لماذا هذا العداء الظالم لقطر
الثلاثاء, 14 نوفمبر, 2017 - 10:18 صباحاً

"رحت أستفسر من عقلي وهل يدرك عقلي
 
محنة الكون التي استعصت على العالم قبلي
 
ألأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلي؟
 
وإذا كان لكل فيه حق... أين حقي؟!
 
فأجاب العقل في لهجة شكاك محاذر
 
أنا في رأسك محفوف بأنواع المخاطر
 
تطلب العدل وقانون بني جنسك جائر
 
استدعيت من الذاكرة تلك الأبيات الشعرية للشاعر العراقي بحر العلوم، ونحن نعيش الزلزال السياسي الذي يهز مشرقنا العربي ومركزه اليوم الجزيرة العربية، إنه زلزال سياسي تتتابع موجاته انطلاقا من الخليج لتصل إلى لبنان وفلسطين واليمن وإلى كل زاوية في هذا المشرق العربي.والحق أن هذه المنطقة من العالم لم تمر عبر التاريخ الطويل بمثل ما تمر به اليوم من أزمات خرجت عن المألوف، أنها طالت الأعراض، وانحدر مستوى الفن الغنائي إلى الدرك الأسفل من الانحطاط، وكذلك الشعر العربي المقفى والنبطي على حد سواء، وحتى النخب الجامعية في تلك الدول الذين يتسابقون على شاشات التلفاز ليحطون من قدر بعض النخب السياسية في بلداننا الخليجية مرضاة لحاكم أو بطانته، وحتى فقهاء الدين الإسلامي الذين كنا نذرف الدموع عندما يتلون القرآن الكريم خشية من رب العالمين إلا أنهم لم يخشوا رب العالمين في مواقفهم مما يجري من بطش وإرهاب ومصادرة أموال واعتقالات ومحاكم ظالمة، أنهم لم يعتبروا من عبر القرآن الكريم والأمثال التي وردت في كتاب الله الفرقان.قيادات سياسية عالية المستوى في هذا الخليج راحت تبذل المال الوفير عبر العالم على السفهاء والمرتزقة من أصحاب القلم وتجار الأزمات ليحطوا من مكانة دولة خليجية هي في الأساس شريكتهم في الخير والشر بحكم الجغرافيا والتاريخ، إنهم أنفقوا أموالا طائلة من أجل تشويه سمعة دولة قطر عبر العالم، والمساس بالنظام المالي القطري باستخدام أساليب التلاعب بالسندات والأسهم والمشتقات المالية وحددوا أحد البنوك (بنك هافيلاند) ليضع خطته الشيطانية لاستنزاف الاحتياطات النقدية بالتعاون مع دول الحصار لكن الله عز وجل مع حكمة القيادة القطرية كل في مجال اختصاصه أفشلوا ذلك الأسلوب الشيطاني الحقود.
 
(2)
 
كتبت سابقا أن العداء مع قطر عداء شخصي وليس اختلاف على القيم والمفاهيم، أنه خلاف على الدور الذي تؤديه قطر على الساحة الدولية والعربية، أن العداء لقطر ليس من أجل أن قطر تؤيد الإرهاب، فإذا كانت عمليات إسقاط معمر القذافي إرهابا فكل الدول الخليجية عدا عمان، مشتركة في تلك العملية مع حلف الناتو، وإذا كان إمداد ومناصرة الثورة الشعبية على بشار الأسد إرهابا فكلهم كانوا أطرافا في تلك العملية والأمريكان والغربيين أيضا، فلماذا تستهدف قطر بهذه التهم وهم شركاء معها؟.
 
إذا كانت قطر متهمة بمساعدة الإخوان المسلمين فإنهم أعضاء في البرلمان الكويتي والبحريني ومدارس وجامعات السعودية تعج بهم ولو تحت مسميات مختلفة.
 
(3)
 
انعقاد دورة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022 يشكل لإخواننا في الإمارات وبعض الدول الخليجية حساسية مرهفة، وشنوا على قطر وقياداتها حملة اتهامات حول الفوز باستضافة المونديال العالمي، رغم أن قطر أعلنت أن الفوز بتنظيم هذه المظاهرة الرياضية الدولية هو مكسب للخليج والعرب عامة، علما بأن مصر حاولت استضافة هذه المناسبة ولم توفق وكذلك المغرب، ففي فوز قطر بهذه الفعالية الدولية يجب أن تكون فرحة لنا جميعا في الخليج. إنهم يعملون بكل جهد لانتزاع تنظيم بطولة كأس العالم من قطر وقد عبر بعض رجال السلطة في الإمارات بأن "على قطر إذا أرادت رفع الحصار عنها التنازل عن تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم" يا للهول!! ماذا يضر هذه الدول إذا نظمت دولة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم؟!
 
(4)
 
تنظم دولة الإمارات العربية المتحدة دورة معرض (إكسبو) في عام 2020 في دبي. هذا المعرض يقام كل خمس سنوات في دولة من دول العالم ويستمر 6 أشهر ويستقطب ملايين الزوار من دول مختلفة طيلة فترة انعقاده، تفوقت دبي على البرازيل وروسيا وتركيا في عملية التصويت لاستضافة هذا المشروع، وهنينا وباركنا الإمارات بهذا النجاح الذي سيجلب للإمارات مليارات الدولارات. لم يخرج من قطر أي كلمة تتهم فيها الإمارات بأنها دفعت رشاوى ووعود باستثمارات في الدول التي سوف تصوت لصلح الإمارات، لم نكن نرغب منافسة أهلنا في الإمارات لاستضافة إكسبوا ونحن لدينا القدرة والخبرة لتنظيم مثل هذه الفعاليات الضخمة، لقد آثرت قطر على نفسها لصالح الإمارات، فلماذا هذا الحقد علينا منهم والغيرة منا؟
 
(5)
 
إذا لعبنا في قطر دورا سياسيا على الساحة الدولية وحققنا نجاحا في كل مساعينا لأننا لا نهدف لتحقيق مصالح ذاتية وأشاد الخلق بنا وبجهودنا فلا يعني ذلك أننا نعادي من يريد أن يؤدي دورا يحقق به ما يشاء على الساحة الدولية. مجموعة دول الحصار على قطر ينادون بعدم التدخل في شؤونهم الداخلية، وهم يصرون على تدخلهم في شؤون قطر الداخلية (إغلاق محطة الجزيرة، عدم التواصل مع أي طرف من أطراف المجتمع الدولي إلا بموافقتهم، استرضاء القيادة العسكرية الانقلابية في مصر، كل تلك المطالب وما شابهها تدخل في شؤون الداخلية للدول الأخرى. وهذا السلوك لن تقبل به قطر وغيرها من الدول التي تحترم سيادة الدول الأعضاء في منظمات المجتمع الدولي.
 
آخر القول: عقلي لم يدرك محنة الكون الخليجي لأنها استعصت على العالم قبلي. إن عقلي في رأسي لكنه محفوف بمخاطر كارثية. يريدون قتال إيران من لبنان، وهي أقرب لهم من لبنان، فلماذا لا نسترد الجزر المحتلة، وجحافل الجيش المصري يحيط بنا في الخليج بدلا من إسرائيل، لماذا عجزنا في اليمن عن تحقيق النصر لصالح الشرعية التي يحاربون اليوم باسمها؟! أسئلة كثيرة تدور في عقلي ولا أجد لها جوابا، إلا أننا نتعرض لحسد وحقد وغيرة ووشايات وأكاذيب، لكن النصر من عند الله على من عادنا قريب.

*الشرق القطرية 

التعليقات