رؤية محمد بن سلمان: خواطر عن اليمن و اشياء أخرى!
الثلاثاء, 03 مايو, 2016 - 07:17 مساءً

السعودية اتخذت القرار و انتهى الامر، اليمن رافدا اساسيا لرؤية ٢٠٣٠ بشرا و موقعا و مواردا.
 
 الم تسمعوا محمد بن سلمان تكلم عن مصر و الاردن و بلدان اخرى و لم يذكر اليمن، لماذا؟

لان اليمن اصبحت جزءً  اصيلا من الرؤية مثلها مثل  المنطقة الشرقية او الغربية السعودية.

و للعلم اهم ما كان يعرقل انطلاق السعودية في مشروعها الكبير لتكون مركزا عالميا للتبادل التجاري هو القلق الذي كان يمثله اليمن و عدم استقراره اما اليوم فالامر حسم و اصبحت اليمن جزء من الكتلة البشرية و الجغرافية الخاضعة تماما للرياض و  انهاء الحرب و الانقلاب مسألة وقت و سيتم تصفية الاشكالات المتبقية سلما او حربا.


و للعلم لم يكن اختيار التوقيت لاعلان الرؤية في وقت انعقاد المحادثات عبثيا بل مقصودا تماما، كما لم يكن تجاهل ذكر اليمن امر عبثيا بل هي الغائبة ذكرا، الحاضرة بقوة في كل تفاصيل الرؤية، لقد كانت اليمن حاضرة في الرؤية موقعا و بشرا و مواردا و بطبيعة الحال سوقا و معبرا للتجارة مع القرن الافريقي و  اني أزعم أن جسرا اخرا يربط بين اليمن و جيبوتي هو امرا مخططا له في الرؤية، و لن يكون الجسر هو المشروع الاضخم في اليمن بل ستكون هناك مدن ساحلية كثيرة و مناطق حرة على امتداد الساحل من باب المندب غربا  الى ميناء بلحاف شرق، ناهيك عن الميناء الكبير المخطط له ان يكون على بحر العرب و المحيط الهادي و  الذي ستصب فيه خطوط نقل نفط نفط جنوب و شمال نجد متوازية مع خط بري سريع  و ربما سكة حديد  و  لا حقا ربما قناة مائية تلتف حول مضيق هرمز لتخرجه من الخدمة كمضيق دولي يتحكم بنفط و تجارة السعودية و الكويت و قطر و البحرين و الامارات.


من المعلوم في علم السياسة ان لعب ادوار اقتصادية كبرى و التحكم في الطرق و الاسواق يأتي تابعا للدور السياسي و العسكري ايضا و ليس العكس و لكن الدور الاقتصادي يرفد الدور السياسي و العسكري و يعظمهما في تبادل و تكامل عبر عنه الكلاسيكيون بالعبارة التالية

" استخدام القوة  من اجل اكتساب مزيد من القوة"

و ربما يقول قائل بحسن نية او بسوءها انكم تبالغون و السعودية و العرب مجرد اتباع، اقوله ان التاريخ لم و لن يتوقف  عند قوة او امبراطورية و لو ارادت ايقافه، فالتاريخ لم يتوقف لبريطانيا و لا لهتلر و لا نابليون، و الصين التي كانت ضعيفة اقتصاديا منذ ٤٠ سنة  اصبحت الاقوى عالميا في الاقتصاد و الثاني عسكريا و الرابعة في  التكنلوجيا و لا زالت تصعد و تنمو بشكل مرعب، و الهند و البرازيل ايضا تغير وضعهم في بضع عقود، و هؤلاء ليسوا اعداءً للعرب بل هم اقرب للود منهم للحياد ففي الصين و الهند و البرازيل و حتى كوريا و كوبا بدائل لكل منتج امريكي و غربي، لذا لن يتخلى الامريكان عن الحلف مع العرب و من يمثلهم حقيقة لا مجاز،لانهم هم من يحتاجون للعرب و ليس العكس، و لو قامت السعودية وحدها ناهيك عن معية قطر و الكويت بسحب الاصول من امريكا لانهارت امريكا  و انكشفت امام الصين و لاصبحت محتلة اقتصاديا من الصين و الصينيون ليس كالعرب ليس لديهم ردع نووي بل لديهم ما هو اعظم و هو سيل العرم البشري الذي يستطيعون به احتلال امريكا و اوربا في بضع سنين سلميا و دون حروب، العالم يتغير.


العالم يتغير و مركزية اوربا الغربية و امريكا مهددة بالانهيار  اقتصاديا و عسكريا بسبب تناقص عدد السكان و قرب انقلاب الهرم السكاني ما لم تحصل على مهاجرين جدد  و لا مهاجرين جدد غير المسلمين و العرب تحديدا الا فيما ندر  و لذا تحتاج اوربا العربَ حلفاء لا اعداء.
 

الاهم من انهيار المركزية المادية الغربية هو انهيار المركزية الاخلاقية و القيمية فمجازر بشار الاسد و جرائمه و سكوتهم عن ذلك ارضاءً لاسرائيل و ازمة المهاجرين  هزت المركزية الاخلاقية، و انقلاب مصر و التأمر على الرئيس المدني المنتخب و دعم نظام دموي دكتاتوري و التغاضي عن جرائمه كل هذا اضر ايما ضرر بمركزية الغرب القيمية كالديمقراطية و حقوق الانسان،  و اتت قضية الايطالي المقتول في مصر و التعامل الاوربي بمعايير مزدوجة مع دم الشاب الايطالي و دماء المئات الذين اصابهم ما اصاب ريجيني بتطابق تام من اختطاف و اخفاء قسري و تعذيب حتى الموت ثم رمي الجثة على قارعة الطريق، اقول اتت هذه القضية لتأتي على مركزية القيم و الاخلاق الاوربية من القواعد، فعلى سبيل المثال لا تستطيع امريكا او المانيا مطالبة الصين باحترام حقوق الانسان فمجرد ان يطالبهم بذلك سيرفعون الصينيون  في وجه اوربا  صور اطفال حلب او صور ضحايا رابعة او ربما صورة السيسي كافية.
 
و هكذا المواقع تتغير بسرعة و باسرع مما نتصور.

حتى القيم التي يتصورها البعض هي قيم اخر التاريخ و ان العالم الاوربي لن يتنازل عنها، هاهو يتخلى عنها مع اول اختبار حقيقي و تصرح النمسا لاول مرة في تاريخا الحديث لا نقبل لاجئين مسلمين في سابقة تاريخية من السقوط الاخلاقي بالتمييز بين البشر على اساس ديني، و هذا التخلي عن القيم ليس خارج اوربا بل في القلب منها و تدريجيا و مع وصول اليمين  المتطرف للحكم في اوربا الغربية و السيطرة على ادوات التشريع سنجد قوانين عنصرية تميز بين الناس على اسس عرقية و دينية و بهذا تتبخر قيم نهاية التاريخ من المساواة و الحرية و حقوق الانسان لتقود العالم للاصطام الحضاري حقيقة لا مجاز. 
 

لذا اتوقع ان يتغير وجه العالم و توازنته في نصف قرن.
و ساعطيكم مثال من التاريخ الحديث..


ففي عام ١٨٠٢ كانت مصر للتو خارجة من احتلال فرنسي قصير تركها منقسمة و ضعيفة و فقيرة، جاء محمد علي عام ١٨٠٥  ليجعل منها اكبر قوة في المنطقة في عام ١٨١٥ و يتوسع الى الشام و اليمن و الحجاز، و في عام ١٨٣٠ كانت تهدد تركيا و تحتل نص اراضيها  و كانت اسطنبول في متناول الجيش المصري لولا قرار محمد علي باشا بالاكتفاء و الانسحاب  خوفا من ضغوط بريطانيا و فرنسا الذي لم يكن يعرف في حينها انه اقوى منهما بمراحل فقد انهكتهما الحروب الاوربية ، لقد صنع محمد علي باشا  القوة الاعظم في العالم و المضحك انهم لم يكن يعلم بمدى قوته و لانه تاجر في الاساس فقد توقف طموحه عند حد معين، و لو اسقط محمد على باشا الخلافة الضعيفة و نقلها الى القاهرة لتغير وجه العالم و لساد العرب لقرون، لقد مات ابراهيم باشا  بن محمد علي باشا  قهرا من تقييد طموحه من قبل والده فقد كان قائد عسكريا فذا و سياسيا طموحا و محنكا بينما كان محمد علي باشا تاجرا حذرا.
التاريخ لا يتوقف عند احد و لا لاحد، و ما تعيشه الامة مخاض و ان كان صعبا.
 
 

التعليقات