الفقر وغلاء المعيشة يدفع كثير من الأسر اليمنية لتزويج بناتها مبكرا ... حليمة نموذجا (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الاربعاء, 24 يناير, 2018 - 07:51 مساءً
الفقر وغلاء المعيشة يدفع كثير من الأسر اليمنية لتزويج بناتها مبكرا ... حليمة نموذجا (ترجمة خاصة)

[ الفقر وغلاء المعيشة يدفع كثير من الأسر اليمنية لتزويج بناتها مبكرا ]

عندما أخبرها والدها أنه كان يخطط لتزويجها، رفضت حليمة البالغة من العمر 12 عاماً بشدة.
 
وقالت حليمة، التي طلب والدها من "سي إن إن" عدم استخدام اسم عائلته: "زوج أبي أخواتي، ويريد أن يزوجني بالقوة، ولكنني لا أريد الزواج".
 
إن زواج الأطفال منتشر في اليمن، وهو أحد أعراض الفقر، والثقافة العميقة المحافظة. إنها ممارسة تقليدية محفوظة في الأمثال مثل "تزوج من فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، فإنها مضمونة" - ضمان عذرية الطفل. وأدت الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات إلى تفاقم المشكلة. واليوم، تزوج أكثر من ثلثي الفتيات اليمنيات قبل بلوغهن 18 عاما، وهي قفزة مذهلة من نصف جميع الفتيات قبل النزاع.
 
لكن حليمة، بضحكها السريع وابتسامتها العذبة، مصممة على ألا تكون جزءاً من تلك الإحصائية المتصاعدة.
 
تقول حليمة لشبكة "سي إن إن" وترجمها "الموقع بوست": "أنا في الصف الخامس، أريد إنهاء المدرسة، أريد أن أكون طبيبة بإذن الله"، وما زالت ترتدي الزي المدرسي - وهو عبارة عن عباية خضراء وحجاب أبيض.
 
"الكثير من صديقاتي في المدرسة قد تزوجن".
 
"واحدة من صديقاتي توقفت عن الدراسة وعندما سألتها لماذا، قالت: لأن غدا هو حفل زفافي". 


 
إنه مصير لم تسلم منه شقيقة حليمة. فقد زوجت إلى رجل يكبرها 15 عاماً عندما كانت 13 فقط.
 
تقول شقيقة حليمة "كفى" لشبكة "سي إن إن: "إذا كان لي الخيار، كنت سأذهب إلى المدرسة وأتعلم، لم أكن أرغب في الزواج، لقد أجبرت، لم يكن هناك شيء لي في الزواج كطفلة".
 
وقد أعطى زوج "كفى" إذنا للحديث، لكنه رفض التحدث مع سي إن إن.
 
أربع سنوات وأربعة أطفال من يوم زفافهم، كفى الآن تبلغ من العمر 17 عاماً، وفي جبعبتها العديد من حكايات التحذير لأختها.
 
وقالت: "عانيت كثيراً في كل ولادة"، في حديثها في منزل والديها في ضواحي العاصمة صنعاء - وهي تبعد ساعة من حيث تعيش الآن مع زوجها وبناتها.
 
ويواجه المراهقون الشباب مخاطر أعلى بكثير من حدوث مضاعفات ووفاة أثناء الحمل مقارنة بالنساء الأخريات، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
 
وتقول كفى: "كانت كل ولادة تتم من خلال عملية جراحية، بقيت في سرير المستشفى بين سبعة إلى عشرة أيام بعد كل منها".
 
والدهم، عبدالله، عاطل عن العمل، ويقول إن عليه إطعام 17 فردا بين أطفال وأحفاد وأقارب.
 
ويزداد آباء، مثل عبدالله الذين يزوجون بناتهم لكي يتم إعفاؤهم من تكلفة رعايتهم - ويسعون للاستفادة من المهر لمواجهة الصعوبات المرتبطة بالنزاع أو لتسديد الديون. تلقى عبدالله مهر قدره 2000 دولار لكفى.
 
في حين يقول إنه قرار تأسف له، إلا أنه لم يمنعه من التخطيط لزواج حليمة - على الرغم من أنه لم يقم بعد باختيار الخاطب.
 
تحت ظلال القماش الأخضر الذي يغطي فناء منزلهم، يجلس عبدالله بجوار كفى وهي تغذي بناتها وتنظف شعرهن.
 
يقول لها "أنا أريد منك أن تغفري لي لأنني زوجتك في مثل هذه السن المبكرة، كنت بحاجة إلى أموال لدعم عائلتنا، زوجتك لكي تتمكن أخواتك وأمك من العيش، لذا اضطررت إلى الاختيار، والآن، أطلب منك أن تغفري لي".
 
ويواجه العديد من الآباء اليمنيين هذا الواقع الصارخ: جمع مهر بناتهم لدفع ثمن الغذاء والرعاية الصحية، أو السماح لأطفالهم الآخرين بتجرع المعاناة.
 
وقال نادين دروموند، الناطق باسم منظمة (Save the children) لشبكة "سي إن إن" وترجمها "الموقع بوست" "ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تصل إلى 200 في المئة، وارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة الثلث على الأقل، وقد زوجت الكثير من فتيات الأسر التي لم تكن تحلم بالقيام بذلك من قبل".
 
ويعاني ما يقرب من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد في اليمن، وفقاً لليونيسف، وتعرض مليون شخص لوباء الكوليرا. وكلاهما يمكن الوقاية منهما بسهولة ولكن صعب ذلك بسبب الحرب.
 
ووفقاً للأمم المتحدة، قتل أكثر من 5500 مدني في اليمن منذ آذار / مارس 2015، عندما شن تحالف بقيادة المملكة العربية السعودية حملة عسكرية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
 
وبسبب القيود المفروضة على الحدود، والتي أغلقت تماما في بعض الأحيان، فإن المعونة والوقود شحيحة. وذكرت الأمم المتحدة أن حوالى 11.3 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات الانسانية، و 8.4 مليون شخص على حافة المجاعة. وحذر منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة مارك لوكوك في تشرين الثاني / نوفمبر من أن اليمن "سيكون أكبر مجاعة شهدها العالم منذ عقود".


 
وكثفت جميع هذه العوامل مشكلة زواج الأطفال، التي كانت منذ فترة طويلة آفة في اليمن، وهي واحدة من البلدان في المنطقة التي لا تملك سناً قانونيا للزواج. ومع حرب أهلية مستعرة، فمن غير المرجح أن أي شيء من الناحية القانونية سوف يتغير للطفل اليمني في أي وقت قريب.
 
ويتزوج الأطفال أصغر سناً. وتفيد دراسة استقصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن حوالي 44 في المئة من الفتيات يتزوجن الآن قبل بلوغ سن الخامسة عشرة. وقال ميريتكسل ريلانو، الممثل لليونيسيف المقيم في اليمن، لشبكة سي إن إن، إن هذه الأرقام آخذة في الارتفاع، حيث إن الفتيات يتزوجن أعمارهن لم تتجاوز التسع سنوات.
 
وقال ريلانو "لا توجد وظائف في البلاد، ولا توجد الزراعة، وإن النظام الصحى والنظام التعليمى قد انهار أو على وشك الانهيار".
 
وبعد ثلاث سنوات من الحرب، تلجأ الأسر التي غرقت إلى الفقر وانعدام الأمن الغذائي إلى اتخاذ تدابير يائسة للبقاء على قيد الحياة.
 
وقال أحمد القرشي، الناشط اليمني في مجال حقوق الطفل: "للأسف، يرى العديد من اليمنيين الزواج المبكر أفضيلة، والحرب جعلت الأمر أسوأ".
 
وقال عبدالله لشبكة "سي ان ان" إنه يدرك أحلام وتطلعات بناته، ولكن ليس لديه خيار. ويقول "هناك حرب وصواريخ تحلق فوق رؤوسنا، المنازل تنهار، منزلنا يهز في كل مرة بسبب الغارات الجوية، فماذا يمكنني أن أفعل؟...ليس لدي خيار سوى تزويج بناتي في وقت مبكر".
 
وخلال زيارتها، تتولى كفى خبز الوجبة الرئيسية - خبز ملوح يمني - بينما يلعب أطفالها مع مجموعة من القطط التي تجوب المطبخ. وتكدس الحاويات البلاستيكية في زاوية، وعلى استعداد للرحلات اليومية للحصول على مياه الشرب. قصاصات معدنية وخط غير المرغوب فيه. وفي البيت المكون من غرفتين تشارك حليمة إحدى هذه الغرف مع تسعة من أشقائها.
 
كفى تريد مصيرا مختلفا لبناتها الأربع، ولأختها الصغرى: التعليم، فرصة في مستقبل أفضل، وحرية الاختيار.
 
وأضافت "إنهم سيتزوجون عندما يريدون، وليس عندما أريد ... لن أزوجهم أبداً في سن مبكرة". ولكن مع استمرار الحرب، تبدو فرصتهم في متابعة التعليم قاتمة.
 
ويقدر أن مليوني طفل خارج المدرسة في اليمن، حيث أدى القصف المستمر إلى تدمير 1600 مدرسة جزئيا أو كليا. وبدأ المعلمون هذا العام الدراسي بإضراب احتجاجاً على عدم حصولهم على أجورهم. وهم الشيء الوحيد الذي يدعم نظام التعليم في البلاد، الذي يعتبر على وشك الانهيار.

 
وقال القرشي لشبكة "سي إن إن" إنه "ما يمكن أن يزيد من تفاقم المشكلة هو التوقف الكامل لعملية التعليم في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان في اليمن، الأمر الذي سيؤدي إلى أن يذهب الفتيان إلى المعركة كجنود وأن يتم تزويج البنات في سن مبكر".
 
مدرسة حليمة لا تزال مفتوحة، ولكن العديد من قريناتها قد توقفن عن الذهاب. وفي فترة بعد الظهر، يمكن رؤية الفتيات الباقيات من صفها في ساحة خارج مدرستها. يرتدن زي المدرسة.
 
وقالت حليمة: "نحن لا نريد أن نتزوج، نريد أن ننتهي من دراستنا".وأضافت "الفتيات مثلي اللواتي تزوجن في سن مبكرة يلدن أطفالهن الآن ... كل هؤلاء الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 و 12 و 13 عاما".
 
وتقول حليمة "ويمكننا أن نكبر ونصبح معلمات أو طبيبات ثم نتزوج، عندما نتقدم في سن 22 أو 25 سنتزوج، وليس الآن ونحن صغارا".
 
عندما أتى والدها لاصطحابها من المدرسة، كانت حليمة تبتسم. أخذها والدها باليد وسارت معه إلى بيتها، وهي تحدثه عن يومها، مع المزاح والضحك. فعلى الرغم من كل شيء، حليمة لا تزال متفائلة.
 
وقالت حليمة "أتمنى مستقبل جيد، وليس كمستقبل هذه الفتيات،أنا لا أريد أن أتزوج".

**نشرت المادة في موقع سي إن إن ويمكن الرجوع إليها عبر الرابط هنا

*ترجمة خاصة بالموقع بوست.
 


التعليقات