أكثر من 16 ألف غارة لتحالف تقوده السعودية في اليمن.. ما الذي حققته؟ (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الثلاثاء, 03 أبريل, 2018 - 11:25 مساءً
أكثر من 16 ألف غارة لتحالف تقوده السعودية في اليمن.. ما الذي حققته؟ (ترجمة خاصة)

[ غارات للتحالف استهدفت مدنيين بصنعاء ]

تزامن مع الذكرى الثالثة لتدخل السعودية في اليمن الأسبوع الماضي، قيام التحالف الذي تقوده السعودية وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، بتنفيذ 16,749 غارة جوية ضد إحدى أفقر الدول على وجه الأرض، وتلقي الأمم المتحدة باللوم على هجمات التحالف التي تسببت في ثلثي حالات الوفاة في الصراع، والتي تجاوزت 10 آلاف شخص.
 
وقام المتمردون الحوثيون بالاحتفال في ذكرى مرور ثلاث سنوات على الحرب التي تسميها الأمم المتحدة "أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم"، من خلال إطلاق سبعة صواريخ إلى عمق الأراضي السعودية، سقط ثلاثة منها على العاصمة الرياض مما أدى إلى مقتل مدني واحد، في الضربة المضادة الأكثر عنفاً من نوعها.
 
لكن بعد يومين، وبينما استعد اليمنيون لرد عسكري، أعطى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤشراً قويا على أن المملكة بدأت أيضًا في التركيز على الاحتياجات الإنسانية في الحرب، التي تسببت في انتشار الجوع وانتشار وباء الكوليرا.
 
قدم ولي العهد مبلغ 930 مليون دولار من المملكة العربية السعودية وشريكها الرئيسي في التحالف، الإمارات العربية المتحدة، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نيويورك، وهذا المبلغ يغطي حوالي ثلث المبلغ المطلوب من قبل اللأمم المتحدة بقيمة 2.96 مليار دولار لعام 2018.
 
سوف يتم الترحيب بهذا العمل الخيري في جنيف، حيث تعقد الأمم المتحدة مؤتمراً رفيع المستوى للتبرع لليمن. هذا المبلغ جزء من حزمة بقيمة 1.5 مليار دولار أعلنت عنها المملكة العربية السعودية أواخر يناير / كانون الثاني، والتي تهدف إلى توسيع طاقة ميناء اليمن وفتح 17 "ممر آمن" لمرور الإمدادات والمساعدات، معظمها في المناطق التي تحت قيادة الحكومة.
 
لكن اليمنيين المتأثرين بالحرب والمحللين على حد سواء يقولون إن التبرع السعودي يهدف إلى إصلاح سمعة المملكة المتضررة أكثر من وضع حد للحرب التي تلعب فيها الدور الحاسم، وبالفعل ، فقد وظف السعوديون أيضاً الشركات الأمريكية والبريطانية لبدء حملة علاقات عامة منسقة.
 
يقول عبد الرشيد الفقيه، المدير التنفيذي لمؤسسة مواطنة لحقوق الإنسان التي مقرها العاصمة اليمنية صنعاء، والتي تخضع لسيطرة الحوثيين منذ عام 2015: "إن المال الذي يقدمه السعوديون هو بمثابة المكياج على وجههم".
 
ويقول الفقيه: "جميع الأطراف المتحاربة هي المسؤولة عن هذه المعاناة، لكن أولاً التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، ما هو أفضل من هذا (المال)، هو إيقاف المملكة العربية السعودية الحرب في اليمن. لا يكفي أن يتلقى اليمن مساعدات إنسانية ما دامت الحرب مستمرة".
 
أشارت إبريل لونجلي آلي، مديرة مشروع شبه الجزيرة العربية لمجموعة الأزمات الدولية )ICG(، إلى أن المملكة العربية السعودية كامت أكثر إيجابية قليلاً للمبادرة السعودية، رغم أنها توصلت إلى نتيجة مماثلة.
 
"المعونة الإنسانية" الإنسانية
 
وتقول آلي:"على مدى الأشهر القليلة الماضية، من الواضح جداً أن السعوديين يأخذون ضرر السمعة على محمل الجد، وهم يحشدون الموارد للتصدي لها....هذا صحيح بشكل خاص حول خطتهم الإنسانية لليمن التي أعلنوها للتو".
 
وأضافت آلي:"في بعض النواحي، إنه جيد جدًا، أليس كذلك؟... هم يركزون الآن على الأزمة الإنسانية ولدى الأمم المتحدة خطة إنسانية لذاك تحتاج إلى تمويل...هذا تطور إيجابي للغاية"، وتقول السيدة آلي، متحدثة من دبي بعد زيارة مدينة ميناء عدن الجنوبية التي يسيطر عليها التحالف في اليمن.
 
وتقول آلي: "لكن الصورة الأكبر التي يجب التركيز عليها هو أن المساعدات الإنسانية هي إسعافات أولية، والسبب الذي نحتاج به المساعدات الإنسانية، هو النزاع.. ما دام الصراع مستمرًا، سيؤدي إلى خلق المزيد من الاحتياجات".
 
كان الهدف من التدخل العسكري بقيادة السعودية في البداية أن يستمر لمدة ثلاثة أشهر فقط، لوقف استيلاء الحوثيين على اليمن واستعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا.
 
ولكن بما أن "عملية عاصفة الحزم"، أعيدت تسميتها "عملية استعادة الأمل". لا يزال هادي هو الرئيس الفعلي، لكن يحكم من المنفى في الرياض، ولا زال قصف التحالف المستمر يدمر البنية التحتية المدنية من المستشفيات والمصانع والجسور، وأدت إلى اتهامهم بجرائم الحرب.
 
إن الحصار الجوي والبري والبحري الصارم، الذي وعدت المملكة العربية السعودية بتخفيفه في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، يجعل من المواد الغذائية والسلع الأساسية باهظة الثمن. وتقول الأمم المتحدة إن "22.2 مليون يمني"، أي حوالي 75% من السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية في 2018 أكثر بـ3.4 مليون شخص مقارنة بالسنة الماضية.
 
الأطفال يواجهون الصدمة
 
تقول ماري كريستين هاينز، وهي خبيرة بالشؤون اليمنية ورئيسة مركز البحوث التطبيقية في شراكة مع الشرق )CARPO( وهي مؤسسة بحثية في بون بألمانيا، إنه على الرغم من الخطة الإنسانية السعودية، فإنه من غير المحتمل أن تقوم المملكة بتقليص حجم حملتها العسكرية.
 
وتقول السيدة هاينز: "إنهم يستمرون في الحصار، ويواصلون قصف البنية التحتية المدنية، وكل ذلك يستمر في التأثير على الوضع الإنساني على الأرض، لا أرى هذا كتغيير".
 
وتقول إنه وعلى نطاق أوسع، فإن القصف أصاب جميع السكان بالصدمة خاصة جيل من الأطفال.
 
تقول هاينز: "حتى إذا انتهت الحرب غداً، فسيتعين علينا التعامل مع نتائج ذلك طوال عقود... هناك أيضاً الصراع على المستوى المحلي، الطائفية والكراهية، والدعاية التي لا تقتصر الآن على تقسيم المناطق كشمال وجنوب فحسب، بل تقسم المحافظات والقرى ومجتمعات بأكملها والتي تمر عبر النسيج الاجتماعي بطريقة لا يمكن تعديلها بسهولة".
 
ووفقاً لإستفتاء قامت به )CARPO( لأكثر من 900 طفل بعد العام الأول من التدخل السعودي الذي قصف صنعاء بشكل يومي، اتضح أن أكثر من 79% من الأطفال يعانون من "أعراض حادة" بسبب اضطراب ما بعد الصدمة )PTSD(، على سبيل المثال "عدم القدرة على البكاء أو عدم القدرة على الشعور بالسعادة".
 
وبالمقارنة، وفقاً لهذه الدراسة فإن هذه المستويات سجلت في شمال العراق فقط، وفي أعقاب حملة صدام حسين للإبادة الجماعية ضد الأكراد العراقيين عام 1988، حيث عانى الأطفال من نفس هذه الاضطرابات والصدمات. اليوم سيكون هذا التأثير أكبر، لأن أطفال اليمن خضعوا لسنتين إضافيتين من الصراع.
 
ومع ذلك، فإن الحرب الجوية التي تشنها قوات التحالف  وبدعم من المخابرات الأمريكية والبريطانية بالإضافة إلى مساعدة الطائرات الأمريكية على إعادة تزويد الطائرات الحربية بالوقود في الجو، كل هذا هو مجرد عامل واحد في معاناة اليمن.
 
أمن غذائي
 
تقول الأمم المتحدة إن "اليمن هي واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم"، حيث يواجه السكان الضعفاء في واحدة من كل ثلاث مناطق "خطرًا متزايدًا بالمجاعة ويحتاجون إلى استجابة متكاملة وسريعة  لتجنب كارثة تلوح في الأفق".
 
وتقول الأمم المتحدة إن الصراع "أدى إلى تفاقم الفقر ونقاط الضعف التي كانت راسخة في اليمن قبل 2015". والنتيجة اليوم هي أن 17.8 مليون يمني "يعانون من انعدام الأمن الغذائي"، مع 8.4 مليون من هؤلاء "الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد ويواجهون خطر المجاعة".
 
مثل هذه الأرقام، والإدراك السائد بأن المملكة العربية السعودية هي المسؤولة عن الجزء الأكبر من معاناة المدنيين في اليمن مع القليل من النتائج العسكرية، جعل الرياض تشعر بالقلق. ولي العهد محمد )32 عاما(، وزير الدفاع السعودي ومهندس الحرب يقترب من نهاية زيارة استغرقت ثلاثة أسابيع للولايات المتحدة ، حيث التقى بالرئيس ترامب، وضغط من أجل دعمه لبرنامج إصلاح الصدمة في بلاده، ودافع عن حرب اليمن.
 
وأخبر برنامج "60 minutes" الذي يبث على شبكة "سي بي أس": أن الحوثيين "يستخدمون الوضع الإنساني لصالحهم من أجل إثارة التعاطف"، واتهم الحوثيين "بعرقلة المساعدات الإنسانية من أجل خلق المجاعة والأزمة الإنسانية".
 
وفي وقت مبكر من زيارة الأمير، هزم مجلس الشيوخ بفارق ضئيل مشروع قانون من الحزبين لوضع حد للدعم التي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للتحالف السعودي من تزويد الطائرات بالوقود والدعم الاستخباراتي. وقال وزير الدفاع جيمس ماتيس بأن كل من التزويد بالوقود والمشورة الأمريكية حول كيفية الاستهداف كانت تهدف إلى "الحد من خطر وقوع إصابات بين المدنيين" من خلال منع قرار "التسرع" من قبل الطيارين الذين ينفثون الوقود أثناء جولات القصف.
 
ليس من الواضح كيف ستتداخل الخطة السعودية المعلنة مع إستراتيجية مساعدات الأمم المتحدة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
 
وتقول آلي إن هذه الخطوات السعودية "صعبة للغاية" لأنها لم تحدد بعد. في حالة الموانئ، يبدو أنها محاولة للتبديل بعيداً عن الاعتماد على ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه المليشيات والذي يغذي العاصمة والمناطق الحوثية.
 
وتضيف آلي "بعد ثلاث سنوات، لم تعد هناك دولة يمنية في حد ذاتها... لم يعد هناك بلد واحد، فقد توزع على طول الانقسامات التاريخية، كما يوجد مراكز قوى مختلفة... هذه حرب استنزاف متجمدة إلى حد كبير على العديد من هذه الجبهات، إنه صراع متعدد الطبقات، حتى داخل اليمن".
 
خسائر مدنية
 
تعاملت المملكة العربية السعودية مع نقد الحرب بطرق أخرى. سمح لمراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الشهر الماضي في الوصول إلى مركز القيادة في الرياض، من حيث تتم العمليات العسكرية في اليمن.
 
تحدث ضباط سعوديون عن محاولة الحد من عدد الضحايا المدنيين في مهماتهم القتالية في اليمن.
 
ونقل عن اللواء عبدالله الغامدي قوله "سنراقب ساعات وأيام في بعض الأحيان وليس الاستهداف سريعاً، وذلك لحماية المدنيين" بينما كان يشاهد بثاً حياً من طائرة بدون طيار فوق اليمن قال إنها أظهرت مجموعة من المقاتلين يختبئون في المجمع.
 
تقول آلي إن الضربة الصاروخية الحوثية كانت "رسالة" إلى المملكة العربية السعودية في ذكرى الحرب.
 
وتضيف آلي: "التصور من جانبهم هو أنه إلى أن تشعر السعودية بالألم من جانبها على المستوى الداخلي، فإنها لن تكون جادة بشأن المفاوضات... هذا هو منظور الحوثي."
 
بالنسبة إلى الناشط في مجال حقوق الإنسان عبدالرشيد الفقيه، يتم إدانة موت المدنيين من أي جانب. لكن القصف الحوثي للصواريخ السبعة قبل أسبوع يتضاءل مقارنة بالغارات الجوية لقوات التحالف البالغ عددها 17000، وهو رقم من مشروع البيانات اليمنية.
 
يقول الفقيه: "لقد ركزت الضربات الجوية كلها تقريباً على تدمير مصالح الناس، مثل مهاجمة المصانع والأسواق، فالحملة العسكرية التي ينفذها التحالف هي ضد الشعب وليست ضد الحوثيين، إنها ضد اليمنيين".
 
ويضيف:"نرى المعاناة كل يوم في الشوارع وحتى على وجوه الشعب اليمني".
 
وأختتم بقوله:"ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من الوضع الحالي؟، لقد تلاشت جميع أشكال الحياة الطبيعية، لقد بدأت تختفي".
 
*نشر المقال في موقع (csmonitor) ويمكن العودة له هنا
 
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.


التعليقات