بن سلمان وموت النقاش الأمريكي في السياسة الخارجية لواشنطن (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الإثنين, 09 أبريل, 2018 - 01:38 صباحاً
بن سلمان وموت النقاش الأمريكي في السياسة الخارجية لواشنطن (ترجمة خاصة)

[ بن سلمان مع ترامب في زيارته الأخيرة لواشنطن ]

يحظى ولي العهد السعودي بترحيب الأبطال في أمريكا، حيث تخلى السياسيون عن الديمقراطية بشكل كامل.

أي نجم من نجوم الروك أو هوليوود سوف يحسدون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الأهمية التي يمتلكها في الصحافة الأمريكية.

بدأ هذا الاهتمام توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز وذلك في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، مشيداً بابن سلمان باعتباره الأمل الكبير في الشرق الأوسط، وأنه إصلاحي لا يكل ولا شك أنه يقود "الربيع العربي، بالأسلوب السعودي" الذي من شأنه تحديث الحكم للدولة الغنية بالنفط وإظهار إسلام أكثر تسامحًا.

وكتب فريدمان عن مقابلتهم "بعد ما يقرب من أربع ساعات معًا، استسلمت في الساعة 1:15 صباحًا إلى شباب محمد بن سلمان، مشيرا إلى أنني كنت بالضبط ضعف عمره". وأضاف"لقد مضى وقت طويل، منذ أن قام زعيم عربي بإعطائي هذا الكم من الأفكار الجديدة حول تغيير بلاده".

تلقت هذه المقالة توبيخًا كبيرًا من قبل مجموعة من علماء الشرق الأوسط بقيادة شيلا كارابيكو من جامعة ريتشموند، الذين أشاروا إلى أن محاولة بن سلمان الاستبدادية لفرض تغيير اجتماعي لا تمت للربيع العربي بأي صلة، والتي تعتبر حركة جماهيرية حقيقية تدعو للديمقراطية.

وكتب الباحثون أن "القوة المتنامية التي يتمتع بها بن سلمان متمثلة في زيادة الرقابة والاعتقال والسجن دون محاكمات عادلة وأشكال أخرى من القمع العنيف ضد المعارضة"، مشيرين أيضًا إلى أن التدخل العسكري السعودي في اليمن تسبب في واحدة من أعظم الأزمات الإنسانية في السنوات الأخيرة.

مع ذلك، وبينما كان بن سلمان يمر عبر جولة سحره التي استمرت ثلاثة أسابيع في المدن الأمريكية، كانت هذه الانتقادات غائبة إلى حد كبير عن التغطية الحالية،  وبدلاً من ذلك، تعكس التقارير التشجيع الذي يمارسه فريدمان، مشيرةً إلى الإصلاحات الحقيقية مثل تمكين السيدات من القيادة في المملكة العربية السعودية وجعل فلم النمر الأسود أول فيلم يُعرض في المملكة خلال 35 سنة، بينما هناك التقليل من تغطية عادة بن سلمان في حبس المعارضين.

ووفقاً لما تحدث عنه بن سلمان في برنامج 60 دقيقة كانت إصلاحات بن سلمان داخل المملكة العربية السعودية ثورية، فهو يحرر النساء، ويقدم الموسيقى والسينما، ويشن حملة على الفساد في أرض يوجد فيها 15000 من الأمراء".

ويفيد التقرير أن بن سلمان كان" يشرح رؤيته للمملكة العربية السعودية ذات التنوع الثقافي، وهي رسالة قدمها في رحلة مليئة بالمرح إلى هوليوود وإلى السليكون فالي، وهو حي تقطن فيها معظم الشركات العالمية، واعترفت مجلة تايم "بالتناقضات" في سياسات الأمير، لكنها أصرت على" قوة شخصية بن سلمان وفكره وتكريسه للتغيير".

هذه الصحافة الإيجابية هي جزء من تقليد طويل وقذر من الصحافة الأمريكية التي تحتفل بالأصدقاء الديكتاتوريين مثل نظام بينوشيه في تشيلي، والرئيس الكوري الجنوبي القمعي سينغمان ريبيينغ، لكنه يعكس أيضاً الخلاف الواسع النطاق بين الحزبين الأمريكيين مع السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة في مجال تعزيز الديمقراطية، فالسياسيون لا يعطون الصحافة أقوال معارضة لينقلوها.

شهد العقدان الأخيران محاولتين فاشلتين لتحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط، الأولى غزو أفغانستان والعراق تحت إدارة جورج بوش، التي أطاحت بطغيان حقيقي، ولكن استبدلت ذلك بتقسيم الدولة، والثورات الشعبية المعروفة بالربيع العربي، وهو الربيع الذي أنتج ردة فعل عنيفة في معظم الدول التي نشبت فيها الاحتجاجات، ناهيك عن الحرب الأهلية في سوريا.

في أعقاب خيبة الأمل هذه، عادت السياسة الخارجية الأمريكية إلى إستراتيجية ما قبل 11 سبتمبر من أجل دعم الحلفاء، لا أحد يجسد هذه المهزلة أفضل من الرئيس دونالد ترامب، حيث سأل المرشح ترامب في "فوكس نيوز" في فبراير عام 2016: "من الذي نسف مركز التجارة العالمي؟" ثم قال "لم يكن العراقيون، بل كانوا سعوديين، انظروا إلى المملكة العربية السعودية.. تفحصوا الوثائق".

كرئيس، نسي ترامب أحداث 11 سبتمبر واحتضن المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي، إلى حد الإساءة للشركاء الأوروبيين التقليديين مع مراعاة الرياض.

سياسة ترامب مع المملكة العربية السعودية ذهبت دون قيود ومراقبة من قبل القوى السياسية الأخرى، حتى قبل الإدارة الحالية، كان للمملكة العربية السعودية بصمة مثيرة للإعجاب في واشنطن، مع العديد من الحلفاء في مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام.

وكما أشارت Vox في عام 2016، أن "مجتمع السياسة الخارجية لواشنطن، ملتزم بالدفاع عن نفسه، والدفاع عن المملكة العربية السعودية والدعوة لذلك، وهي الدولة التي تبدو حكومتها الاستبدادية ذات القيم المحافظة المتطرفة والسياسة الخارجية التي تروج للتطرف، وكأن العاطفة الموالية للسعودية بين النخبة متجذرة في التفضيل الواقعي للوضع الراهن، والاعتقاد بأن المملكة حصن موثوق ضد إيران، التي ينظر إليها الأمريكيون على أنها قوة إقليمية معادية.

مما لا شك فيه، هو أنه كانت هناك أصوات معارضة، فقد سخر مسلسل "The West Wing" في عام 2002 من ذكريات السياسات الوحشية والقمعية التي اتبعتها "السعودية، شركاء الولايات المتحدة الأمريكية في سلام".

في الآونة الأخيرة، دافع بيرني ساندرز عن تشريع يعرقل المزيد من الدعم الأمريكي للتدخل السعودي في اليمن، وكان كذلك مستشار أوباما السابق بن روديس متشككا باستمرار من التساهل الأمريكي تجاه المملكة العربية السعودية وولي العهد، حيث غرد على تويتر قائلاً "أضف إلى ذلك حرباً في اليمن تسببت في أزمة إنسانية ضخمة، ووقفة عاتية ضد قطر، والحلقة الغريبة مع رئيس وزراء لبنان".

ومع ذلك، فإن هذه الأصوات لا تمثل القرب من التيار الرئيسي للحزب الذي كان يهتم في الأساس بحقوق الإنسان، وفي المملكة العربية السعودية، كما هو الحال في معظم السياسة الخارجية تخلى الديمقراطيون عن الميدان.

تميل انتقادات ترامب إلى التركيز على القضايا التي قد تضر به سياسياً، وأبرزها التواطؤ المحتمل مع فلاديمير بوتين، ولكن ليس بالضرورة مخاوف أخرى، في حين أن قلة من الديمقراطيين متحمسين لما يقوم به بن سلمان مثل توم فريدمان، فهم لم يتحدوا الصورة غير القابلة للتصديق للزعيم السعودي كبطل إنساني تقدمي.

وفي غياب النقد الديمقراطي، فإن وجهة نظر فريدمان للمملكة العربية السعودية هي أن تفوز بالنصر الافتراضي في الخطاب العام، وبالنظر إلى الجدول الإعلامي المملوء بالإغواء الكامل والذي وضعه فريق بن سلمان في هذه الزيارة، يتساءل المرء عما إذا كان ولي العهد يعتقد أن البيع سيكون بهذه السهولة.

*كتبت المادة جيت هيير، وهي كاتبة تعمل في مجلة نيو ريبابليك، التي تأسست في عام 1914، وتهتم بالتحليلات السياسية والرأي حول العالم.

*يمكن العودة للمادة على موقع المجلة في هذا الرابط.

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات