويستخدم لغة المصالح مع الرياض.
 
وتبدو الحكومة اليمنية الغائب الوحيد في هذه التحركات، فهي بشكل أدق قد رهنت قرارها إلى التحالف بقيادة السعودية والإمارات والذي بدوره يواجه ضغوطا حقيقية هذه المرة لوقف الحرب، لكنه يقابلها بضخ المزيد من الأموال إلى خزائن الدول العظمى وجماعات الضغط فيها.
 
ولا تقل أجندة التحالف انتهازية عن مواقف الدول الكبرى، بل نتائجها في الواقع أكثر بشاعة وفظاعة.
 
خلال أربع سنوات من الحرب، جرى تدمير شامل للبنية التحتية، واختطاف القرار من الحكومة الشرعية التي قامت الحرب من أجل إعادتها إلى العاصمة صنعاء.
 
في الحقيقة لم تعد الحكومة حتى إلى عدن المحررة. ولم تمكن من السيطرة على الموارد والثروات النفطية والمواقع الحيوية.
 
وطال المشهد السياسي عبث كبير وتجريف أعظم، إذ شنت حرب دون هوادة ضد طرف سياسي وازن في الحياة اليمنية ضمن سياق أشمل للحرب التي تقودها الإمارات ضد تيارات الإسلام السياسي في المنطقة.
 
في الوقت ذاته، يجري صناعة أدوات سياسية عابثة ولا تحظى بأي وزن حقيقي في الشارع، وهي قوى متورطة أساسا بارتكاب جرائم تعذيب وانتهاكات لحقوق المواطنين.
 
ليس ذلك فحسب. مليشيا الحوثي التي أسقطت الدولة وارتكبت جراىم القتل والتدمير وجرائم الاختطافات والتعذيب ، تبدو بعد أربع سنوات من الحرب غير المحسومة، قابلة للاستيعاب في المشهد السياسي.
 
كل ذلك نتيجة غدر التحالف وعبثيته في المعركة وأجندته التخريبية في مناطق حيوية يدعي زورا وبهتانا بأنها محررة.
 
بالمجمل، أضحى ملف اليمن معقدا للغاية، والبلد رهينة حسابات خارجية كثيرة. إنها خليط ما بين الانتهازية والأطماع واقتسام النفوذ والمقايضة مع ملفات أخرى في المنطقة.

* نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك

التعليقات