مجلة هارفارد بوليتكل: الحرب في اليمن لم تنل الإهتمام الكافي إعلاميا مقارنة بسوريا (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الجمعة, 06 أبريل, 2018 - 09:59 مساءً
مجلة هارفارد بوليتكل: الحرب في اليمن لم تنل الإهتمام الكافي إعلاميا مقارنة بسوريا (ترجمة خاصة)

[ مخطط لمؤشر البحث عن الاخبار الخاصة باليمن وسوريا في جوجل ]

وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، هناك أكثر من 10,000 مدني لقوا مصرعهم، و17 مليون آخرين في حالة أزمة غذائية طارئة في اليمن، بسبب الحرب الجارية في البلاد، ومع انهيار النظام المصرفي، وضعف الحكومة المعترف بها، تقدر منظمة الصحة العالمية أن 14.8 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية.

ربما تكون الحرب الأهلية اليمنية أكبر أزمة إنسانية في العالم في الوقت الحالي، ومع استمرار الغارات الجوية ووجود حصار للموانئ وموت المدنيين الأبرياء بإستمرار، تشير بيانات البحث من جوجل إلى أن نسبة الإهتمام العالمي يميل بشدة نحو الحرب الأهلية السورية، مع القليل من الإهتمام في الحرب الأهلية اليمنية.

وحدثت ارتفاعات هائلة في انتشار البحث خلال حالات مثل تبادل إطلاق الصواريخ بين إسرائيل وسوريا في مارس عام 2017، ولكن التطورات المهمة في الوضع في اليمن لم تولد الكثير من الاهتمام بناءً على بيانات محرك البحث جوجل.

يمكن تفسير عدم وجود تغطية في الحرب الأهلية اليمنية وعدم الاهتمام بها من خلال السياق الدولي الذي يتم به خوض هذه المعركة، ففي حين يمكن تصوير الصراع السوري على أنه مجموعة من المتمردين المضطهدين الذين ينتفضون ضد نظام الأسد الفاسد، لا يمكن اختزال الحرب اليمنية إلى مثل هذا الدور الثوري، وعلاوة على ذلك، فإن الحد من انتشار الإرهاب في الأزمة اليمنية، إلى جانب العديد من العقبات الصحفية تمنع زيادة نقل الأخبار عن هذا الموضوع، وفي الوقت الذي زادت فيه بعض المصادر الإخبارية مثل صحيفة نيويورك تايمز من تغطيتها للحرب في الأشهر الأخيرة، يواصل العديد من المراقبين وصف الصراع بأنه "حرب منسية".

المعضلة الأخلاقية

لا يمكن تأطير الحرب الأهلية اليمنية في سياق نماذج سابقة من الثورات المنتصرة أو التدخل الأمريكي الإيجابي، بالنسبة للحرب الأهلية اليمنية على الأرض هي معركة بين نظام هادي المدعو من السعودية، وأعضاء حركة الحوثي المدعومين من إيران، وبالتالي، فإن الحرب لم يتم رسمها كمجموعة مظلومة من المتمردين تتصاعد ضد حكومة فاسدة، ولكن كمتمرد يهاجم حكومة راسخة ويهدد استقرار الشرق الأوسط.

كل من الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية مذنبون بقتل المدنيين الأبرياء وتصعيد الأزمة الإنسانية، وفي حين أن السعوديين حاصروا بشكل كلي ميناء الحديدة، وهو ميناء مهم يتلقى من خلاله الناس في شرق اليمن المواد الغذائية والموارد الرئيسية الأخرى، بالمقابل أطلق الحوثيون صاروخًا باليستيًا اقترب جدًا من ضرب العاصمة السعودية الرياض، وبالتالي، ليس من السهل أن ندعم بشكل كامل جانبًا على الآخر مع اليقين "الأخلاقي" الكامل.

قارن هذا الوضع بسوريا حيث يقاتل المتمردين المدعومين من الولايات المتحدة نظام الأسد المدعوم من إيران وروسيا.

إن  قصة الولايات المتحدة التي تدعم فيها المستضعفين في معركة غير عادلة ضد حكومة وحشية، أسهل للنشر أكثر من قصة دعم الولايات المتحدة لحكومة ضعيفة وفاسدة، وذلك فقط لحماية تحالفها مع المملكة العربية السعودية، والنتائج من هذا الانشطار هو تفادي عملي للقضية، من حيث التغطية الإعلامية والمصلحة العامة.

عامل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"

أحد العوامل الأخرى التي قد تسهم في اختلافات في المصلحة العامة حول اليمن وسوريا هي بروز أكبر لداعش في سوريا، ففي الوقت الذي كانت فيه داعش تفقد موقعًا مهمًا في سوريا، فإن المجموعة الإرهابية ما زالت نقطة نقاش بارزة في سياق هذه القضية.

وعلى الرغم من أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية تستغل النزاعات الإقليمية لمصلحتها الخاصة في اليمن، فإن مناقشة أنشطتها في اليمن أقل بكثير من نظيرتها في سوريا، وتشير مؤشرات بحث Google إلى أن اهتمام الجمهور بـ"دولة العراق الإسلامية والشام" يفوق بكثير اهتمامهم بـ"القاعدة في اليمن".

في نهاية المطاف، جذب إرهاب الحرب الأهلية السورية انتباه الرأي العام بطريقة لم يتكمن من فعله الوضع في اليمن، ومع مأساة 11 سبتمبر وكثير من الهجمات الأخيرة في عقول الجماهير الغربية، يبدو أن الفظائع في سوريا كانت أكثر عاطفية.

السعوديون وغيرهم من الصعوبات العملية

وإلى جانب المعضلات الأخلاقية في تغطية اليمن والافتقار إلى وجود داعش هناك، حالت عقبات عملية أخرى دون تغطية هذه الأزمة الإنسانية، وبالتحديد، اليمن بلد صعب للغاية الوصول إليه، خاصة مع حملات القصف الأخيرة وتزايد العنف.

بالإضافة إلى ذلك، عمد السعوديون إلى إعاقة وصول الصحفيين لتغطية الأحداث ونشرها، وعلى مدار الصيف، حاصرت الحكومة السعودية عدة صحفيين بارزين من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ومنعتهم من دخول اليمن، وعلى الرغم من أن لديهم جميع الأوراق اللازمة، وقد تكهن البعض بأن هذا يرجع إلى التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

العامل الإنساني

على الرغم من كل هذه العقبات الثلاث الكبرى، فقد زادت تغطية الحرب الأهلية اليمنية على مدى الأشهر القليلة الماضية، ربما بسبب تزايد حدة الأزمة الإنسانية مما أدى إلى زيادة الإهتمام العام بهذه القضية.

وعلى غرار التأثير الذي أحدثته صور عمليات القتل التي قام بها تنظيم داعش على المشاهدين، كانت صور ملايين الجائعين من اليمنيين الأبرياء أكثر عاطفية، وهكذا تمكنت المنشورات من التحول أكثر نحو نقل ونشر هذه الفظاعة، وتجنب السياق الدولي المعقد ووضع إطار لها في سياق إنساني.

تمثل الحرب الأهلية اليمنية مثالاً رئيسًا على الكيفية التي يؤدي بها عدم القدرة على تقديم سرد واضح وأخلاقي على صراع معين إلى ردع التغطية الإعلامية، ومثل هذا الوضوح البسيط، يحجب الاهتمام العام، ويزيل إمكانية الحصول على عنوان رئيسي سريع وسهل للقراء، فقط من خلال إعادة صياغة الصراع كأزمة إنسانية تمكنت وسائل الإعلام من زيادة الوعي العام بهذه القضية.

*مجلة هارفاد بوليتكل ريفيو هي المجلة الطلابية الأمريكية البارزة في السياسة والثقافة، ويكتب فيها مجموعة من الباحثين الاجتماعيين، وتأسست في أبريل من العام 1969م.

*يمكن الرجوع للمادة الأصل على الرابط هنا.

*ترجمة خاصة بالموقع بوست.
 


التعليقات