عائلات يمنية استهدفتها طائرات أمريكية تنفي صلتها بالإرهاب (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الثلاثاء, 08 مايو, 2018 - 07:43 مساءً
عائلات يمنية استهدفتها طائرات أمريكية تنفي صلتها بالإرهاب (ترجمة خاصة)

[ طائرات الدرون الأمريكية واستهداف المدنيين الأبرياء في اليمن ]

كانت الساعة الثانية ظهراً عندما توجهت سيارة تويوتا لاند كروزر تقل خمسة أفراد من عائلة المنذري إلى مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، وسط اليمن.
 
ويفيد بعض أقارب الضحايا أن الرجال الخمسة في الشاحنة كانوا يتطلعون إلى لقاء شيخ محلي ليشهدوا على بيع بعض الأراضي في منطقة العقلة المجاورة.
 
وبينما كانت الشاحنة تقترب من المدينة، سقط صاروخ أطلقته طائرة أمريكية بدون طيار على شاحنتهم، مما أدى إلى مقتل ثلاثة رجال على الفور، ووفاة قريب آخر لهم  في المستشفى.
 
وفي 29 مارس أصدرت وزارة الدفاع بيانا ادعت فيه أن غارة طائرة بدون طيار قتلت أربعة إرهابيين تابعين لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وزعم البيان أنه "لم يكن هناك مدنيون وبالتالي لم يصب أو يقتل أحد نتيجة الضربة".
 
لكن عائلات الضحايا وقادة القبائل وجماعات حقوق الإنسان قاموا بإصدار بيانات عامة تدافع عن القتلى، والأكثر من ذلك، أنهم يقدمون أدلة على أن المتوفين لم يكونوا إرهابيين من القاعدة ، بل مدنيين أبرياء استهدفهم البنتاغون عن طريق الخطأ - وهم ضحايا حرب بدون طيار العدوانية التي  شنتها إدارة ترامب والتي تضاعفت بمقدار ثلاث مرات وخففت من  قواعد الاستهداف التي تحد من استهداف المدنيين.
 
بعد حرمانهم من معيل عائلاتهم والخوف من إمكانية استهدافهم بعد ذلك، يطالب "والد المنذري" الآن الحكومة الأمريكية بإيضاح أسماء الذين قُتلوا في الضربات وتقديم تعويضات عن وفاتهم.
 
"كل الناس هنا، القريبين والبعيدين، يعرفون أن الأفراد المستهدفين ليس لهم علاقة بالقاعدة أو أي مجموعة أخرى، وأن هذه الجريمة تتطلب أشد الإدانة، كما تعتبر سابقة خطيرة في استهداف المدنيين وترويعهم، وهي إرهاب بحد ذاتها"، كما يقرأ بيان وقعه عشرات القادة المحليين ونشره مجلس الشؤون القبلية المحلي.
 
ويتابع "لا أحد يريد أن يخرج تنظيم القاعدة من اليمن أكثر من الناس الذين يعيشون بحضورهم كل يوم، وبالتالي، لن يحتج المجتمع عندما تضرب الهجمات الأشخاص "المناسبين".
 
وتقول جينيفر جيبسون، وهي محامية في مجموعة ريبريف لحقوق الإنسان، تحقق في هجمات 29 مارس / آذار، أنه عندما يُقتل مدنيون أبرياء، فإن الأمر مختلف.
 
وينزعج  قادة المجتمع الدولي وأسر الضحايا بحق، ويطالبون علانية بالمساءلة، سواء من حكومتهم أو من الولايات المتحدة، لكن لسوء الحظ  فإن فرص حصولهم عليها أصبحت صفرية تقريبًا.
 
يقول محامي عائلة "المنذري"، محمد هيلان "إذا كان المستهدفون أعضاء في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية فلن يقوم أي من الأشخاص هنا برعايتهم أو الاهتمام بهم، لآنه إذا أراد أي شخص الانضمام إلى تلك المجموعة فإنه يكون بذلك  قد اتخذ قرارة وأقر مصيره.
 
ولم ترد القيادة المركزية على أسئلة الصحيفة عند بخصوص الموضوع، لكنها أرسلت تعليقا يوم الاثنين مفاده: "شكراً لكم على لفت انتباهنا، وبناءً على المعلومات المقدمة، نجري تقييمًا مفصلاً للضربات، ولدينا عملية مدروسة ومفصلة لتقييم ادعاءات الإصابات بين المدنيين".
 
وعندما كان مرشحا للرئاسة، قال دونالد ترامب إنه "سيقصف" الإرهابيين المشتبه بهم إذا أتيحت له الفرصة، ومنذ توليه منصبه تحرك الرئيس ترامب للقيام بذلك، حيث كان من المفترض أن يؤدي تطبيق قوانين عهد أوباما إلى الحد من الإصابات في صفوف المدنيين بسبب هجمات الطائرات بدون طيار.
 
وقبل أن ينهي أوباما  فترة ولايته الثانية، قامت إدارته بجعل هجمات الطائرات بدون طيار خارج مناطق الحرب النشطة وأعلنت أن مناطق الحرب مثل العراق وأفغانستان ستخضع لمعيار "شبه مؤكد" بأنه لن يتم قتل أي مدنيين في الضربات وأن الأهداف ستشكل "تهديدًا وشيكًا" للولايات المتحدة،  وبحلول مارس من عام 2017، أعلنت إدارة ترامب أن اليمن، إلى جانب الصومال، منطقة حرب نشطة ، مما يمهد الطريق لمزيد من الغارات الجوية الأكثر خطورة.
 
ونتيجة لذلك، ازدادت فرص الإصابات في صفوف المدنيين بسبب حرب الطائرات بدون طيار الأمريكية، حيث نفذت الولايات المتحدة  ضربات جوية في اليمن في السنة الأولى من رئاسة ترامب أكثر بمقدار ثلاثة مرات مقارنة بالعام الماضي، وهو العام الأخير من ولاية أوباما.
 
وبدأت الإشارات الدالة على أن هناك شيئًا ما لم يكن على صواب في الغارة التي نفذتها طائرة بدون طيار في 29 مارس تتوالى شيئا فشيئا منذ بدء الهجمات، حيث أكد مصدر لوكالة أنديلو التركية أن الهجوم "استهدف سيارة تقل مدنيين".
 
وشنت طائرات ترمب ما لا يقل عن 21 غارة بطائرات بدون طيار في محافظة البيضاء منذ توليه السلطة، ولكن موقع الضربات في منطقة الصومعة الهادئة نسبيا، أثار العديد من التساؤلات.
 
وتقول جيبسون: "لم يكن هناك أي قتال أو هجمات أو نشاط للقاعدة"، وفي الحقيقة تم ضرب هذه المنطقة لمرة واحدة فقط في عام 2014، حيث ضربت الولايات المتحدة عددا من عمال البناء الأبرياء، ووقتها أصدرت الحكومة اليمنية اعتذارًا للعائلات، إلى جانب التعويضات، وما زالت الولايات المتحدة حتى يومنا هذا غير معترفًة بتلك الضربة.
 
ومنذ ذلك الحين عمل الأقارب وأفراد المنطقة على رسم صورة مختلفة للغاية للرجال الذين قتلوا في الهجوم أكثر من تلك التي وضعها البنتاغون.
 
وقال محمد المنذري- ابن عم أحد الذين قتلوا في الحرب-،  لصحيفة "ذي ديلي بيست" في مكالمة هاتفية :ما تحتاج معرفته هو أن هؤلاء الناس بسيطون جدا ولا يشاركون في أي سياسة من أي نوع، مضيفا "لقد كانوا يعيشون حياة يومية فقط ولديهم عائلات يعتنون بها".
 
يقول أفراد الأسرة إن عبد الله صالح المنذري كان يعمل ميكانيكيًا مهاجرًا في المملكة العربية السعودية وليس جندي مشاة للقاعدة، وفي وقت الضربات، كان قد عاد إلى اليمن بانتظار تجديد تأشيرته، وقامت الأسرة بتقديم صور من جواز سفر عبد الله لصحيفة "ديلي بيست"، والتي تبين طوابع الدخول والخروج إلى المملكة العربية السعودية، وتأكيد الحساب.
 
وقد فقد الحاج صالح محمد صالح المنذري ابنه وشقيقه في الهجوم، وفي تسجيل فيديو أدلى به محامي عائلة المنذري، محمد هيلان، وصف ابن محمد صالح بأنه "مجرد شخص بسيط"، وهو فرد متقاعد من الجيش اليمني كان يكسب حوالي 140 دولارًا شهريًا كحارس أمن في محطة وقود، وبأنه لم يذهب يسارا أو يمينا، علاوة عن عدم انتمائه لأي جماعة.
 
بطبيعة الحال، غالبا ما يلتصق أفراد العائلة بأقاربهم المتهمون -حتى عندما يكون هؤلاء الأقارب مذنبين بالفعل، لكن قادة المجتمع المحلي في أحيان لا يدلون بشهادتهم المتعلقة ببراءة أعضاء القاعدة المعروفين، وفي هذه الحالة، فإن رغبة أعداد كبيرة من القادة المحليين وأعضاء المجتمع المحلي في إعلان براءة المنذري أعطى مطالبهم المزيد من الثقل.
 
وشهد عمر أحمد البريكي هجوما بطائرة بدون طيار، وأدلى ببيان مع محامي عائلة المنذري بعد وقت قصير من الهجوم، وعندما سُئل كيف عرف أن الرجال كانوا مجرد "عمال"، قال "لأن نشاطهم وروتينهم اليومي كان معروفاً لأبناء المنطقة وهم يعرفون على وجه اليقين أنهم لم يتورطوا مع أي جماعة مسلحة".
 
وفي مقابلة مع البريكي في اليوم التالي للهجوم، أخبرنا نفس القصة التي أخبرتنا بها عائلة المنذري، وشهد بأن محمد صالح كان حارس أمن محطة وقود وكان سالم محمد رئيس اتحاد عمال النقل المحلي، واصفا إياهم بـ "المواطنين العاديين الذين يمضون في حياتهم اليومية".
 
وقد تقدم هيلان ، محامي أسرة المنذري، بشكوى الجماعة إلى صالح الرصاص، حاكم البيضاء. كما تقدم بشكوى إلى المحكمة الابتدائية في البيضاء على أمل أن تضغط الحكومة اليمنية على الحكومة الأمريكية لتعويض عائلة المنذري عن خسارتهم.
 
رسميا، لا تقدم الولايات المتحدة تعويضات للضحايا المدنيين لضربات الطائرات بدون طيار في اليمن، غير أنه، بشكل غير رسمي، عرض على عدد قليل من أفراد عائلات المدنيين الذين قُتلوا في غارات بطائرات بدون طيار الأمريكية مبالغ تتراوح ين 25,000 و 50,000 دولار، لكل قريب قتيل بواسطة الحكومة اليمنية الفقيرة للغاية، وتم تسديدها من قبل الولايات المتحدة.
 
ويأمل المنذري في الحصول على تعويض ولكن أيضا يأمل في الحصول على إجابات لماذا تم استهداف أقاربهم، واستنادًا إلى السجل الضعيف للبيانات الأمريكية حول إجراءات الاستهداف، فإن فرص حصولهم على إجابة مرضية ستكون ضئيلة، ويأمل محامي العائلة أن يتم الضغط على قضية المنذري في المحاكم وأن تسلط وسائل الإعلام الضوء على ما حدث لأقاربهم ولماذا.
 
وقال هيلان: "نطلب من أي شخص معني في صفوف الشعب الأمريكي تقديم إجابات لأفراد العائلة هؤلاء، ونحن نرحب بأي تحقيق قادم، وبإمكانكم أن تبحثوا  بأنفسكم عما حدث لهؤلاء الأشخاص.
 
* "ذا ديلي بيست" هو موقع أمريكي مختص بالأخبار والرأي أسسته الصحفية تينا براون في أكتوبر 2008 وتملكه شركة إي إي سي.
 
* يمكن العودة للمادة الأصل على الرابط هنا.
 
* ترجمة خاصة بالموقع بوست.


التعليقات